[color=red]صرخةُ امرأة
أحبّتهُ حبّاً عظيماً... جعلها مسلوبةَ الإرادة بإرادتها... وطيّعةَ القياد بإذن منها... لم تحرمهُ من شئ... منحتهُ كلّ ما طلبَ واشتهى وتمنّى... سكر من خمور شعرها و انتشى من مناجاة شهيق صدرها ومن ارتعاشات ميولها فوصل إلى حالة إرتواء مشبع أُصيبَ معها بتخمة ٍ أفسدتْ عليها كلّ حياتها... أحبّتهُ فأعطتهُ وأخذ دون أنْ يُعطي... دون أنْ يعطيها حبّاً ... أماناً... هدوءاً... أو احتراماً. هو استأثر بكلّ ذلك لنفسه وبخل في إعطائها أيّ شئ... أيّ حقّ من حقوقها الإنسانية كامرأة.
لم تكن (مريمُ) بالفتاة الغبيّة البلهاء بل هي كانت تحسّ أكثر من غيرها بكلّ ذلك وتعرفُ أنّه لم يعدْ يحبّها كم كان من قبلُ وأنّه تمرّد عليها عندما اكتفى منها ووصل إلى مرحلة الإشباع.
استمرّ هذه الاستغلالُ وهذا الانتهاكُ لعواطفها ومشاعرها وهذا الاغتصابُ لأحلامها وأمانيها وهي فتاةٌ جميلةٌ وشاعرةٌ رقيقةٌ وحسّاسة تتعامل مع جماليّات الأشياء وتضفي على هذه الجماليّات من روح إبداعاتها ومن فنون عبقريّتها ما يزيدها ألقاً وروعةً وجمالاً.
صارحتهُ بكلّ هذه المعاناة... انتقدتْ عليه أسلوبه في التعامل معها... عرضتْ عليه سبلا كفيلةً بإنقاذ ما تبقّى من صورة شكليّة للعلاقة... أعربتْ عن رغبتها في الخروج من هذه البوّابة المظلمة إلى نور الحياة المبهج... أعلنتْ عن قرفها من كلّ ما يدور حولها وهي تسعى سعياً محموماً للخروج من هذا الجحيم الذي تعاني منه... لكنّها لم تُفلح... لم تتمكّنْ من أنْ تحرفه عن هيكل أوهامه قيد أنملة... لم تستطع أنْ تدفعه بعيداً عن كابوس هواه وأهوائه وجموحه المنهك لكلّ قواها.
حاولتْ أنْ تكتبَ لتخفّف عن نفسها بعض هذه المعاناة وتقلّل من حجم هذا البؤس الذي تعيشه والذي - وعلى ما تصوّرته - لن تكون له نهايةٌ وإنْ كانتْ فهي ستكون غير سعيدة... حاولتْ أنْ تصرخَ في وجه حرفها، لطالما لا تستطيعُ أنْ تصرخَ في وجه زوجها بحكم العادة والتقليد المعمول بهما، فحرفها سينوب عنها في تفريغ شحنة بلواها على صفحات الورق مبللة حروفها وصفحاتها بدموع حزنها المنسلخة عنها بوجع ولوعة وأنين... إنّها أنثى رقيقة تحبّ الحياة وتُحسّ بالشوق إلى الرجل والحنوّ عليه... تشتاقُ إلى صدره الذي يضمّها إليه بحبّ وهو يشعرها بأنوثتها المتوقّدة فيها بل ولتجرع من كؤوس عشقه ما لذ لها وطاب، لكنْ تمنّتْ في الوقت ذاته أنْ يمنحها هو أيضاً مثل هذا الحبّ وهذه الرعاية والعطف فهي مخلوق ضعيفٌ بعواطفه رقيقٌ بمشاعره وهذه المعادلة المشتركة وحدها الكفيلة بأنْ تستقيم معها الأمور فلا يجب أن تكون أحادية الجانب أبداً والخيرُ فيما جمع الاثنين معاً.
همستْ لمشاعرها... سطّرتْ آلامها... فتّقتْ جروح خيبتها... تعالتْ على حجم الحزن في مأساتها مولّدةً هذه الطفلة من الشّعربعسر ولادة وهي تصرخُ صرختها الأولى لدى مشاهدتها نور الكون الجديد لأولّ وهلة... صرختْ لتعبّر عن تعب الرّحلة و جهل المصير:
تحاملتُ على وجعي
وأصغيتُ إلى قلبي
وأقفلتُ مدى سمعي
وحافظتُ على حبّي*
لماذا أيّها الرّجلُ
تعيبُ عليّ أحلامي؟
لماذا أيّها (البطلُ)
تسوقُ مدّ آلامي؟*
حياتي جئتها سلْبا
بأحلامي تلاعبتَ
وأفكاري غدتْ نهبا
بما أيّامي صعّبتَ*
أتيتَ كلّ ما تهوى
وتبغي من ملذّاتي
وما راعيتَ ما أهوى
فزدتَ منْ مطبّاتي*
حرامٌ أنْ تعاديني
بهذا العنت يا رجلُ
وألاّ الفرحَ تأتيني
فضاعَ ما اسمهُ الأملُ*
تسلّيتَ بما فيّا
قطفتَ حلوَ أثماري
ولم تتركْ ليَ حيّا
هتكتَ كلّ أستاري*
سخوتُ دونما رفض ِ
لكلّ وهمك الأعمى
وأنتَ تشتهي خفضي
وهذا سعيك الأسمى*
كرهتُ كلّ ما فيكَ
أنانيٌّ بلا حدّ
ظننتُ أنّ ماضيكَ
تولّى دونما ردّ*
فإذْ بي ألحظُ الماضي
أمامي اليوم ممدودا
بكلّ هرائك الفاضي
يظلُّ الحبلُ مشدودا*
كفاك في تعدّيكَ
فيوم الحسم قد آنَ
وما عاد تجنّيكَ
ينالُ منّي إحسانا*
سآتي اليوم أهريكَ
بقطع مواردي عنكَ
وأدري ليس يُرْضيكَ
سيأتي مُرْسلٌ منكَ*
يقول: رجوتُكِ أبق ِ
على ما كان منْ وعد ِ
وأنتَ أنتَ لم تُـبـق ِ
على شئ ٍمن العهد ِ*
وداعاً أيّها القهرُ-
الذي قد هدّ أيامي
أقولُ إنّه الكفرُ
فلا تُظْهرْه قدّامي*
سأحيا عالمي الحرّ
وأغزو كلّ كوكبة ِ
فما عاد الهوى غُرّا
يشاءُ سوقَ مركبتي*
أنا منْ تحزمُ الأمرَ
قراراً صائباً آتي
ويعطيني الورى العذرَ
وهذي بعضّ آياتي*
تظنّ لستُ أهجرُكَ
وآتي الغيرَ في الحال ِ
أُريكَ، لستُ أُشعرُكَ
بأنّ البحثَ ترحالي*
سأحظى بالذي يدري
شعورَ الأنثى يفهمُهُ
يضمّ صدرُهُ صدري
وما شئٌ سأحرمُهُ*
نُحسّ أنّ عالمنا
يرفّ في جناحيهِ
سعيداً زادَ مَعلمنا
ليُعطيني وأعطيهِ ***
ألمانيا في 15/3/2005 م[/color]
صرخةُ امرأة
-
- همس جديد
- مشاركات: 23
- اشترك في: 08-17-2005 05:54 PM
- مكان: ألمانيا
- اتصال:
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 50 زائراً