قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

الشعر العمودي - شعر التفعيلة

المشرفون: مجدي، موودي

عبدالعليم محمود
همس جديد
مشاركات: 5
اشترك في: 12-31-2016 08:48 PM
اتصال:

قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

مشاركةبواسطة عبدالعليم محمود » 12-31-2016 09:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -
لأبي عمر عبدالعليم محمود
***
1 سلامٌ على مَن أغمضَ العينَ حاجِبُهْ
ولمّا تَزَلْ تَهوى الحِسانَ جوانِبُهْ
..
تُعَدُّ له الأكفانُ وهْو مولَّهٌ
بليلى , وليلى في هواها تُجانِبُهْ
..
فما انفكَّ يَتلو حبَّها ويُعيدهُ
ويَهجر فيما يُبتلى مَن يُعاتِبُهْ
..
ولو حزِنَت ألفيتَه متوجّعًا
ولو ضحِكَت فالسَّعْدُ أضحى يُداعِبُهْ
..
ولو صار مُرًّا ريقُها صار حنظلًا
لديهِ ، ولو شهدًا فشهدًا مَراضِبُهْ
..
وما هو مجنونٌ ، ولكنّه الهوى
يعودُ به ذو الرأي ، صِفرًا تجارِبُهْ
..
يُحذِّرُ مِنهُ القومَ وهْو أسيرُهُ
ويَمنع عنهم كأسَهُ ، وهْو شارِبُهْ
..
ويَحجُبهم عن بَحرِهِ وهْو مُبحِرٌ
ويدفعهُ موجٌ فما اهتزّ قارِبُهْ
..
متى كَلِفت روحٌ بروحٍ وأُغرِمتْ
فقد غرِمَت ما لا يُنالُ مَطالِبُهْ
..
10 وما عجَبٌ هذا ، ولكنّهُ الذي
سرى فيه إذ لاحت ، ولاحت رغائِبُهْ
..
فما هو إلا مدبِرٌ عن عيونها
كما يُدْبِر الفَرّارُ عمّن يُحارِبُهْ
..
وكم مدبرٍ والشوقُ مِلءُ فؤادِهِ
وحيث يولّي وجهَهُ فهْو صاحِبُهْ
..
ولو أنها خلَّته إذ غاب لم يزل
رهينَ غيابٍ لا يُؤمَّل آيِبُهْ
..
ولكنها في حِلِّه ورحيلِهِ
ومنذ متى والشّوقُ يُفلِح تائِبُهْ
..
ودهركَ مملوءٌ بكلِّ عجيبةٍ
ولا تنقضي مهما رأيتَ عجائِبُهْ
..
فحسبكَ مِن دهرٍ يُعَزُّ ذليلُهُ
وحسبكَ مِن دهرٍ يُصَدَّقُ كاذِبُهْ
..
وذو العزِّ مهما طاول البُهْمُ قدرَهُ
عزيزٌ ، ويُرمَى بالنقائصِ عائِبُهْ
..
وما الرأسُ إلا الرأسُ حتى ولو غدا
على صفَحات السيفِ ، والسيفُ ضارِبُهْ
..
يموتُ الفتى حيًّا إذا مات ذِكْرُهُ
ويَحيا إذا دوّى المسامعَ نادِبُهْ
..
20 تَدَرّع جُبْنًا طُغْمةٌ بسيوفهمْ
ولولا كِذَابٌ لم يَنَلْهُ مُحارِبُهْ
..
فما كان إلا ما غدا الكونُ باكيًا
عليه ، ولم يَنضب مدى الدهر ساكِبُهْ
..
وذو السُّمِّ يومًا سوف يَردى بسُمِّهِ
ومن صنَعَ المعروفَ تَجْمُلْ عواقِبُهْ
..
أيُغدَرُ بالإحسان ، والحِلمِ ، والنّدى
ويُقتَل مَن جلَّت جَلالًا مناقِبُهْ
..
وليس يُرام الغِرُّ بالسوء نحرُهُ
وأمّا سليلُ المجد تُرمَى ترائِبُهْ
..
ومن هو مِثلُ السِّبط مجدًا ، فقد علا
بأنسابه حتى يُحال مُقارِبُهْ
..
حفيدُ ابنِ عبدالله ، مَن عزَّ جاهُهُ
ومَن عزَّ بالمختار عزَّت مراتِبُهْ
..
على يده يجري النّوالُ كأنّما
هو الغيثُ ، سحّاءً علينا سحائِبُهْ
..
وما المسكُ إلا نقطةٌ من دمائهِ
وما دمُهُ إلا أخو الذلِّ ناهِبُهْ
..
وألْينُ مِن مَسِّ الحرير أكفُّهُ
وهُنَّ إذا اشتدَّ الوطيسُ كتائِبُهْ
..
30 وأَثبَتُ مِن شُمِّ الجبالِ فؤادُهُ
فكيف يكونُ الجَدُّ كانت أقارِبُهْ
..
أخو المُلك ، لكنْ ليس لِلمُلك همُّهُ
وكم راغبٍ مُلْكًا ، وما المُلْكُ راغِبُهْ
..
ومن كان همُّ الدِّين مالكَ أَمْرِهِ
يهون لديه المُلكُ مهما يُجاذِبُهْ
..
ولا زال سعدٌ في السقيفةِ قائمًا
وسارت له مِن كلِّ صوبٍ مواكِبُهْ
..
فسارع خيرُ النّاس بعد محمدٍ
إليهم - يَرى ما لا يرون - ونائِبُهْ
..
وما هو إلا أن تكلَّمَ ، فانثنى
يُصدِّقُهُ سعدٌ وليس يُغالِبُهْ
..
رجالٌ ، وما الدنيا لديهم بمأرَبٍ
وشانئُهم رُدَّت عليه مآرِبُهْ
..
فماتت ، وكادت أن تُؤجَّج فتنةٌ
يَعود بها الماضي ويَقْرُب عازِبُهْ
..
متى اختلَفت أُسْدٌ فللذِّئب صولةٌ
فيَهلِكَ في دَور الزمان نجائِبُهْ
..
ولولا اجتماعُ الماء ما كان أبحرٌ
ولولا دويُّ الرَّعد ما كان راهِبُهْ
..
40 وما رحمةٌ إلا التي في يمينِها
نِعالٌ على مَن سيّرتهُ عقارِبُهْ
..
فعاد بها الباغي يَجرُّ ذيولَهُ
وفي كفِّ من أرداه عادت سلائِبُهْ
..
ألا رحمةُ الرحمن تترى على الذي
يَذِلُّ على مرِّ الزمان مُغاضِبُهْ
..
ففي قبره الفاروقُ ، والقومُ لم يزل
يُعيِّرهم في حاضر اليوم غائِبُهْ
..
إذا أمِن الباغي طغى طول دهرِهِ
ويَطلُبُ سِلْمًا لو رأى مَن يُعاقِبُهْ
..
وأجبَنُ ما تلقاه في الناس غادرٌ
وأشجَعُ من تلقاه في الناس غالِبُهْ
..
ينوح على آلِ النبيِّ ، وسيفُهُ
عليهمْ ، ويَرثي صرحَهمْ وهْو ناقِبُهْ
..
وحيدرةٌ ليس الذليلَ فيَتَّقِي
عدوًّا ، ولو جيشًا تَصَاعَدَ لاهِبُهْ
..
ولولا الرِّضى أنّ الخليفةَ غيرُهُ
لمَا عادَ إلّا بالخِلافةِ قاضِبُهْ
..
فعَفَّ كما عفُّوا عن الأمر قبْلَهُ
فما كان مغصوبٌ ، وما كان غاصِبُهْ
..
50 تشابهَت الأيّامُ ، حتى كأنّما
نُشاهِد فينا يومَهُ ونُراقِبُهْ
..
غداةَ وفَى عهدُ الحسين ، ولم يزل
وفيًّا ، وخلّى عهدَهُ من يُكاتِبُهْ
..
فلِلكون في إقدامِهِ وفرارِهمْ
مُصابٌ تلاشت في مَداهُ مصائِبُهْ
..
يَردّونهُ عن موتِه ، وهْو مقبِلٌ
وأكفانُهُ في كربلاءَ تُخاطِبُهْ
..
إذا ما عظيمُ النَّفْسِ أَبصر موتَهُ
تصيَّدهُ ، والحُرُّ تترى نوائِبُهْ
..
فيا لَثمةً مِن جَدِّهِ ضاع رَسْمُها
ويا نَضرةً ، والوجهُ يكسوهُ شاحِبُهْ
..
ويا كُربةً ، والنُّور يُجتَثُّ رأسُهُ
وتُرمى بسُمْرٍ في النُّحور كواكِبُهْ
..
عفا رسْمُ أرضٍ بلّل الكونُ خدَّها
عشيّة أضحت في ثراها مناكِبُهْ
..
وكانت به الحوراءَ ليلةَ سَعْدِها
فأثكلَها أنْ قصّب الجِسمَ قاصِبُهْ
..
فضمّتهُ لكنْ بعدما رُضَّ عظمُهُ
وزفَّتْهُ لكنْ والدّماءُ سبائِبُهْ
..
60 فواثُكْلَ قلبٍ بَعدَه ذَلَّ عِزُّهُ
ويا ذُلَّ عِزٍّ بَعدَه ذَلَّ سالِبُهْ
..
وواثُكْلَ رُوحٍ لم تذُق بَعدَه الهنا
ويا تَعْسَ قلبٍ بَعدَه سال ناضِبُهْ
..
كأنّ زمانًا ما تبسَّم ثغرُهُ
ولا عُرفت في العالمين أطايِبُهْ
..
بَرِئنا من الباغي ، وغَدرٍ ، وغادرٍ
ومَن ناصبَ الآلَ العِداءَ نُناصِبُهْ
..
رمانا بداءٍ ، ثم ولَّى ، وداؤهُ
خليقٌ بهِ ، والكلُّ تُدرى مشارِبُهْ
..
فلا تَبكِهِ إلا بوجهٍ مخضَّبٍ
وقلبٍ ، حسامُ المشرفيّاتِ صائِبُهْ
..
ولا تَبكِهِ إلا بكيتَ أئمةً
أَجَلَّ ، ومن لم يَبكهم فهْو ثالِبُهْ
..
وما هُوَ إلا هُمْ ، فكيف رثيتَهُ
رثيتَ الألى هْمْ عينُهُ وحبائِبُهْ
..
عليكَ أبا حفصٍ توجُّعُ مَشرِقٍ
مِن الكون ، ناحت مِن صداهُ مغارِبُهْ
..
رماكَ مجوسيٌّ من الظَّهر خِفْيةً
فوجهُكَ لا يلقاهُ بالوجهِ هائِبُهْ
..
70 وسيفُكَ لو رام الجيوشَ لمَا غَدَتْ
سوى حطَبٍ ألقاهُ في النّار حاطِبُهْ
..
وهل قدَّر القرآنَ مَن هان قدْرُهُ
لديهِ ، ويَسعى أن يُقتَّل كاتِبُهْ
..
لكل مصابٍ سَلوةٌ ، ومصابُهُ
ينادي سُلوًّا ، والنّواحُ يُجاوِبُهْ
..
فأصبح ذو النُّورين ، والأرضُ بَعدَهُ
تَلاطُمُ موجٍ لا تَقَرُّ مَراكِبُهْ
..
عَلا ، والنجومُ الزُّهر لؤلؤُ تاجِهِ
أبو السِّبط ، فاسودَّت وقد صاح ناعِبُهْ
..
فدع عنعناتٍ لستَ فيها بذي الحِجى
ولا تعدُ قدْرًا ، شابهتكَ ثعالِبُهْ
..
يُكفكِف دمعَ العين ، والقلبُ مُجدِبٌ
وهل ببكاءِ الذِّئب تَخفى ضرائِبُهْ
..
فلو خفِيَت عن ناظريك طباعُهُ
لمَا خفِيَت أنيابُهُ ومخالِبُهْ
..
وكم من جميلِ اللفظ قُبِّح لفظُهُ
وكم من ذكيٍّ قبّحته مواهِبُهْ
..
وذو العقل لا يَشقى بعقلٍ ، وإنّما
بعقلٍ غداةَ المَخْض يُهلِك رائِبُهْ
..
80 تَحدَّر مِمّن أَلقَم الغدرَ ثديَهُ
وما شائناتُ النَّفْس إلا ربائِبُهْ
..
ولستُ بمن يَرثي ويَمدحُ شِعرَهُ
لتحيا على موت الحسين مآدِبُهْ
..
يَنوح على المقتول في كل مأتمٍ
وما قتَلَ المَبكيَّ إلا مَضارِبُهْ
..
خطوبٌ تصدُّ المرء عن كل مِدحة
وما ثاكِلٌ كالمستعار مثاعِبُهْ
..
لعمرُكَ ما أزرى به كلُّ صائرٍ
فليس بِمُزْريه الذي هو طالِبُهْ
..
ومَن جلّ جلّت في الحياة طِلابُهُ
ومَن ساد فالهيجاءُ فيها مَلاعِبُهْ
..
وكم هاربٍ مِن موته وهْو جالبٌ
له ، غيرَ أنّ الحُرَّ للموت جالِبُهْ
..
وُقوفًا على حُزنٍ تقادمَ عهدُهُ
وحُزْنًا على عهدٍ تجدّد ذاهِبُهْ
..
ودمعًا على سِبطٍ روى الدّهرََ وِردُهُ
فأورده وِردًا ، قِراهُ حواصِبُهْ
..
كأنْ لم يَنَلْ من كفِّه وصلَ واصِلٍ
كأنْ لم يَعُدْ بالفضل والجود ساغِبُهْ
..
90 هو الشمس حتى لو علَتها غمامةٌ
وبدرُ البدور الزُّهْر والغيمُ حاجِبُهْ
..
رُزِئْنا به فقدًا ، وكُفَّت بفقدِهِ
عيونُ الضحى ، والليلُ شابت ذوائِبُهْ
..
92 فدَمْعًا ، وحُزنًا ، يُلهِب القلبَ والحشا
وكلٌّ له في المُبكِياتِ مذاهِبُهْ
صورة العضو الشخصية
مجدي
مؤسس النادي
مشاركات: 4770
اشترك في: 05-05-2001 03:14 AM
اتصال:

Re: قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

مشاركةبواسطة مجدي » 12-31-2016 10:06 PM


الله الله
بورك قلمك أيها الشاعر الرائع
هكذا يكون الشعر الذي لا يمل تكراره
من عاداتنا الرشفية أن نتعالق مع النص الانثوي ونتعانق مع النص الذكوري
إلا أن هذا النص يحتاج أن نستشعره ونستبصره حتى اسمح لحرفي المتواضع أن يتعانق معه

هنيئا لنا بكم شاعرنا الرائع في بيتنا الرشفي الجميل


محمد الشنقيطي
الشاعر المشاكس
مشاركات: 813
اشترك في: 06-17-2002 02:56 PM
اتصال:

Re: قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

مشاركةبواسطة محمد الشنقيطي » 01-01-2017 01:15 PM

نقف أمام شاعر مفلق مبدع و شاعر مطبوع.
و هذه معلقة تنافس أجمل مطولات الشعر في تاريخنا المديد.
مرحبا به مليون.
**
ها هو المهندس اليوم يأتي
وأنا والورى له انصاتُ
ها هو اليوم شاعر الرشف يأتي
بفنونٍ تقودها معجزاتُ
هندس الرشف يوم كان وليداً
وستبقى... راياته وارفاتُ
**
تقريظ و لفتة كريمة من الشاعر الكبير مجدي نضر خاشجي
**
صورة العضو الشخصية
أبو حمزة
بوح دائم
مشاركات: 788
اشترك في: 09-23-2002 10:32 PM

Re: قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

مشاركةبواسطة أبو حمزة » 01-01-2017 06:42 PM

صورة
صورة
مـنيـتي طـيـبـة لا أبـغي سـواها * فبها الحـسـن لعمري قد تناهى
كـيـف أنـسـاها و أسـلو حـبــها * بعد ما قد خالـط الـروح هواها
لا أطيـل الشـرح أقـصى مـنيتي * أن أراها أو أُرْىَ تحتَ ثراها
عبدالعليم محمود
همس جديد
مشاركات: 5
اشترك في: 12-31-2016 08:48 PM
اتصال:

Re: قصيدة : رثائية الحسين - رضي الله عنه -

مشاركةبواسطة عبدالعليم محمود » 01-11-2017 11:01 PM

جزاكم الله خيرا ..

العودة إلى “الشعر (بالفصحى)”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 17 زائراً