[font=Times New Roman] قصةٌ مختارة...تُنقَلُ في حلقاتٍ على مدى أيامِ الأسبوعِ أو الشهر..
فكرةٌ أبدؤها بهذا المثال... و أترك لكم و لي في مراتٍ بعدها انتقاء المختارات للأشهر القادمة و نقلها...
و سأترك في صفحة الاقتراحات صفحةً سيكون من دواعي سروري أن تصل لي من خلالها آراؤكم بشأنِ الفكرة..و العناوين المقترحة.. و الأقلام الراغبة بالمشاركة..و سأكون شاكرةً جزيل الشكر لأي اقتراحٍ أو رأي أو فكرة تتفضلون به...
انتقيتُ لهذا الشهر.."غجريّةٌ بلا مرفأ" المترجمة للإنجليزية و الألمانية و الإيطالية..للكاتبة غادة السّمّان..من مجموعتِها القصصيّة " لا بحرَ في بيروت"..
أرجو أن تنال رضا الجميع..[/font]
قصة الشهر.."غجرية بلا مرفأ"..غادة السمّان
قصة الشهر.."غجرية بلا مرفأ"..غادة السمّان
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
"لا بحر في بيروت"..(غجرية بلا مرفأ)
غادة السمّان
الليل قد انتصف..الفيلم الهزليّ في التلفزيون قد انتهى..و قهقهات جدي البريئة الجذلى و إخوتي الأطفال قد هدأت..
تأمّلتهُ طويلاً و هو يضحكُ بينهم بوجهه ذي التعابير الساذجة كوجوههم رغم أفاعي الزمن التي خلفت فيه آثار زحفِها البطيء المرير..أحسست أنني أحبه حقاً..أتمنى لو أرسمعلى شفتيه ابتسامة فرحٍ دفنَت منذ أعوام مع جثة ابنته الوحيدة : أمي...
و كان هو أيضاً يتأمل جلستي إلى جانب خطيبي "كمال" و الرضا يقطر من عينيه..و يختلس النظرات إلى يدي الميتة بين يديه ليتأكد من أنها لا زالت هناك..و أنا أترك يدي في يد كمال من أجل الابتسامة التي قررتُ أن أرسمها في الوجه الجليل..بأيّ ثمن..
جدي المتعب المهدود لم يشك يوماً..و لم يتململ يوماً مني و من إخوتي منذ غادرنا أبي إلى بلادٍ بعيدة مع امرأةٍ قيل أنها فاتنة و خلّف أمي المريضة لتموت سريعاً...
و رغم ضيقه من ولعي بالغناء لم يحاول أن يقف في طريقي يوماً...و لكنه عجز عن إخفاء فرحته يوم جاءنا كمال المهندس الثري يحمل لي قلبه و ثروته..
تراني أقوى على الاستمرار؟..أرتدي له قناع الفتاة البريئة...تراني أقوى على الاستمرار من أجل ابتسامة جدي؟
و وجهك يا حكاية تشردٍ محببة يشدني إليه ، يشد الغجرية التائهة في أعماقي .. و ضحكتك التي أسمع فيها رنين مرساةٍ هبية سعيدة لأنها وجدت مرفأها..
صدرك يا مرفئي كيف أهرب؟ و الليل يسوَدّ..و جدّي و إخوتي قد انسحبوا إلى غرفهم..و خطيبي قد جلا..و أقنعتي قد اهترأت..و أنا في فراشي أعاني عذاب كلّ ليلة...
أدسّ بوجهي تحت الوسادة أبحث عن النوم لعله مختبئٌ تحت الوسادة فلا أجد سوى وجهك قريباً نائيا...
و أفتح عيني اتأمل الستائر لعل النوم مختبئٌ تحت الستائر..و أبحث وراءها..وراء اللوحة..وراء منضدة الزينة..أزيح بأهدابي شعاع النور الخافت الذي ينسل من النافذة الصغيرة ليلقي على الأشياء ، و على وجهك فوق الأشياء كلّها ظلاً من العتبِ المرير..
و يبدأ زحف الوجوهِ في غرفتي..و يبدأ حشد الصورِ التي يفجّرها الأرق في رأسي..و عشرات الحكايا..و عشرات المشاهد..و وجهك رغم كلّ شيء..أحسك تستيقظ في عروقي كما تستيقظ كلّ ليلة، تتحد بي، تنطبع ابتساماتك على شفتي و أنفث في دخانِ لفافاتِك..
الوجوه..الوجوه الناقمة الغاضبة، المستعطفة..و الوجوه التي تصرخ و التي لم تتعلم كيف تصرخ بعد...يا هذيان الأرق ، يا لمدينته المرعبة التي تستيقظ في رأسي... يا لعمري المتعب الممزق نتفاً من ذكريات...و دوّامات..
و لا أملك إلا أن أتذكّر..و أتذكّر..
كان البحر مثقلاً بأشعةِ الشمس...كان يرتمي كسولاً عاري التوهّج و الملل..و كنت أنيساً و حنوناً حتى نسيتُ أنه لقائي الأول بك...أنت الملحن الكبير الذي يبكي المدينة و يضحكها..و أنا الفتاة الصغيرة التي تتوق لأن تمنحها لحناً لك تغنيه..و قلتُ لك :
-أحب البحر هكذا...حقيقيّاً عاري التعب و الملل...بلا قناع من غلالة قمر.. ينوء بثقل الشمس رغم حبه لها..
- إنه يحبها في الليل حين تكون بعيدة...هل رأيتِ البحر في الليل؟..إنه وجه إنسانٍ يحب..مليء بالظلال و المخاوف الزفرات...
- و حينما تكون قريبة؟
- يحبها لأنه يعرف أنها ستبتعد بعد حين...الشرط الأول لحب هو التحرق للقاء..هو السعي لتحقيق الطمأنينة ... إنه الدرب إلى الغاية لا الغاية نفسها...يبلغ أوجَه في اللحظة التي تسبق ثانية اللقاء و ينطفئ...بعدها بثوان..
- إنها لمأساة .. أن نقضي عمرنا ركضاً وراء كأسٍ لأننا نموت إذا لم نشرب منها ... و إذا وصلنا إليها، و شربنا منها..متنا أيضاً...في الحالة الأولى يقتلنا الحب و الوجد...و في الحالة الثانية يقتلنا اللاحب ! يقتلنا أن نفهم أنفسنا..
- ولكنكِ صغيرة..هل تؤمنين حقاً بما تقولين؟
- أجل! للأسف.
يتبع...
غادة السمّان
الليل قد انتصف..الفيلم الهزليّ في التلفزيون قد انتهى..و قهقهات جدي البريئة الجذلى و إخوتي الأطفال قد هدأت..
تأمّلتهُ طويلاً و هو يضحكُ بينهم بوجهه ذي التعابير الساذجة كوجوههم رغم أفاعي الزمن التي خلفت فيه آثار زحفِها البطيء المرير..أحسست أنني أحبه حقاً..أتمنى لو أرسمعلى شفتيه ابتسامة فرحٍ دفنَت منذ أعوام مع جثة ابنته الوحيدة : أمي...
و كان هو أيضاً يتأمل جلستي إلى جانب خطيبي "كمال" و الرضا يقطر من عينيه..و يختلس النظرات إلى يدي الميتة بين يديه ليتأكد من أنها لا زالت هناك..و أنا أترك يدي في يد كمال من أجل الابتسامة التي قررتُ أن أرسمها في الوجه الجليل..بأيّ ثمن..
جدي المتعب المهدود لم يشك يوماً..و لم يتململ يوماً مني و من إخوتي منذ غادرنا أبي إلى بلادٍ بعيدة مع امرأةٍ قيل أنها فاتنة و خلّف أمي المريضة لتموت سريعاً...
و رغم ضيقه من ولعي بالغناء لم يحاول أن يقف في طريقي يوماً...و لكنه عجز عن إخفاء فرحته يوم جاءنا كمال المهندس الثري يحمل لي قلبه و ثروته..
تراني أقوى على الاستمرار؟..أرتدي له قناع الفتاة البريئة...تراني أقوى على الاستمرار من أجل ابتسامة جدي؟
و وجهك يا حكاية تشردٍ محببة يشدني إليه ، يشد الغجرية التائهة في أعماقي .. و ضحكتك التي أسمع فيها رنين مرساةٍ هبية سعيدة لأنها وجدت مرفأها..
صدرك يا مرفئي كيف أهرب؟ و الليل يسوَدّ..و جدّي و إخوتي قد انسحبوا إلى غرفهم..و خطيبي قد جلا..و أقنعتي قد اهترأت..و أنا في فراشي أعاني عذاب كلّ ليلة...
أدسّ بوجهي تحت الوسادة أبحث عن النوم لعله مختبئٌ تحت الوسادة فلا أجد سوى وجهك قريباً نائيا...
و أفتح عيني اتأمل الستائر لعل النوم مختبئٌ تحت الستائر..و أبحث وراءها..وراء اللوحة..وراء منضدة الزينة..أزيح بأهدابي شعاع النور الخافت الذي ينسل من النافذة الصغيرة ليلقي على الأشياء ، و على وجهك فوق الأشياء كلّها ظلاً من العتبِ المرير..
و يبدأ زحف الوجوهِ في غرفتي..و يبدأ حشد الصورِ التي يفجّرها الأرق في رأسي..و عشرات الحكايا..و عشرات المشاهد..و وجهك رغم كلّ شيء..أحسك تستيقظ في عروقي كما تستيقظ كلّ ليلة، تتحد بي، تنطبع ابتساماتك على شفتي و أنفث في دخانِ لفافاتِك..
الوجوه..الوجوه الناقمة الغاضبة، المستعطفة..و الوجوه التي تصرخ و التي لم تتعلم كيف تصرخ بعد...يا هذيان الأرق ، يا لمدينته المرعبة التي تستيقظ في رأسي... يا لعمري المتعب الممزق نتفاً من ذكريات...و دوّامات..
و لا أملك إلا أن أتذكّر..و أتذكّر..
كان البحر مثقلاً بأشعةِ الشمس...كان يرتمي كسولاً عاري التوهّج و الملل..و كنت أنيساً و حنوناً حتى نسيتُ أنه لقائي الأول بك...أنت الملحن الكبير الذي يبكي المدينة و يضحكها..و أنا الفتاة الصغيرة التي تتوق لأن تمنحها لحناً لك تغنيه..و قلتُ لك :
-أحب البحر هكذا...حقيقيّاً عاري التعب و الملل...بلا قناع من غلالة قمر.. ينوء بثقل الشمس رغم حبه لها..
- إنه يحبها في الليل حين تكون بعيدة...هل رأيتِ البحر في الليل؟..إنه وجه إنسانٍ يحب..مليء بالظلال و المخاوف الزفرات...
- و حينما تكون قريبة؟
- يحبها لأنه يعرف أنها ستبتعد بعد حين...الشرط الأول لحب هو التحرق للقاء..هو السعي لتحقيق الطمأنينة ... إنه الدرب إلى الغاية لا الغاية نفسها...يبلغ أوجَه في اللحظة التي تسبق ثانية اللقاء و ينطفئ...بعدها بثوان..
- إنها لمأساة .. أن نقضي عمرنا ركضاً وراء كأسٍ لأننا نموت إذا لم نشرب منها ... و إذا وصلنا إليها، و شربنا منها..متنا أيضاً...في الحالة الأولى يقتلنا الحب و الوجد...و في الحالة الثانية يقتلنا اللاحب ! يقتلنا أن نفهم أنفسنا..
- ولكنكِ صغيرة..هل تؤمنين حقاً بما تقولين؟
- أجل! للأسف.
يتبع...
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
أستاذنا القدير مجدي
مشرفتنا الغالية وحيدة الرشف
لكما أخلص الشكر للترحيب بالفكرة..و أرجو أن تكون عند حسن ظنكما و الرشفيين جميعاً
و القصتان القادمتان ستكونان انتقاءكما :)
و شكرا
سؤال:
لماذا التوقيع لا يظهر؟؟
مشرفتنا الغالية وحيدة الرشف
لكما أخلص الشكر للترحيب بالفكرة..و أرجو أن تكون عند حسن ظنكما و الرشفيين جميعاً
و القصتان القادمتان ستكونان انتقاءكما :)
و شكرا
سؤال:
لماذا التوقيع لا يظهر؟؟
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 13 زائراً