بريل يتخلص من زوجته
المشرف: مجدي
السيد بريل ممتلئ الجسم،في منتصف العمر..يعمل محامياً في سكار سديل.اعتاد على المزح مع كاتبة الاختزال التي تعمل معه في المكتب. عندما يملي عليها شيئا للكتابة يقول لها مازحاً أثناء الوقفات القصيرة ’’دعينا نهرب معاً‘‘ فتقول ’’حسناً‘‘ ثم يستمر في الإملاء عليها وتستمر في الكتابة…بعد ظهر يوم الإثنين كان الجو ممطراً،يبدو السيد بريل أكثر جدية من ذي قبل..قال لكاتبة الاختزال: ’’دعينا نهرب معاً‘‘ قالت ’’حسنا‘‘..جلجل المفاتيح ف جيبه..نظر من النافذة قال زوجتي ستكون سعيدة لتخلصها مني. عندها قال كاتبة الاختزال: هل ستوافقك السيدة بريل على الطلاق؟ قال ’’لاأعتقد ذلك‘‘..ضحكت وقالت: ’’من الأفضل أن تتخلص منها‘‘
في تلك الليلة وعلى مائدة العشاء ظل السيد بريل صامتاً على غير العادة،بعد نصف ساعة من انتهائه من شرب فنجان القهوة ودون أن يرفع رأسه من الجريدة التي يقرأها قال لزوجته: ’’دعينا ننزل أسفل إلى القبو‘‘ قالت وعيناها على صفحات الكتاب الذي تقرأه ’’لماذا؟‘‘ واستمرت في القراءة،قال: ’’أوه لاأدري،ولكننا لم نعد ننزل إلى القبو كما اعتدنا‘‘ قالت: ’’على ماأتذكر لم ننزل قد إلى القبو،وأعتقد أنه من الممكن أن تستقيم حياتي حتى لولم أنزل إلى القبو أبداً‘‘
بعد لحظة صمت دامت عدة دقائق،قال: ’’أقول،افترضي أن ذلك يعني لي الكثير‘‘ قالت ’’مالذي دهاك؟! إن القبو بارد جداً ثم لايوجد مانفعله تحت‘‘ قال ’’نستطيع أن نلتقط بعض قطع الفحم هناك ويمكننا أن نبتكر لعبة ما من تلك القطع‘‘ قالت ’’أنا لاأرغب في ذلك،وعلى كل حال أنا أقرأ الآن‘‘
نهض وبدأ يذرع الغرفة ذهاباً وإياباً،ثم قال: ’’اسمعي تستطيعين القراءة،تحت في القبو‘‘ بلهجة حازمة قالت: ’’ليس هناك إضاءة كافية للقراءة في القبو،ولن أنزل ويجب عليك إدراك ذلك‘‘..ركل حافة السجادة بقدمه وقال: ’’إن زوجات الآخرين ينزلن إلى القبو،لماذا لاترغبين أنت في عمل أي شيء،إنني آتي متعباً من العمل طوال اليوم في المكتب،وأنت حتى الذهاب معي إلى القبو لاترغبين فيه،ثم إن القبو ليس بعيداً جداً،إنه كما لو أطلب منك الذهاب إلى السينما أو أحد الأماكن الأخرى…‘‘ صرخت في وجهه قائلة: لاأريد أن أذهب إلى القبو!
جلس على حافة الكنبة العريضة وقال: ’’حسناً،حسناً‘‘..التقط الجريدة مرة ثانية ثم قال ’’أتمنى لو جعلتيني أخبرك بالكثير عن النزول إلى القبو،إنه سيكون لك نوعاً من المفاجأة‘‘
قالت وقد علاها الغضب: ’’ألا تكف عن إثارة هذا الموضوع..يثب على قدميه ويقول: ’’من الأفضل أن أخبرك بالحقيقة بدلاً من اللف والدوران،بصراحة إنني أريد أن أتخلص منك لأتزوج موظفة الاختزال التي تعمل عندي،هل أنا مخطئ في ذلك؟! الرجال يفعلون ذلك بكل سهولة كل يوم،ثم إن الحب من الأشياء التي لانستطيع التحكم فيها. قالت له: ’’لقد ناقشنا ذلك من قبل،وليس عندي الاستعداد لمناقشته ثانية‘‘.
قال ’’أردت فقط أن أخبرك بحقيقة الأشياء ويجب عليك أن تصدقي كل حرف قلته لك..ياإلهي هل اعتقدت حقيقة أنني أريد النزول إلى القبو لنلعب ألعاباً سخيفة بقطع الفحم هناك؟‘‘..قالت ’’أنا لم أصدق ذلك للحظة،وعرفت أنك تريد أن تأخذني هناك لتدفنني.‘‘ قال ’’الآن تقولين ذلك بعد أن أخبرتك،إنه لم يكن يخطر على بالك لو لم أخبرك به‘‘ قالت ’’إنك لم تخبرني أنا انتزعته منك،على كل حال أنا دائماً متقدمة خطوتين على ماتفكر فيه‘‘ قال ’’أبدا إنك لم تكوني على مدى ميل مما أفكر فيه!‘‘.
حدقت في وجهه باستغراب وقالت: ’’هل الأمر كذلك؟! لقد عرفت أنك تريد دفني منذ الدقيقة التي وطأت قدماك فيها البيت هذه الليلة‘‘ استمرت في القراءة،قال وقد بدا منزعجاً إلى أبعد حد ’’الآن..إنها مجرد مبالغة بغيضة إنك لم تعرفي شيئاً منذلك..فأنا في الحقيقة لم أفكر أبداً في هذا الأمر إلا قبل دقائق قليلة فقط‘‘..قالت ’’إن الفكرة قابعة في ذهنك،وأعتقد أن فتاة الأرشيف هي التي أوحت لك بفكرة التخلص مني‘‘ قال ’’لاداعي للسخرية،فعندي العديد من الموظفين الذين يقومون بعمل الأرشفة بدونها،ثم إنها لاتعرف أي شيء عن الفكرة،إنها ليست طرفاً فيها،كنت سأخبرها بأنك ذهبت لزيارة بعض الأصدقاء ووقعت من منحدر صخري شاهق،إنها كانت تريدني أن أطلقك‘‘.. قالت هذا مضحك..من الممكن أن تدفنني ولكن من المستحيل أن يتم الطلاق أبداً‘‘ قال ’’إنها تعلم ذلك لقد أخبرتها برفضك فكرة الطلاق‘‘ قالت: ’’من المحتمل أنك أخبرتها عن فكرة دفني أيضا‘‘ قال بكل وقار: ’’إن هذا ليس صحيحاً،إن الأمر بيني وبينك فقط،ولم أنوٍ إخبار أي نفس عنه‘‘قالت: ’’لاتقل ذلك..أنا أعرفك جيداً ستثرثر به إلى كل العالم‘‘
نفث دخان سيجارته وقال: ’’أتمنى لو كنت مدفونة الآن،وأن كل شيء قد انتهى!‘‘..قالت: ’’يامجنون ألاتخشى أن يقبض عليك،لماذا لاتذهب إلى سريرك؟! لقد شغلت نفسك على لاشيء‘‘..قال: ’’لن أذهب إلى السرير،إنني سأدفنك في القبو،إنني مصمم على ذلك،لاأعلم كيف أبسط لك الأمر أكثر من ذلك‘‘
ألقت الكتاب الذي كانت تقرأه وصرخت به ’’اسمع هل سترضى وتكف عن إزعاجي إذا ذهبت معك تحت حيث القبو؟ هل سأنعم بقليل من الهدوء؟ هل ستتركني وشأني بعد ذلك؟! قال نعم،ولكنك أفسدت الأمر بموقفك هذا.‘‘ قالت ’’نعم..نعم..بالتأكيد فأنا دائماً أفسد عليك كل شيء،أتوقف عن القراءة في منتصف فصل من فصول الكتاب،ولن أتمكن من معرفة كيفية انتهاء القصة،ولكن هذا لايعني لك شيئاً‘‘ قال ’’لم أطلب منك الابتداء،في قراءة الكتاب‘‘.
فتح باب القبو وطلب منها أن تتقدم إلى النزول إليه،قالت وهي تنزل درجات السلم المؤدي إلى القبو: ’’إن الجو بارد هنا،ثم إن زوج آخر غيرك سيدفن زوجته في الصيف‘‘ قال ’’لانستطيع أن نرتب الأشياء بمجرد أن نريدها،إنني لم أحب تلك الفتاة إلا في الخريف الماضي‘‘ قالت ’’أي شخص آخر كان قد أحبها قبل ذلك الوقت بكثير لأنها موجودة هنا منذ عشر سنوات،لماذا دائماً يسبقك الآخرون؟ إن المكان قذر جداً،والآن ماذا لديك هنا؟‘‘ قال ’’كنت سأضربك على رأسك بهذا المجراف‘‘ قالت باستغراب ’’أوه كنت ستفعلها؟ حسناً أطرد تلك الفكرة من رأسك،هل تريد أن تترك دليلاً قوياً ضدك هنا وسط كل شيء حتى يستطيع أول مخبر سري يستطلع الأمر أن يجده ويدينك،من الأفضل أن تذهب للشارع وتحضر قطعة حديدية..أي قطعة لاتخصك‘‘ قال ’’أوه حسناً،ولكن لن يكون هناك أي قطعة حديدية؛النساء دائماً يلتقطن أي قطعة حديدية في أي مكان‘‘ قالت ’’إذا بحثت في المكان الصحيح ستجدها..ولكن لاتتأخر كثيراًناحذر التوقف في مخزن التبغ..إنني لن أقف هنا كل الليل لأتجمد من البرد‘‘ قال ’’حسناً سأستعجل‘‘ صرخت عليه وهو في طريقه إلى الخارج ’’أغلق الباب خلفك‘‘.
جيمس ثربر
الولايات المتحدة
ترجمة:فالح العنزي
العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 41 زائراً