معلقة لحبيبة الرشف : ورقة الخريف

[ورقة خريف]

أجبني الأن عن سرِّ الحروفِ
وعشقٌ جاء من بعدِ الكفوفِ

وعام عداوةٍ هل غاب وهنًا
لتظهر كلَّ ألوانِ الطيوفِ

من الاسم المسمى ذات شعرٍ
إلى من اسمها ورقُ الخريفِ

عشقت الاسم قلي أم حروف
أم الأشياءُ في الجنسِ اللطيفِ

فثغرٌ قد ذكرت وخد وردٍ
وقَدٍّ واشتهاءٍ للقطوفِ

فما هذا أجب يفديك رشفٌ
(ربيب القصرِ لاجوف الكهوفِ)

وقلت: ننظف،الصابون،ليفًا..
ألم تعتد على الشيءِ النظيفِ؟

أم الأعمال أصعبها إليكم
يوكَّل دون داعٍ للكسوفِ

وقد أغضيت طرفي عن كلامٍ
مضى في أضلعي مثل السيوفِ

فعذرًا إن قطعت الآن شعري
لكي أقوى على وقفِ النزيفِ

[ورقة خريف]

أتفديني وقيتَ من الرماةِ
وتترك لي العزيز من الحياةِ

فداك الشعر ماالأشواق إلا
هديرٌ من همومِ الذكرياتِ

وإنك لست تهرب منك أخرى
لترميك البداية بالأساةِ

فقل لي من سيفدي الدمع منَّا
ومن منَّا يتوَّج بالمماتِ

أجيبك أنتَ للحبِّ المقفَّى
وليْ الآهاتُ من بعدِ الفواتِ

فلا تبكي رحيلي بعد نبضٍ
وجدد عهدك الماضي بآتي

[ورقة خريف]

لأمرِ العمرِ قد أخفيتُ أمري
وهذا الصبح كالنهرِ الجميلِ

فأنت الأرض نبت العمر فيها
وإني كالهشاشةِ من ذبولِ

وأنت الشاعر المقدام فينا
(كتبتَ الشعر في عرضٍ وطولِ)

تنفستَ النفيس من القوافي
فجائت منك كالنغمِ الأصيلِ

سلاسة نبضك الرشفي دومًا
ويشهد هاهنا أبناء جيلي

بأنك لست أستاذًا فحسبٍ
وضرب من ضروبِ المستحيلِ

بل المجد المتوَّج في علاءٍ
زعيم عباقرِ النظمِ الخليلي

ولن أنسى بذكرِ الشعرِ(ديكًا)
أتى(برشاقةٍ)قبل الرحيلِ

و(نبئنا)بأن الحب باقٍ
وليس له بقاءًا من مثيلِ

[ورقة خريف]

وقلتَ ليَ (الأثيرة دون شكٍ)
ورغم الحربِ في ضربٍ ووكزِ

فقل لي مالهذا الفعل شيءٌ
يفسرهُ فقد أمسى كلغزِ

لقد كنَّا أعادٍ(ي)من شهورٍ
وصار اليوم تلميحٌ لغمزِ

وقيت من الشرور أسحر هذا
أصابك منه شيطانٌ بوخزِ

أم الشعر الذي(يبكي العذارى
ويخرجهنَّ)من كهفٍ وحرزِ

[ورقة خريف]

أمير الحزبِ يا نسر النسورِ
ويا أصل البلاغةِ في السطورِ

سلمت لرشفنا أستاذ فكرٍ
(كتبتَ الشعر فوَّاح العطورِ)

(أتيت برايةٍ بيضاء فيها)
سلام الله للحزبِ المنيرِ

وقد كادت تهج بنار حربٍ
ويشتبه النبيل على الأجيرِ

لكنَّا نوافقكم برأيٍ
على إيقافها بعض العصورِ

وذلك بعد آراءٍ لجيشٍ
توافت عند هبِّ الزمهريرِ

فمارأي الجنودِ لديك قل لي
وهل سيوافقوا رأي الأميرِ

كما المعتاد لكن ذلك شورى
(ففتح النار ينذر بالثبورِ)

ومايهوى الحياة سوى تعيسٍ
لجمع متاعها عند الخدورِ

فإما ينتهي مجدي وإلا
سألهبها بنارٍ من سعيرِ

[ورقة خريف]

لسوف يجيء يسر بعد صبرٍ
وما لبس الجديد كما القديمِ

فذلك رغم حسنٍ فيهِ (عادي)
وآخر رغم سوءٍ من نعيمِ

كذلك كان شيطان الغواني
ونقص العقل في الرجل السليمِ

(همومٌ)ليس تترك قلب مجدي
فهيَّا أيها الأفراح حومي

لتختفي الهموم وأبلغيها
بأني سوف أحرمها جحيمي

وناديهِ بشوقٍ للتلاقي
ووسط شغافهِ ابقي ودومي

دوام الوردِ في أيامِ حبٍ
دوام الأجرِ في كفِ الكريمِ

دوام براءةٍ في عين طفلٍ
دوام الرفقِ في القلبِ الرحيمِ

دوام حديقةٍ في دار خلدٍ
دوام العطفِ في الأمِّ الرؤومِ

دوام الحبرِ في الأوراق يهمي
بقاء النفعِ في قولِ الحكيمِ

بقاء الأحرفِ الخضراءِ نبضًا
بقاء الدمعِ في الفرحِ الحميمِ

بقاء السلمِ في رشفِ المعاني
بقاء الحربِ للجنسِ الغريمِ

فلا تحزن فديتك إن قلبي
يحطمهُ حديثٌ عن همومِ

[ورقة خريف]

لقد قلبتْ إليك اللفظ ضدي
ركاكة شعرنا من غير قصدِ

فخذ منَّا فديت على صوابٍ
وسامح مافهمت ، إليك ردي

قصدت بأنني أعلنت وعدًا
لحزبي، قلت للحربِ استعدي

أيا بنت الرشاف وسلِّ سيفًا
من الأشعارِ ذا جيشٌ لمجدي

وقلتَ:تأخري عن بدء حربٍ
فقلتُ:إذن لقد أخلفتُ وعدي

فقد عاهدتهم أنَّ سويًا
نخوض غمارها خدًا بخدِّ

فهل أدركت ماتعني حروفي
(وماأصل الخيانةِ بالتعدِّي)

[ورقة خريف]

وفات الوقت من يومِ الخميسِ
ولم نكُ قد رضينا بالجلوسِ

وما كنَّا اطمئنا للأعادي
ولكن بعض تكثيفِ الدروسِ

نحذر كلَّ شاعرةٍ بفنٍ
(من الصنف المعتق عندريسي)

وذاك الشطر فلتشرحه فورًا
لأني قد ضجرت من العبوسِ

وإن كانت صنوف الأكلِ طابت
سيبقى الصحن من صنفِ الكبيسِ

وما ضيرٌ بأن نرسلهُ أيضًا
ونرسل دورقًا من(عرقِ سوسِ)

(وبعد الشربِ) حمد الله طورًا
وأخذ الحذرِ من حربٍ ضروسِ

فصيحة مشفقٍ خفاقِ تبقى
بقاء الحزنِ يرتعُ في النفوسِ

بقاء خبيئةٍ في قلبِ مجدي
بقاء الذرِّ في الورقِ اليبيسِ

(بقاء الشعرِ في رشفِ المعاني)
(معلقة) بها حامي الوطيسِ

ومسواكًا ذكرت وقد سمعنا
(بشاعر دون مسواكٍ تعيسِ)

[ورقة خريف]

طلبت الجد سعيًا للفراشِ
فما هذا وقيت من الغباشِ

أجنُّ الشعرِ أعمى عنكَ حرفًا
فجائتك المعاني (بالطشاشِ)

أجبني إنني قد زاغ عقلي
وقد أوشكتُ أن أبدي (طناشي)

فإني ذات أنيابٍ لعرضٍ
وأصلٌ قد يعود إلى المناشي*

وليس تهاونٌ في ذاك شيء
كما ليس التهاون في الغشاشِ

ومن هذا كثيرٌ في قصيدٍ
فأخبرني وأسهب في الحواشي

على خدٍ وقبلاتٍ وشوقٍ
تفزِّعني وتقلب لي حشاشي

إذا رمت القصيد لأجل وهمٍ
تخادعني بهِ والسر فاشي

فإني لن أعود إذًا وداعًا
(وهاقد زاد همِّي وارتباشي)


_____

* قرية في صعيد مصر

[ورقة خريف]

لعلي لا أرى في الرشفِ اسمي
بعيد الشدِّ في رفعٍ وجزمِ

أمورٌ في الحياةِ وليس تخفى
عليكم يا بني الرشفِ المهمِّ

وأشياءٌ تعرقلنا قدومًا
وإنَّا (وسط ليلٍ مدلهمِّ)

من الدمعِ الذي ينهلُّ بؤسًا
من الظلمِ الذي يتلى بظلمِ

من الأشواق تعصر من دمانا
وتلقينا إلى همٍ وغمِّ

ولا أحدٌ سيوصلهُ ندانا
برغم صداقةٍ ودوامِ سلمِ

[ورقة خريف]

أتيتك بالحرابِ وبالعنادِ
أطوف بهنّ في كلِّ البلادِ

وجئتَ بأدمعٍ وفنون شعرٍ
وخفقاتٍ حثيثاتِ الودادِ

فيالك من ملاكٍ فاق حسنًا
وطيفًا طيبًا في كلِّ وادِ

ويالي من فؤادٍ نزَّ جرحًا
وأتبعهُ بدمعٍ من مدادِ

ويالي من طريدٍ كان حرًا
وأمسى في سجونٍ من وهادِ

يهيم بها فلا الأحباب يأتوا
ولا يذق المنام من السهادِ

يضم يراعه سيفًا جسورًا
ويقطع كلَّ أوردة الأعادي

بدمٍ كان أو بالحرفِ يأتي
قويًا كالسياط من الجِلادِ

حزينًا يفجر الأنياط بؤسًا
غزيرًا كالبحارِ بلا نفادِ

يقولُ(لقد شهدنا أن مجدي
نقي الطرفِ مشغول الفؤادِ)

بشيءٍ مالنا منه نصيبٌ
وإن الخيل تُسبقُ بالجرادِ

[ورقة خريف]

(مددت يداكَ قدر المستطاعِ)
فلم تمسك على ألمٍ شراعي

وغاص الدمع في دنيا التناسي
وصار الكل يعجب من دفاعي

أيدفع ميتٌ وجع التراقي
ويأمل أن يشارك في الصراعِ

همومٌ حزن من قلبي طباقًا
مخبأةً بدمْعاتِ اليراعِ

غرقت بلج قهرٍ والمآسي
تجيء عليَّ لا تخشى ضياعي

فأين يدي لتنقذني أكانت
هنا أم أنها تحت القناعِ

نسيتُ فأحرفي قد أحرقوها
وقد مزعوا على شرٍ ذراعي

فأخبرني لقاءٌ ذاك منَّا
يصيره القريض كما الوداعِ

[ورقة خريف]

ألا يامجد أعيتني جفوني
على سهرٍ وشعرٍ للجنونِ

فقل لي ما فعلت بلب عقلي
فصار كلامهُ(يماارحميني)

يدور الشعر فيه كفلك بحرٍ
ويصبح في ابتهالاتِ العيونِ

ويرسم من حقول الحبِّ زهرًا
فيرديه السحابُ إلى المزونِ

وقد سائلت يومًا عن طريقٍ
لشعرٍ قيل لي مجد الفنونِ

لديه حدائق الأشعارِ حبًا
وأسرارٌ من الحزبِ اليميني

فماشئتِ اخطفي أو شئتِ قطفًا
فمجدٌ قد تخلى عن ظنونِ

إذا جاءت حروفٌ وهْي خجلى
ستلقى السعد عند (الدلجموني)*


_____
* بطل من ابطال مجلة سماش

[ورقة خريف]

ألا يا مجد قلت َ اليوم حجي
وشهر الحج غادر بعد صَجِّ

ولو كان الحجيج بكل شهرٍ
لمات الناس من ألمٍ وضَجِّ

وكانت مركبات الكل (باصًا)
وإحرامٌ يُرى في كلِّ فوجِ

ولن تبقى الدراسة وسط حجٍ
فيبقى الجهل تأصيلٌ لنهجِ

لذلك كعبة لا شك فيها
لأمرِ الله قامت وسط فجِّ

وأيامٌ بها نسْك كريمٌ
وعفو الله من ذنبٍ بِلُجِّ

وأما القمقمُ المخزون شعرًا
فقد أتبعتهُ رجًا برجِّ

فما صاح المترجم ويح شعري
ومات الشعر من بعد الترجي

[ورقة خريف]

لا يا مجد يا أستاذ فنِّ
ويا أصل الحكايةِ والتسنِّي

أتيت اليوم في نغمٍ طروبٍ
محوت تعالم الإفصاح منِّي

وقلت تبختري شعرًا وحبًا
فهذا المجد يأتي فوق غصنِ

يميل إليكِ وحدك دون رشفٍ
بفخرٍ(فاستريحي واطمئني)

فيا فرْحي سُقيتُ اليوم شهدًا
فطالعت الحسود بحسنِ ظنِّ

وقلبت الرؤى من وسط فرحٍ
وقررت الطناش وإن سألْني

ورحتُ إلى رشيق الرشفِ عدوًا
أخبرهُ عن البشرى وعنِّي

فقال تباعدي عن كلِّ شخصٍ
عدا مجدي لهُ رِقِّي وحنِّي