لكل جوادٍ كبوة ... يا أبو تمام

حوارات - مواضيع - شعرعامِّي

المشرف: مجدي

مخلص النوايا
بوح دائم
مشاركات: 529
اشترك في: 05-30-2002 09:37 PM
اتصال:

لكل جوادٍ كبوة ... يا أبو تمام

مشاركةبواسطة مخلص النوايا » 07-23-2002 07:42 AM



كريم متى أمدحه أمدحه والورى
معي وإذا ما لمته لمته وحدي



أول من أشار إلى هذا البيت ابن العميد ..

يقول أبو المعالي القزويني في تلخيص المفتاح في انسياق الشواهد المخلة بالفصاحة التي تحتوي على تنافر الحروف عن بيت أبو تمام (( أمدحه )) فيه ثقلا لتنافر بين الحاء والهاء ..

ويستدرك على قول القزويني في هذا الإمام السعدي إن الثقل الذي أخل بالفصاحة هو تكرار ( أمدحه ( وليس مجرد الجمع بين الحاء والهاء .

وعلى هذا يضيف ابن يعقوب المغربي أن الإأخلاق بالفصاحة يعود إلى تكرار كلمة أمدحه وليس في اجتماع الحاء والهاء لان اجتماعهما ورد في القران الكريم (( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ))

وينوه إلى مثل هذا القول صاحب الجوهر المكنون عبدالرحمن ألا خضري وصاحب حلية اللب المصون الشيخ احمد الدمنهوري ويضيف عليهما العلامة مخلوف المنياوي في حاشيته على حلية اللب المصون في استعمال ( متى ) في الشطرة الأولى و إلى استعمال ( إذا ) في الشطرة الثانية ..

ويشير السيوطي في عقود الجمان إلى هذا البيت ويضيف شارح العقود العلامة عبدالرحمن العمري ّ إلى كيفية اجتماع ( أمدحه ) و ( لمته ) في بيت واحد وانه ليس هناك مناسبة جمع بينهما مثل الذي يجمع ما بين السطل والقنديل .. :D :D

يقول صاحب سر البلاغة ( قول أبي تمام‏:‏ كريم متى أمدحه أمدحه والورى معي ومتى ما لمته لمته وحدى تكرر حروف الحلق على سلامة المعنى واختيار الألفاظ‏.‏

وينقد هذا البيت من جهة الفصاحة عبدالقاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز ومنه ما هو أخف منه كقول أبي تمام من الطويل‏:‏ كريم متى أمدحه أمدحه والورى جميعاً ومهما لمته لمته وحدي ومنه ما يكون فيه بعض الكلفة على اللسان إلا أنه لا يبلغ أن يعاب به صاحبه ويشهر أمره في ذلك ويحفظ عليه‏ )

يضيف حازم القرطاجني في كتابه المنهاج إن عدم فصاحة بيت أبو تمام يرجع أيضا إلى تكرار كلمة ( لمته ) .. يستدرك السبكي على علماء البلاغة ويصحح بعدهم الرؤية البلاغية في الأصول النقدية..

والناظر إلى البلاغة يجد أن اكثر علماء البلاغة مقلدون لما سطره الخطيب القزويني في كتابه تلخيص المفتاح حيث قسم القزويني البلاغة إلى ثلاث أقسام .. المعاني والبيان والبديع ويأتي السبكي ويهدم هذا التقسيم بقوة الحجة المرصعة بعمق علم المنطق ..كأن السبكي يعيد رؤية عبدالقاهر في مناولة البلاغة من غير هذه التقسيمات..

القزويني يعد بيت ابوتمام في (أمدحه ) الى تنافر الحروف المخلة بالفصاحة ويستدرك السبكي إلى أن هذا من تنافر الكلمات وليس الحروف لأن (امدح ) كلمة والهاء المضاف إليه كلمة ..وينوه إلى الإخلال بالفصاحة يعود إلى تكرار الكلمات التي تكررت فيها الحروف المتماثلة في الثقل ..(أمدحه أمدحه )

الانتقال الرائع في نقد هذا البيت الذي يتوج به السبكي في السبق هو أن أبو تمام جاء بـ (متى ) من اجل المدح في قوله أبو تمام (متى أمدحه ) وجاء بـ ( إذا ) من اجل اللوم في ( وإذا ما لمته ) والمعنى يكون على العكس لان ( إذا ) تدل على التحقق والثبوت في حصول الشيء وفي ( متى ) لا تدل على الثبوت وهي تدل على حصول الشيء أو لا أو تدل على حصوله بالنادر والتقليل والأصل أن يعكس الشاعر ويبدل ويضع ( متى ) مكان ( إذا ) في تبادل الأماكن لان قوله ( متى أمدحه ) يكون المعنى التقليل في تكرار أزمنة المدح والمفروض أن يقول ( إذا أمدحه ) ويكون بهذه الصيغة ثابت المدح وقوع المدح متحقق ..وفي قوله ( إذا ما لمته ) هذا المعنى يدل على انه ثابت ومتحقق من إعطاء الملامة وان الملامة واقعة لامحيص منها والمفروض أن يكون ( متى ما لمته ) وهذه الصيغة تعطي احتمال في وقوع الملامة أو عدم وقوعها ...وهذا التبادل بين ( متى و إذا ) فيه تأدب مع الممدوح والأخذ باعتبارات المقام في الغرض المنشود له ..

ويعترض السبكي في بيت أبو تمام في عدم حسن المقابلة بين ( أمدحه ) و ( لمته ) لان المدح يقابله ( الذّم ) ولا يقابله ( اللوم ) ولكن ( اللوم ) افضل من ( الذّم) لان لفظة ( الذّم ) فيها تجريح للممدوح وهذا يقبح في غرض المدح ..

[COLOR=green] [size=30] ((( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ )))


اعترض العلماء على القزويني في كلمة ( أمدَحه ) في تنافر الحروف بين الحاء والهاء وان هذا الاجتماع ورد في القران الكريم في هذه الآية ( فَسَبِّحْهُ ) إن هذه الآية اجتمع فيها الحاء والهاء ولم تخل بالفصاحة هنا يردّ الزمخشري في أسرار البلاغة على العلماء معترضا على هذا الاستشهاد لان بيت أبو تمام في ( أمدَحه ) إن الحاء والهاء سبقتهما حركة الفتحة وهذا الذي سبب الثقل في البيت أمّا الآية الكريمة ( فَسَبِّحْهُ ) إن اجتماع حروف الحاء والهاء سبقهما حركة الكسرة وهذا لا يخل بالفصاحة ..

فسبحان الله ما اجمل جهودهم وما أروع اعتراضاتهم الشيقة والممتعة ..ونقول أخيرا لكل جوادٍ كبوة يا أبو تمام ..

تقديري وتحياتي
[/SIZE] [/COLOR]

=================== مخلص النوايا
آخر تعديل بواسطة مخلص النوايا في 07-23-2002 07:48 AM، تم التعديل مرة واحدة.
رائد أنيس الجشي
رشف مميز
مشاركات: 2702
اشترك في: 05-06-2001 10:21 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة رائد أنيس الجشي » 07-25-2002 01:41 AM

موضوع جميل
ورائع

إستخدام (متى) و (إذا)

والبيت رغم ماقالوا فيه
إلا أنه أحد الأبيات التي تحفظ بسهولة
وتخترق القلب :)

ذكرني ببيت


ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا

:)

دمت تحياتي
صورة

عساااكم السعااادة
مخلص النوايا
بوح دائم
مشاركات: 529
اشترك في: 05-30-2002 09:37 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة مخلص النوايا » 07-25-2002 01:56 AM


أخي العزيز النورس الحبيب

أشكر على تواجدك الرائع ..

وإعجابك بموضعي المتواضع ...

إنّ في عالم البلاغة أرضٌ وسماء وجبالٌ من ذهب وبحار من الزلال المصفى ..


وتقوم البلاغة الإبداعية على الركائز التقليدية التي صنعها لنا أحبار الأمة يسيرون بمشكاة القرآن ومصابيح السنة صنعوها من جلمود السنين .. فرحمهم الله ..

صورة العضو الشخصية
مجدي
مؤسس النادي
مشاركات: 4770
اشترك في: 05-05-2001 03:14 AM
اتصال:

مشاركةبواسطة مجدي » 07-25-2002 03:22 AM

اخي الفاضل شاعرنا القدير مخلص

لفت انتباهي العنوان " لكل جوادٍ كبوة ... يا أبو تمام " و سؤالي
أليس الأصح أن يقال " يا أبا تمام" أم تراها من اخطائي الشائعة :D
مخلص النوايا
بوح دائم
مشاركات: 529
اشترك في: 05-30-2002 09:37 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة مخلص النوايا » 07-25-2002 05:50 AM

أستاذي القدير مجدي

صدقت إنها بالنصب فهو منادى منصوب لأنه مضاف ..

قد أجيد بعض معرفة النحو ولكن لا أجيد التطبيق وهذا يرجع إلى البيئة وإلى قلة الممارسة والإهتمام وكثير ما يقع علماء النحو في الأخطاء التطبيقية من سيبويه إلى العلامة محمد الهرري في يومنا هذا ... ونسأل الله العلي القدير أن يبعد عنا اللحن واللكنة .. وهذه منتهى الأمنيات عندي ..


العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 32 زائراً