لآلئ أعجبتني
مرسل: 02-14-2005 12:06 PM
بواسطة موسى بن أبي غسان
هذه السلسلة هي مجموعة مختارات نثرية
لبعض الأدباء
أعجبتني فأحببت أن أشارككم بها
أمي ............
لأمين مشرق
يا علة كياني , ويا رفيقة أحزاني , و يا رجائي في شدتي , وعزائي في شقوتي .
يا لذتي في حياتي , وراحتي في مماتي .
يا حافظة عهدي , ومطيبة سهدي , وهادية رشدي.
إذا تركني أهلي فأنت لا تتركين , وإن ابتعد عني أحبابي فأنت لا تبتعدين, وإن نقمت علي الحياة جميعها فأنت تصفحين وترحمين .
أنت يا مسكنة وجعي و ألمي , ومبيدة بؤسي وهمي , أنت وما أصفك يا أمي .......
على بساط الأوجاع ولدتني , وبأيدي الآلام ربيتني , وبعيون الإتعاب رعيتني , وبصدر المشقات حميتني .
ثم كبرت , فقلوت آلامك , وسلوت أيامك ,وهكذا نسيت رحمي , واحتقرت دمي , فما أعقني وما أوفاك يا أمي ..
قد غبت عنك يا أمي .
فغاب عن عيني وجهك الباسم بملامحه الرقيقة الرزينة , ومعانيك الدقيقة الحنونة .
وتراكمت على رأسي هموم الحياة بضجيجها الهائل , فضعضعت فكري , وزلزلت قلبي , وتقاذفني أمواج المتاعب والشقاء .
فغرت في لجج طامية , وظلمات داجية .
وبعينين غشي عليهما الرعب , نظرت من أعماق قنوطي , فرأيت وجهك اللطيف الثابت , يبتسم إلى من الأقاصي البعيدة , فبكيت وصرخت يا أمي .............. آه ما أقسى الغربة , وما أمر الوحشة .
قد كرهت البقاء يا أمي , واشتاقت نفسي إلى ماضيها الأمين , قد كرهت التمشي بين القصور الفخمة والمباني الشاهقة , واشتاق قلبي إلى بيتنا الصغير المنفرد .
قد كرهت روائح العطور الفائحة , والتماثيل المتخطرة في بروداوي , واشتاقت حواسي إلى رائحة الأمومة المنتشرة من فستانك العتيق .
قد كرهت نيويورك , وكرهت أمريكا , وكرهت العالم , ولم يبق في الحياة إلاك , إلاك يا أمي .......
في المساء عندما أنطرح على فراشي الخشن القاسي , أذكر يديك اللطيفتين الناعمتين .
وفي الليل عندما تمتزج أفكاري بأبخرة الأحلام , أشعر بقدميك الصغيرتين ينقران الأرض حول سريري .
وفي الصباح أفتح عيني لأراك . فلا أرى غير جدران غرفتي السوداء , ولأسمعك فلا أسمع غير أصوات الغرباء
وفي النهار أمشي بين النساء ,مفتشا متسائلا : أيتها النساء هل رأيتن أمي.....
إذا مت يا أمي , إذا قتلني وجدي , ودفنتني آمالي في هذه الأرض القاسية الغريبة .
فاجلسي عند الغروب , قرب غابة اكسنديان وأصغي .
هناك روحي امتزجت بنسمات الغابة و أشجارها يرتلن بهدوء متمايلات مرددات يا أمي....... يا أمي ..... يا أمي.
مرسل: 02-18-2005 01:17 PM
بواسطة موسى بن أبي غسان
من مي إلى مي
أرخى الشفق سدوله على الأرض بطيئا
ولفقت حواشي السحب بخيوط الذهب والفضة
وتلاشى ما كان يبدو كبحيرات الياقوت وبرك
الزمرد حيال عرش الغروب
وغشت الأرض كآبة ربداء
وغشت عينيك كآبة ربداء
أي شمس تغيب فيك , أيتها الفتاة , ولماذا يشجيك المساء
لتغشى عينيك هذه الكآبة
ألا احرصي على قلبك , أيتها الفتاة!
تجلت الشمس في الأوج تحت رواق الفلك
والأشعة تغازل الأزهار وتوسع المياه عناقا وتلوينا
والمنازل تسطع كحجارة كبيرة من النور
وانتعشت جميع الأشياء انتعاش من خرج من أزمة وانفرج
أما أنت فتلوبين جائعة عطشى
تقولين ما يجب ألا يقال وتفعلين ما يجب ألا يفعل
ثم تأسفين على القول والفعل وتعودين تلوبين
ووراء الملل والسآمة وهيج فيك واحتدام
أخبريني ما بك أيتها الفتاة
لماذا أراك عند نافذتي ترقبين ما ليس بالموجود وتشتاقين
ما ليس بالبادي
وإذا تحولت عنك إلى مرآتي رأيت وجهك هناك وجهك مفجعا حزينا
أهو أمل غزا نفسك فثقل فؤاد منك اعتاد القنوط
أم يأس ينتحب وشعور بالفشل طالما خالط الرجاء
جميع الأشياء انتعشت انتعاش من خرج من أزمة وانفرج
وأنت أي علة تضنك فتلوبين وتتأوهين
ألا أحرصي على قلبك أيتها الفتاة
جاء المساء مرة أخرى
جاء المساء وتبعه الليل
وعيناك قرب السراج جامدتان جمود من يتأمل جثة
فأشعر بأن شيئا فيك أمسى جثة
لقد استسلمت لجمال السماء فطعنك المساء بسكين منه سري يقطر دما وظلاما
أخضعت نفسك لسحر الغروب ولم تحرصي على قلبك
أما الآن فقد فرطت به فاحرصي على الجرح المنفتح فيه
احرصي على جرح قلبك أيتها الفتاه
مي زيادة
مرسل: 02-25-2005 09:34 PM
بواسطة وحيدة الرشف
أخي غسان ..
جميل جدا ما نقلته ...
اسمتعت بالقراءة والاستفادة ..
وانتظر كل جديد ..
أطيب تحية
مرسل: 03-12-2005 12:41 PM
بواسطة موسى بن أبي غسان
أشكرك أختي الفاضلة
على مرورك بصفحتي
وأرجو من الأخوة المشاركة
في الموضوع فيد واحدة لا تصفق
كيف نضاعف حياتنا
عندما نعيش لذواتنا فحسب ، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ، تبدأ من حيث بدأنا نعي ، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ! …
أما عندما نعيش لغيرنا ، أي عندما نعيش لفكرة ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة ، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية ، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض ! …
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة ، نربحها حقيقة لا وهماً ، فتصور الحياة على هذا النحو ، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا . فليست الحياة بِعَدِّ السنين ، ولكنها بعدادِ المشاعر ، وما يسميه " الواقعيون " في هذه الحالة " وهماً " ! هو في " الواقع " حقيقة " ، أصحّ من كل حقائقهم ! … لأن الحياة ليست شيئاً آخر غير شعور الإنسان بالحياة . جَرِّدْ أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي ! ومتى أحس الإنسان شعوراً مضاعفاً بحياته ، فقد عاش حياة مضاعفة فعلاً …
يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال ! …
إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة ، حينما نعيش للآخرين ، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين ، نضاعف إحساسنا بحياتنا ، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية !
سيد قطب /أفراح الروح