حوار خارج حدود الزمان والمكان
مرسل: 06-08-2003 10:09 PM
حوار خارج حدود الزمان والمكان..حيث يدور بين العمر والأحلام والحياة . وكل منهم يتحدث عن الانسان وكيف يتعامل معه
العمر : ايتها الأحلام ما اقساك علىالانسان ..تُزينين له الغد بكل ماهو جميل خادع وتُحجبين بصيرته عن رؤية الحقائق
الأحلام : ماذا بك ايها العمر ؟! فبدون وجودي حياة الانسان صحراء قاحلة لا زرع ولا نسمات تلطف أيامه من قساوة الزمن
العمر : بل انك تلهينه عن واقعه وتجعلينه يبني قصور منك .. ومن الأماني الكاذبة .. تجعلينه يتهرب من واقعه ويصبح اسيراً لرغبات لاتتحقق في أكثر الأوقات.
الأحلام : الواقع ... أي واقع تقصد ؟ ما انت الا قطار سريع لا يتمهل وفي كل "محطة توقف " تُريه العذاب والالم بدء من قساوة الأحبة وجحود الأقارب مرورا بفقر مادي ومعنوي.. والأدهى ظلم الاعادي
العمر : لست أنا المسؤل عن هذا الألم .. انها الحياة
الحياة : رويدك .رويدك..وما دخلي انا .. حتى تقحمني في حواركما ؟!
الأحلام : انك انت التي تسبيبين للانسان الالم والحزن
الحياة : نعم .. اني امنح الانسان السعادة والحزن .. الآلم والمرح .. الغنى والفقر ..العناء والهناء .. فهو خُلق للامتحان وليس لبناء الحلام .. وضياع العمر في تتبع أماني كاذبة .. لكن العمر هو الذي لا يتوقف فاذا اراد الانسان ان يصحح مساره .. ويغتنم فرص لم يتنبه اليها او فاتته.. يقول له ان لا يعود الى الوراء.. وماذهب منه لايعود
العمر : نعم أنا هكذا .. من لم يغتنم فرصته مني لا أعود اليه .. لكن الانسان غبي .. واضحك منه حينما يفرح بقدوم عام جديد ويقول " اني زدت عمرا " بل نقص من عمره ..وبدلا من محاسبة نفسه فيما فعله ..واين أهدر تلك الشهور والأيام .. ويخطط لغده ليصحح اخطائه.. نجده يرقص ويفرح .. ويطفيء الشموع ابتهاجا..دون ان يتعظ أو يفكر في الذين كانو معه وفارقوه...وكيف انهم لم يستغلوني حق الاستغلال.
الأحلام : لماذا تقول انه لايخطط لغده ؟! الست انا من خططه ؟!
العمر : ربما تكوني من لمحات غده .. ولكن لن يصل الى غده عن طريقك.. بل لابد من العمل الجاد .. وان يكون عاملا مكافحا .. صابراطموحا وليس حالما فقط.
الأحلام : أنت تتهمني انني مجرد لمحة من غده !! .. بل أنا الغد كله..فالانسان يتعلم ويعمل ..يجد ويسهر الليالي .. ويشقى بالنهار للوصول الي.
الحياة : آه .. ايتها الأحلام .. المشكلة انه كلما حقق جزء منك .. تجعلينه يحلم بشيء اخر فانت وابنائك وأحفادك .. تسيطرين عليه من جميع الجهات.
العمر : حتى ابنائك ليسوا سواسية .. فهناك الضال الفاسق الذي يقود بالانسان الى الهلاك دون وعي بان يزين له الخبائث .. ويجعل من كل مكروه محبوب جائز.. وهناك الصالح الجميل يقوده الى المعالي ولفعل الخير والتقرب الى الله.
الأحلام : "مبتسمة " عجبا منكما !! كم مرة سأخبركما .. ان الانسان بدوني شتاء قارس لادفء فيه.. ظلام دامس لا بدر فيه .. اعترف ان لدي أحلام هادفة صالحة وأخرى مضللة .. لكن لابد من استخدام
عقله . وان يجتهد في اختيار ماهو المفيد وترك ماهو رديء وضال.
الحياة : هنا .. أوافقك الرأي . فعلى الانسان اختيار الجيد الذي يفيده في دنياه .. ويحصده في اخرته..وان يدقق في اموره .. لكنك ايضا تسهلين له طريق المجد .. وترينه الصعاب والطرق الوعرة ..والليالي المظلمة وكانها خطوة قدم
العمر: "مكملا" وتجعلين من علقم الصبر كطعم العسل.. ومن ظلام لمجهول .. كطريق واضح المعالم فتجعلينه يقتحم امورمجهولة خطرة وخاطئة احيانا .. بسبب مارسمتيه امامه من سهولة البلوغ
الحياة : "متسائلة" ماذا نفعل ؟ اذاكان الانسان طموح عجول .. يتذمر كثيرا .. وكم نصحته توأمتي " الصبر" ولكنه لايستمع اليها الا اذا اجبرته انا على الاستماع اليها
العمر: ما يحزنني حقا أنه احيانا يتعلق ويتمسك بحلم من بناتك الفاتنات المغريات .. ويقضي عمره كله حتى يحققه .. وكأن ليس هناك أحلام غيرها.
الحياة : مسكين من يعيش على حلم واحد . من قال " ان الاحلام بلا ثمن .. بعض الأحلام ثمنها العمر كله" يضيع عمر الانسان وهو يسعى لتحقيق حلم واحد.
الأحلام : هذا ما أخبره به وا افعله مع الانسان .. فانا اتجدد مع الزمن ولدي الكثير من البنات الفاتنا والابناء الصالحين .. ولا اقف عند زمن واحد لكن هو الذي يتشبت بحلم وحيد وكأن الكون قد توقف عن هذا الحلم
الحياة :ايها الانسان خُلقت للعيش عندي .. وأنا اريك صنوف مختلفة من رغد العيش وسوء الحال .. اغريك احيانا بجمالي وحُسني حتى تظن انك خالد عندي ولاتتمنى الموت.. واحيانا اكيل اليك البؤس والشقاء ..فتحاول مفارقتي باسرع وقت .. ولكنك تنسى ان العمر مقدر وقصير .. فاختر من الأحلام ماتقودك للانتقال الى الحياة الأخرى .. أعترف لك انني فانية . . وهناك الحياة الخالدة حيث الاحلام تتحقق والعمر ليس دقائق فيتوقف .. حيث الأبدية وجنات الفردوس .. فأغتنم كل ثانية من عمرك لطاعة خالقك ولاعمار الأرض فانت خليفة الله هنا .. ولتحلم بيوم لقاء وجه الماجد الأحد .. والسكنة في قصور المرجان والزمرد حيث يقال لك " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين "
[ALIGN=LEFT]
عاشقةالسراب
ربيع الاول – 1424هـ[/ALIGN]