صفحة 1 من 1

خاتمة لمشهد يبدأ ... !

مرسل: 03-19-2003 10:20 PM
بواسطة الاندلسى
يضع الان كومة أخرى من الرمال كى يعلو هذا السد الوهمى فى فراغ الصحراء الصفراء بلون الذبول قبل مواسم المطر, أخبره أخر من رحل بأن الرياح ستبدر الرمال فوق الصحراء من جديد وانها لن تبقى له او تذر شيئا من همس الطيور, وأنه سينهدم بناؤه ويقع طفله أسير الريح المسكونة بارواح العواصف

ابنه الصغير الذى لا يتجاوز عمره عمر الندى فوق الاعشاب الخضراء النابتة على حافة النهر الكبير ينظر اليه , يبدو على ملامحه البريئة أنه لا يستوعب أين ذهب الكبار ولم لم يبق سوى ابيه يبنى هذا السد الضعيف فى هذا القيظ اللاهب

الأب تسيل من مفرقه العالى حبات اليأس ممزوجة بكل الكبرياء الذى نبت فى صدره منذ أن قرأ سورة أل عمران وهو ابن العاشرة, يضم مشهده صمت المكان الذى ينبس بالوحدة كمعنى الموت حين يزور روح تكاد تدرك الحقيقة الكبرى فى لحظة الزوال , و عيون طفله الرقيقة تتألم شيئا قليلا من شدة النور المنعكس فوق جبين ابيه العريض , فترمش فى اتئاد خفيف لا يمنع عنه حر الصحراء القاحلة

تنهد الطفل ثم نظر نحو الأب المنهمك فى جلب المزيد من الرمال , واقترب منه ومسح عن جبينه بعض قطرات العرق المطر, فتوقف الاب عن العمل و نظر فى عينى طفله وسالت من قاع عينه الصامدة دمعة ساخنة تحمل كل ما يجيش فى صدره من طعم الألم , هاربة فوق وجنته كى تعانق الارض من تحته ثم تختفى و تذوب ,

تدوم النظرة التى تحكى كل ما مضى و ما سيأتى , تنبئ بالمستقبل كأنها النجوم تخبر من رآها على السبيل فى ليل مظلم بهيم , يمسك الطفل برأس ابيه ثم يقبله بشفتيه الصغيرتين ويهمس له "لا تخاف , ستمر العاصفة و سنزرع الارض من جديد"

.....

بعد يومين من هذا المشهد
كانت الأرض تبكى و تضم جثتين , احداهما طويلة بطول المدى والأخرى صغيرة كبذور الأشجار العتيقة
والريح تزمجر ... والرمال تنتثر فوق الصحراء ..والأرض لا تزال ترسل النحيب

مرسل: 03-24-2003 10:53 AM
بواسطة lateef
خاطرة رائعة

اسمح لي بالمشاركة



--------------------------------------------------------------------------------



تزمجر الرياح لتمحوا الإباء

لتمحوا الالكبرياء

لتمحوا حلمنا الغالي لزرع هذه الصحراء

ولا يبقى لنا غير ذكرى للصمود

وقصة للخلود

بإنا قد زرعنا الموت لنحصد الحياة


-----------------------------------------------------------------------------------------------------

اخوك لطيف

مرسل: 07-12-2003 08:33 PM
بواسطة وحيدة الرشف
_ للرفـــــــــــــــــــع _

مرسل: 07-15-2003 10:43 PM
بواسطة وحيدة الرشف
قرأتها منذ زمنٍ بعيد..
ولستُ أدري مالذي مررها بذاكرتي
مالذي أضاء ذاك الجزء المظلم بين تلافيف مخي عنها
قرأتها وقرأتها ..
و علا نحيبي حتى بلغ عنان السماء ..
يبكي صحرائنا القفر من كل الخلائق
يبكي صحرائنا السليبة ..و الأطفال الأبرياء
وذاك الشجر المبتور ذا الأصل المهتريء
يبكي عمراً تعدى القرون .. بدون صدىً يبحث عن بصيص حق ..

( [COLOR=darkred]بأنا قد زرعنا الموت لنحصد الحياة
)
هل سنحصد يوماً زهراً حياً ناضراً؟؟

سيدي الاندلسي .. كان لكلماتك وقع الألم ....
مدادٌ لا حرمنا الله منه ...أروع مافيه أنه ينطق بلسان الواقع ..فيتألم بألمه ويبكي بدموعه ..

لك كل الشكر على لحظات القراءة ..:)
دمتَ بصادق الود ..[/COLOR]