("في كلّ حبٍّ نكهة استعمارِ") مختارة
مرسل: 02-16-2003 01:06 AM
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
تستغربين هذا الصراع الذي يُوشِكُ أن يكونَ قاعدةً في العلاقةِ بينَ حبيبين.. كلّ حبيبين .
تتساءلين : الا يمكن لاثنين أن يُحبّ أحدهما الآخر بعمق و صدق أن يعيشا دون خصام ، دون صراخ، دون فترات غضب و قطيعة .
الحقّ أقول لكِ : يمكن ..و لكن يصعب !
دعيني أوضح الأمر :
في كلّ حبّ هناك رغبة خفيّة أو ظاهرة في التسلّط على الطرف المحبوب . و من هنا فكثيراً ما تبدو علاقات الحب و كأنّها علاقات حرب : (في كلِّ حبٍّ نكهةُ استعمارِ) كما يقول نزار قبّاني .
خذي الأطفال مثلاً..
نحن نُريدُ أن نحوّلَ أطفالَنا إلى نُسَخٍ مُصَغَّرَةٍ منّا ، تُحِبُّ ما نُحِبّ و من نُحِبّ ، و تكره ما نكره و من نكره ، و تذهب إلى نفسِ مدارسِنا و تحترفُ نفس المِهَن التي نحترفها .
و نحن نُبَرّر هذا الطغيان السافر باسم الحبّ .
كذلك العلاقة بين الحبيبين .
يتوقّعُ الرجل من المرأة أن تكون مجرّد امتدادٍ أنثويّ لشخصيّتِه ، أن يتحوّل وجودُها إلى مُلحَقٍ تابعٍ لوجودِه. أن تنطفئَ كلّ طموحاتها و آمالها و تطلّعاتها في سماء حبّه .
و تتوقّع المرأة من الرجل أن يُعيدَ رسمَ نفسِه على النحو الذي يلائمها ، فيتخلّص من عاداتِهِ السيّئة (في نظرِها) ، و يُطلق شاربه أو يُحلقه (حسب الأحوال) . و يُقَلّل ساعات عمله ، و يتنكّر لأقاربه و أصدقاء طفولته.
تتوقّع منه ،باختصار، أن يتفرّغ لحبّها .
و يبدأ الصّراع و يتّخذ ألف شكلٍ و شكل. أمّا الجوهر فواحدٌ لا يتغيّر : رغبة كلٍّ في الاحتفاظ بشخصيته ، و ذاتيته و تميّزه أمام خطر الذوبان و الانصهار و الاندماج .
تسألين : ألا يوجد حلّ ؟
بلى ثمة حل .. و حل ناجح .
إمزجي الحبّ بشيءٍ من الصداقة . فالصداقة بخلاف الحب..تعترف بالاستقلال و السيادة و الحدود و الإقليمية لكلّ صديق.
و امزجي الحبّ بشيءٍ من المودّة ، فالمودّة أهدأ من الحبّ أعصاباً ..و أقصر أنياباً..و أكثر حكمة ..
.........
غازي القصيبي
تستغربين هذا الصراع الذي يُوشِكُ أن يكونَ قاعدةً في العلاقةِ بينَ حبيبين.. كلّ حبيبين .
تتساءلين : الا يمكن لاثنين أن يُحبّ أحدهما الآخر بعمق و صدق أن يعيشا دون خصام ، دون صراخ، دون فترات غضب و قطيعة .
الحقّ أقول لكِ : يمكن ..و لكن يصعب !
دعيني أوضح الأمر :
في كلّ حبّ هناك رغبة خفيّة أو ظاهرة في التسلّط على الطرف المحبوب . و من هنا فكثيراً ما تبدو علاقات الحب و كأنّها علاقات حرب : (في كلِّ حبٍّ نكهةُ استعمارِ) كما يقول نزار قبّاني .
خذي الأطفال مثلاً..
نحن نُريدُ أن نحوّلَ أطفالَنا إلى نُسَخٍ مُصَغَّرَةٍ منّا ، تُحِبُّ ما نُحِبّ و من نُحِبّ ، و تكره ما نكره و من نكره ، و تذهب إلى نفسِ مدارسِنا و تحترفُ نفس المِهَن التي نحترفها .
و نحن نُبَرّر هذا الطغيان السافر باسم الحبّ .
كذلك العلاقة بين الحبيبين .
يتوقّعُ الرجل من المرأة أن تكون مجرّد امتدادٍ أنثويّ لشخصيّتِه ، أن يتحوّل وجودُها إلى مُلحَقٍ تابعٍ لوجودِه. أن تنطفئَ كلّ طموحاتها و آمالها و تطلّعاتها في سماء حبّه .
و تتوقّع المرأة من الرجل أن يُعيدَ رسمَ نفسِه على النحو الذي يلائمها ، فيتخلّص من عاداتِهِ السيّئة (في نظرِها) ، و يُطلق شاربه أو يُحلقه (حسب الأحوال) . و يُقَلّل ساعات عمله ، و يتنكّر لأقاربه و أصدقاء طفولته.
تتوقّع منه ،باختصار، أن يتفرّغ لحبّها .
و يبدأ الصّراع و يتّخذ ألف شكلٍ و شكل. أمّا الجوهر فواحدٌ لا يتغيّر : رغبة كلٍّ في الاحتفاظ بشخصيته ، و ذاتيته و تميّزه أمام خطر الذوبان و الانصهار و الاندماج .
تسألين : ألا يوجد حلّ ؟
بلى ثمة حل .. و حل ناجح .
إمزجي الحبّ بشيءٍ من الصداقة . فالصداقة بخلاف الحب..تعترف بالاستقلال و السيادة و الحدود و الإقليمية لكلّ صديق.
و امزجي الحبّ بشيءٍ من المودّة ، فالمودّة أهدأ من الحبّ أعصاباً ..و أقصر أنياباً..و أكثر حكمة ..
.........
غازي القصيبي