دعـاء يـوم عـرفـة
مرسل: 02-10-2003 10:24 AM
( 1 )
دعـاء يـوم عـرفـة
لـلإمـام الـسـجـاد عـلـى زيـن الـعـابـديـن
ابـن الإمـام الـحـسـيـن الـسـبـط
رضـي الـلـه تـعـالـى عـنـهـمـا
بـسـم الـلـه الـرحـمـن الـرحـيـم
[ الـلـهـم ] هـذا يـوم عـرفـة ، يـوم شـرفـتـه . و كـرمـتـه و عـظـمـتـه ، نـشـرت فـيـه رحـمـتـك ، و مـنـنـت فـيـه بـعـفـوك و أجـزلـت فـيـه عـطـيـتـك ، و تـفـضـلـت بـه عـلـى عـبـادك ، و أنـا عـبـدك الـذي أنـعـمـت عـلـيـه قـبـل خـلـقـك إيـاه ، فـجـعـلـتـه مـمـن هـديـتـه لـديـنـك ، و عـصـمـتـه بـحـبـك ، وأدخـلـتـه فـي حـزبـك ، وأرشـدتـه لـمـوالاة أولـيـائـك ، ومـعـاداة أعـدائـك . . ثـم أمـرتـه فـلـم يـأتـمـر ، و زجـرتـه فـلـم يـنـزجـر . لا مـعـانـدة لـك ، ولا استنكارا عـلـيـك .
و هـا أنـا ذا بـيـن يـديـك صـاغـراً ذلـيـلا ، خـاضـعـا خـاشـعـا خـائـفـا مـعـتـرفـا بـعـظـيـم مـن الـذنـوب تـحـمـلـتـه ، و جـلـيـل مـن الـخـطـايـا أجـرمـتـه ، مـسـتـجـيـراً بـصـفـحـك لائـذا بـرحـمـتـك ، مـوقـنـاً أنـه لا يـجـيـرنـي مـنـك مـجـيـر، ولا يـمـنـعـنـي مـنـك مـانـع ، فـعـد عـلـي بـمـا تـعـود بـه عـلـى مـن اعـتـرف بـمـا اقـتـرف مـن فـضـلـك ، وجـد عـلـي بـمـا تـجـود بـه عـلـى مـن ألـقـى بـيـده إلـيـك مـن عـفـوك ، و امـنـن عـلـي بـمـا لا يـتـعـاظـمـك أن تـمـن بـه عـلـى مـن أمّـلـك مـن غـفـرانـك ، و اجـعـل لـي فـي هـذا الـيـوم نـصـيـبـاً مـن رضـوانـك ، ولا تـردنـي صـفـراً مـمـا يـنـقـلـب بـه الـمـتـعـبـدون لـك مـن عـبـادك ، فـإنـي و إن لـم أقـدم مـا قـدمـوه مـن الـصـالـحـات فـقـد قـدمـت تـوحـيـدك ، و نـفـي الأضـداد والأنـداد والأشـبـاه عـنـك ، و أتـيـتـك مـن الأبـواب الـتـي أمـرت أن تـؤتــى مـنـهـا ، وتـقـربـت إلـيـك بـمـا لا يـقـرب أحـد مـنـك إلا بـالـتـقـرب بـه ، ثـم أتـبـعـت ذلـك بـالإجـابـة إلـيـك ، والـتـذلـل و الاسـتـكـانـة لـك ، وحـسـن الـظـن بـك ، والـثـقـة بـمـا عـنـدك ، و شـفـعـتـه بـرجـائـي الـذي قـل مـا يـخـيـب عـنـده راجـيـك ، و سـألـتـك مـسـألـة الـحـقـيـر الـذلـيـل ، الـبـائـس الـفـقــيـر ، الـخـائـف الـمـسـتـجـيـر ، خـيـفـة و تـضـرعـاً ، وتـعـوذاً و تـلـوذاً ، لا مـسـتـطـيـلا بـتـكـبـر الـمـتـكـبـريـن .
فـيـا مـن لا يـعـاجـل الـمـسـيـئـيـن ، ويـا مـن يــمــن بـإقـالـة الـعـاثـريـن و يـتـفـضـل بأنظار الـخـاطـئـيـن ، أنـا المسيء الـمـعــتـرف الـعـاثـر ، أنـا الـذي يـسـتـحـي مـن عـبـادك و أبـارزك ، أنـا الـذي هـاب عـبـادك و آمـنـك ، و أنـا الـجـاني عـلـى نـفـسـه ، أنـا الـمـرتـهـن بـبـلـيـتـه أسـألـك بـحـق مـن انـتـخـبـت مـن خـلـقـك و اصـطـفـيـت مـن بـريـتـك أن تـتـغـمـدني فـي يـومـي هـذا بـمـا تـتـغـمـد بـه مـن جـاء إلـيـك مـتـنـصـلاً ، و عـاد بـاسـتـغـفـارك تـائـبـا ، و تـولـنـي بـمـا تـتـولـى بـه أهـل طـاعـتـك ، و الـزلـفـى لـديـك ، والـمـكـانـة مـنـك . و خـذ بـقـلـبـي إلـى مـا اسـتـعـمـلت بـه الـقـانـتـيـن ، وأسـعـدت بـه الـمـتـعـبـديـن ، و اسـتـنـفـذت بـه الـمـتـهـاونـيـن ، وأعـذنـي مـمـا يباعد ني عـنـك ، و يـحـول بـيـنـي و بـيـن حـظـي مـنـك ، و يـصـدنـي عـمـا أحـاول لـديـك ، و سـهـل لـي مـسـلـك الـخـيـرات إلـيـك و الـسـابـقـة إلـيـهـا مـن حـيـث أمـرت , والـمـشـاحـة فـيـهـا عـلـى مـن أردت، ولا تـمـحـقـنـي فـيـمـن تـمـحـق مـن الـمـسـتـحـقـيـن بـمـا أوعـدت ، ولا تـهـلـكـنـي مـع مـن تـهـلـك مـن الـمـتـعـرضـيـن لـمـقـتـك ، و نـجـنـي مـن غـمـرات الـفـتـنـة ، و أجـرنـي مـن أخـذ الإمـلاء ، و حـل بـيـنـي و بـيـن عـدو يـضـلـنـي ، و هـوى يـوبـقـنـي ، و مـنـقـصـة تـرهـقـنـي ، ولا تـعـرض عـنـي إعـراض مـن لا تـرضـى عـنـه بـعـد غـضـبـك ، ولا تـؤيـسـنـي مـن الأمـل فـيـك فـيـقـلـب عـلـي الـقـنـوط مـن رحـمـتـك ، وانـزع مـن قـلـبـي حـب دنـيـا دنيه تـنـهـي عـمـا عـنـدك ، و هـب لـي الـتـطـهـيـر مـن دنـس الـعـصـيـان ، وأذهـب عـنـي درن الـخـطـايـا، و سـربـلـنـي بـسـربـال عـافـيـتـك ، ردنـي بـرداء مـعـافـاتـك ، و جـلـلـنـي بـسـوابـغ نـعـمـائـك ، وأيـدنـي بـتـوفـيـقـك و تـسـديـدك ، وأعـنـي عـلـى صـالـح الـنـيـة و مـرضـي الـقـول و مـتـحـسـن الـعـمـل ، ولا تـكـلـنـي إلـى حـولـي و قـوتـي دون حـولـك و قـوتـك ، ولا تـخـزنـي يـوم تـبـعـثـنـي لـلـقـائـك ، ولا تـفـضـحـنـي بـيـن يـدي أولـيـائـك ، ولا تـنـسـنـي ذكـرك ، ولا تـذهـب عـنـي شـكـرك، بـل ألـزمـنـيـه فـي أحـوال الـسـهـو عـنـد غـفـلات الـجـاهـلـيـن لآلائـك ، وأوزعـنـي أن أثـنـي بـمـا أولـيـتـنـيـه ، وأعـتـرف بـمـا أسـديـتـه إلـى ، واجـعـل رغـبـتـي إلـيـك فـوق رغـبـة الـراغـبـيـن ، و حـمـدي إيـاك فـوق حـمـد الـحـامـديـن ، ولا تـخـذلـنـي عـنـد فـاقـتـي إلـيـك ، ولا تـجـبـهـنـي بـمـا جـبـهـت بـه الـمـعـانـديـن لـك ، فـإنـي لـك مـسـلـم ، و أعـلـم أن الـحـجـة لـك وأنـك أولـى بـالـفـضـل ، وأعْـوَد بـالإحـسـان ، وأهـل الـتـقـوى و أهـل الـمـغـفـرة ، وأنـك بـأن تـعـفـو أولـى مـنـك بـأن تـعـاقـب ، وأنـك بـأن تـسـتـر أقـرب مـنـك إلـى أن تـشـهـر .
فـأحـيـنـي حـيـاة طـيـبـة يـنـتـظـم بـهـا مـا أريـد ، وابـلـغ بـهـا مـا أحـب مـن حـيـث لا آتـي مـا تـكـره ، ولا أرتـكـب مـا نـهـيـت عـنـه . وأمـتـنـي مـيـتـة مـن يـسـعـى نـوره بـيـن يـديـه و عـن يـمـيـنـه ، و ذلـلـنـي بـيـن يـديـك وأعـزنـي عـنـد خـلـقـك ، و ضـعـنـي إذا خـلـوت بـك ، وارفـعـنـي بـيـن عـبـادك ، وأغـنـنـي عـمـن سـواك ، و زدنـي إلـيـك فـاقـة و فـقـراً ، وأعـذنـي مـن شـمـاتـة الأعـداء ، ومـن حـلـول الـبـلاء ، و مـن الـذل والـعـنـاء .
و تـغـمـدنـي فـيـمـا اطـلـعـت عـلـيـه مـنـي بـمـا يـتـغـمـد بـه الـقـادر عـلـى الـبـطـش لـولا حـلـمـه ، والآخـذ عـلـى الـجـريـرة لـولا أنـاتـه . وإذا أردت بـقـوم فـتـنـة أو سـوءاً فـنـجـنـي مـنـهـا لـواذاً بـك ، وإذا لـم تـقـمـنـي مـقـام فـضـيـحـة فـي دنـيـاك فـلا تـقـمـنـي مـثـلـه فـي آخـرتـك ، واشـفـع لـي أوائـل مـنـنـك بـأواخـرهـا ، وقـديـم فـوائـدك بـحـديـثـهـا ، ولا تـمـدد لـي مـداً يـقـسـو مـعـه قـلـبـي ، ولا تـقـرعـنـي قـارعـة يـذهـب لـهـا بـهـائـي ، ولا تـسـمــنـي نـقـيـصـة يـحـمـل مـن أجـلـهـا مـكـانـي ، ولا تـرعـنـي روعـة ابـلـس بـهـا ، ولا خـيـفـة أوحـش دونـهـا .
اجـعـل هـيـبـتـي فـي وعـيـدك ، و حـذري مـن إعـذارك و إنـذارك ، و رهـبـتـي عـنـد تـلاوة آيـاتـك ، وأعـمـر لـيـلـي بـإيـقـاظـي فـيـه لـعـبـادتـك ، وتـفـردي بـالـتـهـجـد لـك ، وتـجـردي بـسـكـونـي إلـيـك ، وأنزل حـوائـجـي بـك ، ومـنـازلـتـي إيـاك فـي فـكـاك رقـبـتـي مـن نـارك و إجـارتـي مـمـا فـيـه أهـلـهـا مـن عـذابـك ، ولا تـذرنـي فـي طـغـيـانـي عـامـلاً ولا فـي غـمـرتـي سـاهـيـاً حـتـى حـيـن ، ولا تـجـعـلـنـي عـظـة لـمـن أتـعـظ ، ولا نـكـالا لـمـن اعـتـبـر ، ولا فـتـنـة لـمـن نـظـر ، ولا تـمـكـر بـي فـيـمـن تـمـكـر بـهـم ، ولا تـسـتـبـدل بـي غـيـري ولا تـغـيـر لـي اسـمـاً ولا تـبـدل لـي جـسـمـاً ، ولا تـتـخـذنـي هـزؤا لـخـلـقـك ، ولا تـبـعـاً إلا لـمـرضـى ولا مـمـتـهـنـاً إلا بالانـتـقـام لـك .
و أوجـدنـي بَـرْدَ عـفـوك ، و روحـك و ريـحـانـك ، و جـنـة نـعـيـمـك ، أذقـنـي طـعـم الـفـراغ لـمـا تـحـب بـسـعـة مـن سـعـتـك ، والاجـتـهـاد فـيـمـا يـزلـف لـديـك و عـنـدك . واجـعـل تـجـارتـي رابـحـة ، و كـرتـي غـيـر خـاسـرة ، و أخـفـنـي مـقـامـك ، و شـوقـنـي إلـى لـقـائـك ، و تـب عـلـى تـوبـة نـصـوحـاً ، و انـزع الـغـل مـن صـدري لـلـمـؤمـنـيـن ، و كـن لـي كـمـا تـكـون لـلـصـالـحـيـن ، و حـلـنـي حـلـيـة الـمـتـقـيـن ، و اجـعـل لـي لـسـان صـدق الـغـابـريـن ، و ذكـراً نـامـيـا فـي الآخـريـن ، و تـمـم سـبـوغ نـعـمـتـك عـلـي ، و ظـاهـر كـرامـتـهـا لـدي ، و امـلأ مـن فـوائـدك يـدي ، و سـق كـرائـم مـواهـبـك إلـي ، و جـاورنـي الأطـيـبـيـن مـن أولـيـائـك فـي الـجـنـات الـتـي زيـنـتـهـا لأصـفـيـائـك ، و جـلـلـنـي شـرائـف نـحـلـك فـي الـمـقـامـات الـمـعـقـدة لأحـبـابـك .
و اجـعـل لـي عـنـدك مـقـيـلاً آوى إلـيـه مـطـمـئـنـاً ، و لـه مـثـابـة أتـبـوؤهـا و أقـر عـيـنـاً ، ولا تـهـلـكـنـي بـعـظـيـمـات الـجـرائـر ، ولا تـهـتـكـنـي يـوم تـبـلـى الـسـرائـر ، وأنـزل عـنـي كـل شـك و شـبـهـة ، وأجـزل لـي قـسـم الـمـواهـب مـن نـوالـك ، و وفـر عـلـي حـظـوظ الإحـسـان مـن إفـضـالـك ، واجـعـل قـلـبـي واثـقـاً بـمـا عـنـدك ، و هـمـي مـسـتـفـرغـاً لـمـا هـو لـك ، واسـتـعـمـلـنـي بـمـا تـسـتـعـمـل بـه خـاصـتـك ، و أشـرب قـلـبـي عـنـد ذهـول الـعـقـول طـاعـتـك .
واجـمـع لـي الـغـنـى و الـعـفـاف ، والـدعـة و الـمـعـافـاة ، والـصـحـة و الـسـعـة ، و الـطـمـأنـيـنـة و الـعـافـيـة ، ولا تـحـبـط حـسـنـاتـي بـمـا يـشـوبـهـا مـن مـعـصـيـتـك ، ولا خـلـواتـي بـمـا يـعـرض لـي مـن نـزغـات فـتـنـتـك ، و صـن وجـهـي عـن الـطـلـب إلـى أحـد مـن الـعـالـمـيـن ، و ديـنـي مـن الـتـمـاس مـا عـنـد الـفـاسـقـيـن ، ولا تـجـعـلـنـي لـلـظـالـمـيـن ظـهـيـراً ، ولا لـهـم عـلـى مـحـو كـتـابـك يـداً ولا نـصـيـراً ، و حِـطـْـنِـي مـن حـيـث لا أعـلـم حـيـاطـة تـقـيـنـي بـهـا ، وافـتـح لـي أبـواب تـوبـتـك و رحـمـتـك ، و رأفـتـك و رزقـك الـواسـع ، إنـي إلـيـك مـن الـراغـبـيـن ، وأتـمـم لـي إنـعـامـك إنـك خـيـر الـمـنـعـمـيـن ، واجـعـل بـاقـي عـمـري فـي الـحـج و الـعـمـرة ابتغاء وجـهـك يـا رب الـعـالـمـيـن .
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين