زينب .. والمطر ......
مرسل: 08-19-2002 02:57 PM
ليلة كئيبة ..
قطرات المطر تتراقص على نافذة الغرفة ، ربما تحاول صنع شيءٍ من البهجة ....
يبدو أنها لم تفلح .......!
فـ " زينب " المريضة ، لا تزال طريحة الفراش المتثاقل بها ، ودموعها ملّت السيل والهملان ..
وحولها أسرتها الحزينة قد احمرّتْ عيونهم من شدة البكاء ....
هدوءٌ مخيِّمٌ في تلك الغرفة ، فلا أحد يشتهي لسانه النطق ..
وإن نطق ....... فما يقول أصلا ؟
مضى على هذه الحال خمسة أيام ، منذ أن جاء الطبيب ليتفحص " زينب " ويؤكد بأن لا أمل في شفائها ..
وببرودٍ قال: " يستحسن أن تظل قريبة من أسرتها في أيامها الأخيرة ! "
نزل هذا الخبر على الأسرة كالصاعقة ، فمن كان يتوقع لهذه الفتاة البريئة ذات السادسة عشر عاما هذه النهاية ؟!
وكيف يغتال هذا المرض اللعين فتاةً لطالما كانت ضحكتها دافعا لجميع مَن حولها لإكمال الحياة بسعادة ..
تساؤلات كثيرة تساءلتها الأسرة ، ولا جواب لها .....
زخاتُ المطر تشتد ...
الرعدُ والبرقُ يشاركان " زينب " آخر لياليها ....
" زينبُ " غير مهتمة !!!
تنظر للجميع حولها ..
ثم ، تنادي : أحمد ....
يأتيها أحمد ليقترب منها أكثر ، تراه بدموعه التي يحاول إخفاءها ، فتتذكره صغيراً حين يتضاربُ مع الأولاد لأجلها .. فيتألم .. ويحاول إخفاء دموعه عنها ..
ترتسم على شفتيها إبتسامة خفيفة .
لتتذكر أيضا ، كيف كانت جرأتها الكبيرة ، وشقاوتها الطفولية .. تجعلها تُقبِّل " أحمد " ببراءةٍ على وجنته ، كل يوم ...
تكبر إبتسامتها ... ثم تنقطع بأنّة المرض ....
جلس " أحمد " إلى جانبها ، وعانقتْ كفه كفها الضعيفة ..
مازال يحاول إخفاء دموعه .. فلم ينجح ..! ........
يسقط عليها باكيـاً ....
بكوا كلاهما ، واشتد بكاءهما ، واشتد تراقص المطر المجنون .........
يحمل " أحمد " نفسه وينصرف بسرعة لخارج الغرفة .......
تحاولُ " زينب " الإشارة إليه بيدها ليرجع .. فتفقد السيطرة على يدها .. وتسقط من السرير ..
تأتي " أم زينب " تُعدِّل وضعية ابنتها ، ثم تخرج لتنادي بـ " احمد " .
يعود " احمد " متثاقلاً ، يقف بجانبها ، فتمد سبابتها اليمنى ، وتقول بنبرة حزينة : آخر عناق !
يُقطّع الحزن قلبه حينها ..
ثم يسأل : كيف ؟
- ارفع رأسي عن المخدة قليلا ..
يتأمل فيها بحزن ، ثم يمسك بكتفيها ويرفع رأسها عن المخدة ،
وبسرعة .... يحتضن جسمها الهزيل .... ويبكي ....
لم يعد يتحمل : " عذرا زينب ، لا أستطيع البقاء هنا " ...
ويخرج .. ليبكي وحيداً .....
تنظره " زينب " بعيون دامعة ، ثم تعود ببطء إلى وضعها السابق على السرير .......
وتغلق عينيها ...
تعاودُ فتحهما حين تحس بقُبلةعلى وجنتها اليمنى ، فترى وجه أمها الحنون ، تبلع ريقها ، وتطلب قبلة أخرى ....!
فتعانقها والدتها ، وتُشبعها قبلا حزينة .. أخيرة .....
صوتُ بكاؤهما .. مؤلمٌ .. ومتعب .........
تقوم أمها، تتجه لمكتب " زينب " وتحضر كتابا ...
قدَّمته لها ، وطلبت منها قراءته ...
فتحتْ " زينب " الكتاب ، وقرأت :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم
{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيءٍ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم ..... }
ينقطع صوت " زينب " ...
ويتوقف استعراض المطر ......
وتموت " زينب " بهدوء ................
سديم
قطرات المطر تتراقص على نافذة الغرفة ، ربما تحاول صنع شيءٍ من البهجة ....
يبدو أنها لم تفلح .......!
فـ " زينب " المريضة ، لا تزال طريحة الفراش المتثاقل بها ، ودموعها ملّت السيل والهملان ..
وحولها أسرتها الحزينة قد احمرّتْ عيونهم من شدة البكاء ....
هدوءٌ مخيِّمٌ في تلك الغرفة ، فلا أحد يشتهي لسانه النطق ..
وإن نطق ....... فما يقول أصلا ؟
مضى على هذه الحال خمسة أيام ، منذ أن جاء الطبيب ليتفحص " زينب " ويؤكد بأن لا أمل في شفائها ..
وببرودٍ قال: " يستحسن أن تظل قريبة من أسرتها في أيامها الأخيرة ! "
نزل هذا الخبر على الأسرة كالصاعقة ، فمن كان يتوقع لهذه الفتاة البريئة ذات السادسة عشر عاما هذه النهاية ؟!
وكيف يغتال هذا المرض اللعين فتاةً لطالما كانت ضحكتها دافعا لجميع مَن حولها لإكمال الحياة بسعادة ..
تساؤلات كثيرة تساءلتها الأسرة ، ولا جواب لها .....
زخاتُ المطر تشتد ...
الرعدُ والبرقُ يشاركان " زينب " آخر لياليها ....
" زينبُ " غير مهتمة !!!
تنظر للجميع حولها ..
ثم ، تنادي : أحمد ....
يأتيها أحمد ليقترب منها أكثر ، تراه بدموعه التي يحاول إخفاءها ، فتتذكره صغيراً حين يتضاربُ مع الأولاد لأجلها .. فيتألم .. ويحاول إخفاء دموعه عنها ..
ترتسم على شفتيها إبتسامة خفيفة .
لتتذكر أيضا ، كيف كانت جرأتها الكبيرة ، وشقاوتها الطفولية .. تجعلها تُقبِّل " أحمد " ببراءةٍ على وجنته ، كل يوم ...
تكبر إبتسامتها ... ثم تنقطع بأنّة المرض ....
جلس " أحمد " إلى جانبها ، وعانقتْ كفه كفها الضعيفة ..
مازال يحاول إخفاء دموعه .. فلم ينجح ..! ........
يسقط عليها باكيـاً ....
بكوا كلاهما ، واشتد بكاءهما ، واشتد تراقص المطر المجنون .........
يحمل " أحمد " نفسه وينصرف بسرعة لخارج الغرفة .......
تحاولُ " زينب " الإشارة إليه بيدها ليرجع .. فتفقد السيطرة على يدها .. وتسقط من السرير ..
تأتي " أم زينب " تُعدِّل وضعية ابنتها ، ثم تخرج لتنادي بـ " احمد " .
يعود " احمد " متثاقلاً ، يقف بجانبها ، فتمد سبابتها اليمنى ، وتقول بنبرة حزينة : آخر عناق !
يُقطّع الحزن قلبه حينها ..
ثم يسأل : كيف ؟
- ارفع رأسي عن المخدة قليلا ..
يتأمل فيها بحزن ، ثم يمسك بكتفيها ويرفع رأسها عن المخدة ،
وبسرعة .... يحتضن جسمها الهزيل .... ويبكي ....
لم يعد يتحمل : " عذرا زينب ، لا أستطيع البقاء هنا " ...
ويخرج .. ليبكي وحيداً .....
تنظره " زينب " بعيون دامعة ، ثم تعود ببطء إلى وضعها السابق على السرير .......
وتغلق عينيها ...
تعاودُ فتحهما حين تحس بقُبلةعلى وجنتها اليمنى ، فترى وجه أمها الحنون ، تبلع ريقها ، وتطلب قبلة أخرى ....!
فتعانقها والدتها ، وتُشبعها قبلا حزينة .. أخيرة .....
صوتُ بكاؤهما .. مؤلمٌ .. ومتعب .........
تقوم أمها، تتجه لمكتب " زينب " وتحضر كتابا ...
قدَّمته لها ، وطلبت منها قراءته ...
فتحتْ " زينب " الكتاب ، وقرأت :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم
{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيءٍ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم ..... }
ينقطع صوت " زينب " ...
ويتوقف استعراض المطر ......
وتموت " زينب " بهدوء ................
سديم