نهاية أب غبيّ
- كم أنتَ لجوجٌ يا رجلُ... ألا تصبر قليلا لنرى كيف سينتهي الوضع؟... وماذا سيكون من أمرها؟
- هل أنا لجوجٌ حقّاً يا هيفاء؟
- نعم يا (إبراهيم) أنتَ ترغبُ في الحصول ِعلى الأشياء بسرعة البرق وهذا ما أعرفُه عنك منذ زمن ٍطويلٍ...أم أنك لا تراني محقّة في هذا؟
- ربّما يكونُ معك بعضُ الحقّ... لكنّ قلقي من الأمر وخوفي الشديدَ هذا ليسا إلاّ من أجل ِصالح ابنتنا (إلهام) فهي فتاة ساذجة وبسيطة وطيّبة القلب - على الرغم من ذكائها- ويمكن أن يستغلّ الشبابُ طيبة قلبها هذه ويضحكونَ عليها وأنتِ تعرفين كم هو صعبٌ مثل هذا لو حصل - لا سمح الله - فأنْ تتلوّث سمعةُ الفتاة في مجتمعاتنا لتلوكها الألسن ولا يعود أحد يتقدّم لخطبتها أو يفكر بالزواج منها أمرٌ صعبُ التحمّل ناهيك ِعن ِالعار ِالذي سيلحقُ بنا طولَ العمر ولن نستطيعَ الخروجَ ومقابلة الناس، فهي فتاةٌ جميلةٌ وهذا يكفي ليحاولَ الكثيرون اقتناصها وأخشى أن تستسلمَ لهم لسذاجتها فتخسر عندها كلّ شئ, ومتى ضُرِبتِ الفأسُ بالرأس فلا تنفعُ عندها الشكوى ولا يفيد البكاء على ما حصل علينا تدارك الموقفِ قبل وقوع الكارثة.
- انتظرْ قليلا إلى أنْ تعود البنت إلى البيت وعندها نسألها ونعرفُ منها كلّ شئ.
- وهل ستصارحنا بكلّ شئ مثلما تتخيّلين؟
- ولمَ لا؟ وهي متى حاولتْ إخفاء أشياء عنّا؟ سنلاحظُ ذلك بلاشك... ثمّ متى أخفتْ عنّا أشياء تخصّها؟ إنها تتحدّث لنا دائماً عمّا يحصلُ معها في المدرسة وفي الشّغل ومع صديقاتها... وعلينا أن نثقَ بها ونجعلها تحسّ منْ طرفنا بهذه الثقة كي لا تحاولُ التفكيرَ بخوفٍ فتخفي عنّا شيئاً ما والأوضاعُ هذه الأيام لا تبعث على الاطمئنان من خلال ما نسمعه من الجرائم وحالات الاغتصاب الحاصلة وغيرها.
- إذأً من حقّي أنْ أخافَ عليها. و- بعد انقطاع ٍ بسيط - يا (هيفاء) إنّي ألاحظُ أنّ ابنتنا (إلهام) لم تعدْ كما كانتْ من قبلُ فهي تحاولُ إخفاءَ أمر ما عنّا... وقلبي ليس مطمئناً تماماً من هذه الناحية، كما أنّ بالي غيرُ مرتاح البتة وأنا أخشى أن يكونَ هناك أمرٌ خطيرٌ ما تحاول التستّر عليه.
- يا رجل... أنت تبالغ دائماً كما أنك شكّاكٌ كذلك، شأنها شأن غيرها من الفتيات اللواتي يخرجن مع الشباب ويتحدثن معهم ويذهبن لشرب الشاي أو القهوة وهذا أمرٌ طبيعيّ وليس جريمة لما نعيشُ فيه هذه الأيام، وهل لم تندم أنت على ما فات وحيث لم نلتق قبل الحبّ ونتفاهم على أمور كثيرة اعترضتْ طريقنا فيما بعد وسبّبتْ لنا مشاكل كثيرة... كنّا بغنى عنها لو درس كلّ منّا الآخر بشكل أفضل... لقد كان زواجنا (خبطاً لزقاً) لم يستشرنا أحدٌ أو يأخذ رأينا في هذا القرار المصيري، وأذكر كيف أنّ أمي جاءتْ إليّ في تلك الليلة وهي تقول: "يا هيفاء... سيأتي غداً لك عريسٌ".
فوجئتُ بما سمعتُ. وكرّرتُ قولها: سيأتي غداً عريسٌ لي؟ كيف وأنا لا أعرف هذا العريس لا منْ هو ولا أيّ شئ آخر عنه البتة؟ وكيف سيوافقُ أهلي على ذلك دونَ علمي أو موافقتي؟ وهل أعرفُ هذا الشخص؟ وهل هو جارُنا أم أحدُ أقربائنا؟ أسئلةٌ جمّةٌ صرعتْ رأسي وتركتني في دوخة ٍمن أمري وحيرة فظيعة! هل كان ذلك صحيحاً برأيك؟ أنْ أجبر على الموافقة عليك زوجاً بالإكراه دون مقدّمات و لا حتّى أخذ رأي؟ إنه كان منتهى الغباء ولا أكاد أصدّق لغاية اليوم كيف حصل ذلك؟ و لا كيف قبلتُ بذلك، مهما تكن الضغوط؟ فهذا هو مصيري الشخصي وليس مصير أبي أو أمي وكان عليّ أنا أنْ أتّخذ القرار فيه وليس غيري!
- لا... لا ذلك بالتأكيد لم يكنْ صحيحاً ولم أكن السبب في ذلك. فأبوك وافق من أول عرض لي عليه.
- أتقصد من أول شراء لك لي.
- ماذا تقولين؟ شراء؟ وما الذي غصبَ والدك ليقبل بذلك؟ ثمّ لماذا قبلتِ أنت لطالما لسانُك بهذا الطول ووقاحتك تتجاوز كلّ حدود لها؟ كانت الخطبة ثمّ منعتُ من الالتقاء بك بعد ذلك، وحتى من الانفراد بك أو التحدث معك في أي أمر فأمك وبإيعاز من والدك كانت الحارس على طهارتك وعفافك من ألا تنتهك.
- لماذا تجرحُني هكذا؟ وهل تظنّ أنّ وجودَ أمي إلى جوارِنا كان المانعُ منْ حدوث مثل ذلك؟ أم أنّي التي حافظتْ على طهارتي وعذريتي لزوج المستقبل؟
- إنه مجرّدُ هراءٍ تتشدّقين به... ولو لم تكنْ والدتك حارساً لك لأريتك حصانتك وما تدّعين به من منعة وشرف.
قاطعته وهي تقول غاضبة: "إنك تجاوزتَ كلّ حدود الأدب ولن أسمح لك بكيل كلّ هذه التهم الفظيعة وهذه الترهات التي تخترعها من خيالك المريض، فأنا لم أكن لعبة في يدك وما كنتُ سأكون! إني كنتُ فتاة شريفة وطاهرة"
- ما شاء الله...لم أر منك شرفاً وطهارة فمن أول فرصة سنحتْ لنا حصلتُ منك على كلّ ما يشتهي الرجل ويريد!
- وهل كنتَ تريدني أنْ أمنعك بعدما تأكدتُ من أنّك ستصيرُ زوجاً لي على سنّة الله ورسوله؟
- وما الذي أكّد لك ذلك؟ إنه كان أمراً عادياً أن يحصل بين اثنين مخطوبين! وما تقولينه لا يقنعني في تبرير استسلامك لي على تلك الصورة. لو لم تكن لديك الرّغبة التامة والاستعداد لما وقع ما وقع! وإلاّ فهل أخطأتُ فيما قلتُ؟
- إنّك دائماً تصوّر نفسك الأفضل والأقوى وتعطي لهذه النفس الحقّ في فعل ما تريد مبرّراً في ذلك حتى الأغلاط القذرة والتصرفات السخيفة، ومنها تلك التي مارستها معي وأنت تهمس في أذني وتكتم على نفسي في أنّ هذا حقّ من حقوقك، وأنّ الحصول عليه منّي هو دليلُ حبّ وما إلى ذلك من ألفاظ معسولة وعبارات أثّرتْ في عاطفتي وحرّكتْ غرائزي كفتاة محرومة وأردتُ أن أجرّب جديداً في حياتي.
- ها...ها... الآن اعترفتِ بالحقيقة. إذاً ليس لأني خدعتُك بعباراتي وتلاعبتُ عليك بعواطفي... إنّ استعداداً ذاتيّاً كافياً كان لديك لكي تخوضين عالم هذه التجربة الجديدة وهذا ما حصل تماماً، ولو لم تكنْ والدتك كلّ تلك الفترة تضعنا تحتْ مجهر مراقبتها لفعلتُ معك أكثر من ذلك الذي فعلته.
- إنّك فعلا سخيفٌ وحقير ولا تراعي حرمة حبّ أو إخلاص وتفخر دائماً بفتوحاتك الذكوريّة العفنة... إنك لم تكن لتستأهلني، وإنّه لمن أفظع الجرائم أنْ أكون لواحد مثلك في هذا النمط من التفكير الفوقي المتخلّف... إنّ والديّ كانا يخافان عليّ وكان هذا من حقّهما وأنت بقولك هذا اليوم تثبت مدى صحة تفكير والديّ وحسن ما فعلاه معك في قصّ جناح جموحك وخيالاتك الفريدة من نوعها والتي كنتَ تحاول أن تجرّني إليها وتجّرفني معها... الحمد لله لم أكنْ غبيّة.
- هه... شئٌ حسنٌ... ألاّ ألتقي بك على انفراد لأحدّثك عن أفكاري وطموحاتي ومشاريع حياتنا المستقبليّة كان شيئاً حسناً برأيك، لقد كان والداك لنا بالمرصاد وعلى مدار فترة الخطوبة - وأحمد الله أنها لم تدم طويلاً- كانت والدتك تراقبُ حركاتنا وسكناتنا على أربعة وعشرين قيراطاً وكأنها تعمل لدى إحدى دوائر البوليس السرّي لتقدّم في نهاية اليوم إلى والدك (القائد) تقريراً خطّياً مفصّلاً، وربّما كلّ كلمة فهنا بها أو نظرة سرقناها خلسة لم تنج من بيجكتور عينيها.
- ما هذه الكلمات المخترعة من خيالك المريض ومن بطن فلسفتك العمياء تتباهى بها وكأنها فتوح أدبيّ أو ابتكارٌ لغويّ! كفاك هزءاً ومسخرة فأنت بهذا لا تقلل من قيمة والديّ بل من قيمة نفسك!
- الآن عرفتُ كيف استطعتُ تحمّل سخافة والديك طول تلك المدّة، فها أنت إبنتهم وقيل في المثل القديم: "اقلب الطنجرة على تمّها تأتي البنت على أمها" تأكدتُ الآن أنك نسخة طبق الأصل عنهما.
- بأيّ حقّ تسمح لنفسك أن تتكلّم عن والديّ بهذه الصورة الخالية من أيّ نوع من الاحترام! أليسا حماك وحماتك وهما بمنزلة أمك وأبيك كما يقول العامّة لدينا؟
بكلمة منها وكلمة منه وتهجم منها وتهجم منه زادت الأمور تعقيداً واستفحلَ الخلافُ بينهما وتأزمت النفوس وتأججت العواطف والانفعالات فقد ضرب على أوتار حسّاسة ما كان ينبغي لها أنْ تكون، فنسيا قصة ابنتهما وذهابها مع الشّاب الذي دعاها لشرب الشاي وهو صديق الدراسة.
دافعتِ الزوجةُ عن أهلها وصحة مواقفهما السابقة معهما فيما زاد هو تهجمه عليهما ومن ثمّ عليها شخصيّاً وبشكل مباشر وهو يعتبرها امتداداً متخلّفاً لوالديها، علماً أنها تتظاهر بالرضى على ما تفعله ابنتها وكأنها تنتقم من زوجها في موافقتها هذه على ما تقوم به هذه الابنة من تحرّر وانطلاق بحيث يحقّ لها أن تصادق منْ تشاء فيما كان ذلك ممنوعاً عليها.
بلغ الموقف حدّاً أكثر خطورة عندما تبادلا معاً عبارات الفحش والشتم والكلام المقذع دون مراعاة للمشاعر أو ما يربطهما معاً من علاقة مقدّسة واجب الاحترام لها ضروريّ.
لم تتحمّل (هيفاء) كلّ هذه الإهانات والشتائم ورأت أن ما كان يربطهما معاً إلى هذا اليوم لم يبق من أسباب استمراره شئ ولا من ضرورات تحمّل هذه الإهانات مبرّر فطفح بها الكيل وشتمت نفسها إنْ هي بقيت له لساعة أخرى في هذه الدار وطلبتْ منه أنْ يبعث إليها بورقة طلاقها التي باتتْ ضروريّة لتتخلّص من هذا العذاب وتنتقم لكرامتها التي أهانها وداس عليها.
أسرعتْ إلى خزانتها وبدأتْ تلمّ بعض حوائجها في الحقيبة التي أعدّتها والتي حملتْ يوماً لباس شهر العسل من أيامها وأسفت على تلك الأيام وحزنت حزناً شديداً غير أنّ لدغتها كانت مميتة ولم يكن من السّهل عليها تجاهلها. حاول أن يهدئها لكنها لم تترك لعواطفها مجالا لتتكلّم عنها مثلما فعلت سابقاً وقرّرت عدم الاسترخاء أو الانخداع بالكلمات مهما كانت معسولة ومهما حملتْ من عبارات الاعتذار التي باتت هزيلة أمام ضخامة و هول ما سمعتْ منه من شتائم وتهكّم وهزءٍ بها وبوالديها.
قبل أنْ تغادرَ البيتَ قالتْ له: "أنتَ تعرفُ جيّداً أنّ ابنَ جارنا (أحمد) كان يموتُ فيّ وإني كنتُ أحبّه ودخولك المفاجئ هذا إلى حياتي قلبَ كلّ المعايير وتركني فريسة أوهام أعيش مرارتها إلى اليوم. إنّ ظهوركَ هذا الذي لم يكن مناسباً أمات أحلاماً جميلة لديّ وآمل أنْ أستطيع إنعاشها من جديد ف(أحمد) لم يتزوّج بعد لأنه كان يحبّني حبّاً صادقاً وكأنّ قلبه كان يقول له: "ستعود هيفاء إليك في يوم ما... فكن على انتظار لهذا الموعد" ولغاية الآن لا أعرف ما الذي أعطيته لوالدي ثمناً لي حتى قبل بك وتمّ إلزامي بهذا القبول؟
كانتْ كلماتها ذات وقع سيء و مزعج على الزوج وهمّ بضربها لكنّها أسرعتْ هاربة وغادرت البيت متوجهة إلى بيت أبيها... تركها تمضي دون أن يخرج وراءها أو يحاول تصحيح موقفه معتذراً أو مسترضياً إياها لتعفو عن هفواته وتسامحه بل هو أقسم لها وقبل أن تغادر الدار أنه لن يأتي إلى طرفها ليرجوها كي تعود إليه، ومتى شاءت هي من ذاتها أن ترجع فلا مانع لديه أما هو فلن يحاول أبداً التنازل عن كرامته، وكأنّ زوجته لا كرامة لها تمّ دوسها والتعدّي عليها.
علمتِ الابنة لدى عودتها بما جرى بين والديها وأنّها كانتِ السّببَ في ذلك الخلاف الذي حصلَ فأقسمت لوالدها أنّها أشرفُ من الطهارة وأنّ أحداً لم ولن يستطيعَ الضحكَ عليها أو اللعبَ بعقلها فهي واعية ٌومدركة ٌجيّداً لما يجبُ أنْ تفعله، فارتاحَ أبوها لما سمعه منها وعلم أنّ الذي بينها وبين صديقها إنّما صداقةٌ بريئة ليس إلاّ. وقالتْ لأبيها: "إنّ فريداً شابّ مهذّبٌ ومؤدّبٌ، تتمنّاه كلّ فتاة وبصراحة لو هو تكلّم معها بهذا الخصوص فربّما تكون وافقتْ على طلبه، وهي تثق به وتأمنُ عليه وكأنّه أخٌ لها يحميها ويحافظ عليها"
حاولت (إلهام) و لأكثر من مرّة التوسّط بين أمها وأبيها بيد أنّ إصرارَ والدتها على موقفها وعدم تزحزح أبيها عن رأيه المتصلّب أحبط كلّ مساعيها فظلّتْ تزورُ أمها في دار جدّها وتعودُ لتنام في بيتها.
كان كلاهما يثق بأنه على صوابٍ ويعتقد بخطأ الطرف الآخر وهذا ما كان يعقّد المشكل أكثر ويحولُ دون انفراج الأزمة وحلحلتها بما يعيد الاستقرارَ إلى العائلة من جديد، في لمّ الشمل ومحاولة نسيان الماضي القريب والبعيد بما حمل لهما من مآس وآلام ومتاعب.
لكنّ الفتاة المسكينة والتي وقعتْ بين مطرقة أبيها وسندان أمّها بدأ الخوفُ يتسلّل إلى قلبها ممّا صارتْ تحسّ به تجاه والدها فهو بات يتودّد إليها بشكل ملفت للانتباه وعلى غير العادة ومّما لا يمكن إدراجه تحت واقع شعور الأب حيالَ ابنته بل هو تجاوزها إلى ما هو أكثر من ذلك.
لاحظتْ (إلهام) ميلا من والدها يصبّ في غير خانة الأبوة بل في خانة شعور الذكر تجاه الأنثى، حيث كان والدها يتقرّب منها كلّ يوم وهو يحاول أن يداعب شعرها و ينظر إلى عينيها نظرات كانت تزيد من خوفها وشكّها من المستقبل... كانتْ تحاول أنْ تطردَ مثل تلك الأفكار السيئة عن عالم ذهنها النقي والصافي لكنّ ممارساتِ والدها معها كانتْ تحيل شكوكها إلى واقع تخشى من رهبته... إذ كيف يمكنُ لوالدها أنْ يفكّر بهذه الطريقة، وهي ابنته الوحيدة!
لم تكد تمض أيامٌ قليلةٌ على أولى التصرفّاتِ المشكوك بها حتى مدّ يده إلى وجهها وكمنْ يفقد عقله بدأ يداعب وجناتها برغبة محمومة أسرعت الابنة على الفور بالهروب منه وذهبت إلى غرفتها وأقفلت عليها الباب وبدأتْ تجهشُ بالبكاء فهي تحتاج الآن إلى أمّها أكثر من أيّ وقت مضى.
حاول أن يناديها من خارج الغرفة ليدخل بعض الطمأنينة إلى قلبها غير أن فزعها زاد أكثر، وفي ليلة ذلك اليوم وفيما كانت (إلهام) نائمة في غرفتها تسلّل والدها إلى داخل غرفتها فأحسّت بخطواته وهو يقتربُ منها، فما كان منها إلاّ أنْ هيأت سكيّن المطبخ التي تسلّحتْ بها تحت مخدّتها بعدما تأكد لديها سوء فكر أبيها وخبثٌ رغبته وما أن حاول الهجوم عليها فوق سريرها حتى قابلته بطعنة وثانية وثالثة والخوف لا يتركها تعي ما تفعل سوى أنْ تنقذ شرفها منْ أي معتد آثم وسمعت صراخ أبيها وهو يقول لقد قتلتني فهربت من الغرفة بعد أن تأكدتْ من استحالة مقدرته على اللحاق بها فإنّ طعناتها كانت قاتلة وإلى أنْ أخبرت الشرطة بما حدث وكان قدومهم كان إنقاذ حياة والدها قد فات عليه الوقتٌ، فالطعنات كانتْ إصاباتها لا تدع مجالا لمعالجة أو استطباب.
سلّمتْ (إلهام) نفسها للشرطة وهي راضية بالعقوبة التي ستقرّرها المحكمة وأمضتْ فترة سجنها دون أنْ تحظى بزيارة من أمّها التي ظلمتها حين ظنّتْ بها سوءاً وهي تثق أنّ الذي فعلته لم يكن جريمة بل كان جزاء جريمة آثمة كان يمكن أنْ تُرْتكب.
كانت (إلهام) تدرك جيّداً أنه تحصلُ في هذه المجتمعات جرائم أكثر بشاعة من هذه، فمنها ما هو مخفيّ لا يُعلن عنه ومنها ما يُعلن عنه ويعاقب مرتكبوه بما يتوجّب من العقاب اللازم.
ألمانيا في 20/5/2005 م
نهاية أب غبيّ "قصة من الواقع"
-
- همس جديد
- مشاركات: 23
- اشترك في: 08-17-2005 05:54 PM
- مكان: ألمانيا
- اتصال:
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 20 زائراً