رســـالة المـطر!!
ما الذي أردت ايصاله إلينا أيها المطر؟!
المطر حساس؟ حساس شفاف؟! أم أنه شعر بحجم الغصة التي تأكل قلبي...
هكذا أتى صوته عبر الهاتف: متعباً مرهقاً رافضاً...
- إبقي قوية، إبقي كما عهدتك الفتاة المثقفة الأديبة.
- حاضر، المهم هو أنت لا أنا، المهم أن تبقى بخير... أحقاً أنت بخير؟!
- نعم بخير برغم كل شيء، فأنا قوي بإيماني و قضيتي
ساد الصمت لحظات قبل أن يكمل بغصة اخترقت قلبي:
- اليهود ليسوا هناك و حسب، دعينا نبقى على اتصال فأنا قد لا أتمكن من مهاتفتك في الفترة اللاحقة...
هذا كل ما دار في محادثتنا، و قبل أن أقع فريسة لسيل من الدموع و الشهقات التي خرجت رغما عني ، فأنا أعلم أنه يعاني بسبب ... بسبب "قلمه"!!
بسبب نشاطه من أجل قضية وطنه، وطنه الذي خلده بعلامة في جسده باقية ما بقي الزعتر في أرض فلسطين!!!
وطنه الذي نُفي عنه الجسد و بقيت الروح هناك ... حيث الوالد المُنتَظِر أولاده على عتبة البيت.
كنت أراقب بشغف الإعلانات في الشوارع -أثناء ذهابي و إيابي من و إلى عملي- عن معرض الكتاب الذي يقام سنويا،ً تشارك به كبريات دور النشر في وطننا العربي، و كنت أُمني نفسي و أصبرها بأنني لن أذهب للمعرض في أيامه الأولى حتى استلامي "راتب الشهر" فلا مال معي، فقد كان شهراً عصيباً عليّ، شعرت بنفسي كمن يختنق بسبب قلة المال و كنت أقرِّع نفسي بسبب هذا الشعور ب :"اصبري أيتها المدللة حد الترف، هناك الناس تحت المنع منذ أشهر بلا دخل، حتى غدت أوراق شجرة التوت طعام معظمهم، و ها هو الشتاء قادم بجبروته ليعريها من أوراقها ... من زادهم"
نعم كيف السبيل لنسيان صوته؟ كيف السبيل إلى التعامي عن إخلاصه لقضيته؟ كيف السبيل إلى القوة التي طلبها مني، و أنا من وقتها لم أجرؤ على مهاتفته مرة أخرى!!
هل جبنت أم انني شعرت بالتقزم أمام عظيم ما يفعله؟ وكيف هو حال زوجته و أولاده؟
نعم شعرت بالمرارة ...بالحقد ...بالكره ...بالغربة... بالرغبة في الصراخ حتى يمل الصراخ من صراخي فقد مللت أنا من البكاء صمتاً بل بتُّ أشعر بالقرف منه فانتقل عندي من كونه " لغة خطيرة و شديدة التعبير احياناً" إلى " وسيلة عقيمة في التعبير عن الرأي"!!!
نعم كسرت صمتي و لكن بقيت ضعيفة فلم أملك إلاّ مقاطعة ذاك المعرض الذي انتظرته منذ عام ...
و لكنني بحاجة للكتب، خاصة في وضعي الحالي فكثيرا ما هربت من هذه الدنيا إلى الكتب، و أنا بأمس الحاجة الآن لا للهروب، و لكن لأبقى قوية... كما وعدته... أخي و أستاذي.
وكان كتاب ((زيتون الشوارع))، الكتاب الذي أحضرته -في ساعة الظهيرة وقت استراحة عملي، من مكتبة مجاورة- و الذي شعرت بالعدوانية تجاه أسمه و ربما هذا ما احتجته، أن اشعر بالرفض، لطالما كان مكان الزيتون البيادر ... المناطق الواسعه التي يسكنها الاستقرار كي تمتد جذورها في التربة كيفما شاءت!!! ... لا أحواض الزينة التي أسكناه أياها، على أرصفة المنازل!!! فأصبح بذلك يستخدم للزينة!! يا لزيتوننا المسكين أرادوا تغيير هويتك و تغريبك... كما يحاولون بنا نحن.......
أمسكت الكتاب أرادت عيناي التهام أول صحفة منه و اخرها – كما اعتدت أن أفعل في كل كتاب أقتنيه- لكنني قرات أول سطرين و كانا كافيين لإغراقي ببحر من الحزن و الصمت مجددا......
في ذلك اليوم الذي لم يُرد الانتهاء إلا إذا انتهيت أنا أولاً، غادرت عملي بعد أن تاخرت به لساعتين إضافيتين، استقليت سيارة أجرة، لم يكن هناك وجود للقمر، كم أحب الليل برغم نومي مبكرة، وكم أحب السير في الطرقات ليلا، شعرت وقتها بأن كل الفضاء أمامي و عندها تذكرت أول سطرين من كتاب "زيتون الشوارع"
" المكان الضيق لا جدارن له ...
المكان الضيق ليس فيه إلا الزوايا..."
ياااااااه يا للفضاء الضيق الذي نحياه و يا للزوايا العنيدة التي تكبلنا و تلفظنا بنفس الوقت!!
و لذلك كان عليّ رفض هذه الزوايا بأضعف الإيمان ...بمقاطعة ذلك المعرض الذي انتظرته منذ سنة!! فهم يحتفلون بافتتاحه ... تسجل الحدث قنوات التلفاز ... و تظهر صور كبار الشخصيات التي أتت المعرض تشجعه ... والمفارقة بأنها هي نفسها من تحاربه، تحارب الكلمة!!!
معرض هو حاله كيف لي أن أذهب إليه؟! كيف يمثلون دور من يدعو و يشجع القراءة و هم يُقبِعون حَمَلة الاقلام تحت قمع مريع؟!!!
نعم أيها المطر أردت مقاطعته و لكني لا أدري كيف ضعفت في يومه الاخير، فبدلاً من أن أتوجه للبيت حولت وجه سيري الى "معرض الكتاب"!!!
و أنا في السيارة كنت أتصوره أمامي هو و زوجته الرائعة، آه يا استاذي أتوقع أنكما رغبتما بزيارته....
شعرت بالألم أنني لم استطع الصمود في آخر يوم منه... و لكنه هو المطر!!!
هو المطر أتى ليبدد عن روحي غيمة الضباب التي احتضنته....
دخلت المعرض ... ذُهلت بل صُدمت مطر الأمس أتلف الكتب!! أتلف السجاد... نظرت للأعلى فإذا بالمعرض مقام في الساحة و تجلله الخيام!!!
آآآآه أيها المطر كان رفضك أقوى و أعند ... قد علمت أنهم يمثلون زيارة المعرض و تشجيع الكتب... لقد انتقمت له و انتقمت لي أنا .....
و لكنني لم اكتفِ برسالة المطر، فبدأت بممارسة هوايتي المفضلة " تعذيب النفس". أخالني كذلك "أهوى تعذيب نفسي" و إلا لماذا أصررت علىالسير في كل ركن منه، و هو فارغ... سيارات تحمل ما تبقى من كتب ... الخيام مازالت تقطر ما تبقى مما اختزنته من مطر الأمس؟....
ما الذي أحزنني بالضبط؟ أهو ما آل اليه مصير الكتب؟ أم شعوري بأن حق أستاذي قد وصل و إن كان متاخرا؟ أم لأنني شعرت بنفسي أسير في شوارع مخيمي ... قريتي... مدينتي التي أحالها اليهود إلى ركام؟! جيلاً بعد جيل!!
نظر إليّ أحدهم باستغراب، ووقتها فقط تنبهت كوني أبكي!!!
وقتها و حسب قلت "نعم أيها المطر كنتَ قوياً و أخذتَ بثأره و ثأري، عليَّ أن أكون مثلك قوية، قوية كما وعدته". عندها فقط من بين ما تبقى من كتب، تناولتُ قصصاً ثلاثة للاطفال، من بين الركام حملتُ "الكلمة" لأختي الصغرى ... لأم الغد.....
الاثنين
4/11/2002
رســالــة المطر!!
رســالــة المطر!!
مجلة أقلام الثقافية www.aklaam.com
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
اختي الحبيبة وحيدة الرشف
اشكرك جزيل الشكر
فانت دوما مغدقة علي بعذب كلماتك التي تسعدني كثيرا
اشكرك جزيل الشكر
اختك بسمة
اشكرك جزيل الشكر
فانت دوما مغدقة علي بعذب كلماتك التي تسعدني كثيرا
اشكرك جزيل الشكر
اختك بسمة
مجلة أقلام الثقافية www.aklaam.com
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
حينَ يكون المطر..و زيتون الشوارعِ أبطالَ قصّةٍ ما..
فلا أقلَّ من أن تكونَ ..جميلة..
بسمة..
سنظلّ دائماً..بانتظارِ مثلِ هذا الجمال..
حينَ يكون المطر..و زيتون الشوارعِ أبطالَ قصّةٍ ما..
فلا أقلَّ من أن تكونَ ..جميلة..
بسمة..
سنظلّ دائماً..بانتظارِ مثلِ هذا الجمال..
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
-
- رشف مميز
- مشاركات: 2702
- اشترك في: 05-06-2001 10:21 PM
- اتصال:
رائع هو بوحك أختي
وأرجوا أن يتسع صدرك لوجهة نظر
كنت أخال بوحك يصبح بها أحلى
مع محبتي
سلبيات:
1- من الملاحظ : تكرار الكلمات تتابعا وأ‘تقد أن بعض الحذف
يجعل البوح لا يعاني من رتم معين
مثال (بسبب نشاطه من أجل قضية وطنه، وطنه الذي خلده )
(فأنا أعلم أنه يعاني بسبب ... بسبب "قلمه"!! )
(وكان كتاب ((زيتون الشوارع))، الكتاب الذي أحضرته )
لو مثلا (بسبب نشاطه من أجل قضيته الوطن (او ذلك اللذي خلده)
أو حذف الوطن الثانية نهائيا كما هي الحال
مع بسبب و كتاب (ولعل بسب قد تحمل على أن الكاتبة تتألم هنا
فيبدوا لطيفا ..)
2- التفسير والشرح (وكنت تستطيعن الإعتماد على عقلية المتلقي
واختزال البوح وتركيزه )
(فلا مال معي، فقد كان شهراً عصيباً عليّ، شعرت بنفسي كمن يختنق بسبب قلة المال ) هنا الثلاث جمل تدل كل جملة على الأخرى
(حتى غدت أوراق شجرة التوت طعام معظمهم، و ها هو الشتاء قادم بجبروته ليعريها من أوراقها ... من زادهم" )
في الجملة الآخيرة يعريهم من أوراقها من زادهم
ولو كانت ليعريها من زادهم لكان أحلى
(ل أن أقع فريسة لسيل من الدموع و الشهقات التي خرجت رغما عني)
مع حلاوة الإستعارة إلى أن جملة (رغما عني) أعتقد أنها مفهومة لدى المتلقي
للتلازم العقلي
إيجابيات:
1-
يتضح ذكاء الكاتبة في تصوير تلاعب العواطف
ومحاولة بطلة البوح الوصول إلى حالة إتزان
نفسي (وهذا النمط الذي يشع به البوح أجادت أختنا تصويره
أمثلة
(نعم شعرت بالمرارة ...بالحقد ...بالكره ...بالغربة... بالرغبة في الصراخ )
(هذا ما احتجته، أن اشعر بالرفض، )
(و لذلك كان عليّ رفض هذه الزوايا بأضعف الإيمان ...بمقاطعة ذلك المعرض الذي انتظرته منذ سنة!! )
- وبعد ذلك باسطر تجسد المطر صديقا أو قديسا
تعترف له بالضعف وتتجلى نفسية البطلة
(نعم أيها المطر أردت مقاطعته و لكني لا أدري كيف ضعفت في يومه الاخير، فبدلاً من أن أتوجه للبيت حولت وجه سيري الى "معرض الكتاب"!!! )
2-توظيف ثقافة الكاتبة اللغوية بما يتناسب والقصة
واعتياد ذهن المتلقي
(أم أنه شعر بحجم الغصة التي تأكل قلبي... )
(و قبل أن أقع فريسة لسيل من الدموع و الشهقات )
في النهاية
البوح شدني من أول رسالة المطر حتى تاريخ البوح
وعذرا على التطفل ماهي إلا وجهة نظر
مع تقديري
وتشوقي لرشف جديدك
أختنا البسمة
تحية لك
ولأحبة الرشف
وأرجوا أن يتسع صدرك لوجهة نظر
كنت أخال بوحك يصبح بها أحلى
مع محبتي
سلبيات:
1- من الملاحظ : تكرار الكلمات تتابعا وأ‘تقد أن بعض الحذف
يجعل البوح لا يعاني من رتم معين
مثال (بسبب نشاطه من أجل قضية وطنه، وطنه الذي خلده )
(فأنا أعلم أنه يعاني بسبب ... بسبب "قلمه"!! )
(وكان كتاب ((زيتون الشوارع))، الكتاب الذي أحضرته )
لو مثلا (بسبب نشاطه من أجل قضيته الوطن (او ذلك اللذي خلده)
أو حذف الوطن الثانية نهائيا كما هي الحال
مع بسبب و كتاب (ولعل بسب قد تحمل على أن الكاتبة تتألم هنا
فيبدوا لطيفا ..)
2- التفسير والشرح (وكنت تستطيعن الإعتماد على عقلية المتلقي
واختزال البوح وتركيزه )
(فلا مال معي، فقد كان شهراً عصيباً عليّ، شعرت بنفسي كمن يختنق بسبب قلة المال ) هنا الثلاث جمل تدل كل جملة على الأخرى
(حتى غدت أوراق شجرة التوت طعام معظمهم، و ها هو الشتاء قادم بجبروته ليعريها من أوراقها ... من زادهم" )
في الجملة الآخيرة يعريهم من أوراقها من زادهم
ولو كانت ليعريها من زادهم لكان أحلى
(ل أن أقع فريسة لسيل من الدموع و الشهقات التي خرجت رغما عني)
مع حلاوة الإستعارة إلى أن جملة (رغما عني) أعتقد أنها مفهومة لدى المتلقي
للتلازم العقلي
إيجابيات:
1-
يتضح ذكاء الكاتبة في تصوير تلاعب العواطف
ومحاولة بطلة البوح الوصول إلى حالة إتزان
نفسي (وهذا النمط الذي يشع به البوح أجادت أختنا تصويره
أمثلة
(نعم شعرت بالمرارة ...بالحقد ...بالكره ...بالغربة... بالرغبة في الصراخ )
(هذا ما احتجته، أن اشعر بالرفض، )
(و لذلك كان عليّ رفض هذه الزوايا بأضعف الإيمان ...بمقاطعة ذلك المعرض الذي انتظرته منذ سنة!! )
- وبعد ذلك باسطر تجسد المطر صديقا أو قديسا
تعترف له بالضعف وتتجلى نفسية البطلة
(نعم أيها المطر أردت مقاطعته و لكني لا أدري كيف ضعفت في يومه الاخير، فبدلاً من أن أتوجه للبيت حولت وجه سيري الى "معرض الكتاب"!!! )
2-توظيف ثقافة الكاتبة اللغوية بما يتناسب والقصة
واعتياد ذهن المتلقي
(أم أنه شعر بحجم الغصة التي تأكل قلبي... )
(و قبل أن أقع فريسة لسيل من الدموع و الشهقات )
في النهاية
البوح شدني من أول رسالة المطر حتى تاريخ البوح
وعذرا على التطفل ماهي إلا وجهة نظر
مع تقديري
وتشوقي لرشف جديدك
أختنا البسمة
تحية لك
ولأحبة الرشف
عساااكم السعااادة
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائراً