دورة تدريبية

النثر - الخواطر - القصة

المشرفون: مجدي، امل محمد

البسمة
همس جديد
مشاركات: 17
اشترك في: 06-20-2002 09:24 AM
اتصال:

دورة تدريبية

مشاركةبواسطة البسمة » 10-29-2002 03:47 PM

عاد من دورته التدريبية التي امتدت ستة أشهر في أربع دول أوروبية. عاد و في القلب غصة و في العين دمعة حارقة، عاد مثقل بالهم حتى كأنه كبر عشر سنوات عن عمره الأصلي...

دخل بيته فسلم على زوجته و قبل ابنه أحمد في سريره و الذي نام وهو ينتظر عودة والده من المطار...

كان يظن أنه الآن يستطيع أن ينام جيداً لأنه حرم معنى النوم الحقيقي أثناء سفرته، لكنه في الصباح تأكد أنه لن يعرف معنى النوم العميق مرة أخرى..على الاقل في المرحلة الحالية.

لاحظت الزوجة ما بزوجها، فظنت بداية أن حاله الذي لا يخفى عليها ليس إلا تعب الرحلة، فسألته أن يخبرها عن رحلته، كيف قضى اوقاته؟ كيف كان يتناول طعامه بعد أن لاحظت أنه فقد بعضاً من وزنه؟ ... عندها قام هو بتغيير الموضوع فتشاغل حينها بتوزيع الهدايا التي احضرها معه من رحلته و التي كانت موزعة على حقيبتين ممتلئتين و قسم بمساعدة من زوجه بتقسيم الهدايا إلى ثلاث أقسام قسم لزوجه وولده و قسمان آخران لأخيه و عائلته و أخته و عائلتها ...

فرغ محتوى الحقيبتان وقال في سره : "لقد فرغتما من حملكما الثقيل و لكن أنا من سوف يفرغ حقائب الحزن التي ملأت خزائن قلبي؟؟"

قطع تفكيره صوت زوجته التي أخبرته أنهم مدعون عند أخيه الكبير كما أن أخته مدعوة أيضا. أخبرته بالدعوة و كلها أمل أن يكون ارتاح من تعب الرحلة و عاد إلى طبيعته المرحة...

و في المساء و في طريق الذهاب سألته زوجته بعد أن تأكدت أن هناك ما يشغل زوجها وأن ما به ليس تعب الرحلة، فحاله هذه لا تخفى عليها أبداً كما أنها أيضاً لم تعتد ان تراه هكذا فخاطبته قائلة : " ما بالك؟ أخبرني؟ أين نسيت بريق عينيك؟ أين تركته؟ نظر إلى زوجته محاولاً رسم ابتسامة على شفتيه و لكنه لا يعرف إن نجح في ذلك أم لا و قال: "طول فترة الرحلة أرهقني ولا تنسي أنني لم أنم جيداً ليلة الأمس". صمتت المسكينة و هي تعرف ان السبب ليس ما ذكر، لكنها لا تملك غير الصمت.

وصلا بيت أخيه فتبادلوا العناق و التحيات و الضحكات، و بعد ساعة من الجلسة قام بتوزيع هداياه لاصحابها و كانت آخرها من نصيب "طارق" ابن أخيه.

فقال طارق: "عمو من اين أتيت لي بهذه اللعبة الجميلة ؟؟"

نزل عليه هذا السؤال البريء كالمقصلة فبسؤال هذا الطفل سوف يفتح عليه ابواب أسئلة يحاول تلاشيها، فامتقع لون وجهه و سادت لحظات صمت قصيرة خالها الدهر كله، جلجل بعدها صوت ضحكته المكان و كأنه بذلك ينفس عما بداخله من ضيق و قال وهو واضع يده على راس "طارق" : "إن أخبرتك أيها الشقي سوف تعرف من اين؟؟ حسنا أنها من السويد"

سأله أخوه: أخبرنا عن البلدان التي سافرت اليها.

اضافت أخته: هيا أخبرنا فنفوسنا تتوق ل السفر، و أنت كنت كالطائر تطير من قطر لأخر. و تأتينا اليوم لتصمت ؟؟ هيا اخبرنا..

زوجته ضاحكة: لا تحاولوا معه فأنا أحاول منذ الأمس و لم تفلح أياً من محاولاتي.

زوج أخته: ربما عقد لسانه جميل ما رأى من ترتيب و نظام و نظافة و بالتأكيد لا ننسى طراوة الجو.

أخته ساخرة ناظرة إلى زوجها: قصدك لا ننسى النساء الجميلات. أخفت أن تقولها؟ قلها و لا تخف.

غرق الجميع بالضحك، عداه هو بقيت عيناه ساقطتان إلى سجادة الغرفة و كأنه يراها لأول مرة، بل وكأنه رأى لوحة نادرة خيل اليه أن الوانها و نقوشها تجمعت بشكل خطوط تقول :" أخبرهم عما رأت عيناك في الدول الاربع"
رفع رأسه و أخذ بكلتا يديه الباردتين كأس الشاي الساخن، لم يكن بذلك يريد ان يدفئ يديه بل أراد من كأس الشاي أن يساعده على النطق أن يشجعه بل وحبذا لو يخرج هذا الكأس الكلمات نيابة عنه...

ساد الصمت جو الغرفة عدا من صوته ... أخبرهم عن الجو البارد .. و خجل الشمس في تلك البلاد حيث أنها لا تظهر أكثر من ثلاث إلى أربع ساعات في اليوم... أخبرهم عن البحر.. عن الجسر الذي يربط مدينتين من فوق الماء ... أخبرهم أنه كان يتناول افطاره مع طيور الحديقة التي تتجمع حوله لتشاركه خبزه... أخبرهم عن دقة القطار حيث أنه كان يضبط ساعته بموعد حضور أو وصول القطار ...
أسهب بالوصف و أطال -وكأنه ينتقم من شيء ما- و تنقل بهم من مدينة الى مدينة و بعدها من بلد لأخر... و خلال تنقله من مكان لاخر كان لون وجهه يتنقل من لون لاخر أيضا .. فتارة تراه اصفر الوجه و تارة يصبح قان كالدم حتى تصل الحمرة لعينيه... كان يضيق صدره كلما تنقل من قرية لاخرى و كان يشتد الضيق عندما ينتقل من بلد لاخر ....

كان الجميع يسمعه باهتمام غير زوجته التي تعرفه تماماً فهي تعرف ان قلبه يقطر دماً الان، و هي تشاركه حاله في هذه اللحظات، نعم كان قلبها يقطر عليه و قلبه هو يقطر على شيء آخر هي تجهله...

حين انتهى من وصف رحلته كان هو الأخر قد انتهى تماماً... استأذن للمغادرة متحججاً بحاجته للنوم.. القى التحية عليهم و اسرع مهرولاً نحو سيارته... لحقت به زوجته بلحظات قليلة و كان سبب التأخر "أحمد" و لكن حين دخلت السيارة وجدته غارق في دموعه التي لم يستطع إخفاءها.... فقالت له و عيناها تذرف دمع غزير لم تعرف كيف تجمع و متى سقط : " أما آن الوقت أن تخبرني ما بك؟؟!!" نظر إليها و قال من خلال دموعه : " وصفت لكم أربع دول و استطيع وصف هذا البلد أيضا ... و لكني لا استطيع وصف بلدي ... أنت تعرفين السبب، و لكني سوف اذكرك به، لأن أصابع قدمي ممنوعة من أن تطئ شبرا من أرضي. أفلا يحق لي أن أبكي ؟؟!! أجيبيني"......

لم تعرف بماذا تجيبه فغرقا بصمت طويل و ببكاء حارق ....
مجلة أقلام الثقافية www.aklaam.com
وحيدة الرشف
رشف مميز
مشاركات: 1142
اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM

مشاركةبواسطة وحيدة الرشف » 10-30-2002 01:34 PM

<font size=4 color=navy>
قصة رائعة عزيزتي بسمة ...
وجدتُ نفسي اتابع قرائتها بكل لهفة ...
عودته من السفر.. والضيق الذي لازمه..اخفائه سبب ضيقه ...
والنهاية التي اوضحت كل شيء في جملة واحدة ...
<font size=4 color=purple>
أنت تعرفين السبب، و لكني سوف اذكرك به، لأن أصابع قدمي ممنوعة من أن تطئ شبرا من أرضي. أفلا يحق لي أن أبكي ؟؟!! أجيبيني"......
<font size=4 color=navy>

لكن..
بعد انتهائي من القراءة..وجدت شيئاً لم افهمه
لم أجد صلة بين عنوان القصة ومضمونها ...
أو أن الصلة كان بعيدةً جداً ..لدرجة انني حاولت تذكر العنوان بعد الانتهاء من قراءة القصة فلم أذكره ..
أظن أن قصة مثل هذه ينبغي أن تحظى بعنوان أقوى وأشد تأثيراً يتناسب مع قوة الحدث...

هذا مجرد رأي من قارئة ...قد يتضاءل بشدة أمام ما لديك ....

<br />
<embed src="http://www.islamway.com/arabic/images/several/shaimat/shaimaa2.rm" align="baseline" border="0" width="275" height="40" type="audio/x-pn-realaudio-plugin" console="Clip1" controls="ControlPanel" autostart="true">
آخر تعديل بواسطة وحيدة الرشف في 10-30-2002 01:50 PM، تم التعديل مرة واحدة.
قلبٌ بين أنياب الزمن

العودة إلى “النثر (بالفصحى)”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 29 زائراً