ليلة كئيبة ..
قطرات المطر تتراقص على نافذة الغرفة ، ربما تحاول صنع شيءٍ من البهجة ....
يبدو أنها لم تفلح .......!
فـ " زينب " المريضة ، لا تزال طريحة الفراش المتثاقل بها ، ودموعها ملّت السيل والهملان ..
وحولها أسرتها الحزينة قد احمرّتْ عيونهم من شدة البكاء ....
هدوءٌ مخيِّمٌ في تلك الغرفة ، فلا أحد يشتهي لسانه النطق ..
وإن نطق ....... فما يقول أصلا ؟
مضى على هذه الحال خمسة أيام ، منذ أن جاء الطبيب ليتفحص " زينب " ويؤكد بأن لا أمل في شفائها ..
وببرودٍ قال: " يستحسن أن تظل قريبة من أسرتها في أيامها الأخيرة ! "
نزل هذا الخبر على الأسرة كالصاعقة ، فمن كان يتوقع لهذه الفتاة البريئة ذات السادسة عشر عاما هذه النهاية ؟!
وكيف يغتال هذا المرض اللعين فتاةً لطالما كانت ضحكتها دافعا لجميع مَن حولها لإكمال الحياة بسعادة ..
تساؤلات كثيرة تساءلتها الأسرة ، ولا جواب لها .....
زخاتُ المطر تشتد ...
الرعدُ والبرقُ يشاركان " زينب " آخر لياليها ....
" زينبُ " غير مهتمة !!!
تنظر للجميع حولها ..
ثم ، تنادي : أحمد ....
يأتيها أحمد ليقترب منها أكثر ، تراه بدموعه التي يحاول إخفاءها ، فتتذكره صغيراً حين يتضاربُ مع الأولاد لأجلها .. فيتألم .. ويحاول إخفاء دموعه عنها ..
ترتسم على شفتيها إبتسامة خفيفة .
لتتذكر أيضا ، كيف كانت جرأتها الكبيرة ، وشقاوتها الطفولية .. تجعلها تُقبِّل " أحمد " ببراءةٍ على وجنته ، كل يوم ...
تكبر إبتسامتها ... ثم تنقطع بأنّة المرض ....
جلس " أحمد " إلى جانبها ، وعانقتْ كفه كفها الضعيفة ..
مازال يحاول إخفاء دموعه .. فلم ينجح ..! ........
يسقط عليها باكيـاً ....
بكوا كلاهما ، واشتد بكاءهما ، واشتد تراقص المطر المجنون .........
يحمل " أحمد " نفسه وينصرف بسرعة لخارج الغرفة .......
تحاولُ " زينب " الإشارة إليه بيدها ليرجع .. فتفقد السيطرة على يدها .. وتسقط من السرير ..
تأتي " أم زينب " تُعدِّل وضعية ابنتها ، ثم تخرج لتنادي بـ " احمد " .
يعود " احمد " متثاقلاً ، يقف بجانبها ، فتمد سبابتها اليمنى ، وتقول بنبرة حزينة : آخر عناق !
يُقطّع الحزن قلبه حينها ..
ثم يسأل : كيف ؟
- ارفع رأسي عن المخدة قليلا ..
يتأمل فيها بحزن ، ثم يمسك بكتفيها ويرفع رأسها عن المخدة ،
وبسرعة .... يحتضن جسمها الهزيل .... ويبكي ....
لم يعد يتحمل : " عذرا زينب ، لا أستطيع البقاء هنا " ...
ويخرج .. ليبكي وحيداً .....
تنظره " زينب " بعيون دامعة ، ثم تعود ببطء إلى وضعها السابق على السرير .......
وتغلق عينيها ...
تعاودُ فتحهما حين تحس بقُبلةعلى وجنتها اليمنى ، فترى وجه أمها الحنون ، تبلع ريقها ، وتطلب قبلة أخرى ....!
فتعانقها والدتها ، وتُشبعها قبلا حزينة .. أخيرة .....
صوتُ بكاؤهما .. مؤلمٌ .. ومتعب .........
تقوم أمها، تتجه لمكتب " زينب " وتحضر كتابا ...
قدَّمته لها ، وطلبت منها قراءته ...
فتحتْ " زينب " الكتاب ، وقرأت :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم
{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيءٍ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم ..... }
ينقطع صوت " زينب " ...
ويتوقف استعراض المطر ......
وتموت " زينب " بهدوء ................
سديم
زينب .. والمطر ......
-
- بوح دائم
- مشاركات: 529
- اشترك في: 05-30-2002 09:37 PM
- اتصال:
أختي الفاضلة / سديم
رونقة رائعة وقصة جميلة جداً أسجل إعجابي بهذا الجو الغارق في الحزن .. وقد أبهرتني عدّة عبارات كثيرا ( لا تزال طريحة الفراش المتثاقل بها -- الرعدُ والبرقُ يشاركان " زينب " آخر لياليها -- المطر المجنون ) دلالة هذه العبارات في النص كان لها إيحاءً مميّز في ترابط القصة وإظهار الفكرة . .. ولقد شوقتنا إلى المزيد من نصوصك ... دمت رائعا.
آخر تعديل بواسطة مخلص النوايا في 08-19-2002 05:53 PM، تم التعديل مرة واحدة.
[img][img]http://www.taibaonline.com/up/show.php?img=11161[/img][/img]
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
ينقطع صوت " زينب " ...
ويتوقف استعراض المطر ......
وتموت " زينب " بهدوء ................
اسمح لي أن أتابع ..
ويسدل الستار ..
وتتفجر المحاجر بالمدامع
حزنا على فراقك زينب...
يتمتم أحمد ببضع صلوات ..
وأمل يداعب قلبه بلقاء
في جنات الفردوس
باذن الاله الكريم...
أخت سديم ......
ابدعت حقاً ...ننتظر المزيد من ابداعاتك ....
اسمح لي أن أسألك ألكِ نظرة نقدية في القصة القصيرة؟؟؟؟
تحياتي
ويتوقف استعراض المطر ......
وتموت " زينب " بهدوء ................
اسمح لي أن أتابع ..
ويسدل الستار ..
وتتفجر المحاجر بالمدامع
حزنا على فراقك زينب...
يتمتم أحمد ببضع صلوات ..
وأمل يداعب قلبه بلقاء
في جنات الفردوس
باذن الاله الكريم...
أخت سديم ......
ابدعت حقاً ...ننتظر المزيد من ابداعاتك ....
اسمح لي أن أسألك ألكِ نظرة نقدية في القصة القصيرة؟؟؟؟
تحياتي
آخر تعديل بواسطة وحيدة الرشف في 08-19-2002 06:51 PM، تم التعديل مرة واحدة.
قلبٌ بين أنياب الزمن
- kindy girl
- بوح دائم
- مشاركات: 696
- اشترك في: 06-14-2002 02:59 PM
في الفصول الأخيرة من الحياة
تتهاوى الآلام في لحظة عناق الموت
وتشتد جسور القرابة
حينها تنتحب الأيام في أحضان الماضي
و تسكب السماء لحنا حزينا
يخترق بهدوء عتمة الأثير الصامت
يأتي شريط الذكريات سيلا لا ينقطع
و الأحلام المعطوبة تقترب من النجاح
في خط فاصل بين الوجود و الإختفاء
لحظة الألم هي الأقسى
و الفراق يلبس هذه اللحظة مناسبة تعيسة
و هكذا تُشّيع "زينب" إلى مثواها الأبدي
هناك إلى ربٍ رحيم..
ما أجمل ما قرأت أختي المبدعة ..
بانتظار المزيد من ابداعاتك الرااااااائعة..
بالتوفيق
تحياتي لكِ و للأحبة
kindy girl
:)
تتهاوى الآلام في لحظة عناق الموت
وتشتد جسور القرابة
حينها تنتحب الأيام في أحضان الماضي
و تسكب السماء لحنا حزينا
يخترق بهدوء عتمة الأثير الصامت
يأتي شريط الذكريات سيلا لا ينقطع
و الأحلام المعطوبة تقترب من النجاح
في خط فاصل بين الوجود و الإختفاء
لحظة الألم هي الأقسى
و الفراق يلبس هذه اللحظة مناسبة تعيسة
و هكذا تُشّيع "زينب" إلى مثواها الأبدي
هناك إلى ربٍ رحيم..
ما أجمل ما قرأت أختي المبدعة ..
بانتظار المزيد من ابداعاتك الرااااااائعة..
بالتوفيق
تحياتي لكِ و للأحبة
kindy girl
:)
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
جميلٌ ما كتبتِ يا أخت سديم
تحويل المطر إلى أحد أبطال القصّة ..نقل التفاصيل الصغيرة من على الهامش إلى مسرح الأحداث و ربطها بها كان فكرةً ممتازة
سعيدون بانضمامكِ لنا..و أنا أكيدةٌ أنَّ قلمكِ سيزداد روعةً فيما ننتظره منكِ من مشاركاتٍ قادمة.. ستتّسع فيها لنا مدارات الحديث معكِ بإذن الله تعالى
تحيّاتي
نون
جميلٌ ما كتبتِ يا أخت سديم
تحويل المطر إلى أحد أبطال القصّة ..نقل التفاصيل الصغيرة من على الهامش إلى مسرح الأحداث و ربطها بها كان فكرةً ممتازة
سعيدون بانضمامكِ لنا..و أنا أكيدةٌ أنَّ قلمكِ سيزداد روعةً فيما ننتظره منكِ من مشاركاتٍ قادمة.. ستتّسع فيها لنا مدارات الحديث معكِ بإذن الله تعالى
تحيّاتي
نون
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
الأخت الكريمة / وحيدة الرشف
جداً أسعدني تفاعلك مع القصة ..
والإجابة على سؤالك : لا .. قلمي مبتدئ .......:)
شكرا جزيلا لك
لا عدمناكِ ... :)
الأخ الفاضل / الدندون
شكرا جزيلا لتفضلك بقراءة قصتي ..
ذاك يحمسني كثيرا للاستمرار في الكتابة :)
وشكرا على الترحيب
الأخت الكريمة / kindy girl
يفرحني تفاعلكِ مع القصة ، واضافتك هذه الكلمات القليلة ذات المعاني الرائعة .
و شكرا لكِ ..
الأخت الفاضلة / د.نوون
شكرا جزيلا لهذا التشجيع ، الذي يحمسني أكثر للكتابة .. :)
ونشكر لكم تواجدكم ..
الأخ الكريم / الصريح
شكرا جزيلا ، لقراءتك القصة ،ولتعقيبك المُفرِح عليها .. :)
الأخ الفاضل / شاكر
شرفٌ لي تواجدكم هنا ، وإضافة رأيكم ..
شكرا جزيلا .. :)
سديم
جداً أسعدني تفاعلك مع القصة ..
والإجابة على سؤالك : لا .. قلمي مبتدئ .......:)
شكرا جزيلا لك
لا عدمناكِ ... :)
الأخ الفاضل / الدندون
شكرا جزيلا لتفضلك بقراءة قصتي ..
ذاك يحمسني كثيرا للاستمرار في الكتابة :)
وشكرا على الترحيب
الأخت الكريمة / kindy girl
يفرحني تفاعلكِ مع القصة ، واضافتك هذه الكلمات القليلة ذات المعاني الرائعة .
و شكرا لكِ ..
الأخت الفاضلة / د.نوون
شكرا جزيلا لهذا التشجيع ، الذي يحمسني أكثر للكتابة .. :)
ونشكر لكم تواجدكم ..
الأخ الكريم / الصريح
شكرا جزيلا ، لقراءتك القصة ،ولتعقيبك المُفرِح عليها .. :)
الأخ الفاضل / شاكر
شرفٌ لي تواجدكم هنا ، وإضافة رأيكم ..
شكرا جزيلا .. :)
سديم
-
- رشف مميز
- مشاركات: 2702
- اشترك في: 05-06-2001 10:21 PM
- اتصال:
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 12 زائراً