<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
(يُمكنُ أن نردَّ أسبابَ وضعِ النحوِ العربيّ إلى بواعثَ مُختلفة ، منها الدينيّ و منها غير الدينيّ، أمّا البواعث الدينيّة فترجع إلى الحرص الشديد على أداء نصوص الذكر الحكيم أداءً فصيحاً سليماً إلى أبعدِ حدودِ السلامةِ و الفصاحة ، و خاصةً بعدَ أن أخذ اللحنُ يشيعُ على الألسنة، و كانَ قد أخذ في الظهزر منذ حياة الرسول صلى الله عليه و سلم، فقد روى بعض الرواة أنه سمعَ رجلاً يلحن في كلامِه ، فقال : " أرشدوا أخاكم فقد ضلّ" و رووا أنَّ أحدَ ولاةِ عُمرَ بن الخطّاب رضي الله عنه كتبَ إليه كتاباً بهِ بعض اللحن، فكتبَ إليه عمر : " أن قنِّعْ كاتبَكَ سوطاً" .
غيرَ أنَّ اللحنَ في صدرِ الإسلامِ كانَ لا يزالُ قليلاً بل نادراً، و كلّما تقدَّمنا مُنحدرينَ معَ الزمن اتّسعَ شيوعُهُ على الألسنة، و خاصّةً بعدَ تعرّبِ الشعوبِ المغلوبة التي كانت تحتفظ ألسنتُها بكثيرٍ من عاداتِها اللغويّة ، ممّا فسحَ للحنِ و شيوعه . و نفس نازلة العرب في الأمصار الإسلامية أخذت سلائقهم تضعف لبعدهم عن ينابيعِ اللغةِ الفصيحة ، حتى عندَ بلغائهم و خطبائهم المفوّهين ، و يكفي أن نضربَ مثلاً لذلك ما يُروَى عن الحجّاجِ من أنه سأل يحيى بن يعمر هل يلحن في بعض نطقِه ؟ و سؤاله ذاته يدلُّ على ما استقرَّ في نفسِهِ من أنَّ اللحنَ أصبحَ بلاءً عاماً ، و صارحه يحيى بأنه يلحنُ في حرفٍ من القرآنِ الكريم إذ كانَ يقرأُ قوله عزَّ و جلَّ : (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُم )...إلى قولِهِ تعالى : (أحبَّ) بضمِّ "أحبّ" و الوجه أن تُقرأَ بالنصب خبراً لكانَ لا بالرفع . و إذا كانَ الحجّاج و هو في الذروةِ من الخطابةِ و البيان و الفصاحة و البلاغة يلحنُ في حرفٍ من القرآنِ ، فمن وراءه من العرب نازلة المدن الذين لا يرقونَ إلى منزلتِهِ البيانيّةِ كانَ لحنهم أكثر . و ازدادَ اللحنُ فشوّاً و انتشاراً على ألسنةِ آبنائهم الذين لم ينشأوا في الباديةِ مثلهم و لا تغذّوا من ينابيعِها الفصيحة ، إنما نششأوا في الحاضرةِ و اختلطوا بالأعاجِمِ اختلاطاً أدخلَ الضيم و الوهنَ على ألسنتِهم و فصاحتِهم على نحوِ ما هوَ معروف عن الوليد بن عبد الملك و كثرة ما كان يجري على لسانِهِ من لحن . و كانَ كثيرونَ من أبناءِ العرب وُلِدوا لأمّهاتٍ أجنبيّات أو أعجميّات ، فكانوا يتأثرون بهنَّ في نطقهنَّ لبعضِ الحروف و في تعبيرهنَّ ببعضِ الأساليبِ الأعجميّة . و كلُّ ذلك جعل الحاجة تمسُّ في وضوح إلى وضعِ رسومٍ يُعَرَّفُ بها الصواب من الخطأ في الكلامِ خشيةَ دخولِ اللحنِ و شيوعِه في تلاوةِ آياتِ الذّكرِ الحكيم.)
(شوقي ضيف)
يتبع...
أسباب وضع علم النحو
أسباب وضع علم النحو
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
(و انضمَّت إلى ذلك بواعثُ أخرى ، بعضها قوميّ عربيّ، يرجع إلى أنَّ العرب يعتزُّونَ بلغتِهم اعتزازاً شديداً، و هوَ اعتزازٌ جعلهم يخشونَ عليها من الفسادِ حينَ امتزجوا بالأعاجم ، ممّا جعلَهم يحرصونَ على رسمِ أوضاعِها خوفاً عليها من الفناء و الذوبان في اللغات الأعجميّة.
و بجانب ذلك كانت هناك بواعث اجتماعية ترجع إلى أنَّ الشعوبَ المُستَعرِبة أحسّت بالحاجة الشديدة لمن يرسمُ لها أوضاعَ العربيّة في إعرابها و تصريفها حتى تتمثَّلَها تمثُّلاً مستقيماً ، و تتقنُ النّطقَ بأساليبِها ن طقاً سليماً . و كلُّ ذلكَ معناهُ أنَّ بواعثَ مُتَشَابِكَة دفَعَت دفعاً إلى التفكيرِ في وضعِ النحو، و لا بُدَّ أن نُضيفَ إلى ذلكَ رُقُيَّ العقل العربيّ و نموّ طاقته الذّهنيّة نموَّاً أَعَدَّهُ للنهوضِ برصدِ الظواهرِ اللغويّة و تسجيلِ الرسوم النحويّة تسجيلاً تَطَّرِدُ فيهِ القواعد و تنتظم الأقيسة انتظاماً يُهَيِّئُ لنشوءِ علمِ النحو و وضع قوانينه الجامعة المُشتَقَّة من الاستقصاء الدقيق للعبارات و التراكيب الفصيحة و من المعرفة التامّة بخواصّها و أوضاعِها الإعرابيّة. )
د.شوقي ضيف
(و انضمَّت إلى ذلك بواعثُ أخرى ، بعضها قوميّ عربيّ، يرجع إلى أنَّ العرب يعتزُّونَ بلغتِهم اعتزازاً شديداً، و هوَ اعتزازٌ جعلهم يخشونَ عليها من الفسادِ حينَ امتزجوا بالأعاجم ، ممّا جعلَهم يحرصونَ على رسمِ أوضاعِها خوفاً عليها من الفناء و الذوبان في اللغات الأعجميّة.
و بجانب ذلك كانت هناك بواعث اجتماعية ترجع إلى أنَّ الشعوبَ المُستَعرِبة أحسّت بالحاجة الشديدة لمن يرسمُ لها أوضاعَ العربيّة في إعرابها و تصريفها حتى تتمثَّلَها تمثُّلاً مستقيماً ، و تتقنُ النّطقَ بأساليبِها ن طقاً سليماً . و كلُّ ذلكَ معناهُ أنَّ بواعثَ مُتَشَابِكَة دفَعَت دفعاً إلى التفكيرِ في وضعِ النحو، و لا بُدَّ أن نُضيفَ إلى ذلكَ رُقُيَّ العقل العربيّ و نموّ طاقته الذّهنيّة نموَّاً أَعَدَّهُ للنهوضِ برصدِ الظواهرِ اللغويّة و تسجيلِ الرسوم النحويّة تسجيلاً تَطَّرِدُ فيهِ القواعد و تنتظم الأقيسة انتظاماً يُهَيِّئُ لنشوءِ علمِ النحو و وضع قوانينه الجامعة المُشتَقَّة من الاستقصاء الدقيق للعبارات و التراكيب الفصيحة و من المعرفة التامّة بخواصّها و أوضاعِها الإعرابيّة. )
د.شوقي ضيف
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
الأخت الدكتورة نون
الذي تعلمته منذ سنين أن الذي وضع علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي بإشارة من سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
كان أبو الأسود يوما واقفا مع ابنته على سطح البيت فقالت له ابنته: ما أحسنُ السماء
فقال لها: نجومُها، لأن كلامها واقع استفهاما لا تعجبا
فقالت: إنما أردت التعجب من حسنها، فقال: قولي ما أحسنَ السماءَ. وافتحي فاكِ
فشكا إلى سيدنا علي فقال له: اكتب: الكلمة اسم وفعل وحرف، وانحُ هذا النحوَ
فأتاه بألواح مكتوب فيها تفصيل علم النحو، فأضاف سيدنا علي موضعا واحدا فات أبا الأسود.
وسمي لذلك علم النحو عندما قال له: انحُ هذا النحو
وشكرا لك على الإفادة مقدما
الذي تعلمته منذ سنين أن الذي وضع علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي بإشارة من سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
كان أبو الأسود يوما واقفا مع ابنته على سطح البيت فقالت له ابنته: ما أحسنُ السماء
فقال لها: نجومُها، لأن كلامها واقع استفهاما لا تعجبا
فقالت: إنما أردت التعجب من حسنها، فقال: قولي ما أحسنَ السماءَ. وافتحي فاكِ
فشكا إلى سيدنا علي فقال له: اكتب: الكلمة اسم وفعل وحرف، وانحُ هذا النحوَ
فأتاه بألواح مكتوب فيها تفصيل علم النحو، فأضاف سيدنا علي موضعا واحدا فات أبا الأسود.
وسمي لذلك علم النحو عندما قال له: انحُ هذا النحو
وشكرا لك على الإفادة مقدما
وما ثقلت كبرا وطأتي
----------- ولكن أجر ورائي السنينا
----------- ولكن أجر ورائي السنينا
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
الأخ الفاضل الشاعر مجدي معروف..
إليكَ تَتِمّة ما نقلتُهُ من كتابِ د.شوقي ضيف حولَ نشأة النحو لعلَّ فيها ما يُجيبُ تساؤلُك..
و إن كنتُ أرى أنَّ فيما كتبَ د.ضيف تَجَنّياً على عليِّ بن أبي طالبٍ رضيَ الله عنه..و أميلُ إلى تصديقِ الرواية المشهورة التي تفضّلتَ بذكرِها..
النّصُّ هوَ فصلٌ كامل.. لم أستطعِ اختصارَه..أعتذر عن طولِه..لكن لعلّه يبقى مرجعاً في الرشف يستفيد منه القرّاء في النادي بطباعتِهِ و من ثَمَّ قراءتِهِ على أجزاء...
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="purple">
صنيعُ أبي الأسودِ الدّؤليّ و تلاميذه :
لما كانت العلوم في الأمم لا تظهر فجأةً ، بل تأخذ في الظهورِ رُوَيداً رُوَيداً حتى تستوي على سوقِها، كانَ ذلكَ مدعاةً في كثيرٍ من الأمر لأن تغمضَ نشأة بعض العلوم و أن يختلطَ على الناسِ واضعوها المبكرون . و هذا نفسه ما حدث فيمن نُسِبَتْ إليهم الخطوات الأولى في وضعِ النحوِ العربيّ ، و في ذلكَ يقول السيرافي : (اختلفَ الناس في أولِ من رسمَ النحو ، فقالَ قائلون : أبو الأسودِ الدّؤليّ ، و قيل : هوَ نصر بن عاصم ، و قيل : بل هو عبد الرحمن بن هرمز، و أكثر الناس على أنه أبو الأسود الدّؤليّ .
و تضطرب الروايات في وضعِ أبي الأسودَ للنحو ،
فمنها ما يجعل ذلك من عملِهِ وحدَه، و منها ما يصعد بهِ إلى عليّ بن أبي طالب،
إذ يروون عن أبي الأسود نفسه أنه دخل عليه و هو بالعراق فرآه مُطرِقاً مُفَكِّراً ، فسأله فيمَ يُفَكِّرْ؟ فقالَ له : سمعتُ ببلدكم لحناً، فأردتُ أن أصنعَ كتاباً في أصولِ العربيَّة، و أتاه بعدَ أيَّامٍ فألقى إليه صحيفةً فيها (بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم ..الكلام كلّهُ اسمٌ و فعلٌ و حرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى، و الفعل ما أنبأ عن حركةِ المسمّى، و الحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسمٍ و لا فعل)، ثمَّ قال له : (اعلم أنّ الأشياءَ ثلاثةَ : ظاهرٌ، و مضمرٌ، و شيئٌ ليسَ بظاهرٍ و لا مُضمَر ، و إنّما يتفاضلُ العلماء في معرفةِ ما ليسَ بمُضمَرٍ و لا ظاهر) .
و تمضي هذه الرواية فتذكر أنَّ أبا الأسودِ جمعَ لعليٍّ أشياءَ و عرَضَها عليه، كان منها : (حروف النّصبِ : إنّ و أنّ و ليتَ و لعلّ و كأنّ) و لم يذكر أبو الأسود "لكنّ" فقالَ لهُ عليّ :"لِمَ تركتها؟" فقال : لم أحسبها منها. فقال : بل هيَ منها، فَزِدها فيها..
و لهذه الرواية صوَرٌ أخرى تلتقي بها.
و يقول القفطي المتوفّي سنة 646هـ :"رأيتُ بمصرَ في زمن الطلب بأيدي الورّاقين جزءاً فيهِ أبوابٌ من النحو يُجمعونَ على أنّها مُقَدِّمةُ عليِّ بنِ أبي طالب التي أخذها عنه أبو الأسودِ الدّؤليّ".
فالمسألة لم تَقِفْ عندَ سطورٍ أو أبوابَ نحويَّة تُذكَرُ مُجْمَلَة، بلِ اتّسعَتْ لتصبحَ مُقَدِّمَةً أو رسالةً صنَّفَها عليُّ بنُ أبي طالب ، و كأنّه لم يكن مشغولاً حينَ ذهبَ إلى العراقِ ز الكوفة بإعداد الجيوش لحرب معاوية و لا كان مشغولاً بحروبِ الخوارج ، إنّما كانَ مشغولاً بالنحو وَ وضع رسومِهِ و أصولِه و فصولِه. و طبائعُ الأشياءِ تنفي أن يكونَ قد وضعَ ذلك ، و نفس الرواية السالفة و ما أشبهها من الروايات تحمل في تضاعيفها ما يقطع بانتحالِها لما يجري فيها من تعريفات و تقسيمات منطقيّة لا يُعقَلُ أن تصدرَ عن عليّ بن أبي طالب أو عن أحد معاصريه ،و لعلَّ الشيعة هم الذين نحلوه هذا الوضع القديم للنحو الذي لا يتّفق في شيء و أوّليّة هذا العلم و نشأته الأولى.
و قد تقف الروايات في الواضعِ الأوّل للنحو عند أبي الأسود ، غير أنّها تعود فتضطرب في السبب الذي جعله يرسمه و في حاكم البصرة موطنه الذي بعثه على هذا الرسم و الأبواب الأولى التي رسمها فيه ،
فَمِن قائلٍ إنّه سَمِعَ قارئاً يقرأ الآيةَ الكريمة : (أنَّ اللهَ بريءٌ منَ المُشركينَ و رَسولُه) بكسر اللام في "رسوله"..فقال : ما ظننتُ أمرَ الناسِ يصلُ إلى هذا ، و استأذنَ زيادَ ابن أبيه والي البصرة (45-53هـ) و قيلَ بل استأذنَ ابنه عبيد الله واليها من بعدِه (55-64هـ) في أن يضعَ للناسِ رسم العربيّة .
و قيلَ : بل وفدَ على زياد ، فقال له : إني أرى العرب قد خالطت الأعاجمَ و تغيَّرَت ألسنتهم ، أفتأذن لي أن أضعَ للعربِ كلاماً يعرفونَ -أو يقيمونَ- بهِ كلامهم؟.
و قيلَ : بل إنَّ رجلاً لحنَ أمامَ زياد أو أمامَ ابنِهِ عبيدِ الله فطلبَ زياد أو ابنُهُ منه أن يرسمَ للناسِ العربيّة .
و قيلَ : إنّه رسَمَها حينَ سمعَ ابنتَهُ تقول : (ما أحسنُ السماء) و هيَ لا تريدُ الاستفهام و إنّما تريدُ التعجُّب ، فقالَ لها : قولي "ما أحسنَ السماء" . و في روايةٍ أنه شكا فسادَ لسانها لابنِ أبي طالب ، فوضع له بعضَ أبوابِ النحوِ و قال له : انحُ هذا النحو، و من أجلِ ذلك سُمِّيَ العلم باسمِ النحو.
و يقول بعضُ الرواة :إنه وضعَ أبواب التعجب و الفاعل و المفعول بهِ و غير ذلك من الأبواب
و يقول آخرون : إنه وضعَ أبواب التعجّب و الاستفهام و العطف و النعت و إنّ و أخواتها
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
ثمَّ عادَ د.ضيف ليكرّر مرّةً أخرى أنّ هذا من اختلاقِ الشيعة ..
و يذكر أنّ الفضل الحقيقيّ لأبي الأسودِ الدؤليّ إنّما كانَ في تنقيطِ الحروفِ و تشكيلِ أواخِرِها..
و يقول أنّ تلاميذه (نصر بن عاصم، و عبد الرحمن بن هرمز، و يحيى بن يعمر، و عنبسة الفيل، و ميمون الأقرن) أخذوا عنه هذا الصنيع..
و كلّهم من قرّاءِ الذّكرِ الحكيم و كان يؤخذ عنهم النقطان جميعاً نقط الإعراب و نقط الإعجام<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="purple">
( فأحاطوا القرآن الكريم بسياجٍ يمنع اللحن فيه ، ممّا جعل بعض القدماء يظنّ أنهم وضعوا قواعدَ الإعراب أو أطرافاً منها، و هم إنّما رسموا نقط الحروف المعجمة مثل الباء و التاء و الثاء و النون.)
الأخ الفاضل الشاعر مجدي معروف..
إليكَ تَتِمّة ما نقلتُهُ من كتابِ د.شوقي ضيف حولَ نشأة النحو لعلَّ فيها ما يُجيبُ تساؤلُك..
و إن كنتُ أرى أنَّ فيما كتبَ د.ضيف تَجَنّياً على عليِّ بن أبي طالبٍ رضيَ الله عنه..و أميلُ إلى تصديقِ الرواية المشهورة التي تفضّلتَ بذكرِها..
النّصُّ هوَ فصلٌ كامل.. لم أستطعِ اختصارَه..أعتذر عن طولِه..لكن لعلّه يبقى مرجعاً في الرشف يستفيد منه القرّاء في النادي بطباعتِهِ و من ثَمَّ قراءتِهِ على أجزاء...
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="purple">
صنيعُ أبي الأسودِ الدّؤليّ و تلاميذه :
لما كانت العلوم في الأمم لا تظهر فجأةً ، بل تأخذ في الظهورِ رُوَيداً رُوَيداً حتى تستوي على سوقِها، كانَ ذلكَ مدعاةً في كثيرٍ من الأمر لأن تغمضَ نشأة بعض العلوم و أن يختلطَ على الناسِ واضعوها المبكرون . و هذا نفسه ما حدث فيمن نُسِبَتْ إليهم الخطوات الأولى في وضعِ النحوِ العربيّ ، و في ذلكَ يقول السيرافي : (اختلفَ الناس في أولِ من رسمَ النحو ، فقالَ قائلون : أبو الأسودِ الدّؤليّ ، و قيل : هوَ نصر بن عاصم ، و قيل : بل هو عبد الرحمن بن هرمز، و أكثر الناس على أنه أبو الأسود الدّؤليّ .
و تضطرب الروايات في وضعِ أبي الأسودَ للنحو ،
فمنها ما يجعل ذلك من عملِهِ وحدَه، و منها ما يصعد بهِ إلى عليّ بن أبي طالب،
إذ يروون عن أبي الأسود نفسه أنه دخل عليه و هو بالعراق فرآه مُطرِقاً مُفَكِّراً ، فسأله فيمَ يُفَكِّرْ؟ فقالَ له : سمعتُ ببلدكم لحناً، فأردتُ أن أصنعَ كتاباً في أصولِ العربيَّة، و أتاه بعدَ أيَّامٍ فألقى إليه صحيفةً فيها (بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم ..الكلام كلّهُ اسمٌ و فعلٌ و حرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى، و الفعل ما أنبأ عن حركةِ المسمّى، و الحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسمٍ و لا فعل)، ثمَّ قال له : (اعلم أنّ الأشياءَ ثلاثةَ : ظاهرٌ، و مضمرٌ، و شيئٌ ليسَ بظاهرٍ و لا مُضمَر ، و إنّما يتفاضلُ العلماء في معرفةِ ما ليسَ بمُضمَرٍ و لا ظاهر) .
و تمضي هذه الرواية فتذكر أنَّ أبا الأسودِ جمعَ لعليٍّ أشياءَ و عرَضَها عليه، كان منها : (حروف النّصبِ : إنّ و أنّ و ليتَ و لعلّ و كأنّ) و لم يذكر أبو الأسود "لكنّ" فقالَ لهُ عليّ :"لِمَ تركتها؟" فقال : لم أحسبها منها. فقال : بل هيَ منها، فَزِدها فيها..
و لهذه الرواية صوَرٌ أخرى تلتقي بها.
و يقول القفطي المتوفّي سنة 646هـ :"رأيتُ بمصرَ في زمن الطلب بأيدي الورّاقين جزءاً فيهِ أبوابٌ من النحو يُجمعونَ على أنّها مُقَدِّمةُ عليِّ بنِ أبي طالب التي أخذها عنه أبو الأسودِ الدّؤليّ".
فالمسألة لم تَقِفْ عندَ سطورٍ أو أبوابَ نحويَّة تُذكَرُ مُجْمَلَة، بلِ اتّسعَتْ لتصبحَ مُقَدِّمَةً أو رسالةً صنَّفَها عليُّ بنُ أبي طالب ، و كأنّه لم يكن مشغولاً حينَ ذهبَ إلى العراقِ ز الكوفة بإعداد الجيوش لحرب معاوية و لا كان مشغولاً بحروبِ الخوارج ، إنّما كانَ مشغولاً بالنحو وَ وضع رسومِهِ و أصولِه و فصولِه. و طبائعُ الأشياءِ تنفي أن يكونَ قد وضعَ ذلك ، و نفس الرواية السالفة و ما أشبهها من الروايات تحمل في تضاعيفها ما يقطع بانتحالِها لما يجري فيها من تعريفات و تقسيمات منطقيّة لا يُعقَلُ أن تصدرَ عن عليّ بن أبي طالب أو عن أحد معاصريه ،و لعلَّ الشيعة هم الذين نحلوه هذا الوضع القديم للنحو الذي لا يتّفق في شيء و أوّليّة هذا العلم و نشأته الأولى.
و قد تقف الروايات في الواضعِ الأوّل للنحو عند أبي الأسود ، غير أنّها تعود فتضطرب في السبب الذي جعله يرسمه و في حاكم البصرة موطنه الذي بعثه على هذا الرسم و الأبواب الأولى التي رسمها فيه ،
فَمِن قائلٍ إنّه سَمِعَ قارئاً يقرأ الآيةَ الكريمة : (أنَّ اللهَ بريءٌ منَ المُشركينَ و رَسولُه) بكسر اللام في "رسوله"..فقال : ما ظننتُ أمرَ الناسِ يصلُ إلى هذا ، و استأذنَ زيادَ ابن أبيه والي البصرة (45-53هـ) و قيلَ بل استأذنَ ابنه عبيد الله واليها من بعدِه (55-64هـ) في أن يضعَ للناسِ رسم العربيّة .
و قيلَ : بل وفدَ على زياد ، فقال له : إني أرى العرب قد خالطت الأعاجمَ و تغيَّرَت ألسنتهم ، أفتأذن لي أن أضعَ للعربِ كلاماً يعرفونَ -أو يقيمونَ- بهِ كلامهم؟.
و قيلَ : بل إنَّ رجلاً لحنَ أمامَ زياد أو أمامَ ابنِهِ عبيدِ الله فطلبَ زياد أو ابنُهُ منه أن يرسمَ للناسِ العربيّة .
و قيلَ : إنّه رسَمَها حينَ سمعَ ابنتَهُ تقول : (ما أحسنُ السماء) و هيَ لا تريدُ الاستفهام و إنّما تريدُ التعجُّب ، فقالَ لها : قولي "ما أحسنَ السماء" . و في روايةٍ أنه شكا فسادَ لسانها لابنِ أبي طالب ، فوضع له بعضَ أبوابِ النحوِ و قال له : انحُ هذا النحو، و من أجلِ ذلك سُمِّيَ العلم باسمِ النحو.
و يقول بعضُ الرواة :إنه وضعَ أبواب التعجب و الفاعل و المفعول بهِ و غير ذلك من الأبواب
و يقول آخرون : إنه وضعَ أبواب التعجّب و الاستفهام و العطف و النعت و إنّ و أخواتها
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
ثمَّ عادَ د.ضيف ليكرّر مرّةً أخرى أنّ هذا من اختلاقِ الشيعة ..
و يذكر أنّ الفضل الحقيقيّ لأبي الأسودِ الدؤليّ إنّما كانَ في تنقيطِ الحروفِ و تشكيلِ أواخِرِها..
و يقول أنّ تلاميذه (نصر بن عاصم، و عبد الرحمن بن هرمز، و يحيى بن يعمر، و عنبسة الفيل، و ميمون الأقرن) أخذوا عنه هذا الصنيع..
و كلّهم من قرّاءِ الذّكرِ الحكيم و كان يؤخذ عنهم النقطان جميعاً نقط الإعراب و نقط الإعجام<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="purple">
( فأحاطوا القرآن الكريم بسياجٍ يمنع اللحن فيه ، ممّا جعل بعض القدماء يظنّ أنهم وضعوا قواعدَ الإعراب أو أطرافاً منها، و هم إنّما رسموا نقط الحروف المعجمة مثل الباء و التاء و الثاء و النون.)
آخر تعديل بواسطة د//نون في 02-13-2003 10:50 PM، تم التعديل مرة واحدة.
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زوار