المد-الحركة-السكون مع تطبيق: الخلاصة وشكراً
مرسل: 07-29-2003 04:52 PM
كان الأستاذ خشان قد طلب مني صياغة رأي قلته سابقاً عن الحركات والمد في الشعر وفهمت منه أنه يريد إدراج هذا الرأي في كتابه ليستشهد به مصاغاً(وهذا ما أذكر أنه قاله بالفعل) وفوجئت لاحقاً أنه يريد نشره في منتدى.
ولا بأس في ذلك على أنني لست مستعداً مع الأسف الشديد للدخول في جدال مع الشباب لفقدان الوقت والمزاج المناسبين.فأنا أذكر القاعدة هنا وهي عندي من البديهيات التي لا أحب أن أناقش فيها بصراحة فهي مثل الألف باء وأطلب من القارئ أن يقرأ قصائد الشعراء الكبار ويرى مصداق هذا الرأي الذي هو والله بديهي وما حسبت قط أن أحداً سيناقش فيه!
وفي هذه القاعدة كما في غيرها لا أستند إلى قراءات نظرية مجردة في كتب العروض أو في كتب اللغة بل أستند إلى ممارسة لقراءة الشعر والنثر العربيين مضى عليها ثلاثون عاماً ولم أقرأ هذا الرأي في كتاب. وقد كان يطلب مني أحياناً أن أذكر القاعدة التي أخطئ فيها وأصحح فكنت أتأمل قليلاً وفي هذه المرة أيضاً تأملت في السبب الذي جعل الشعراء لا يشبعون حركة في غير هاء الضميرما لم تكن الحركة هي حركة الحرف الأخير في البيت فلم أجد سبباً إلا أن هذه ببساطة هي قاعدة اللفظ الفصيح للغة العربية.ومن المعروف أن مبادئ التجويد في القرآن لا تهدف لأكثر من قراءة القرآن بالشكل الفصيح الكامل الذي تتطلبه اللغة العربية والمتكلم العربي الفصيح يقف على ساكن كما هو معلوم ومن هنا ففي قولك "رأيت المشتغلين في المصنع" لا تضع الكسرة على العين الأخيرة إن وقفت ولا تحول الكسرة إلى ياء (أي تشبعها) بل تضع عليها سكوناً.فالآن ساروا في الشعر على إمكانية أن تأتي هذه الكسرة في آخر البيت وعندها لزم إشباعها سيراً على مبدأ الوقوف على ساكناً (إن لم يرد الشاعر لضرورات وزن أو قافية تسكينها) وهذا استثناء من قاعدة الكلام العادي الذي يلزمه الوقوف على ساكن وعدم إشباع الحركة:
فتى كان عذب الروح لا من غضاضةٍ...ولكن كبراً أن يقال به كبرُ!
هنا لفظنا آخر كلمة هكذا "كبرو"
ولو جاءت كلمة آخرها حركة في نهاية الشطر الأول أو في نهاية أي كلمة في البيت لكان المد في غير موضعه ما لم تكن الكلمة في نهاية الشطر الأول مقفاة بالقافية نفسها لنهاية الشطر الثاني
ولم يمر بي قط بيت في الشعر العربي منذ أبي تمام قد انتهى شطره الأول بحركة دون أن يكون مصرعاً بل ينتهي الشطر الأول إما بحرف ساكن مبرر سكونه كأن يكون نهاية كلمة مبنية على السكون أو فعل مجزوم أو بتنوين أو حرف مد (ألف أو ياء أو واو) أو هاء ضمير.(وفي حالات شاذة تذكرها كتب العروض التي أنا بصراحة أراها تشوش على الشباب ولا أنصح بقراءتها بل أنصح بمعرفة عموميات الأوزان ثم أنصح الشاب أن يكتشف بنفسه ما استعمل وما يجوز وما لا يجوز من تغييرات فيها وهذا هو أصلاً الطريق الذي اتبعه العبد الفقير، هناك أمثلة لأبيات عدت فيها الحركات بالذات كقافية ولو اختلف الروي فالشاعر غير المجيد طبعاً اكتفى في هذه الأمثلة مثلاً بأن الحركة في نهاية الشطرين واحدة مع اختلاف حرف الروي وهذه حالات لم تستقر عليها الذائقة العربية كما هو معلوم لمن يعرف الشعر العربي)
ميم الجمع في اعتقادي هي حرف مبني على السكون وفيه لغة أنه تضاف إليه الواو ولم تمر علي ميم الجمع مضمومة مما لا يجعل الواو حرف إشباع لضمة إذ الميم هي دوماً إما ساكنة أو متلوة بواو (انظر قوله تعالى"أنلزمكموها" ولو كانت مضمومة لكانت "أنلزمكمُها" والفرق في اللفظ واضح لمن يعرف الفصحى هو الفرق بين الضمة والواو!)
وهذا ما لم يكن البيت من بحرين يتألفان من تفعيلات متشابهة كما هو معلوم هما المتقارب والهزج لأن فعولن يجوز أن تأتي فعول في أي مكان من المتقارب فيجوز بالتالي أن تأتي هكذا في التفعيلة الرابعة من الشطر الأول أي نهايته ولأن مفاعيلن في الهزج يجوز أن تأتي مفاعيل في أي مكان وبالتالي قد تأتي مفاعيل في التفعيلة الثانية من الشطر الأول.
وإليكم هذين المثالين:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر!
وقد صاح بنا المجد إلى أين إلى أينا!
وهاء الضمير تمد مداً طبيعياً في اللغة العربية وشاهده قواعد التجويد المستخلصة كلها من قواعد اللفظ الفصيح المثالي كما قلت.
الآن سآتي إلى القاعدة ثم سأذكر تطبيقات اختيرت عشوائياً وأتمنى من القارئ أن يدرس نظام المد في الأبيات:
العربية تميز تمييزاً صارماً بين الحركات وأحرف المد فالألف غير الفتحة كما أن الواو غير الضمة والياء غير الكسرة.
واللفظ الفصيح يقتضي بالتالي أن نميز بينها فلا نحول حرف المد إلى حركة ولا نحول الحركة إلى حرف مد. وقد شاع عند شباب الشعراء في الإنترنيت هذا الخطأ.
ولا أجد على هذه القاعدة دليلاً أحسن من حافظ لغتنا المحفوظ بالأمر الإلهي: القرآن إذ يعطى المد حقه كما أن الحركة لا تشبع فتحول إلى مد. علماً أن الشعر العربي حافظ على هذه القاعدة أيضاً.
وشأن الحركات والمد مهم في الإعراب إذ تحول حرف المد (حرف العلة) آخر الكلمة هو علامة إعرابية فإن حولت المد إلى حركة أو بالعكس (أي إن أعدت حرف المد المحذوف)عنى ذلك في الفعل المضارع التحول من الرفع إلى الجزم وبالعكس!
والشعر الفصيح يتبع في لفظه طبعاً قاعدة اللغة نفسها فلضرورة الوزن مثلاً لا يجوز لنا أن نحول الحركة إلى مد أو المد إلى حركة (ما لم تكن هناك ضرورة لحذف حرف المد لالتقاء الساكنين، وهناك حالات حذف فيها المد هي مما تحفظ ولا يقاس عليها واختلف في سببها كقوله تعالى "هذا ما كنا نبغ" وقيل"حذفت اعتباطاً للتسهيل" وقد ينظر علماء العروض في هذا المثال وبالذات الأستاذ خشان إذ أجد هنا توالياً للحركة والسكون "هذا ما كنا نبغ فارتدا" ولو لم تحذف الغين فتفصل هذه السلسلة لكان لدينا وفق تعبير عروض أخينا خشان الرقمي2222222222أي عشرة من هذا التوالي)
ولما كانت اللغة العربية من خصائصها الوقوف على ساكن فقد جاز في الشعر في نهاية البيت أن نشبع الحركة لتتحول إلى مد وجاز هذا الإشباع في نهاية الشطر الأول من البيت فقط إن كان البيت مصرعاً(أي في حالة اتحاد القافية بين الشطرين)
وبطلب كريم من أخي عالم العروض الأستاذ خشان خشان شرفني به أذكر هنا هذه القاعدة:
1- في أي موضع كان من البيت لا يجوز تحويل حرف المد إلى حركة.
2- لا يجوز إشباع الحركة في أي كلمة من البيت أياً كان موضع هذه الكلمة وسواء أكان ذلك في حرف داخل الكلمة أو آخرها إلا في هاء الضمير التي تجيء آخر الكلمة أينما جاءت هذه الكلمة أو في الحرف الذي تنتهي به الكلمة الأخيرة في البيت أو في نهاية الكلمة في الشطر الأول في بيت مصرع (متحد القافية بين الشطرين) وكل مثال معاكس يكون شذوذاً يحفظ ولا يجوز بحال القياس عليه وعده قاعدة بل يكون حالة منفردة فقط يجب البحث عن تفسيرها بهذه الصفة.
3- لا ينتهي الشطر الأول من البيت بحركة أبداً إلا إذا كان البيت مصرعا ً (وفي هذه الحالة تشبع الحركة وجوباً) أو كان الحرف الأخير فيه هاء ضمير أو كان البيت من المتقارب أو الهزج!(لأنه في المتقارب يجوز أن تجيء "فعولُ" مكان "فعولن" و "مفاعيلُ" مكان "مفاعيلن" في أي مكان من البيت! )
. وفي بيت امرئ القيس مثلاً:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزةٍ
ألجأت الضرورة الشعرية الشاعر إلى تنوين كلمة ممنوعة من الصرف ولم يستطع إشباع الفتحة التي كانت هي الحركة المناسبة في نهاية البيت (لأن البيت غير مصرع)
[COLOR=orangered]
والآن إلى التطبيقات:
أتمنى من القارئ المهتم أن يرى النظام السابق الذي ذكرته في الأبيات التالية:
أولاً قصيدة لابن هانئ الأندلسي في توديع جوهر الصقلي المتوجه لفتح مصر:
رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع..وقد راعني يوم من الحشر أروع
غداة كأن الأفق سد بمثله..فعاد غروب الشمس من حيث تطلع
فلم أدر إذ ودعت كيف أودع..ولم أدر إذ شيعت كيف أشيع
ألا إن هذا حشد من لم يذق له..غرار الكرى جفن ولا بات يهجع
إذا حل في أرض بناها مدائنا..وإن سار من أرض غدت وهي بلقع
تحل بيوت المال حيث محله..وجم العطايا والرواق المرفع
وكبرت الفرسان لله إذ بدا..وظل السلاح المنتضى يتقعقع
وعب عباب الموكب الفخم حوله..ورق كما رق الصبح الملمع
دحلت إلى الفسطاط أول رحلة..بأيمن فأل بالذي أنت تجمع
فإن يك في مصر ظماء لمورد..فقد جاءهم نيل سوى النيل يهرع
أبو الطيب المتنبي:
فهمت الكتاب أبر الكتب..فسمعاً لأمر أمير العرب
وطوعاً له وابتهاجاً به..وإن قصر الفعل عما وجب
وما عاقني غير خوف الوشاة..وأن الوشايات طرق الكذب
أحمد شوقي
سلام من صبا بردى أرق..ودمع لا يكفكف يا دمشق
وللحرية الحمراء باب..بكل يد مضرجة يدق
دم الثوار تعرفه فرنسا..وتعرف أنه نور وحق[/COLOR]
ولا بأس في ذلك على أنني لست مستعداً مع الأسف الشديد للدخول في جدال مع الشباب لفقدان الوقت والمزاج المناسبين.فأنا أذكر القاعدة هنا وهي عندي من البديهيات التي لا أحب أن أناقش فيها بصراحة فهي مثل الألف باء وأطلب من القارئ أن يقرأ قصائد الشعراء الكبار ويرى مصداق هذا الرأي الذي هو والله بديهي وما حسبت قط أن أحداً سيناقش فيه!
وفي هذه القاعدة كما في غيرها لا أستند إلى قراءات نظرية مجردة في كتب العروض أو في كتب اللغة بل أستند إلى ممارسة لقراءة الشعر والنثر العربيين مضى عليها ثلاثون عاماً ولم أقرأ هذا الرأي في كتاب. وقد كان يطلب مني أحياناً أن أذكر القاعدة التي أخطئ فيها وأصحح فكنت أتأمل قليلاً وفي هذه المرة أيضاً تأملت في السبب الذي جعل الشعراء لا يشبعون حركة في غير هاء الضميرما لم تكن الحركة هي حركة الحرف الأخير في البيت فلم أجد سبباً إلا أن هذه ببساطة هي قاعدة اللفظ الفصيح للغة العربية.ومن المعروف أن مبادئ التجويد في القرآن لا تهدف لأكثر من قراءة القرآن بالشكل الفصيح الكامل الذي تتطلبه اللغة العربية والمتكلم العربي الفصيح يقف على ساكن كما هو معلوم ومن هنا ففي قولك "رأيت المشتغلين في المصنع" لا تضع الكسرة على العين الأخيرة إن وقفت ولا تحول الكسرة إلى ياء (أي تشبعها) بل تضع عليها سكوناً.فالآن ساروا في الشعر على إمكانية أن تأتي هذه الكسرة في آخر البيت وعندها لزم إشباعها سيراً على مبدأ الوقوف على ساكناً (إن لم يرد الشاعر لضرورات وزن أو قافية تسكينها) وهذا استثناء من قاعدة الكلام العادي الذي يلزمه الوقوف على ساكن وعدم إشباع الحركة:
فتى كان عذب الروح لا من غضاضةٍ...ولكن كبراً أن يقال به كبرُ!
هنا لفظنا آخر كلمة هكذا "كبرو"
ولو جاءت كلمة آخرها حركة في نهاية الشطر الأول أو في نهاية أي كلمة في البيت لكان المد في غير موضعه ما لم تكن الكلمة في نهاية الشطر الأول مقفاة بالقافية نفسها لنهاية الشطر الثاني
ولم يمر بي قط بيت في الشعر العربي منذ أبي تمام قد انتهى شطره الأول بحركة دون أن يكون مصرعاً بل ينتهي الشطر الأول إما بحرف ساكن مبرر سكونه كأن يكون نهاية كلمة مبنية على السكون أو فعل مجزوم أو بتنوين أو حرف مد (ألف أو ياء أو واو) أو هاء ضمير.(وفي حالات شاذة تذكرها كتب العروض التي أنا بصراحة أراها تشوش على الشباب ولا أنصح بقراءتها بل أنصح بمعرفة عموميات الأوزان ثم أنصح الشاب أن يكتشف بنفسه ما استعمل وما يجوز وما لا يجوز من تغييرات فيها وهذا هو أصلاً الطريق الذي اتبعه العبد الفقير، هناك أمثلة لأبيات عدت فيها الحركات بالذات كقافية ولو اختلف الروي فالشاعر غير المجيد طبعاً اكتفى في هذه الأمثلة مثلاً بأن الحركة في نهاية الشطرين واحدة مع اختلاف حرف الروي وهذه حالات لم تستقر عليها الذائقة العربية كما هو معلوم لمن يعرف الشعر العربي)
ميم الجمع في اعتقادي هي حرف مبني على السكون وفيه لغة أنه تضاف إليه الواو ولم تمر علي ميم الجمع مضمومة مما لا يجعل الواو حرف إشباع لضمة إذ الميم هي دوماً إما ساكنة أو متلوة بواو (انظر قوله تعالى"أنلزمكموها" ولو كانت مضمومة لكانت "أنلزمكمُها" والفرق في اللفظ واضح لمن يعرف الفصحى هو الفرق بين الضمة والواو!)
وهذا ما لم يكن البيت من بحرين يتألفان من تفعيلات متشابهة كما هو معلوم هما المتقارب والهزج لأن فعولن يجوز أن تأتي فعول في أي مكان من المتقارب فيجوز بالتالي أن تأتي هكذا في التفعيلة الرابعة من الشطر الأول أي نهايته ولأن مفاعيلن في الهزج يجوز أن تأتي مفاعيل في أي مكان وبالتالي قد تأتي مفاعيل في التفعيلة الثانية من الشطر الأول.
وإليكم هذين المثالين:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر!
وقد صاح بنا المجد إلى أين إلى أينا!
وهاء الضمير تمد مداً طبيعياً في اللغة العربية وشاهده قواعد التجويد المستخلصة كلها من قواعد اللفظ الفصيح المثالي كما قلت.
الآن سآتي إلى القاعدة ثم سأذكر تطبيقات اختيرت عشوائياً وأتمنى من القارئ أن يدرس نظام المد في الأبيات:
العربية تميز تمييزاً صارماً بين الحركات وأحرف المد فالألف غير الفتحة كما أن الواو غير الضمة والياء غير الكسرة.
واللفظ الفصيح يقتضي بالتالي أن نميز بينها فلا نحول حرف المد إلى حركة ولا نحول الحركة إلى حرف مد. وقد شاع عند شباب الشعراء في الإنترنيت هذا الخطأ.
ولا أجد على هذه القاعدة دليلاً أحسن من حافظ لغتنا المحفوظ بالأمر الإلهي: القرآن إذ يعطى المد حقه كما أن الحركة لا تشبع فتحول إلى مد. علماً أن الشعر العربي حافظ على هذه القاعدة أيضاً.
وشأن الحركات والمد مهم في الإعراب إذ تحول حرف المد (حرف العلة) آخر الكلمة هو علامة إعرابية فإن حولت المد إلى حركة أو بالعكس (أي إن أعدت حرف المد المحذوف)عنى ذلك في الفعل المضارع التحول من الرفع إلى الجزم وبالعكس!
والشعر الفصيح يتبع في لفظه طبعاً قاعدة اللغة نفسها فلضرورة الوزن مثلاً لا يجوز لنا أن نحول الحركة إلى مد أو المد إلى حركة (ما لم تكن هناك ضرورة لحذف حرف المد لالتقاء الساكنين، وهناك حالات حذف فيها المد هي مما تحفظ ولا يقاس عليها واختلف في سببها كقوله تعالى "هذا ما كنا نبغ" وقيل"حذفت اعتباطاً للتسهيل" وقد ينظر علماء العروض في هذا المثال وبالذات الأستاذ خشان إذ أجد هنا توالياً للحركة والسكون "هذا ما كنا نبغ فارتدا" ولو لم تحذف الغين فتفصل هذه السلسلة لكان لدينا وفق تعبير عروض أخينا خشان الرقمي2222222222أي عشرة من هذا التوالي)
ولما كانت اللغة العربية من خصائصها الوقوف على ساكن فقد جاز في الشعر في نهاية البيت أن نشبع الحركة لتتحول إلى مد وجاز هذا الإشباع في نهاية الشطر الأول من البيت فقط إن كان البيت مصرعاً(أي في حالة اتحاد القافية بين الشطرين)
وبطلب كريم من أخي عالم العروض الأستاذ خشان خشان شرفني به أذكر هنا هذه القاعدة:
1- في أي موضع كان من البيت لا يجوز تحويل حرف المد إلى حركة.
2- لا يجوز إشباع الحركة في أي كلمة من البيت أياً كان موضع هذه الكلمة وسواء أكان ذلك في حرف داخل الكلمة أو آخرها إلا في هاء الضمير التي تجيء آخر الكلمة أينما جاءت هذه الكلمة أو في الحرف الذي تنتهي به الكلمة الأخيرة في البيت أو في نهاية الكلمة في الشطر الأول في بيت مصرع (متحد القافية بين الشطرين) وكل مثال معاكس يكون شذوذاً يحفظ ولا يجوز بحال القياس عليه وعده قاعدة بل يكون حالة منفردة فقط يجب البحث عن تفسيرها بهذه الصفة.
3- لا ينتهي الشطر الأول من البيت بحركة أبداً إلا إذا كان البيت مصرعا ً (وفي هذه الحالة تشبع الحركة وجوباً) أو كان الحرف الأخير فيه هاء ضمير أو كان البيت من المتقارب أو الهزج!(لأنه في المتقارب يجوز أن تجيء "فعولُ" مكان "فعولن" و "مفاعيلُ" مكان "مفاعيلن" في أي مكان من البيت! )
. وفي بيت امرئ القيس مثلاً:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزةٍ
ألجأت الضرورة الشعرية الشاعر إلى تنوين كلمة ممنوعة من الصرف ولم يستطع إشباع الفتحة التي كانت هي الحركة المناسبة في نهاية البيت (لأن البيت غير مصرع)
[COLOR=orangered]
والآن إلى التطبيقات:
أتمنى من القارئ المهتم أن يرى النظام السابق الذي ذكرته في الأبيات التالية:
أولاً قصيدة لابن هانئ الأندلسي في توديع جوهر الصقلي المتوجه لفتح مصر:
رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع..وقد راعني يوم من الحشر أروع
غداة كأن الأفق سد بمثله..فعاد غروب الشمس من حيث تطلع
فلم أدر إذ ودعت كيف أودع..ولم أدر إذ شيعت كيف أشيع
ألا إن هذا حشد من لم يذق له..غرار الكرى جفن ولا بات يهجع
إذا حل في أرض بناها مدائنا..وإن سار من أرض غدت وهي بلقع
تحل بيوت المال حيث محله..وجم العطايا والرواق المرفع
وكبرت الفرسان لله إذ بدا..وظل السلاح المنتضى يتقعقع
وعب عباب الموكب الفخم حوله..ورق كما رق الصبح الملمع
دحلت إلى الفسطاط أول رحلة..بأيمن فأل بالذي أنت تجمع
فإن يك في مصر ظماء لمورد..فقد جاءهم نيل سوى النيل يهرع
أبو الطيب المتنبي:
فهمت الكتاب أبر الكتب..فسمعاً لأمر أمير العرب
وطوعاً له وابتهاجاً به..وإن قصر الفعل عما وجب
وما عاقني غير خوف الوشاة..وأن الوشايات طرق الكذب
أحمد شوقي
سلام من صبا بردى أرق..ودمع لا يكفكف يا دمشق
وللحرية الحمراء باب..بكل يد مضرجة يدق
دم الثوار تعرفه فرنسا..وتعرف أنه نور وحق[/COLOR]