رأى ابو فارس شجرات جاره غضة ترشح الماوية من فروعها وجذوعها، فأدرك أنها تسابق شجراته العزيزة على السماد الذي يكدسه في ارضه كل سنة............
.....رأى أبو فارس أن يحفر خندقا على الحد ينتفع به من جهات: اولها تقطيع جذور أشجار جاره واسئصالها،وثانيها بناء حائط يصون به ارضه لأن جاره لا يراعي شجرات أبو فارس عند الفلاحة. فكثيرا ما يكسر غصونها حين يحرث ارضه...................
وثالثها حفظ التراب فلا تذهب حبة من عنده الى ارض جاره فقد كادت ارضه أن تحفى لأنها منحدرة غير مستوية.
قطع الفعلةجذورا واهية فور الشروع في العمل فتهلل أبو فارس كأنه ملك البصرة...... ولما تعمقوا في النقب رأوا مشهدا لم يكن في الحساب. كانوا يحسبون أن الأشجار تعرف التخوم والحدود، فاذا بظاهر الأرض مقسوم أما قلبها فمشاع، تسرح فيه الجذور وليس من يقول لها قفي عندك، هذا حدك . أنها لا تخضع لنواميس الناس وعرفهم.
رأوا الجذور رائحة جائية،متشابكة متعانقة في قلب الأرض كأنها تقول في نفسها : أن سطح الأرض للناس فليقتتلوا عليه ، أما قلبها فلنا نحن الجذور نعيش فيه بسلام واطمئنان حتى يفرقنا هادم اللذات.
قال كبير الفعلة : اندهوا ابو فارس .
فطار اليهم ما ان سمع اسمه. خاف أن تذهب دقيقة ضياعا. ولعجلته عثر ، ولكنه ما بالى بسقطته ، فهرول وهو يمسح ما علق بذيل شرواله من تراب وزبل ... ثم أدرك أنه رمى الزبل في أرض جاره فانحنى بلمه ورماه بأرضه. كان أمرهم بقطع الجذور المنسابة من عند جاره فلما رأى جذور اشجاره تسعى في ارض جاره وراء رزقها بهت واحتار. لكنه اختار أهون الشرين فصاح بالفعلة : سلمت ايديكم يا شباب، استريحوا الله بعطيكم ألف عافية ، لفوا سيكارة.
هذي أول مرة يسمعون فيها كلمة سلمت ايديكم ، فهو لا يرضيه فاعل مهما جد واجتهد، وشعاره مع الفعلة من يأخذ مالي آخذ روحه.
قعد الفعلة باسمين...............................
اما ابو فارس فكان يفكر بماذا يعمل . لقد نبش الأساس فهل يطمه؟ وأي فائدة جنى؟ وما نفع حبة تراب يحرص عليها ويتكلف ما يتكلف ما دامت الجذور لا تقتسم الأرض كالناس ؟وجرته فكرته الى ناحية مجهولة فاضطرب،ولكنه أخفى اضطرابه . مرت في خاطره نزوات فلسفية لم يستطع التعبير عنها وتذكر اذ ذاك جاريه ..... اللذين اختلفا على شبر ارض فاستخف عقلهما.
في تلك الدقيقة الخطيرة من تاريخ حياته التفت الى فوق فرأى على عرض الطريق شيخين قاحلين يابسين. كان هذان الشيخان واقفين ينظران هازئين بعمل ابو فارس الشحيح . ساءهما ان يعيبهما الفصل في قضية الحد المستعصية بين جاريه والتي شقت الضيعة الى حزبين. عندها قال احد الشيخين الشر شرارة . كان الخلاف على شبر ارض فصار عرضية وحزبية، انشقوا وشقوا الجوار معهم
ولما اراد ان يسألهما رأيهما اجابه احدهما رأيي أن الإنسان قليل العقل ، الشجر ادرك من البشر. هل تذكر ما فعل فلان وفلان ركبهم الدين وباعوا ما فوقهم وما تحتهم من اجل اختلافهم على الحد، على شبر ارض . انشقوا وشقوا الضيعة والجيرة والبلاد . جروا الدنيا كلها . أشعرت السنتنا من الترجي ، وكل واحد منهم يريد أن يأكل خصمه ومحاكم هذا الزمان والحمدالله تطول الحبل وباب الشريعةواسع كلما انسد باب يفتح الأبوكاتية عدة ابواب .
اقتنع معهم في الأخير ورجع عن عمله كما فعل جاراه قبله اللذين ايضا اقتنعوا لكن بعد ان خسروا الغالي والرخيص وبعد فوات الأوان
اعجبتني هذه القصة من كتاب أقزام وجبابرة لمارون عبود وحاولت ان الخصها قدر الامكان لأنني شبهت هذه الجذور بنا فمهما قالوا وراهنوا انه لم يبق من العروبة الا اللغة العربية،التي هم حتى في طريق الغاءها الا ان هذه الجذور ستبقى قوية بالرغم من الحواجز الجغرافية،وستمتد وارضنا ستتزلزل تحت اقدام الغزاة والله ولي التوفيق .
اشكر لكم صبركم واعتذر اذا كنت قد اضعت لكم وقتكم
مع اطيب التمنيات
ريناف
الجذور
المشرف: مجدي
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
مساء الخير
عزيزتي وحيدة الرشف
اتمنى من كل قلبي ان تبقى جذور العروبة قوية في وجه كل هذه الهجمات التي تهدف الى تحجيمها
يسعدني مرورك
مع اطيب التمنيات
ريناف
عزيزتي وحيدة الرشف
اتمنى من كل قلبي ان تبقى جذور العروبة قوية في وجه كل هذه الهجمات التي تهدف الى تحجيمها
يسعدني مرورك
مع اطيب التمنيات
ريناف
آخر تعديل بواسطة reinafh في 04-05-2003 09:31 PM، تم التعديل مرة واحدة.
العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 48 زائراً