الكتابة الساخرة
مرسل: 12-09-2002 05:11 AM
(أما السخرية الأدبية فقد كان تراثنا حافلا بها في أيام عظمتنا أما الآن في عصر الهزيمة و التقهقر فان الابتسامة اختفت من وجوه الناس في الأمم العظيمة الناس تعمل بجد ثم ترفه عن نفسها و كأنها تعمل بالحديث الشريف: " روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا ملت كلت " أو كما قال و مع ذلك فانني أحاول مخالفة القاعدة و الابتسام أحيانا و محاولة ادخال الابتسامة الى قلوب الآخرين و لكن: في الأمم العظيمة كل عظيم متواضع و في الأمم الصغيرة كل صغير متشامخ! و المتشامخون لا يحبون الابتسامة!!! الأمم المهزومة لا تتبسم و الأمة التي لا تبتسم لا تنتصر تلك هي الدائرة المفرغة)
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC"> استثارني ما علّقَ بهِ الأخ المتنبّي الصغير في ردّهِ هذا حولَ (الكتابةِ الساخرة) على أن أطرحَها كموضوعٍ للمناقشةِ هنا في قسمِ المقالات..
مع الأسف لستُ ممّن يكتبون المقالات لكنّي حاولتُ جمعَ قدرٍ بسيطٍ من الموادَ لاستفتاح الموضوع به..و أترك لكم إعانتي بالبقيّة ..
و أترك لكمُ السؤال : الكاتب السّاخر..مهرّجٌ تافه يحاوِلُ أن يجعلَ من همومِ القرّاء أداةً لممارسةِ صنعتِه؟ أم مُثَقَّفٌ مُحَنَّك يسعى للأخذ بيدِ القارئ و مواساتِه بمشاركتهِ الابتسام؟..
(الكتابة الساخرة، جاءت تجسيداً لمثلٍ عربيٍّ تناقلته كتب التراث منذ أن خُلِق أول عربيّ على وجه هذه الأرض وحتى الآن: "شرُّ البليّةِ ما يُضْحك".) كما يقولُ أحدُ الكُتّاب..و الذي أوردَ في مقالتِهِ أيضاً رأياً للكاتبِ الأردني "يوسف غيشان" يقولُ فيه -عن الكتابة الساخرة-: (هي أساساً ثورة وتمرّد فكري سامٍ ضد البداهات التقليدية الاجتماعيّة و السياسية، و هي سلاح الشعب الضعيف في مواجهة الغاشم، وهي سلاح الطبيعة الفعّال ضد القتامة والفساد والخواء، وهي سيف يعيد الأشياء إلى حجومها الطبيعية ويفقع بالونات الدعاية الفجة ويطهّر الأمكنة من فسادها) ..
و يقول الكاتب "سعد البواردي" في لقاءٍ في صحيفةِ الوطن : (أنا لا أعد نفسي كاتبا ساخرا،لكن أحيانا قد يضحك الإنسان على نفسه وعلى مجتمعه، وعلى الأصح نحن نعيش في عالم يستحق أن يسخر منه حيث أصبح يقوده ويتسيده أشباه مجانين ومن حق أي كاتب أن يسخر من هذا العالم الملئ بإسقاطات هؤلاء المجانين، لذا أود لو كنت أملك القدرة أن أكتب بالقلم الساخر الذي لا يفهمه إلا من أوتوا قسطاً من فهم هذه السخرية المفيدة، وبالمناسبة فإن هذا النوع من الكتابة هو أرقى أنواعها على الإطلاق حيث يضحكك ويبكيك في وقت واحد)
لكنّنا نعود لنستدرِكَ بمقولةٍ لأحد الأقلامِ الساهرة "فخري القعوار" : (لا شك أن الكتابة الساخرة تعبّر عن الواقع بمختلف مجالاته لكنها – كما أراها أنا - ليست كتابة تنفيسية وإنما هي كتابة جادة، تعالج قضايا حيويَّة، وتحثُّ على اتخاذ مواقف إزاء كثيرٍ من القضايا، ولكن على طريقة الرسومات الكاريكاتوريّة، أي على طريقة السخرية اللاذعة التي تبدو أحياناً مُرَّة، وتبدو أحياناً أخرى شديدة الحلاوة والمرح)
أمّا عن الملامحِ التي تُشَكّلُ شخصيّةَ الكتابة الساخرة و تُمَيِّزُها عن غيرِها يقول كاتبٌ آخر : (الكتابة الساخرة حسب وجهة نظري تفترض التباسط والسهولة في التواصل. وتداخل العامية مع الفصحى في المقال يجعل العلاقة بين القارىء والكاتب علاقة أخوية بعيدة عن الاستاذية والاستعلاء. وأظن أن قراء المقالات الساخرة قليلو العقد مما يجعلهم يتصفون بالروح الاجتماعية وحب الحياة)
نعرفُ منَ الكُتّابِ ذوي الأسلوبِ الساخرِ في كتاباتهم مثلاً أنيس منصور..إبراهيم المازني..و من غير الأقلام العربيّة برناردشو -طبعاً ! -..إلاّ أنَّ الكتاابة الساخرة لم تقتصر على النثر فحسب..بل امتدّت لتدخلَ في الشعرِ أيضاً ..
و لعلّني أذكر مثلاً على ذلك ..الشاعر التونسي (أبا الزبائد) الذي أسعدتنا الأخت الفاضلة ريم الفلا قبل فترةٍ بتقديمِ بعضِ المختاراتِ من شعرِه..
و قدَّمَ لنا الأخ مؤسّس النادي مُقَدِّمةَ ديوانِ الشاعر و التي تتجلّى لنا من خلالها وجهة نظره للأدب الساخر ..أذكر منها :
(الحمد لله مبدع الإبتسامة، ومطلع فجر الدعابة من ليل القتامة، فلولا البسمة، كانت تخنقنا الغمة، في هذه الأمة ولما كانت أحوال الأمة، عافاك الله، لا تخفي، وأدواؤها لا تشفى، فلا تنهض بأعبائها همة، ولا تجدي لشفائها قمة، حبرنا ما بين هذه السطور تفريجا للكرب، وإنارة للدرب، ومتى تجلت الغاية، لم تحوجك إلى آية، وفي هذه الكناية الكفاية)
و من أشعارِه :
(الزلزال ينضم إلى التحالف)
عرف الزلزال يوما
أنّ في كابل شيئا لم يهدم
هدر المارد دمدم
قال للأحلاف: أنتم يا تنابل
رغم أطنان القنابل
ظلّ للأفغان أكواخ وأشباه منازل
إنّ كابل من قديم الدّهر خطّ للزلازل
والبلايا والبلابل
في رباها تنعق الغربان لا تشد البلابل
والعنادل
أين رختر؟
هل ترى ما زال يشخر؟
هزّة واحدة تكفي وكابل
ستريح الناس من اّم القلاقل
و كلّنا نعرفُ أيضاً الأسلوب الساخر (اللاذع!) في شعر الشاعر العراقي الرائع أحمد مطر ..
فكرت بأن أكتب شعراً لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم.. بكل رباطة جأش
أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء!
**
راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة..
واستغنيت عن الإمضاء!
:)
معَ ذلك كلّه..تبقى وجهةُ نظرٍ -بها شيءٌ من منطق- تقول : أنّ وقتَ الضحكِ و السّخريةِ انتهى..أو يجبُ أن ينتهي..و آنَ للكتّاب التشميرَ عن أقلامِهِم الجادّةِ الفعّالة للجهاد..و لو بالكلمة !
بانتظارِ آرائكم حولَ الموضوع و مُداخلاتِكم..و مختاراتكم من الكتابات الساخرة ..
تحياتي
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC"> استثارني ما علّقَ بهِ الأخ المتنبّي الصغير في ردّهِ هذا حولَ (الكتابةِ الساخرة) على أن أطرحَها كموضوعٍ للمناقشةِ هنا في قسمِ المقالات..
مع الأسف لستُ ممّن يكتبون المقالات لكنّي حاولتُ جمعَ قدرٍ بسيطٍ من الموادَ لاستفتاح الموضوع به..و أترك لكم إعانتي بالبقيّة ..
و أترك لكمُ السؤال : الكاتب السّاخر..مهرّجٌ تافه يحاوِلُ أن يجعلَ من همومِ القرّاء أداةً لممارسةِ صنعتِه؟ أم مُثَقَّفٌ مُحَنَّك يسعى للأخذ بيدِ القارئ و مواساتِه بمشاركتهِ الابتسام؟..
(الكتابة الساخرة، جاءت تجسيداً لمثلٍ عربيٍّ تناقلته كتب التراث منذ أن خُلِق أول عربيّ على وجه هذه الأرض وحتى الآن: "شرُّ البليّةِ ما يُضْحك".) كما يقولُ أحدُ الكُتّاب..و الذي أوردَ في مقالتِهِ أيضاً رأياً للكاتبِ الأردني "يوسف غيشان" يقولُ فيه -عن الكتابة الساخرة-: (هي أساساً ثورة وتمرّد فكري سامٍ ضد البداهات التقليدية الاجتماعيّة و السياسية، و هي سلاح الشعب الضعيف في مواجهة الغاشم، وهي سلاح الطبيعة الفعّال ضد القتامة والفساد والخواء، وهي سيف يعيد الأشياء إلى حجومها الطبيعية ويفقع بالونات الدعاية الفجة ويطهّر الأمكنة من فسادها) ..
و يقول الكاتب "سعد البواردي" في لقاءٍ في صحيفةِ الوطن : (أنا لا أعد نفسي كاتبا ساخرا،لكن أحيانا قد يضحك الإنسان على نفسه وعلى مجتمعه، وعلى الأصح نحن نعيش في عالم يستحق أن يسخر منه حيث أصبح يقوده ويتسيده أشباه مجانين ومن حق أي كاتب أن يسخر من هذا العالم الملئ بإسقاطات هؤلاء المجانين، لذا أود لو كنت أملك القدرة أن أكتب بالقلم الساخر الذي لا يفهمه إلا من أوتوا قسطاً من فهم هذه السخرية المفيدة، وبالمناسبة فإن هذا النوع من الكتابة هو أرقى أنواعها على الإطلاق حيث يضحكك ويبكيك في وقت واحد)
لكنّنا نعود لنستدرِكَ بمقولةٍ لأحد الأقلامِ الساهرة "فخري القعوار" : (لا شك أن الكتابة الساخرة تعبّر عن الواقع بمختلف مجالاته لكنها – كما أراها أنا - ليست كتابة تنفيسية وإنما هي كتابة جادة، تعالج قضايا حيويَّة، وتحثُّ على اتخاذ مواقف إزاء كثيرٍ من القضايا، ولكن على طريقة الرسومات الكاريكاتوريّة، أي على طريقة السخرية اللاذعة التي تبدو أحياناً مُرَّة، وتبدو أحياناً أخرى شديدة الحلاوة والمرح)
أمّا عن الملامحِ التي تُشَكّلُ شخصيّةَ الكتابة الساخرة و تُمَيِّزُها عن غيرِها يقول كاتبٌ آخر : (الكتابة الساخرة حسب وجهة نظري تفترض التباسط والسهولة في التواصل. وتداخل العامية مع الفصحى في المقال يجعل العلاقة بين القارىء والكاتب علاقة أخوية بعيدة عن الاستاذية والاستعلاء. وأظن أن قراء المقالات الساخرة قليلو العقد مما يجعلهم يتصفون بالروح الاجتماعية وحب الحياة)
نعرفُ منَ الكُتّابِ ذوي الأسلوبِ الساخرِ في كتاباتهم مثلاً أنيس منصور..إبراهيم المازني..و من غير الأقلام العربيّة برناردشو -طبعاً ! -..إلاّ أنَّ الكتاابة الساخرة لم تقتصر على النثر فحسب..بل امتدّت لتدخلَ في الشعرِ أيضاً ..
و لعلّني أذكر مثلاً على ذلك ..الشاعر التونسي (أبا الزبائد) الذي أسعدتنا الأخت الفاضلة ريم الفلا قبل فترةٍ بتقديمِ بعضِ المختاراتِ من شعرِه..
و قدَّمَ لنا الأخ مؤسّس النادي مُقَدِّمةَ ديوانِ الشاعر و التي تتجلّى لنا من خلالها وجهة نظره للأدب الساخر ..أذكر منها :
(الحمد لله مبدع الإبتسامة، ومطلع فجر الدعابة من ليل القتامة، فلولا البسمة، كانت تخنقنا الغمة، في هذه الأمة ولما كانت أحوال الأمة، عافاك الله، لا تخفي، وأدواؤها لا تشفى، فلا تنهض بأعبائها همة، ولا تجدي لشفائها قمة، حبرنا ما بين هذه السطور تفريجا للكرب، وإنارة للدرب، ومتى تجلت الغاية، لم تحوجك إلى آية، وفي هذه الكناية الكفاية)
و من أشعارِه :
(الزلزال ينضم إلى التحالف)
عرف الزلزال يوما
أنّ في كابل شيئا لم يهدم
هدر المارد دمدم
قال للأحلاف: أنتم يا تنابل
رغم أطنان القنابل
ظلّ للأفغان أكواخ وأشباه منازل
إنّ كابل من قديم الدّهر خطّ للزلازل
والبلايا والبلابل
في رباها تنعق الغربان لا تشد البلابل
والعنادل
أين رختر؟
هل ترى ما زال يشخر؟
هزّة واحدة تكفي وكابل
ستريح الناس من اّم القلاقل
و كلّنا نعرفُ أيضاً الأسلوب الساخر (اللاذع!) في شعر الشاعر العراقي الرائع أحمد مطر ..
فكرت بأن أكتب شعراً لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم.. بكل رباطة جأش
أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء!
**
راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة..
واستغنيت عن الإمضاء!
:)
معَ ذلك كلّه..تبقى وجهةُ نظرٍ -بها شيءٌ من منطق- تقول : أنّ وقتَ الضحكِ و السّخريةِ انتهى..أو يجبُ أن ينتهي..و آنَ للكتّاب التشميرَ عن أقلامِهِم الجادّةِ الفعّالة للجهاد..و لو بالكلمة !
بانتظارِ آرائكم حولَ الموضوع و مُداخلاتِكم..و مختاراتكم من الكتابات الساخرة ..
تحياتي