======= الغموض الشعري
مرسل: 07-28-2002 09:43 AM
قال ابن قدامة أحسن الشعر غموضه وأقبحه وضوحه.. سئل أبوتمام لماذا لا تقول ما يفهم.. قال لماذا لا تفهم ما يقال..
هل الغموض هو كيمياء الشعر ؟
ظاهر الغموض ممتزجة امتزاجا كامل في الشعر العربي وهي من أسرار الإبداع الشعري.. ومصدر الابتكار والرقي الأدبي.. قضية الغموض هي حديث النقاد في كل زمان ومكان.. وهي وسيلة الشعراء ووحي الأدباء ..
قال امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
إن العرب لم تقل قفوا أو قف وإنما قالت قفا..لماذا .هنا يكتمل سر الغموض ... السبب هو دعوة قفا إلى الضدية والتضاد.. هذه الدنيا خليط من المتضادات ,الشمس والقمر ,الليل والنهار وهلمّا جرّ.. كأن امرئ القيس يدعو كل هذا الكون إلى أن يبكِ معه.
قال كعب ابن زهير في مدح رسول الله:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم في إثرها لم يفد مكبول
من هي سعاد ؟ وكيف يمدح الرسول بقصيده ثلثاها غزل وثلثها مدح .. هنا لعب الغموض لعبته...سعاد هي نفس الشاعر الخائفة المضطربة عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإهدار دم كعب ابن زهير جاء كعب بقوله بانت سعاد أي افترقت عني .. يقصد نفسه التي أهدر الرسول الكريم دمها وفهم صلى الله عليه وسلم غموض هذه الأبيات و أعطاه البردة يريد أن يطمئنه ويهدي من روعه.
الغموض في شعر مجنون ليلى ( تذكرت ليلى والسنين الخوالي) لو عرف مجنون ليلى أسرار ليلى أو تزوجها لم يأتي لنا بهذا الشعر الرقيق الجميل.. لان ليلى عند الشاعر نوع من الغموض لم يعرف أسرارها وكان هذا هو السبب في تحرك مشاعره واختلاج أحاسيسه .وليلى لم تكشف لشاعر كل أسرارها وهذه هي التي ميزتها عن بنات جنسها في القبيلة العذرية وكانت من أسباب ولع الشاعر وجنونه.
ـ قال احمد شوقي :
ضمي قناعك يا سعاد أو ارفعي
هذي المحاسن ما خلقن لبرقع
هنا سعاد عند الشاعر هي النفس.. يخاطب النفس كما يخاطب الفيلسوف علماً لمّ به.. ويبحث عن الحقيقة فرآها تزيد غموضا كلما زاد بحثا..
الخمر عند أبو نواس ليست الخمر من النبيذ ولكن يقصد بها الرمزية في قصائده.كما هو معرف عند شعراء القلطة أو المحاورات اليوم الذين يستخدمون الرمز في أبياتهم عن طريق النقض والفتل..
الشاعر بديوي الوقداني في قصيدة ( أيامنا الليالي) التي تعتبر عين الشعر النبطي يقصد فيها حب فتاه كانت في مكة وذهب إلى الطائف لكي يجمع لها المهر وعندما رجع إلى مكة بعد مده وجد أن الفتاة قد تزوجت وقال فيها هذه القصيدة .. وبديوي شاعر عميق المعنى وليس بسهل فهم معانيه.
الغموض عند نازك الملائكه هو الليل وعند عبدالله الفيصل هو الحرمان.
كتب غسان في أحد قصصه عن أناس داخل خزان تحمله سيارة كبيرة لتهريبهم من العراق إلى الكويت وفي الطريق الأشخاص الذين في الخزان يدقوا على جدران الخزان ولا أحد يسمعهم وعندما وصلت هذه السيارة التي تحمل الخزان وجدوا أن الناس قد ماتوا اختناقاً داخل الخزان .. يفسر النقاد هذه القصة أن هذا الخزان هو العالم العربي والناس الذي يدقوا على جدار الخزان هم الشعب الفلسطيني والدق يصور صرخات هذا الشعب المظلوم وانه لا حياة لم تنادي وماتوا داخل الخزان أي داخل العلم العربي.
لقد اخذ لآرمست همنقواي كاتب أمريكي جائزة نوبل في قصته العجوز والبحر وهي عبارة عن إنسان داخل زورق في البحر وصاد حوتا كبيرا ولا يستطيع أن يضعه على هذا الزورق الصغير واصبح يجر هذا الحوت من الزورق وعندما وصل الشاطئ وجد أن الحوت هيكل من العظام لان الأسماك الصغيرة تأكل في هذا الحوت مسافة رجوعه إلي الشاطئ. يهمنا هنا في هذه القصة البسيطة التي أخذت اكثر الجوائز ماهية الغموض فيها ولماذا أصبحت من القصص العالمية..لان الكاتب يصور لنا الحضارة الامريكيه في هذا الحوت الذي تراه في البحر وعند الشاطئ تجده هيكل عظمي أي أن الحضارة الامريكيه زائفة .. ولقد انتحر الكاتب عندما علم هذه الحضارة الزائفة.
الحداثة هي اصطناع لغة جديده أو ثورة انتقام من اجل أن يسمع الناس كلامهم لهذا التقدم والحضارات الحديثة اصبح الشعر الفصيح لا يسمع عند العامة لذلك قاموا بالحداثة وهي أما في السياسة أو في الدين. والحداثة نوعان .. نوع يقصد به هدم التراث .. و نوع يقصد به الجدّة والمعاصرة .. والغموض عندهم مرحلة إبداعية بين الغيبوبة والوعي في الاعتماد على الفنية التركيبة من الإضافات المعينة مثل حديث الدائرة وحليب الرماد وتبادل الحواس ولكن بشكل مكثف وأن كانت هذه التراكيب موجودة في التراث ولكن يستخدمونها في إسهاب والحوار المسرحي والسردية الروائية ..
تجد في العصر شعراء في قصائدهم الغموض ولكن هو غموض لا يرجع إلى أصل وليس له دلالة ولا معنى يقوم عليه ... ودمتم على خير أيها الراشفون ...
مخلص النوايا
هل الغموض هو كيمياء الشعر ؟
ظاهر الغموض ممتزجة امتزاجا كامل في الشعر العربي وهي من أسرار الإبداع الشعري.. ومصدر الابتكار والرقي الأدبي.. قضية الغموض هي حديث النقاد في كل زمان ومكان.. وهي وسيلة الشعراء ووحي الأدباء ..
قال امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
إن العرب لم تقل قفوا أو قف وإنما قالت قفا..لماذا .هنا يكتمل سر الغموض ... السبب هو دعوة قفا إلى الضدية والتضاد.. هذه الدنيا خليط من المتضادات ,الشمس والقمر ,الليل والنهار وهلمّا جرّ.. كأن امرئ القيس يدعو كل هذا الكون إلى أن يبكِ معه.
قال كعب ابن زهير في مدح رسول الله:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم في إثرها لم يفد مكبول
من هي سعاد ؟ وكيف يمدح الرسول بقصيده ثلثاها غزل وثلثها مدح .. هنا لعب الغموض لعبته...سعاد هي نفس الشاعر الخائفة المضطربة عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإهدار دم كعب ابن زهير جاء كعب بقوله بانت سعاد أي افترقت عني .. يقصد نفسه التي أهدر الرسول الكريم دمها وفهم صلى الله عليه وسلم غموض هذه الأبيات و أعطاه البردة يريد أن يطمئنه ويهدي من روعه.
الغموض في شعر مجنون ليلى ( تذكرت ليلى والسنين الخوالي) لو عرف مجنون ليلى أسرار ليلى أو تزوجها لم يأتي لنا بهذا الشعر الرقيق الجميل.. لان ليلى عند الشاعر نوع من الغموض لم يعرف أسرارها وكان هذا هو السبب في تحرك مشاعره واختلاج أحاسيسه .وليلى لم تكشف لشاعر كل أسرارها وهذه هي التي ميزتها عن بنات جنسها في القبيلة العذرية وكانت من أسباب ولع الشاعر وجنونه.
ـ قال احمد شوقي :
ضمي قناعك يا سعاد أو ارفعي
هذي المحاسن ما خلقن لبرقع
هنا سعاد عند الشاعر هي النفس.. يخاطب النفس كما يخاطب الفيلسوف علماً لمّ به.. ويبحث عن الحقيقة فرآها تزيد غموضا كلما زاد بحثا..
الخمر عند أبو نواس ليست الخمر من النبيذ ولكن يقصد بها الرمزية في قصائده.كما هو معرف عند شعراء القلطة أو المحاورات اليوم الذين يستخدمون الرمز في أبياتهم عن طريق النقض والفتل..
الشاعر بديوي الوقداني في قصيدة ( أيامنا الليالي) التي تعتبر عين الشعر النبطي يقصد فيها حب فتاه كانت في مكة وذهب إلى الطائف لكي يجمع لها المهر وعندما رجع إلى مكة بعد مده وجد أن الفتاة قد تزوجت وقال فيها هذه القصيدة .. وبديوي شاعر عميق المعنى وليس بسهل فهم معانيه.
الغموض عند نازك الملائكه هو الليل وعند عبدالله الفيصل هو الحرمان.
كتب غسان في أحد قصصه عن أناس داخل خزان تحمله سيارة كبيرة لتهريبهم من العراق إلى الكويت وفي الطريق الأشخاص الذين في الخزان يدقوا على جدران الخزان ولا أحد يسمعهم وعندما وصلت هذه السيارة التي تحمل الخزان وجدوا أن الناس قد ماتوا اختناقاً داخل الخزان .. يفسر النقاد هذه القصة أن هذا الخزان هو العالم العربي والناس الذي يدقوا على جدار الخزان هم الشعب الفلسطيني والدق يصور صرخات هذا الشعب المظلوم وانه لا حياة لم تنادي وماتوا داخل الخزان أي داخل العلم العربي.
لقد اخذ لآرمست همنقواي كاتب أمريكي جائزة نوبل في قصته العجوز والبحر وهي عبارة عن إنسان داخل زورق في البحر وصاد حوتا كبيرا ولا يستطيع أن يضعه على هذا الزورق الصغير واصبح يجر هذا الحوت من الزورق وعندما وصل الشاطئ وجد أن الحوت هيكل من العظام لان الأسماك الصغيرة تأكل في هذا الحوت مسافة رجوعه إلي الشاطئ. يهمنا هنا في هذه القصة البسيطة التي أخذت اكثر الجوائز ماهية الغموض فيها ولماذا أصبحت من القصص العالمية..لان الكاتب يصور لنا الحضارة الامريكيه في هذا الحوت الذي تراه في البحر وعند الشاطئ تجده هيكل عظمي أي أن الحضارة الامريكيه زائفة .. ولقد انتحر الكاتب عندما علم هذه الحضارة الزائفة.
الحداثة هي اصطناع لغة جديده أو ثورة انتقام من اجل أن يسمع الناس كلامهم لهذا التقدم والحضارات الحديثة اصبح الشعر الفصيح لا يسمع عند العامة لذلك قاموا بالحداثة وهي أما في السياسة أو في الدين. والحداثة نوعان .. نوع يقصد به هدم التراث .. و نوع يقصد به الجدّة والمعاصرة .. والغموض عندهم مرحلة إبداعية بين الغيبوبة والوعي في الاعتماد على الفنية التركيبة من الإضافات المعينة مثل حديث الدائرة وحليب الرماد وتبادل الحواس ولكن بشكل مكثف وأن كانت هذه التراكيب موجودة في التراث ولكن يستخدمونها في إسهاب والحوار المسرحي والسردية الروائية ..
تجد في العصر شعراء في قصائدهم الغموض ولكن هو غموض لا يرجع إلى أصل وليس له دلالة ولا معنى يقوم عليه ... ودمتم على خير أيها الراشفون ...
مخلص النوايا