هل الشعر المنثور ينتمي للشعر
مرسل: 05-30-2002 08:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحبة,
لقد رأيت كثيراً من الجدل في الآونة الأخيرة حول موضوع شعرية الشعر "الحداثي" وشعر النثر. وأحب أن أشارك في هذا الموضوع وأساس هذا الموضوع هو رد على موضوع الفاضل "تأبط حلماً" ولأهمية الموضوع -في رأيي- أحببت أن أعيده عليكم كموضوع مستقل -إذا سمحتم- مع بعض التعديلات.
قبل البدء أود أن انبه الى أمر هام وهو التفريق بين "الحداثي" و "الحديث"
لأن الحداثة هي ايدلوجية ومذهب فكري ساندته أمريكا أيام الستينيات والسبعينيات لمجابهة الايدلوجية الشيوعية بما فيها من مطالبة بحقوق المظلومين فكان تأثر الشباب فيها خير -في رأيهم- من انخراطهم في الشيوعية. فالحداثة هو فكر انصب على الحياة الثقافية الغربية ودخلت مبادئة في شتى الفنون مثل الموسيقى والرسم والشعر. إنه الرسالة التي حملته هذه الأمور وليس الطريقة التي عرضت بها. والحداثة مجرد اسم لها وليس معناه كل ما هو جديد, أي أنه حتى بعد مائة عام عندما يعفو على هذا المنهج الزمن سيظل اسم هذا الفكر الحداثة.
فموضوعنا هنا هو الشعر الحديث والذي ابتدأته على الأرجح نازك.
الملاحظ أن كل الشعراء عندما كتبوا الشعر الحديث لم ينبذو التفعيلة بل استخدموها في كل أشعارهم ولكن كل مافعلوه هو أنهم كما تفضلت ميلاد غيروا الطريقة العمودية في رص التفعيلات إلى شعر التفعيلة التي تلتزم هامش أكثر مرونة في رص هذه التفعيلات وفي اعتماد القافية ولكن كل من التفعيلات والقافية كانتا دائماً موجودتين. وهذا الضرب من الشعر اسمه شعر التفعيلة. وهو يختلف تماماً عن ما يسمى بـ "الشعر المنثور"
إشكالية "الشعر المنثور"
من خلال ملاحظاتي الشخصية أن إشكالية الشعر المنثور تتعقد في مسألتين, واحدة ذات طابع أخلاقي والأخرى ذات طابع فني:
أما الأولى أيها القارئ الحبيب فقد تأتت من كون هذا الضرب من الفن قد نشأ أول ما نشأ في بيئة متأثرة بالفكر الحداثي بل نتجت في رأيي الشخصي عن "ترجمة" لطريقة الشعر الإنجليزي والفرنسي والطريف في الأمر أن كثير من ذوي التوجه الشيوعي من العرب قد استحسنوه رغم أنه ازدهر كما أسلفت بدعم من العالم الغربي كفكر ضد الشيوعية.
هذا من ناحية تاريخية, أما حالياً فالمشكلة أن السواد الأعظم من منتوجات "الشعر المنثور" لا تكرس الحضارة الإسلامية\العربية بل هي امتداد للحضارة الغربية والتي هي نفسها حاربت الفكر الشيوعي لمجرد أنه من حضارة أخرى.
إذاً فهذه اشكالية المضمون الفكري للمنتوجات الشعر المنثور. وفي رأيي المتواضع أنه إذا استخدم هذا الضرب من الفن في تكريس الحضارة الاسلامية -ليست بشرط الدينية منها- فسيذوب حاجز كبير.
والصعب في الأمر أن المتحمسين للحضارة الإسلامية يعشقون الشعر الموزون بأنواعه من العمودي والتفعيلي. وهم لا يفضلونه أيضاً بسبب الإشكالية الفنية لــ"قصيدة النثر".
الإشكالية الفنية لـــ"الشعر المنثور"
تتلخص الاشكالية الفنية لقصيدة النثر في: انتسابها للشعر
والذي خلق هذه المشكلة هو عدم التزامه التفعيلة أو القافية.
وهذا في رأي شعراء التفعيلة أنفسهم ليس شعراً, ومنهم نزار (الشاعر المشهور وليس كاتب هذه السطور) فقد احتج على تسميته شعرا أصلاً (مع استحسانه له) ودعا إلى تسميته أي اسم آخر مثل "الكلام الجميل".
صحيح أنه لامشاحة في الاصطلاح ولكن تسمية "الشعر المنثور لاتصح بالتعريف. فالتفعيلة كما اسلفت ميلاد -في الموضوع الأول- هو الشعرة التي تفصل الشعر
من ناحية أخرى, سيتسبب قبوله كشعر في إدخال نصوص القرآن الكريم في نفس التعريف. لأنه لو صحت تسميته شعراً لصحت تسمية سورة الرحمن مثلاً شعراً منثوراً. وبما أن القرآن ليس شعراً فسيصبح تعريف الشعر المنثور مستحيلاً - رأي شخصي-
لذا فإنني أقرر أن أغلب منتوجات أدونيس الأدبية لاتصح تسميتها بالشعر مع تقديري للجيد منها وذلك لأنها لاتلتزم أي نوع من التفعيلات.
تقديري لجميع من شاركوا في هذا الموضوع القديم المثير وبقيت مسألة أحب أن اساهم فيها إذا سمحتم أيها الطيبون وهي أن الشعر العمودي لم يكن يوماً "مشكلة" لشعرائه الأقدمين وبعض الحديثين لأنهم كانوا ذوي لغة قويةولم يكونوا -غالباً- يكتبون القافية أولاً ثم بقية القصيدة. لا. ولكن تمكنهم من اللغة مكنهم من قول الشعر بنفس الإنسيابية التي أكتب بها كلماتي أو أسهل. بدليل ارتجالهم لكثير من أشعارهم. ولكن برزت المشكلة أكثر في الفترات الأخيرة عندما اضمحلت قدرات المستمعين أولاً فانحصر الشعراء في الكلمات المفهومة. وقلت أيضاً -كثيراً أو قليلاً- قدرات الشعراء اللغوية مما رغبهم عنه.
والحمد لله
أيها الأحبة,
لقد رأيت كثيراً من الجدل في الآونة الأخيرة حول موضوع شعرية الشعر "الحداثي" وشعر النثر. وأحب أن أشارك في هذا الموضوع وأساس هذا الموضوع هو رد على موضوع الفاضل "تأبط حلماً" ولأهمية الموضوع -في رأيي- أحببت أن أعيده عليكم كموضوع مستقل -إذا سمحتم- مع بعض التعديلات.
قبل البدء أود أن انبه الى أمر هام وهو التفريق بين "الحداثي" و "الحديث"
لأن الحداثة هي ايدلوجية ومذهب فكري ساندته أمريكا أيام الستينيات والسبعينيات لمجابهة الايدلوجية الشيوعية بما فيها من مطالبة بحقوق المظلومين فكان تأثر الشباب فيها خير -في رأيهم- من انخراطهم في الشيوعية. فالحداثة هو فكر انصب على الحياة الثقافية الغربية ودخلت مبادئة في شتى الفنون مثل الموسيقى والرسم والشعر. إنه الرسالة التي حملته هذه الأمور وليس الطريقة التي عرضت بها. والحداثة مجرد اسم لها وليس معناه كل ما هو جديد, أي أنه حتى بعد مائة عام عندما يعفو على هذا المنهج الزمن سيظل اسم هذا الفكر الحداثة.
فموضوعنا هنا هو الشعر الحديث والذي ابتدأته على الأرجح نازك.
الملاحظ أن كل الشعراء عندما كتبوا الشعر الحديث لم ينبذو التفعيلة بل استخدموها في كل أشعارهم ولكن كل مافعلوه هو أنهم كما تفضلت ميلاد غيروا الطريقة العمودية في رص التفعيلات إلى شعر التفعيلة التي تلتزم هامش أكثر مرونة في رص هذه التفعيلات وفي اعتماد القافية ولكن كل من التفعيلات والقافية كانتا دائماً موجودتين. وهذا الضرب من الشعر اسمه شعر التفعيلة. وهو يختلف تماماً عن ما يسمى بـ "الشعر المنثور"
إشكالية "الشعر المنثور"
من خلال ملاحظاتي الشخصية أن إشكالية الشعر المنثور تتعقد في مسألتين, واحدة ذات طابع أخلاقي والأخرى ذات طابع فني:
أما الأولى أيها القارئ الحبيب فقد تأتت من كون هذا الضرب من الفن قد نشأ أول ما نشأ في بيئة متأثرة بالفكر الحداثي بل نتجت في رأيي الشخصي عن "ترجمة" لطريقة الشعر الإنجليزي والفرنسي والطريف في الأمر أن كثير من ذوي التوجه الشيوعي من العرب قد استحسنوه رغم أنه ازدهر كما أسلفت بدعم من العالم الغربي كفكر ضد الشيوعية.
هذا من ناحية تاريخية, أما حالياً فالمشكلة أن السواد الأعظم من منتوجات "الشعر المنثور" لا تكرس الحضارة الإسلامية\العربية بل هي امتداد للحضارة الغربية والتي هي نفسها حاربت الفكر الشيوعي لمجرد أنه من حضارة أخرى.
إذاً فهذه اشكالية المضمون الفكري للمنتوجات الشعر المنثور. وفي رأيي المتواضع أنه إذا استخدم هذا الضرب من الفن في تكريس الحضارة الاسلامية -ليست بشرط الدينية منها- فسيذوب حاجز كبير.
والصعب في الأمر أن المتحمسين للحضارة الإسلامية يعشقون الشعر الموزون بأنواعه من العمودي والتفعيلي. وهم لا يفضلونه أيضاً بسبب الإشكالية الفنية لــ"قصيدة النثر".
الإشكالية الفنية لـــ"الشعر المنثور"
تتلخص الاشكالية الفنية لقصيدة النثر في: انتسابها للشعر
والذي خلق هذه المشكلة هو عدم التزامه التفعيلة أو القافية.
وهذا في رأي شعراء التفعيلة أنفسهم ليس شعراً, ومنهم نزار (الشاعر المشهور وليس كاتب هذه السطور) فقد احتج على تسميته شعرا أصلاً (مع استحسانه له) ودعا إلى تسميته أي اسم آخر مثل "الكلام الجميل".
صحيح أنه لامشاحة في الاصطلاح ولكن تسمية "الشعر المنثور لاتصح بالتعريف. فالتفعيلة كما اسلفت ميلاد -في الموضوع الأول- هو الشعرة التي تفصل الشعر
من ناحية أخرى, سيتسبب قبوله كشعر في إدخال نصوص القرآن الكريم في نفس التعريف. لأنه لو صحت تسميته شعراً لصحت تسمية سورة الرحمن مثلاً شعراً منثوراً. وبما أن القرآن ليس شعراً فسيصبح تعريف الشعر المنثور مستحيلاً - رأي شخصي-
لذا فإنني أقرر أن أغلب منتوجات أدونيس الأدبية لاتصح تسميتها بالشعر مع تقديري للجيد منها وذلك لأنها لاتلتزم أي نوع من التفعيلات.
تقديري لجميع من شاركوا في هذا الموضوع القديم المثير وبقيت مسألة أحب أن اساهم فيها إذا سمحتم أيها الطيبون وهي أن الشعر العمودي لم يكن يوماً "مشكلة" لشعرائه الأقدمين وبعض الحديثين لأنهم كانوا ذوي لغة قويةولم يكونوا -غالباً- يكتبون القافية أولاً ثم بقية القصيدة. لا. ولكن تمكنهم من اللغة مكنهم من قول الشعر بنفس الإنسيابية التي أكتب بها كلماتي أو أسهل. بدليل ارتجالهم لكثير من أشعارهم. ولكن برزت المشكلة أكثر في الفترات الأخيرة عندما اضمحلت قدرات المستمعين أولاً فانحصر الشعراء في الكلمات المفهومة. وقلت أيضاً -كثيراً أو قليلاً- قدرات الشعراء اللغوية مما رغبهم عنه.
والحمد لله