ماهي السعادة؟
المشرف: مجدي
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
<font size=4 color=purple><p align=center>
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهي السعادة؟؟
السعادة هي ذلك الشعور المستمر بالغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة
وهذا الشعور السعيد يأتي نتيجة الإحساس الدائم بخيرية الذات وخيرية الحياة وخيرية المصير
وهذه الأشياء الثلاثة هي التي تحقق معنى السعادة
وهناك أشياء كثيرة يعتبرها الإنسان جالبة للسعاده وما هي إلا مجرد وهم من اوهام السعادة
منها
السعادة في المال
السعادة في الشهرة
السعادة في نيل الشهادات
السعادة في المنصب
وكثيرين من يعتقدون بأن تلك الأشياء تجلب لهم السعادة ويتصوروها حقيقة وماهي إلا مجرد وهم
إذن أين تكمن السعادة السعادة الحقيقية؟؟؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجدر بنا القول أن للسعادة موانع
هذا بعض منها
الكفر
عمل المعاصي والآثام
الحسد والغيرة
الحقد والغل
الغضب
الظلم
الخوف من غير الله عز وجل
التشاؤم
سوء الظن
الكبر
تعلق القلب بغير الله
المخدرات
ولو تجنبنا كل هذه الموانع سنصل حتماً وبإن الله للسعادة الحقيقية
والتي تكمن في الأيمان بالله والعمل الصالح
الأيمان بالقضاء والقدر خيره وشره
العلم الشرعي
الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن
إنشراح الصدر وسلامته من الأدغال
الإحسان إلى الناس
النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من
هو فوقك في أمور الآخرة
قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا والإستعداد ليوم الرحيل
اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا
مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة
الكلمة الطيبة ودفع السيئة بالحسنة
الإلتجاء إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء
ختاماً أقول
فنلحق بركب السعداء
ولنعش سعادة حقيقية غير وهمية
لنفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيداً عن كل المنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان والعمل الصالح
فأن الله عز وجل يقول
من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}
{ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك عى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
<font size=4 color=navy>
وصلني على الايميل
تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهي السعادة؟؟
السعادة هي ذلك الشعور المستمر بالغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة
وهذا الشعور السعيد يأتي نتيجة الإحساس الدائم بخيرية الذات وخيرية الحياة وخيرية المصير
وهذه الأشياء الثلاثة هي التي تحقق معنى السعادة
وهناك أشياء كثيرة يعتبرها الإنسان جالبة للسعاده وما هي إلا مجرد وهم من اوهام السعادة
منها
السعادة في المال
السعادة في الشهرة
السعادة في نيل الشهادات
السعادة في المنصب
وكثيرين من يعتقدون بأن تلك الأشياء تجلب لهم السعادة ويتصوروها حقيقة وماهي إلا مجرد وهم
إذن أين تكمن السعادة السعادة الحقيقية؟؟؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجدر بنا القول أن للسعادة موانع
هذا بعض منها
الكفر
عمل المعاصي والآثام
الحسد والغيرة
الحقد والغل
الغضب
الظلم
الخوف من غير الله عز وجل
التشاؤم
سوء الظن
الكبر
تعلق القلب بغير الله
المخدرات
ولو تجنبنا كل هذه الموانع سنصل حتماً وبإن الله للسعادة الحقيقية
والتي تكمن في الأيمان بالله والعمل الصالح
الأيمان بالقضاء والقدر خيره وشره
العلم الشرعي
الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن
إنشراح الصدر وسلامته من الأدغال
الإحسان إلى الناس
النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من
هو فوقك في أمور الآخرة
قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا والإستعداد ليوم الرحيل
اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا
مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة
الكلمة الطيبة ودفع السيئة بالحسنة
الإلتجاء إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء
ختاماً أقول
فنلحق بركب السعداء
ولنعش سعادة حقيقية غير وهمية
لنفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيداً عن كل المنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان والعمل الصالح
فأن الله عز وجل يقول
من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}
{ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك عى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
<font size=4 color=navy>
وصلني على الايميل
تحياتي
قلبٌ بين أنياب الزمن
-
- بوح دائم
- مشاركات: 173
- اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
- اتصال:
[] ما المسرة ?? []
تحياتي سيدتي
ألأ بذكر الله تطمئن القلوب
صلينا واياك على الحبيب المصطفى (ص)
كتبت ما المسره او ما السعاده في خاطره امل ان تنال المعنى المنشود
ولك مني اجل ايات الصدق و العرفان
[] ما المسرة ?? []
أعواد نخلٍ
أو سعفٍ غشي الضوء بحره
يغيب الضوء
فلا يحرق بره
ما المسرة
نزوة عابرة فيها من الروح
لبحث آلآم بسره
ما المسرة
ولما ليس يبقي
وكل هذه لا تخلد المسره
أبحث عن معنا
يطيل العمر
في حكم المسرة
في حدود لحدود لحدود
في النوى
أصغر ما في أصغر زره
لست إلى مبحرا
رافعا أعلام بيض حره
لا ترقي الأسباب
خشية هفوي وما
حملت نفسي
مثقال ميزان المعرة
وخلودي إلى الأرض
مثل الذي انسلخ من عين السنا
وغره
طيب المقام
وإنفصام ذرات من ذراته المقره
وغره
يوم طويل
وإسترسل الأتعاب
مشق الساعات
من عمل سره مقره
لن أموت
وإني عاملاً
بما عملت وإلا
كالحمار يحمل أسفاراً بحره
ما المسره
بصيرتا بقلبها
تجمع أسباب المسره
ألأ بذكر الله تطمئن القلوب
صلينا واياك على الحبيب المصطفى (ص)
كتبت ما المسره او ما السعاده في خاطره امل ان تنال المعنى المنشود
ولك مني اجل ايات الصدق و العرفان
[] ما المسرة ?? []
أعواد نخلٍ
أو سعفٍ غشي الضوء بحره
يغيب الضوء
فلا يحرق بره
ما المسرة
نزوة عابرة فيها من الروح
لبحث آلآم بسره
ما المسرة
ولما ليس يبقي
وكل هذه لا تخلد المسره
أبحث عن معنا
يطيل العمر
في حكم المسرة
في حدود لحدود لحدود
في النوى
أصغر ما في أصغر زره
لست إلى مبحرا
رافعا أعلام بيض حره
لا ترقي الأسباب
خشية هفوي وما
حملت نفسي
مثقال ميزان المعرة
وخلودي إلى الأرض
مثل الذي انسلخ من عين السنا
وغره
طيب المقام
وإنفصام ذرات من ذراته المقره
وغره
يوم طويل
وإسترسل الأتعاب
مشق الساعات
من عمل سره مقره
لن أموت
وإني عاملاً
بما عملت وإلا
كالحمار يحمل أسفاراً بحره
ما المسره
بصيرتا بقلبها
تجمع أسباب المسره
طلقينى فالليالي قيود
------------
~¤§‡ علي الموسوي السيهاتي‡§¤~
------------
~¤§‡ علي الموسوي السيهاتي‡§¤~
-
- رشف مميز
- مشاركات: 2702
- اشترك في: 05-06-2001 10:21 PM
- اتصال:
<DIV align=justify><FONT size=4 color=blue face=
إذن أين تكمن السعادة السعادة الحقيقية؟؟؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجدر بنا القول أن للسعادة موانع
هذا بعض منها
الكفر
عمل المعاصي والآثام
الحسد والغيرة
الحقد والغل
الغضب
الظلم
الخوف من غير الله عز وجل
التشاؤم
سوء الظن
الكبر
تعلق القلب بغير الله
المخدرات
***
<DIV align=justify><FONT size=4 color=Purple face=
شكرا لأنك لامست الكثير والكثير في دواخلنا ياوحيدة
اختيار بريدي موفق..:)
إذن أين تكمن السعادة السعادة الحقيقية؟؟؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجدر بنا القول أن للسعادة موانع
هذا بعض منها
الكفر
عمل المعاصي والآثام
الحسد والغيرة
الحقد والغل
الغضب
الظلم
الخوف من غير الله عز وجل
التشاؤم
سوء الظن
الكبر
تعلق القلب بغير الله
المخدرات
***
<DIV align=justify><FONT size=4 color=Purple face=
شكرا لأنك لامست الكثير والكثير في دواخلنا ياوحيدة
اختيار بريدي موفق..:)
رشف المعاني
-
- رشف مميز
- مشاركات: 1142
- اشترك في: 05-12-2001 02:52 PM
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
من منا لايريد السعادة؟؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
- يقول ديل كارينجي في كتابه(دع القلق وابدأ الحياة):
إن تسعين في المائة من أمورنا تسير في طريق مستقيم وعشرة في المائة فقط تشذ عن الطريق فاذا اردت أن تكون سعيدا فركزا اهتمامك في هذه التسعين في المائة من امورك وتجاهل العشرة الباقية. اما اذا أردت ان تحيل حياتك الى سعير فالامر هين: ماعليك الا أن تركز اهتمامك في أمورك الضئيلة التي تنكب الطريق السوي.
قال احد الأشخاص:
(كاد القلق يبددني هباء لأن قدمي بلا حذاء الى ان صادفت من يومين شخصا بلا ساقين).
اذا امعنا النظر فاننا نجد ان الحياة توفر قدرا كافيا من اسباب السعادة وامكانياتها المادية وبذلك فان مانحتاجه ليس مزيدا من الأسباب والامكانيات المادية في اكثر الأحيان وانما هو المزيد من ادراك ماهو متوفر لنا من تلك الاسباب والامكانيات والتكيف معه في كل الاحيان.
اننا محتاجون الى تكييف أنفسنا مع معطيات الحياة اكثر مما نحن محتاجون الى اسباب وامكانيات من خارج انفسنا.
فيجب ان نقنع بالقدر الممكن أو الحد المعقول أخلاقيا من المتطلبات الحياتية وان نضع لأنفسنا هفا اجتماعيا خيرا للسعي في طلب المزيد من الكسب المادي والمعنوي فالانسان اذا لم يكن له هدف اجتماعي خير يناضل ويضحي في سبيله فانه يفقد انسانيته وبالتالي يفقد سعادته.
(احصي نعم الله عليك بدلا من ان تحصي متاعبك)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
مقتطفات مقتبسه من كتاب (سبل السعادة) للكاتب سعد خلف
تحياتي للجميع
من منا لايريد السعادة؟؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
- يقول ديل كارينجي في كتابه(دع القلق وابدأ الحياة):
إن تسعين في المائة من أمورنا تسير في طريق مستقيم وعشرة في المائة فقط تشذ عن الطريق فاذا اردت أن تكون سعيدا فركزا اهتمامك في هذه التسعين في المائة من امورك وتجاهل العشرة الباقية. اما اذا أردت ان تحيل حياتك الى سعير فالامر هين: ماعليك الا أن تركز اهتمامك في أمورك الضئيلة التي تنكب الطريق السوي.
قال احد الأشخاص:
(كاد القلق يبددني هباء لأن قدمي بلا حذاء الى ان صادفت من يومين شخصا بلا ساقين).
اذا امعنا النظر فاننا نجد ان الحياة توفر قدرا كافيا من اسباب السعادة وامكانياتها المادية وبذلك فان مانحتاجه ليس مزيدا من الأسباب والامكانيات المادية في اكثر الأحيان وانما هو المزيد من ادراك ماهو متوفر لنا من تلك الاسباب والامكانيات والتكيف معه في كل الاحيان.
اننا محتاجون الى تكييف أنفسنا مع معطيات الحياة اكثر مما نحن محتاجون الى اسباب وامكانيات من خارج انفسنا.
فيجب ان نقنع بالقدر الممكن أو الحد المعقول أخلاقيا من المتطلبات الحياتية وان نضع لأنفسنا هفا اجتماعيا خيرا للسعي في طلب المزيد من الكسب المادي والمعنوي فالانسان اذا لم يكن له هدف اجتماعي خير يناضل ويضحي في سبيله فانه يفقد انسانيته وبالتالي يفقد سعادته.
(احصي نعم الله عليك بدلا من ان تحصي متاعبك)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
مقتطفات مقتبسه من كتاب (سبل السعادة) للكاتب سعد خلف
تحياتي للجميع
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ينبوع السعادة
(عن احد المنتديات)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها" أخرجه الترمذي وابن ماجة.
اختلفت قناعات الناس حول مفهوم السعادة، كل حسب ميوله وأهوائه وتكوينه، فمنهم من يراها في جمع المال، ومنهم من يراها في إشباع الرغبات العاطفية والجسدية، ومنهم من يراها في الانفلات والحرية، ومنهم من يراها في الصحة والعافية ...
هؤلاء، عندما يتمكنون مما ظنوه سعادة .. إذا بهم بعد قليل يملون ويسأمون. أما أهل العقل والخبرة والإيمان، فغالبا ما تصح قناعاتهم ..
<< السعادة في رحاب الإيمان:
فالمؤمن كل أمره لفي خير، لا يغشى هما، ولا يخشى فقدا، أو مفقودا عنه ، وليس ذلك إلا للمؤمن. ومن هذا المنطلق فإن الإيمان بالله تعالى هو رأس الفضائل ولجام الرذائل، وسند العزائم، وبلسم الصبر عند المصائب.
يقول الشاعر الحطيئة:
ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا
وعند الله للأتقى مزيد
وما لا بد أن يأتي قريب
ولكن الذي يمضي بعيد
وتأمل المقابلة القرآنية بين الهدى والفلاح، وبين الضلال والشقاء.
يقول تعالى: "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى* ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى*"
وصدق أحد الصالحين حينما قال: نحن في سعادة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.
<< السعادة في عافية النفس والجسم:
إن هذه السعادة لا يقدرها إلا الذي يعيش ليله ونهاره مروع البال، فاقدا للطمأنينة، مهددا في أي وقت بالطرد أو بالسجن أو بالقتل، كذلك من ذاق طعم الجوع ، وعانى آلام ولوعة المرض، فنطق بها الحكي : الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يعرفها إلا المرضى.
<< السعادة في نقاء الضمير:
والإحساس بالعطاء والنبوغ، وليست كما يعتقد الكثير أنها في الشهوة، وحيازة المال، ومعيشة الترف.
يقول الشاعر أحمد شوقي:
وغير الثراء وغير الترف
فإن السعادة غير الظهور
إذا هو باللوم لم يكتشف
ولكنها في نواحي الضمير
تلقى من الحظ أسنى الشرف
وروموا النبوغ فمن ناله
<< السعادة في أن تكون ذا رسالة تعيش لها وبها في الحياة:
ولا تعيش حياة الخنوع والخمول، ومع السائرين خلف كل ناعق، وقد عبر عن ذلك ببراعة الشيخ العالم يوسف القرضاوي:
قالوا السعادة في السكون
وفي الخمول وفي الخمود
في العيش بين الأهل لا
عيش المهاجر والطريد
في المشي خلف الركب في
دعة وفي خطو وئيد
قلت: الحياة هي التحرك
لا السكون ولا الهمود
وهي الجهاد، وهل يجا
هـد من تعلق بالقعود
هي أن تعيش خليفة
في الأرض شأنك أن تسود
ينبوع السعادة
(عن احد المنتديات)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها" أخرجه الترمذي وابن ماجة.
اختلفت قناعات الناس حول مفهوم السعادة، كل حسب ميوله وأهوائه وتكوينه، فمنهم من يراها في جمع المال، ومنهم من يراها في إشباع الرغبات العاطفية والجسدية، ومنهم من يراها في الانفلات والحرية، ومنهم من يراها في الصحة والعافية ...
هؤلاء، عندما يتمكنون مما ظنوه سعادة .. إذا بهم بعد قليل يملون ويسأمون. أما أهل العقل والخبرة والإيمان، فغالبا ما تصح قناعاتهم ..
<< السعادة في رحاب الإيمان:
فالمؤمن كل أمره لفي خير، لا يغشى هما، ولا يخشى فقدا، أو مفقودا عنه ، وليس ذلك إلا للمؤمن. ومن هذا المنطلق فإن الإيمان بالله تعالى هو رأس الفضائل ولجام الرذائل، وسند العزائم، وبلسم الصبر عند المصائب.
يقول الشاعر الحطيئة:
ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا
وعند الله للأتقى مزيد
وما لا بد أن يأتي قريب
ولكن الذي يمضي بعيد
وتأمل المقابلة القرآنية بين الهدى والفلاح، وبين الضلال والشقاء.
يقول تعالى: "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى* ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى*"
وصدق أحد الصالحين حينما قال: نحن في سعادة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.
<< السعادة في عافية النفس والجسم:
إن هذه السعادة لا يقدرها إلا الذي يعيش ليله ونهاره مروع البال، فاقدا للطمأنينة، مهددا في أي وقت بالطرد أو بالسجن أو بالقتل، كذلك من ذاق طعم الجوع ، وعانى آلام ولوعة المرض، فنطق بها الحكي : الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يعرفها إلا المرضى.
<< السعادة في نقاء الضمير:
والإحساس بالعطاء والنبوغ، وليست كما يعتقد الكثير أنها في الشهوة، وحيازة المال، ومعيشة الترف.
يقول الشاعر أحمد شوقي:
وغير الثراء وغير الترف
فإن السعادة غير الظهور
إذا هو باللوم لم يكتشف
ولكنها في نواحي الضمير
تلقى من الحظ أسنى الشرف
وروموا النبوغ فمن ناله
<< السعادة في أن تكون ذا رسالة تعيش لها وبها في الحياة:
ولا تعيش حياة الخنوع والخمول، ومع السائرين خلف كل ناعق، وقد عبر عن ذلك ببراعة الشيخ العالم يوسف القرضاوي:
قالوا السعادة في السكون
وفي الخمول وفي الخمود
في العيش بين الأهل لا
عيش المهاجر والطريد
في المشي خلف الركب في
دعة وفي خطو وئيد
قلت: الحياة هي التحرك
لا السكون ولا الهمود
وهي الجهاد، وهل يجا
هـد من تعلق بالقعود
هي أن تعيش خليفة
في الأرض شأنك أن تسود
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
كيف تكون ســعيدا، درس من الفيلسوف أبو قراط:
(عن احد المنتديات)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ان ما قاله المؤلفون المسرحيون من العصر الفكتوري وأيده خفيف الظل أوسكار وايلد، هو أن هناك مصيبتان قد تصادفان الانسان في حياته، الأولى هي أن لا يحصل الانسان على ما يرغب فيه قلبه، والثانية هي أن يحصل عليه.
ان استنتاج كهذا كان قد تحدث عنه قبل ألفي عام الفيلسوف الاغريقي أبو قراط. وقد لاحظ الفيلسوف أبو قراط شيئين عن الانسان، الأول هو أن كل انسان يقضي وقتا ويبذل مجهودا لا بأس بهما من أجل تحقيق أهدافه مثل الحصول على المال والبحث عن الشهرة أو تحقيق أية انتصارات أخرى.
والشئ الآخر الذي لاحظه أبو قراط أن أناسا كثيرين كانوا غير سعداء، حتى أولئك الذين حققوا أهدافهم، ولكن بعد بضع سنين أو بضعة أشهر من تحقيق أهدافهم الوظيفية أو حتى أهدافهم الشخصية، التي كانوا مصممين عليها وجدوا أنهم بعد كل ذلك لا يزالون تعساء كما كانو من قبل.
وكردة فعل على ذلك نجد أن كثيرا منهم قضوا وقتا أطول في سبيل الحصول على أموال أكثر و وظائف أحسن، وأصدقاء أكثر ذكاء.
اعتقد أبو قراط بأن هذه غلطة كبيرة وأنه من الأنسب أن تقضي وقتا أقل في العمل على تحقيق أهدافنا ووقتا أكبر للتفكير فيما اذا كانت هذه الأهداف تساوي الجهد المبذول أم لا.
لم يخبرنا أبوقراط بأن ما كنا نفعله هو خطأ، انما ابتكر طريقة تساعدنا على أن نكون أكثر سعادة في حياتنا.
ان الطريقة التالية ممكن تطبيقها في كل الحالات وهي :
ماذا يحدث لي فيما اذا تحقق الهدف الذي كنت أعمل من أجله؟
ماذا يحدث اذا لم يتحقق الهدف؟
ان نصيحة أبو قراط ممكن أن تطبق لكل الأهداف الطويلة الأمد، كالحصول على سيارة أكبر سرعة، أو الحصول على ترقية في نطاق العمل، أو شراء منزل جديد. وكذلك يمكن تطبقها للأهداف اليومية، مثلا الحصول على غذاء اضافي، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني، أو كتابة رسالة بالبريد الالكتروني تعلن فيها عن مدى سخطك على مديرك.
ينصحنا أبو قراط بأن نفكر في كل حالة بالأمور التي يمكن أن تحقق رغباتنا، ويخبرنا عن كيفية تعديل هذه الرغبات، مثلا كتابة تلك الرسالة الالكترونية الى الرئيس في العمل اذا كنت تعتقد بأنها قد تجعلك تشعر بتحسن ولو لوقت قصير.
يخبرنا أبو قراط كيف نصل الى رغباتنا الموجودة ولكننا نصبح أكثر سعادة بخلق رغبات جديدة تبعا لما يمكن أن نجعلنا سعداء.
الأسئلة التالية محاولة للمساعدة في عمل ذلك:
1. ما هي النسبة المئوية لمعدل سعادتي اليوم؟
2. ماذا من الممكن أن أعمل حتى أزيد هذا المعدل؟
الخطوة الثالثة هي أن تضع لنفسك هدفا تستطيع به تحقيق سعادتك، مثلا ربما تقرر أن نسبة سعادتك اليوم كانت 60% ومن الممكن زيادتها الى 70% اذا استطعت أن تتبادل الحديث مع صديق قديم.
طريقة معدل السعادة هذه تخبرنا كيف من الممكن أن نتحدث مع صديق قديم. ومثل كل الأشياء الجميلة في الحياة فان طريقة أبو قراط وطريقة معدل السعادة، هي طرق بسيطة وبدون مقابل بل من الممكن أن يجعلاك تتفادى مصيبة قد تكون على وشك الوقوع. اتبع هذه الطريقة وحاول أن تحقق السعادة وليس التعاسة لقلبك.
كيف تكون ســعيدا، درس من الفيلسوف أبو قراط:
(عن احد المنتديات)
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ان ما قاله المؤلفون المسرحيون من العصر الفكتوري وأيده خفيف الظل أوسكار وايلد، هو أن هناك مصيبتان قد تصادفان الانسان في حياته، الأولى هي أن لا يحصل الانسان على ما يرغب فيه قلبه، والثانية هي أن يحصل عليه.
ان استنتاج كهذا كان قد تحدث عنه قبل ألفي عام الفيلسوف الاغريقي أبو قراط. وقد لاحظ الفيلسوف أبو قراط شيئين عن الانسان، الأول هو أن كل انسان يقضي وقتا ويبذل مجهودا لا بأس بهما من أجل تحقيق أهدافه مثل الحصول على المال والبحث عن الشهرة أو تحقيق أية انتصارات أخرى.
والشئ الآخر الذي لاحظه أبو قراط أن أناسا كثيرين كانوا غير سعداء، حتى أولئك الذين حققوا أهدافهم، ولكن بعد بضع سنين أو بضعة أشهر من تحقيق أهدافهم الوظيفية أو حتى أهدافهم الشخصية، التي كانوا مصممين عليها وجدوا أنهم بعد كل ذلك لا يزالون تعساء كما كانو من قبل.
وكردة فعل على ذلك نجد أن كثيرا منهم قضوا وقتا أطول في سبيل الحصول على أموال أكثر و وظائف أحسن، وأصدقاء أكثر ذكاء.
اعتقد أبو قراط بأن هذه غلطة كبيرة وأنه من الأنسب أن تقضي وقتا أقل في العمل على تحقيق أهدافنا ووقتا أكبر للتفكير فيما اذا كانت هذه الأهداف تساوي الجهد المبذول أم لا.
لم يخبرنا أبوقراط بأن ما كنا نفعله هو خطأ، انما ابتكر طريقة تساعدنا على أن نكون أكثر سعادة في حياتنا.
ان الطريقة التالية ممكن تطبيقها في كل الحالات وهي :
ماذا يحدث لي فيما اذا تحقق الهدف الذي كنت أعمل من أجله؟
ماذا يحدث اذا لم يتحقق الهدف؟
ان نصيحة أبو قراط ممكن أن تطبق لكل الأهداف الطويلة الأمد، كالحصول على سيارة أكبر سرعة، أو الحصول على ترقية في نطاق العمل، أو شراء منزل جديد. وكذلك يمكن تطبقها للأهداف اليومية، مثلا الحصول على غذاء اضافي، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني، أو كتابة رسالة بالبريد الالكتروني تعلن فيها عن مدى سخطك على مديرك.
ينصحنا أبو قراط بأن نفكر في كل حالة بالأمور التي يمكن أن تحقق رغباتنا، ويخبرنا عن كيفية تعديل هذه الرغبات، مثلا كتابة تلك الرسالة الالكترونية الى الرئيس في العمل اذا كنت تعتقد بأنها قد تجعلك تشعر بتحسن ولو لوقت قصير.
يخبرنا أبو قراط كيف نصل الى رغباتنا الموجودة ولكننا نصبح أكثر سعادة بخلق رغبات جديدة تبعا لما يمكن أن نجعلنا سعداء.
الأسئلة التالية محاولة للمساعدة في عمل ذلك:
1. ما هي النسبة المئوية لمعدل سعادتي اليوم؟
2. ماذا من الممكن أن أعمل حتى أزيد هذا المعدل؟
الخطوة الثالثة هي أن تضع لنفسك هدفا تستطيع به تحقيق سعادتك، مثلا ربما تقرر أن نسبة سعادتك اليوم كانت 60% ومن الممكن زيادتها الى 70% اذا استطعت أن تتبادل الحديث مع صديق قديم.
طريقة معدل السعادة هذه تخبرنا كيف من الممكن أن نتحدث مع صديق قديم. ومثل كل الأشياء الجميلة في الحياة فان طريقة أبو قراط وطريقة معدل السعادة، هي طرق بسيطة وبدون مقابل بل من الممكن أن يجعلاك تتفادى مصيبة قد تكون على وشك الوقوع. اتبع هذه الطريقة وحاول أن تحقق السعادة وليس التعاسة لقلبك.
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
السعاده
قصيدة لفضيله الشيخ احمد القطان:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
السعادة هي:
رغيفاً خبز واحد
تأكله في عافية
وكوب ماء بارد
تشربه من صافية
وغرفة نظيفة
نفسك فيها هانيه
وزوجة مطيعة
عينك عنها راضية
وطفلة صغيرة
محفوفة بالعافية
ومورد للرزق
لا تعرفه الحرامية
واختارك الله
حتى تكون داعيه
في لجنة كريمة
من اللجان الفاتية
في مسجد بمعزل
عن الأذى في ناحية
تدرس فيه مصحفا
مستنداً بسارية
معتبراً بمن مضى
من العصور الخالية
خيرٌ من الساعات
في ظل الذنوب العاتية
خيرا من الساعات
في ظل القصور العالية
تعقبها عقوبة
يصلى بنار حامية
فهذه وصيتي
مخبرة عن حالية
وصية من مشفق
فهي لعمري كافية
السعاده
قصيدة لفضيله الشيخ احمد القطان:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
السعادة هي:
رغيفاً خبز واحد
تأكله في عافية
وكوب ماء بارد
تشربه من صافية
وغرفة نظيفة
نفسك فيها هانيه
وزوجة مطيعة
عينك عنها راضية
وطفلة صغيرة
محفوفة بالعافية
ومورد للرزق
لا تعرفه الحرامية
واختارك الله
حتى تكون داعيه
في لجنة كريمة
من اللجان الفاتية
في مسجد بمعزل
عن الأذى في ناحية
تدرس فيه مصحفا
مستنداً بسارية
معتبراً بمن مضى
من العصور الخالية
خيرٌ من الساعات
في ظل الذنوب العاتية
خيرا من الساعات
في ظل القصور العالية
تعقبها عقوبة
يصلى بنار حامية
فهذه وصيتي
مخبرة عن حالية
وصية من مشفق
فهي لعمري كافية
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
-
- بوح دائم
- مشاركات: 173
- اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
- اتصال:
-
- بوح دائم
- مشاركات: 173
- اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
- اتصال:
-
- بوح دائم
- مشاركات: 173
- اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
- اتصال:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وتسألني عن معنى السعادة
(عن احد المنتديات)
أحس أن دنياي مظلمة .. احسها صحراء قاحلة .. جبالها الهموم ..ولياليها مظلمة ..لا أرى من النور شعاعا .. ولا اعرف للسعادة معنى!!!
وتسألني عن معنى السعادة وأين أجدها؟؟
قلت لها سعادتي في طاعة ربي … في دعوة أمي ..سعادتي أن أنال رضا زوجي .. وارى ابتسامة طفلي .. .. في مساعدة محتاج .. وفي وقوفي إلى جانب امراه مسنة ..
قالوا (ارض بحياتك تعش هانئا)
يا صديقتي …عرفت إن الرضا أساس السعادة وسعادتي في الخلق الكريم والأسلوب المهذب والكلام الحلو الأخاذ و قدرتي على اكتساب القلوب وطرد الكآبه والملل عن الناس ..
أطرقت قليلا ثم قالت .. إذن فالسعادة عطاء؟!
أجبتها نعم .. عطاء دون اخذ .. وبذل بلا حدود
وتسألني عن معنى السعادة
(عن احد المنتديات)
أحس أن دنياي مظلمة .. احسها صحراء قاحلة .. جبالها الهموم ..ولياليها مظلمة ..لا أرى من النور شعاعا .. ولا اعرف للسعادة معنى!!!
وتسألني عن معنى السعادة وأين أجدها؟؟
قلت لها سعادتي في طاعة ربي … في دعوة أمي ..سعادتي أن أنال رضا زوجي .. وارى ابتسامة طفلي .. .. في مساعدة محتاج .. وفي وقوفي إلى جانب امراه مسنة ..
قالوا (ارض بحياتك تعش هانئا)
يا صديقتي …عرفت إن الرضا أساس السعادة وسعادتي في الخلق الكريم والأسلوب المهذب والكلام الحلو الأخاذ و قدرتي على اكتساب القلوب وطرد الكآبه والملل عن الناس ..
أطرقت قليلا ثم قالت .. إذن فالسعادة عطاء؟!
أجبتها نعم .. عطاء دون اخذ .. وبذل بلا حدود
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
-
- بوح دائم
- مشاركات: 173
- اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
- اتصال:
صدقتي سيدتي ريم الفلا
ووفاك الله خير ما اعطاه الصالحين من عباده واحبائه
فخيركم خيركم لعيالي ( حديث قدسي)
وخير الناس انفعهم للناس
و خيركم من تعلم العلم و علمه( وزكاةالعلم تعليمه)وما كان لله يربو)
و خيركم خيركم لعياله
وخيركم من اختار طريق النور على الضلال
و البصيره على العمى
يا ألي الاباب
ووفاك الله خير ما اعطاه الصالحين من عباده واحبائه
فخيركم خيركم لعيالي ( حديث قدسي)
وخير الناس انفعهم للناس
و خيركم من تعلم العلم و علمه( وزكاةالعلم تعليمه)وما كان لله يربو)
و خيركم خيركم لعياله
وخيركم من اختار طريق النور على الضلال
و البصيره على العمى
يا ألي الاباب
طلقينى فالليالي قيود
------------
~¤§‡ علي الموسوي السيهاتي‡§¤~
------------
~¤§‡ علي الموسوي السيهاتي‡§¤~
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ثلاثون سببا للسعادة:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الأول: فكر واشكر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
والمعنى أن تذكر نعم الله عليك, فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك ((وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها)) صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، وهواء وماء، لديك الدنيا وأنت ما تشعر، تملك الحياة وأنت لا تعلم (( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً)) عندك عينان، ولسان وشفتان، ويدان ورجلان ((فبأي آلاء ربكما تكذبان)). هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك، وقد بترت أقدام, وأن تعتمد على ساقيك، وقد قطعت سوق، أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير، وأن تملاً معدتك من الطعام الشهي، وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام. تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، وانظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهباَ، أتحب بيع سمعك وزن "ثهلان " فضة، هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكما، هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع، إنك في نعم عميمة وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري . تعيش مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً وعنك الخبز والدفء، والماء البارد، والنوم الهانىء، والعافية الوارفة، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة، وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء، فكر واشكر ((وفي أنفسكم أفلا تبصرون)) فكر في نفسك، وأهلك، وبيتك، وعملك، وعافيتك، وأصدقائك، والدنيا من حولك ((يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني: ما مضى فات
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاه، والحزن لمآسيه حمقٌ وجنون، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاءً يطوى ولا يروى، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبداً، ويوصد عليه فلا يرى النور، لأنه مضى وانتهى، لا الحزن يعيده، لا الهم يصلحه، لا الغم يصححه، لا الكدر يحيـيه لأنه عدم. لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت، أنقذ نفسك من شبح الماضي، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين، إنك بتفاعلك مع الماضي، وقلقلك منه واحتراقك بناره، وانطراحك على أعتابه تعيش وضعاً مأساوياً رهيباً مخيفاً مفزعاً.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر، وتمزيق للجهد، ونسف للساعة الراهنة، ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال: ((تلك أمةٌ قد خلت)) انتهى الأمر وقضي، ولا طائل من تشريح جثة الزمان، وإعادة عجلة التاريخ.
إن الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلاً، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال: أكره الكذب.
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا, نهمل قصورنا الجميلة، ونندب الأطلال البالية، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام، فلا تخالف سنة الحياة.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث: يومك يومك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، اليوم فحسب ستعيش، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره، ولا الغد الذي لم يأت إلى الآن. اليوم الذي أظـلتك شمسه، وأدركك نهاره هو يومك فحسب، عمرك يوم واحد، فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه, حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب، لليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدك وجدك، فلهذا اليوم لا بد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعاً بتأمل، وذكراً بحضور، واتزاناً في الأمور، وحسناً في خلق، ورضاً بالمقسوم، واهتماماً بالمظهر، واعتناءً بالجسم، ورضاَ بالمقسوم، واهتماماً بالمظهر، واعتناءً بالجسم، ونفعاً للآخرين .
لليوم هذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته وتجعل من دقائقه سنوات، ومن ثوانيه شهور، تزرع فيه الخير، تسدي فيه الجميل تستغفر فيه من الذنب، تذكر فيه الرب، تتهيأ للرحيل، تعيش هذا اليوم فرحاً وسروراً، وأمناَ وسكينة، ترضى فيه برزقك، بزوجتك، بأطفالك بوظيفتك، ببيتك، بعلمك، بمستواك ((فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين)) تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج، ولا سخط، ولا حقد، ولا حسد.
إن عليك أن تكتب على لوح قـلبك عبارة واحدة تجعلها أيضاَ على مكتبك, تقول العبارة: يومك يومك.
إذا أكلت خبزاً حاراً شهياً هذا اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف الرديء، أو خبز غد الغائب المنتظر.
إذا شربت ماءً عذباَ زلالاً هذا اليوم، فلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج، أو ماء غدٍ الآسن الحار.
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية: لن أعيش إلا هذا اليوم.
حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنمية مواهبك، وتزكية عملك، فتقول: لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجراً أو فحشاً، أو سباً، أو غيبة، لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي، فلا ارتباك ولا بعثرة، وإنما نظام ورتابة . لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي، وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي، والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي، وتأدية صلاتي على أكمل وجه، والتزود بالنوافل، وتعاهد مصحفي، والنظر في كتبي، وحفظ فائدة، ومطالعة كتاب نافع.
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة وأجتث منه شجرة الشر بغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن.
لليوم فقط سوف أعيش فأنفع الآخرين , وأسدي الجميل إلى الغير، أعود مريضاً، أشيع جنازة، أدل حيران، أطعم جائعاً، أفرج عن مكروب، أقف مع مظلوم، أشفع لضعيف، أواسي منكوباً، أكرم عالماً، أرحم صغيراً، أجل كبيراً.
لليوم فقط سأعيش فيا ماضٍ ذهب وانتهى: اغرب كشمسك فلن أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة؛ لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا أبد الآبدين.
ويا مستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام، ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل ميلاد مفقود؛ لأن غداً لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن مذكوراً .
يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع: اترك المستقبل حتى يأتي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((أتى أمر الله فلا تستعجلوه)) لا تستبق الأحداث، أتريد اجهاض الحمل قبل تمامه، وقطف الثمرة قبل النضج، إن غداً مفقود لا حقيقة له، ليس له وجود ولا طعم ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثه، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه أو نلقاه فإذا هو سرور وحبور، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد. إن علينا أن لا نعبر جسراً حتى نأتيه، ومن يدري؟ لعلنا ننفق قبل وصول الجسر، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوتٌ شرعاً؛ لأنه طول أمل، ومذموم عقلاً؛ لأنه مصارعة للظل. إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب، وهذا كله من مفردات مدارس الشيطان ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ولله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً)).
كثيرٌ هم الذين يبكون؛ لأنهم سوف يجوعون غداً، وسوف يمرضون بعد سنة، وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.
اترك غداً حتى يأتيك، لا تسأل عن أخباره، لا تنتظر زحفه؛ لأنك مشغول باليوم.
وإن تعجب فعجبٌ هؤلاء يقترضون الهم نقداً ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور، فحذار من طول الأمل.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس: كيف تواجه النقد الآثم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الرقعاء السخفاء سبوا الخالق الرازق جل في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجه في حياتك حرباً ضروساً لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المقصود، ومن الإهانة المتعمدة ما دام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع، ولن يسكن هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتفر من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينك، ويدمي مقلتك، ويقض مضجعك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالناس أعداءٌ له وخصوم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلباً ميتاً، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقـتهم صلاحاً، أو علماً، أو أدباً، أو مالاً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك، وتنخلع من كل صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النبل، وتبقى بليداً غبيًا، صفراً محطماً، مكدوداً, هذا ما يريدون بالضبط.
إذاَ فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم "اثبت أحد" وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتـكسر عليها حبات البر لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء. إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت معه حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك، ألا فاصفح الصفح الجميل، ألا فأعرض عنهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك، وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهم، وإطراحك لأقوالهم ((قل موتوا بغيظكم))
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ما أبالي أنب بالحزن تيس
أو لحني بظهر غيب لئيم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إذا محاسني اللاتي أدل بها
كانت عيوبي فقل لي كيف أعتذر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن كنت تريد أن تكون مقبولاً عند الجميع محبوباً لدى الكل سليماً من العيوب عند العالم فقد طلبت مستحيلاً وأملت أملاً بعيداً.
قال حاتم:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وكلمة حاسدٍ من غير جرم
سمعتُ فقلت مري فانفذيني
وعابوها علي ولم تعبني
ولم يند لها أبداً جبيني
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس: لا تنتظر شكراً من أحد
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه، فبعد الكثير غيره، وشكر الغالب سواه؛ لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك، وأحرقوا إحسانك، ونسوا معروفك، بل ربما ناصبوك العداء، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم ((وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله)).
وطالع سجل العالم المشهود، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه، وأدبه، وعلمه، سهر لينام، وجاع ليشبع، وتعب ليرتاح، فلما طر شاب هذا الابن وقوي ساعده، أصبح لوالده كالكلب العقور، استخفافاً، ازدراءً، مقتاً، عقوقاً، صراخاً، عذاباً وبيلاً.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر، ومحطمي الإرادات، وليهنؤوا بعوض المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه.
إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل، وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود والتنكر لهذا الجميل والإحسان، فلا تبتـئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله، لأنك الفائز على كل حال، ثم لا يضر غمط من غمطه، ولا جحود من جحده، واحمد الله لأنك المحسن، وهو المسيء، واليد العليا خير من اليد السفلى ((إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً))
وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتوه وتمرده ((مر كأن لم يدعنا إلى ضرٍ مسه)) لا تفاجاً إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك، أو منحت جافياً عصاً يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، فشج بها رأسك، هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جل في علاه، فكيف بها معي ومعك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع: الإحسان إلى الغير انشراح للصدر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الجميل كاسمه، والمعروف كرسمه، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمراته عاجلاً في نفوسهم، وأخلاقهم، وضمائرهم، فيجدون الانشراح، والانبساط، والهدوء والسكينة.
فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفاً وأسدِ لهم جميلاً تجد الفرج والراحة. أعط محروماً، انصر مظلوماً، أنقذ مكروباً، أطعم جائعاً، عد مريضاً، أعن منكوباً، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركة تصرف في صيدلية الذين عمرت قلوبهم بالبر والإحسان.
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم "ولو أن تلقى أخاك بوجه طـلق" وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السماوات والأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل، يحب الجميل، غني حميد.
يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالخير، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعماً ولوناً وذوقاً ((وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى(19)إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى(20) ولسوف يرضى)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن: أطرد الفراغ بالعمل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة ((رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)).
إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال .
يوم تجد في حياتك فراغاً فتهيأ حينها للهم والغم والفزع؛ لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأدٌ خفي، وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة، والفارغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
إذاَ قم الآن صل أو اقرأ، أو سبح أو طالع، أو اكتب، أو رتب مكتبتك، أو اصلح بيتك، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبح الفراغ بسكين العمل، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارئ فحسب، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب كأنك ملدوغ.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع: لا تكن إمعة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم، وكثير هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم، وكلامهم، ومواهبهم، وظروفهم، لينصهروا في شخصيات الآخرين، فإذا التكلف والصلف، والاحتراق، والإعدام للكيان وللذات.
وآدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
أنت شيء آخر لم يسبق لك في التاريخ مثال ولن يأتي مثلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
انطلق على هيئتك وسجيتك ((قد علم كل أناسٍ مشربهم)) ((ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)) عش كما خلقت لا تغير صوتك، لا تبدل نبرتك، لا تخلف مشيتك، هذب نفسك بالوحي، ولكن لا تلغي وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا، لأنك خلفت هكذا وعرفناك هكذا "لا يكن أحدكم إمعة".
إن الناس في طبائعهم أشبه بعالم الأشجار. حلو وحامض، وطويل وقصير، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموز فلا تتحول إلى سفرجل؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً، إن اختلاف ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا آية من آيات الباري فلا تجحد آياته.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب العاشر: قضاء وقدر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها)), جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة "من يرد الله به خيراً يصب منه "فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل والذنب كُفِّرَ.
هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت لاق، فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المكتوب ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)).
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم، إذاَ فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحيل، ثم وقع ما كنت تحذر، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقل "لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل".
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الحادي عشر: إن مع العسر يسراً
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام ((فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده)).
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة .
إذا رأيت الصحراء تمتد، فاعلم أن ورائها رياضاً خضراء وارفة الظلال.
إذا رأيت الحبل يشتد يشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
أحسن كلمة قالها العرب في الجاهلية :
الغمرات ثم ينـلجنّه
ثم يذهبن ولا يجنّه
مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمناً، ومع الفزع سكينة، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد؛ لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة برداً وسلاماً.
البحر لا يغرق كليم الرحمن؛ لأن الصوت القوي الصادق نطق بكلا إن معي ربي سيهدين.
المعصوم في الغار بَشَّرَ صاحبه بأنه وحده معنا فتنزل الأمن والفتح والسكينة.
إن عبيد ساعدتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.
إذاَ فلا تضق ذرعاَ فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قلب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإن مع العسر يسراَ.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني عشر: اصنع من الليمون شراباً حلواً
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.
طرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره.
سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام أهل السنة، وحبس ابن تيمية، فأخرج من حبسه علماً جماً، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة، فأخرج عشرين مجلداً في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب، فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر، وإذا أهدى لك ثعباناً فخذ جلده الثمين واترك باقيه، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة صد سم الحيات.
تكيف في ظرفك القاسي لتخرج لنا منه زهراً وورداً وياسميناً، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شَاعِرَيْن مجيدين: متفائلاً ومتشائماً, فأخرجا رؤوسهما من نافذة السجن.
فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك. وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى .
انظر إلى الوجه الآخر للمأساة؛ لأن الشر المحض ليس موجوداً بل هناك خير ومكسب وفتح وأجر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث عشر: أمن يجيب المضطر إذا دعاه
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات وتسأله المخلوقات وتلهج بذكره الألسن، وتألهه القلوب إنه الله لا إله إلا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات، ونتوسل إليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيـين، حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه، ويحل فتحه ((أمن يجيب المضطر إذا دعاه)) فينجي الغريق ويرد الغائب، ويعافي المبتلى، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب ((فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)).
ولن أسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب، ولكن أحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداَ يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق، كل الحبال تتصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، وهو قريب سميع مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه. يأمرك وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد، بأن تدعوه ((ادعوني أستجب لكم)).
إذا نزلت بك النوازل وألمت بك الخطوب، فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة. مد يديك، أرفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، الزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، أشد باسمه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعد وتفلح.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع عشر: وليسعك بيتك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
العزلة الشرعية السنية: بعدك عن الشر وأهله، والفارغين واللاهين والفوضويين، فيجتمع عليك شملك، يهدأ بالك، ويرتاح خاطرك، ويجود ذهنك بدرر الحكم ويسرح طرفك في بستان المعادن.
إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز, جربه أطباء القلوب فنجح أيما نجاح، وأنا أدلك عليه. في العزلة عن الشر واللغو وعن الدهماء تلقيح للفكر، وإقامة لناموس الخشية، واحتفال بمولد الإنابة والتذكر، وإنما كان الاجتماع المحمود والاختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير، أما مجالس البطالة والعطالة فحذار حذار، اهرب بجلدك، ابك على خطيئتك، وامسك عليك لسانك، وليسعك بيتك . الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس، وتهديد خطير لدنيا الأمن والاستقرار في نفسك؛ لأنك تجالس أساطين الشائعات وأبطال الأراجيف، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت ((لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وإذا ما خلا الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إذاً فرجائي الوحيد إقبالك على شأنك والانزواء في غرفتك إلا من قول خير أو فعل خير، حينها تجد قلبك عاد إليك، فسلم وقتك من الضياع، وعمرك من الإهدار، ولسانك من الغيبة، وقلبك من القلق، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن، ومن جرب عرف، ومن أركب نفسه مطايا الأوهام، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس عشر: العوض من الله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لا يسلبك الله شيئاً إلا عوضك خيراً منه، إذا صبرت واحتسبت "من أخذت حبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة" يعني عينيه, "من سلبت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب عوضته من الجنة" من فقد ابنه وصبر بني له بيت الحمد في الخلد، وقس على هذا المنوال فإن هذا مجرد مثال.
فلا تأسف على مصيبة فإن الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم.
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلفها الخير ((أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون)) هنيئاَ للمصابين ، وبشرى للمنكوبين.
إن عمر الدنيا قصير وكنزها حقير، والآخرة خير وأبقى فمن أصيب هنا كوفي هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك، أما المتعـلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيء وأنتم الرابحون، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة ((فضرب بينهم بسورٍ لهُ باب باطنهُ فيه الرحمة وظاهره من قبله العذابُ)) وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرأ وأجل وأعلى.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس عشر: الإيمان هو الحياة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان، ومن رصيد اليقين، فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)).
لا يسعد النفس ويزكيها ويهزها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين، لا طعم للحياة أصلاً إلا بالإيمان.
إذا الإيمان ضاع فلا حياة
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
إن الطريقة المثلى للملاحدة إن لم يؤمنوا أن ينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظـلمات والدواهي، يا لها من حياة تعيسة بلا إيمان، يالها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض ((ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرةٍ ونذرهم في ظغيانهم يعمهون)) وقد آن الآوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى أن الصنم خرافة والكفر لعنة، والإلحاد كذبة، وأن الرسل صادقون، وأن الله حق, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وبقدر إيمانك قوة وضعفاً، حرارة وبرودة، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك.
((من عمل صلحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)) وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعد ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضاع الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث، وسكينة قلوبهم عند وقع القضاء ورضاهم في مواطن القدر؛ لأنهم رضوا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع عشر: اجن العسل ولا تكسر الخلية
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، اللين في الخطاب, البسمة الرائقة على المحيا، الكلمة الطيبة عند اللقاء، هذه حلل منسوجة يرتديها السعداء، وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيباً وتصنع طيباً، وإذا وقعت على زهرة لا تكسرها لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف . إن من الناس من تشرأب لقدومهم الأعناق، وتشخص إلى طلعاتهم الأبصار، وتحييهم الأفئدة وتشيعهم الأرواح؛ لأنهم محبوبون في كلامهم , في أخذهم وعطائهم، في لقائهم ووداعهم.
إن اكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الأبرار، فهم محفوفون دائماً وأبداً بهالة من الناس, إن حضروا فالبشر والأنس، وإن غابوا فالسؤال والدعاء.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
سهرنا ونام الركب والليل مسرف
وكنت حديث الركب في كل منزل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميمٌ)) فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة، وحلمهم الدافيء، وصفحهم البريء، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان، تمر بهم الكلمات النابية فلا تلج آذانهم بل تذهب بعيداً هناك إلى غير رجعة. هم في راحة والناس منهم في أمن والمسلمون منهم في سلام "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دماءهم وأموالهم", "إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفو عمن ظلمني وأن أعطي من حرمني", ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)) بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والهدوء.
من سالم الناس يسلم من عواذلهم
ونام وهو قرير العين جذلان
وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن عشر: ألا بذكر الله تطمئن القلوب
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الصدق حبيب الله والصراحة صابون القلوب، والتجربة برهان، والرائد لا يكذب أهله، ولم يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر ((فاذكروني أذكركم)), وذكره سبحانه جنته في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة , وهو إنقاذ للنفس من أوصابها وأتعابها واضطرابها بل هو طريق ميسر مختصر إلى كل فوز وفلاح. طالع دواوين الوحي لتر فوائد الذكر، وجرب مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إذا مرضنا تداوينا بذكركم
ونترك الذكر أحياناً فننتكس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وبذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم والحزن. بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى.
ولا عجب أن يرتاح الذاكرون فهذا هو الأصل الأصيل، لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكره ((أموات غير أحياءٍ وما يشعرون أيان يبعثون)).
يا من شكى الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث، ورمته الخطوب، هيا اهتف باسمه المقدس، هل تعلم له سمياً.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
الله أكبر كل هم ينجلي
عن قلب كل مكبر ومهلل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك، يهدأ قلبك، تسعد نفسك، يرتاح ضميرك، لأن في ذكره جل في علاه معاني التوكل عليه والثقة به والاعتماد عليه والرجوع إليه، وحسن الظن فيه، وانتظار الفرج منه، فهو قريب إذا دعي، سميع إذا نودي، مجيب إذا سئل ، فاضرع واخضع واخشع، وردد اسمه الطيب المبارك على لسانك ثناء ومدحاً ودعاءً وسؤالاً واستغفاراً، وسوف تجد بحوله وقوته السعادة والأمن والسرور والنور والحبور ((فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع عشر: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخراً، إن الحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فسادا، وقد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم، وعدو في جلباب صديق. وقد قالوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
لله در الحسد ما أعدله
بدأ بصاحبه فقتله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك، قبل أن نرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا، ونسقي الغم دماءنا ونوزع نوم جفوننا على الآخرين.
إن الحاسد يشعل فرناً ساخناً ثم يقتحم فيه. التنغيص والكدر والهم الحاضر أمراض يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة.
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء واتهم الباري في العدل وأساء الأدب مع الشرع وخالف صاحب المنهج.
يا للحسد من مرض لا يؤجر عليه صاحبه، ومن بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم . كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله وتتنازل عن مواهبك، وتلغي خصائصك، ومناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء.
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب العشرون:
اقبل الحياة كما هي
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هذا حال الدنيا منغصة اللذات، كثيرة التبعات، جاهمة المحيا، كثيرة التلون، مزجت بالكدر، وخلطت بالنكد، وأنت منها في كبد .
ولن تجد ولداً أو زوجة، أو صديقاً، أو نبيلاً، ولا مسكناً ولا وظيفة إلا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحياناً، فأطفيء حر شره ببرد خيره، لتنجو رأساً برأس والجروح قصاص.
أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعة لضدين والنوعين والفريقين والرأيين خير وشر، صلاح وفساد، سرور وحزن، ثم يصفو الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار.
وفي الحديث: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم " فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال وحلق في عالم المثاليات، اقبل دنياك كما هي، وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها، فسوف لا يصفو لك فيها صاحب ولا يكمل لك فيها أمر؛ لأن الصفو والكمال والتمام ليس من شأنها ولا من صفاتها.
لن تكمل لك زوجة وفي الحديث " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي آخر".
فينبغي أن نسدد ونقارب ونعفو ونصفح ونأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر ونغمض الطرف أحيانا ونسدد الخطى، ونتغافل عن أمور.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الحادي والعشرون: تعز بأهل البلاء
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تلفت يمنة ويسرة فهل ترى إلا مبتلى وهل تشاهد إلا منكوباً، في كل دار نائحة، وعلى كل خد دمع وفي كل وادٍ بنو سعد.
أيها الشامت المعير بالدهر
أأنت المبرؤ الموفور
كم من المصائب وكم من الصابرين، فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل، كم من مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم ويصيح من السقم.
كم من محبوس مر به سنوات ما رأى الشمس بعينه، وما عرف غير زنزانته.
وكم من رجل وامرأة فقدا فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر.
وكم من مكروب ومديون ومصاب ومنكوب.
آن لك أن تتعـزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجنٌ للمؤمن ودار للأحزان والنكبات، تصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها . بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافرة، والأولاد كثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض ((وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)) فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة، وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأنه لم يأتك إلا وخزات سهلة فاحمد الله على لطفه واشكره على ما أبقى، واحتسب ما أخذ، وتعز بمن حولك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ولك قدوة في رسول صلى الله عليه وسلم وقد وضع السلا على رأسه وأدميت قدماه وشج وجهه وحوصر في الشعب حتى أكل ورق الشجر، وطرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورمي عرض زوجته الشريف، وقتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه، وأكثر بناته في حياته، وربط الحجر على بطنه من الجوع، واتهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كذاب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لا بد منه ومحيص لا أعظم منه، وقد قتل قبل زكريا وذبح يحيى ، وهاجر موسى، ووضع الخليل في النار، وصار الأئمة على هذا الطريق فضرج عمر بدمه، واغتيل عثمان، وطعن علي، وجلدت ظهور الأئمة وسجن الأخيار، ونكل بالأبرار ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني والعشرون: الصلاة ... الصلاة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة))
إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب .
كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ قال: "أرحنا بالصلاة يا بلال" فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته.
وقد طالعت سير قوم أفذاذ كانت إذا ضاقت بهم الضوائق وكشرت في وجوههم الخطوب، فزعوا إلى صلاة خاشعة فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم.
إن صلاة الخوف فرضت لتؤدى في ساعة الرعب، يوم تتطاير الجماجم، وتسيل النفوس على شفرات السيوف، فإذا أعظم تثبيت وأجل سكينة صلاة خاشعة.
إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد، وأن يمرغ جبيـنه ليرضي ربه أولا ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن إلا الصلاة.
من أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا، رفع لدرجاتنا عند ربنا، ثم هي علاج عظيم لمآسينا ودواء ناجع لأمراضنا، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين وتملؤ جوانحنا بالرضا. أما أولئك الذي جانبوا المسجد وتركوا الصلاة، فمن نكد إلى نكد، ومن حزن إلى حزن ومن شقاء إلى شقاء ((فتعساً لهم وأضل أعمالهم)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث والعشرون: حسبنا الله ونعم الوكيل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تفويض الأمر إلى الله ، والتوكل عليه، والثقة بوعده، والرضا بصنيعه، وحسن الظن به، وانتظار الفرج منه من أعظم ثمرات الإيمان، ومن أجل صفات المؤمنين، وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ويعتمد على ربه في كل شأنه يجد الرعاية والولاية والكفاية والتأييد والنصرة.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وإذا الرعاية لاحظتك عيونها
نم فالحوادث كلهن أمان
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فجعـلها الله عليه برداً وسلاماً، ورسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما هددوا بجيوش الكفار وكتائب الوثنية قالوا: ((حسبنا الله ونعم الوكيل(173) فانقـلبوا بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسهم سوّءٌ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيم)).
إن الإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث، ولا يقاوم الملمات، ولا ينازل الخطوب؛ لأنه خلق ضعيفاً عاجزاً، ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه، ويفوض الأمر إليه، وإلا فما حيلة هذا العبد الفقير الحقير إذا احتوشته المصائب وأحاطت به النكبات ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)).
فيا من أراد أن ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذي القوة المتين، لينقذك من الويلات، ويخرجك من الكربات، واجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل، فإن قل مالك، وكثر دَيْنك، وجفت مواردك وشحت مصادرك، فناد حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا داهمك المرض، وألمح عليك السقم، وتضاعف عليك البلاء، فقل حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا خفت من عدو، أو رعبت من ظالم، أو فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل. ((وكفى بربك هادياً ونصيراً)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع والعشرون: قل سيروا في الأرض
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
مما يشرح الصدر ويزيح سحب الهم والغم؛ السفر في الديار، وقطع القفار، والتقلب في الأرض الواسعة، والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أقلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال، لترى حدائق ذات بهجة، ورياضاً أنيقة وجنات ألفافاً، أخرج من بيتك وتأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك، اصعد الجبال، اهبط الأودية، تسلق الأشجار، عب من الماء النمير، ضع أنفك على أغصان الياسمين، حينها تجد روحك حرة طليقة، كالطائر الغريد تسبح في فضاء السعادة، اخرج من بيتك، ألق الغطاء الأسود عن عينيك، ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكراً مسبحاً.
إن الانزواء في الغرفة الضيقة مع الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار، وليست غرفتك هي العالم ولست أنت كل الناس، فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان، ألا فاهتف ببصرك وسمعك وقلبك: انفروا خفافاً وثقالاً، تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل بين الطيور وهي تتلو خطب الحب، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
أيها ذا الشاكي وما بك داء
كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
أترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقه الندى إكليلا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن الترحال في مسارب الأرض متعة يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه، وأظلمت عليه غرفته الضيقة، فهيا بنا نسافر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبر ((ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلاً سبحانك)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس والعشرون: فصبر جميل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر وبقوة إرادة وبمناعة أبية. وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع؟
هل عندك حل لنا غير الصبر؟ هل تعلم لنا زاداً غيره؟
كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب وميداناً تتسابق فيه النكبات كلما خرج من كربة زارته كربة أخرى، وهو متترس بالصبر، متدرع بالثقة بالله، يقول عن حاله:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
تنكر لي دهري ولم يدر أنني
أعز وأحداث الزمان تهون
فبات يريني الدهر كيف عتوه
وبت أريه الصبر كيف يكون
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هكذا يفعل النبلاء، يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضاً.
دخلوا على أبي بكر وهو مريض، قالوا: ألا ندعو لك طبيباً ؟ قال: الطبيب قد رآني . قالوا: فماذا قال؟ قال: يقول: إني فعال لما أريد.
ومرض أحد الصالحين فقيل له: ماذا يؤلمك؟
فقال:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
تموت النفوس بأوصابها
ولم يدر عوادها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي
أذاها إلى غير أحبابها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
واصبر وما صبرك إلا بالله، اصبر صبر واثق بالفرج، عالم بحسن المصير، طالب للأجر، راغب في تكفير السيئات، اصبر مهما ادلهمت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً.
قرأت سير عظماء مروا في هذه الدنيا وذهلت لعظيم صبرهم وقوة احتمالهم، كانت المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء باردة، وهم في ثبات الجبال، وفي رسوخ الحق، فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج، وفرحة الفتح، وعصر النصر. وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده، بل نازل الكوارث وتحدى المصائب وصاح في وجهها منشداً:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إن كان عندك يا زمان بقية
مما يهان به الكرام فهاتها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس والعشرون: لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
نفر من الناس تدور في نفوسهم حرب عالمية، وهم على فرش النوم، فإذا وضعت الحرب أوزارها غنموا قرحة المعدة، وضغط الدم والسكري. يحترقون مع الأحداث، يغضبون من غلاء الأسعار، يثورون لتأخر الأمطار، يضجون لانخفاض سعر العملة، فهم في انزعاج دائم، وقلق واصب ((يحسبون كل صيحةٍ عليهم)).
ونصيحتي لك أن لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك، دع الأحداث على الأرض ولا تضعها في أمعاءك. إن البعض عنده قلب كالإسفنجة يتشرب الشائعات والأراجيف, ينزعج للتوافه، يهتز للواردات، يضطرب لكل شيء، وهذا القلب كفيل أن يحطم صاحبه وأن يهدم كيان حامله .
أهل المبدأ الحق تزيدهم العبر والعظات إيماناً إلى إيمانهم، وأهل الخور تزيدهم الزلازل خوفاً إلى خوفهم، وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قلبٍ شجاع، فإن المقدام الباسل واسع البطان، ثابت الجأش، راسخ اليقين، بارد الأعصاب، منشرح الصدر، أما الجبان فهو يذبح نفسه كل يوم مرات بسيف التوقعات والأراجيف والأوهام والأحلام، فإن كنت تريد الحياة المستقرة فواجه الأمور بشجاعة وجلد ولا يستخفـنك الذين لا يوقنون، ولا تك في ضيق مما يمكرون، كن أصلب من الأحداث، وأعتى من رياح الأزمات، وأقوى من الأعاصير، وارحمتاه لأصحاب القلوب الضعيفة كم تهزهم الأيام هزاً ((لتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ)) وأما الأباة فهم من الله في مدد، وعلى الوعد في ثقة ((فأنزل السكينة عليهم)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع والعشرين: لا تحطمك التوافه
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
كم من مهموم سبب همه أمرٌ حقير تافه لا يذكر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
انظر إلى المنافقين، ما أسقط هممهم وما أبرد عزائمهم. هذه أقوالهم: لا تنفروا في الحر، إئذن لي ولا تفتني ، بيوتنا عورة، نخشى أن تصيبنا دائرة ، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. يا لخيبة هذه المعاطس, يا لتعاسة هذه النفوس.
همهم البطون والصحون والدور والقصور، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المثل، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل. هم أحدهم ومبلغ علمه: دابته وثوبه ونعمه ومأدبته، وانظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة أو الابن أو القريب أو سماع كلمة نابية أو موقف تافه. هذه مصائب هؤلاء البشر، ليس عندهم من المقاصد العليا من يشغلهم، ليس عندهم من الاهتمامات الجليلة ما يملأ وقتهم، وقد قالوا: إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء، إذاَ ففكر في الأمر الذي تهتم له وتغتم، هل يستحق هذا الجهد وهذا العناء، لأنك أعطيته من عقلك ولحمك ودمك وراحتك ووقتك، وهذا غبن في الصفقة وخسارة هائلة ثمنها بخس، وعلماء النفس يقولون أجعل لكل شيء حداً معقولاً، وأصدق من هذا قوله تعالى: ((قد جعل الله لكل شيءٍ قدراً)) فأعط القضية حجمها ووزنها وقدرها وإياك والظلم والغلو.
هؤلاء الصحابة الأبرار همهم تحت الشجرة الوفاء بالبيعة، فنالوا رضوان الله , ورجل معهم أهمه جمله حتى فاته البيع فكان جزاءه الحرمان والمقت.
فاطرح التوافه والاشتغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك وعدت فرحاً مسروراً.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن والعشرون: ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
مر فيما سبق بعض معاني هذا السبب لكنني أبسطه هنا ليفهم أكثر وهو أن عليك أن تقنع بما قسم لك من جسم ومال وولد سكن وموهبة، وهذا منطق القرآن ((فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين)). إن غالب علماء السلف وأكثر الجيل الأول كانوا فقراء لم يكن لديهم أعطيات ولا مساكن بهية، ولا مراكب، ولا حشم، ومع ذلك أثروا الحياة وأسعدوا أنفسهم والإنسانية؛ لأنهم وجهوا ما آتاهم الله من خير في سبيله الصحيح , فبورك لهم في أعمارهم وأوقاتهم ومواهبهم، ويقابل هذا الصنف المبارك ملأٌ أعطوا من الأموال والأولاد والنعم، فكانت سبب شقائهم وتعاستهم؛ لأنهم انحرفوا عن الفطرة السوية والمنهج الحق وهذا برهان ساطع على أن هذه الأشياء ليست كل شيء، انظر إلى من حمل شهادات عالمية لكنه نكرة من النكرات في عطاءه وفهمه وأثره، بينما تجد آخرين عندهم علم محدود، وقد جعلوا منه نهراً دافقاً بالنفع والإصلاح والعمار.
إن كنت تريد السعادة فارض بصورتك التي ركبك الله فيها، وارض بوضعك الأسري وصوتك ومستوى فهمك، ودخلك، بل إن بعض المربين الزهاد يذهبون إلى أبعد من ذلك فيقولون لك: ارض بأقل مما أنت فيه وبدون ما أنت عليه وأنشدوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
سعادتك العظمى إذا كنت عاقلاً
مناك بحال دون حال تعيشها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هاك قائمة رائعة مليئة باللامعين الذين بخسوا حظوظهم الدنيوية:
عطاء بن أبي رباح عالم الدنيا في عهده، مولى أسود أفطس أشل مفلفل الشعر.
الأحنف بن قيس، حليم العرب قاطبة، نحيف الجسم، أحدب الظهر، أحنى الساقين، ضعيف البنية.
الأعمش محدث الدنيا، من الموالي، ضعيف البصر، فقير ذات اليد، ممزق الثياب، رث الهيئة والمنزل.
بل الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، كل منهم رعى الغنم، وكان داود حداداً وزكريا نجاراً وإدريس خياطاً، وهم صفوة الناس وخير البشر.
إذاً فقيمتك مواهبك وعملك الصالح ونفعك وخلقك، فلا تأس على ما فات من جمال أو مال أو عيال، وارض بقسمة الله ((نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع والعشرون: ذكر نفسك بجنة عرضها السموات والأرض
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن جعت في هذه الدار أو افتقرت أو حزنت أو مرضت أو بخست حقاً أو ذقت ظلماً فذكر نفسك بالنعيم والراحة والسرور والحبور والأمن والخلد في جنات النعيم، إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعملت لهذا المصير تحولت خسائرك إلى أرباح، وبلاياك إلى عطايا. إن أعقل الناس هم الذين يعملون للآخرة لأنها خير وأبقى. وإن أحمق وأبله هذه الخـليقة هم الذين يرون أن هذه الدنيا هي قرارهم ودارهم ومنتهى أمانيهم، فتجدهم أجزع الناس عند المصائب، وأندمهم عند الحوادث؛ لأنهم لا يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة، لا ينظرون إلا إلى هذه الفانية، لا يتفكرون في غيرها ولا يعملون لسواها، فلا يريدون أن يعكر لهم سرورهم ولا يكدر عليهم فرحهم، ولو أنهم خلعوا حجاب الران عن قلوبهم، وغطاء الجهل عن عيونهم لحدثوا أنفسهم بدار الخلد ونعيمها ودورها وقصورها، ولسمعوا وأنصتوا لخطاب الوحي في وصفها، إنها والله الدار التي تستحق الاهتمام والكد والجهد.
هل تأملنا طويلاً وصف أهل الجنة بأنهم لا يمرضون ولا يحزنون ولا يموتون، ولا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم، في غرف يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يسير الراكب في ظل شجرة من أشجارها مائة عام لا يقـطعها، طول الخيمة فيها ستون ميلاً، أنهارها مطردة، قصورها منيفة، قطوفها دانية، عيونها جارية، سررها مرفوعة، أكوابها موضوعة، نمارقها مصفوفة، زرابيها مبثوثة، تم سرورها، عظم حبورها، فاح عرفها، عظم وصفها، منتهى الأماني فيها، فأين عقولنا لا تفكر، ما لنا لا نتدبر.
إذا كان المصير إلى هذه الدار فلتخف المصائب على المصابين ولتقر عيون المنكوبين ولتفرح قلوب المعدمين.
فيا أيها المسحوقون بالفقر ، المنهكون بالفاقة المبتلون بالمصائب، اعملوا صالحاً لتسكنوا جنة الله وتجاوروه تقدست أسماؤه ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثلاثون: وكذلك جعلناكم أمة وسطا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
العدل مطلب عقلي وشرعي، لا غلو ولا جفاء، لا إفراط ولا تفريط، ومن أراد السعادة فعليه أن يضبط عواطفه، واندفاعاته، وليكن عادلاً في رضاه وغضبه وسروره وحزنه؛ لأن الشطط والمبالغة في التعامل مع الأحداث ظلمٌ للنفس، وما أحسن الوسطية، فإن الشرع نزل بالميزان، والحياة قامت على القسط، ومن أتعب الناس من طاوع هواه واستسلم لعواطفه وميولاته حينها تتضخم عنده الحوادث وتظلـم لديه الزوايا وتقوم في قبله معارك ضارية من الأحقاد والدخائل والضغائن لأنه يعيش في أوهام وخيالات، حتى إن بعضهم يتصور أن الجميع ضده، وأن الآخرين يحبكون مؤامرة لإبادته، وتملي عليه وساوسه أن الدنيا له بالمرصاد، فلذلك يعيش في سحب سود من الخوف والهم والغم.
إن الإرجاف ممنوع شرعاً, رخيص طبعاً وما يمارسه إلا أناس مفـلسون من القيم الحية والمبادئ الربانية ((يحسبون كل صيحةٍ عليهم)).
أجلس قلبك على كرسيه، فأكثر ما يخاف لا يكون، ولك قبل وقوع ما تخاف وقوعه أن تقدر أسوأ الاحتمالات ثم توطن نفسك على تقبل هذا الأسوأ، حينها تنجو من التكهنات الجائرة التي تمزق القلب قبل أن يقع الحدث فيبقى كقول الأول:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
كأن قطاة علقت بجناحها
على كبدي من شدة الخفقان
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
فيا أيها العاقل النابه اعط كل شيء حجمه، ولا تضخم الأحداث والمواقف والقضايا بل اقـتصد واعـدل ولا تجور ولا تذهب مع الوهم الزائف والسراب الخادع, اسمع ميزان الحب والبغض في الحديث: "أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما" ((عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم)).
إن كثيراً من التخويفات والأراجيف لا حقيقة لها وقديماً قالوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وقلت لقلبي إن نزا بك نزوة
من الهم افرح أكثر الروع باطـلهُ
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
هذا الكلام المكتوب لن تستفيد منه حتى تحاول تطبيقه في نفسك وبيتك وعملك وحياتك لتحصل على حياة أجمل بكثير من حياتك التي تعيشها, حياة سعيدة رغيدةً طيبة تصل منها إلى حياة دائمة مطمئنة في جنات النعيم ((ربنا آتتا في الدنيا حسنةً وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلاٌم على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ثلاثون سببا للسعادة:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الأول: فكر واشكر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
والمعنى أن تذكر نعم الله عليك, فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك ((وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها)) صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، وهواء وماء، لديك الدنيا وأنت ما تشعر، تملك الحياة وأنت لا تعلم (( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً)) عندك عينان، ولسان وشفتان، ويدان ورجلان ((فبأي آلاء ربكما تكذبان)). هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك، وقد بترت أقدام, وأن تعتمد على ساقيك، وقد قطعت سوق، أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير، وأن تملاً معدتك من الطعام الشهي، وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام. تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، وانظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهباَ، أتحب بيع سمعك وزن "ثهلان " فضة، هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكما، هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع، إنك في نعم عميمة وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري . تعيش مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً وعنك الخبز والدفء، والماء البارد، والنوم الهانىء، والعافية الوارفة، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة، وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء، فكر واشكر ((وفي أنفسكم أفلا تبصرون)) فكر في نفسك، وأهلك، وبيتك، وعملك، وعافيتك، وأصدقائك، والدنيا من حولك ((يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني: ما مضى فات
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاه، والحزن لمآسيه حمقٌ وجنون، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاءً يطوى ولا يروى، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبداً، ويوصد عليه فلا يرى النور، لأنه مضى وانتهى، لا الحزن يعيده، لا الهم يصلحه، لا الغم يصححه، لا الكدر يحيـيه لأنه عدم. لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت، أنقذ نفسك من شبح الماضي، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين، إنك بتفاعلك مع الماضي، وقلقلك منه واحتراقك بناره، وانطراحك على أعتابه تعيش وضعاً مأساوياً رهيباً مخيفاً مفزعاً.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر، وتمزيق للجهد، ونسف للساعة الراهنة، ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال: ((تلك أمةٌ قد خلت)) انتهى الأمر وقضي، ولا طائل من تشريح جثة الزمان، وإعادة عجلة التاريخ.
إن الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلاً، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال: أكره الكذب.
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا, نهمل قصورنا الجميلة، ونندب الأطلال البالية، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام، فلا تخالف سنة الحياة.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث: يومك يومك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، اليوم فحسب ستعيش، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره، ولا الغد الذي لم يأت إلى الآن. اليوم الذي أظـلتك شمسه، وأدركك نهاره هو يومك فحسب، عمرك يوم واحد، فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه, حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب، لليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدك وجدك، فلهذا اليوم لا بد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعاً بتأمل، وذكراً بحضور، واتزاناً في الأمور، وحسناً في خلق، ورضاً بالمقسوم، واهتماماً بالمظهر، واعتناءً بالجسم، ورضاَ بالمقسوم، واهتماماً بالمظهر، واعتناءً بالجسم، ونفعاً للآخرين .
لليوم هذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته وتجعل من دقائقه سنوات، ومن ثوانيه شهور، تزرع فيه الخير، تسدي فيه الجميل تستغفر فيه من الذنب، تذكر فيه الرب، تتهيأ للرحيل، تعيش هذا اليوم فرحاً وسروراً، وأمناَ وسكينة، ترضى فيه برزقك، بزوجتك، بأطفالك بوظيفتك، ببيتك، بعلمك، بمستواك ((فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين)) تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج، ولا سخط، ولا حقد، ولا حسد.
إن عليك أن تكتب على لوح قـلبك عبارة واحدة تجعلها أيضاَ على مكتبك, تقول العبارة: يومك يومك.
إذا أكلت خبزاً حاراً شهياً هذا اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف الرديء، أو خبز غد الغائب المنتظر.
إذا شربت ماءً عذباَ زلالاً هذا اليوم، فلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج، أو ماء غدٍ الآسن الحار.
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية: لن أعيش إلا هذا اليوم.
حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنمية مواهبك، وتزكية عملك، فتقول: لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجراً أو فحشاً، أو سباً، أو غيبة، لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي، فلا ارتباك ولا بعثرة، وإنما نظام ورتابة . لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي، وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي، والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي، وتأدية صلاتي على أكمل وجه، والتزود بالنوافل، وتعاهد مصحفي، والنظر في كتبي، وحفظ فائدة، ومطالعة كتاب نافع.
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة وأجتث منه شجرة الشر بغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن.
لليوم فقط سوف أعيش فأنفع الآخرين , وأسدي الجميل إلى الغير، أعود مريضاً، أشيع جنازة، أدل حيران، أطعم جائعاً، أفرج عن مكروب، أقف مع مظلوم، أشفع لضعيف، أواسي منكوباً، أكرم عالماً، أرحم صغيراً، أجل كبيراً.
لليوم فقط سأعيش فيا ماضٍ ذهب وانتهى: اغرب كشمسك فلن أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة؛ لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا أبد الآبدين.
ويا مستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام، ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل ميلاد مفقود؛ لأن غداً لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن مذكوراً .
يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع: اترك المستقبل حتى يأتي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((أتى أمر الله فلا تستعجلوه)) لا تستبق الأحداث، أتريد اجهاض الحمل قبل تمامه، وقطف الثمرة قبل النضج، إن غداً مفقود لا حقيقة له، ليس له وجود ولا طعم ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثه، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه أو نلقاه فإذا هو سرور وحبور، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد. إن علينا أن لا نعبر جسراً حتى نأتيه، ومن يدري؟ لعلنا ننفق قبل وصول الجسر، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوتٌ شرعاً؛ لأنه طول أمل، ومذموم عقلاً؛ لأنه مصارعة للظل. إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب، وهذا كله من مفردات مدارس الشيطان ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ولله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً)).
كثيرٌ هم الذين يبكون؛ لأنهم سوف يجوعون غداً، وسوف يمرضون بعد سنة، وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.
اترك غداً حتى يأتيك، لا تسأل عن أخباره، لا تنتظر زحفه؛ لأنك مشغول باليوم.
وإن تعجب فعجبٌ هؤلاء يقترضون الهم نقداً ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور، فحذار من طول الأمل.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس: كيف تواجه النقد الآثم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الرقعاء السخفاء سبوا الخالق الرازق جل في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجه في حياتك حرباً ضروساً لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المقصود، ومن الإهانة المتعمدة ما دام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع، ولن يسكن هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتفر من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينك، ويدمي مقلتك، ويقض مضجعك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالناس أعداءٌ له وخصوم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلباً ميتاً، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقـتهم صلاحاً، أو علماً، أو أدباً، أو مالاً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك، وتنخلع من كل صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النبل، وتبقى بليداً غبيًا، صفراً محطماً، مكدوداً, هذا ما يريدون بالضبط.
إذاَ فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم "اثبت أحد" وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتـكسر عليها حبات البر لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء. إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت معه حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك، ألا فاصفح الصفح الجميل، ألا فأعرض عنهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك، وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهم، وإطراحك لأقوالهم ((قل موتوا بغيظكم))
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ما أبالي أنب بالحزن تيس
أو لحني بظهر غيب لئيم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إذا محاسني اللاتي أدل بها
كانت عيوبي فقل لي كيف أعتذر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن كنت تريد أن تكون مقبولاً عند الجميع محبوباً لدى الكل سليماً من العيوب عند العالم فقد طلبت مستحيلاً وأملت أملاً بعيداً.
قال حاتم:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وكلمة حاسدٍ من غير جرم
سمعتُ فقلت مري فانفذيني
وعابوها علي ولم تعبني
ولم يند لها أبداً جبيني
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس: لا تنتظر شكراً من أحد
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه، فبعد الكثير غيره، وشكر الغالب سواه؛ لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك، وأحرقوا إحسانك، ونسوا معروفك، بل ربما ناصبوك العداء، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم ((وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله)).
وطالع سجل العالم المشهود، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه، وأدبه، وعلمه، سهر لينام، وجاع ليشبع، وتعب ليرتاح، فلما طر شاب هذا الابن وقوي ساعده، أصبح لوالده كالكلب العقور، استخفافاً، ازدراءً، مقتاً، عقوقاً، صراخاً، عذاباً وبيلاً.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر، ومحطمي الإرادات، وليهنؤوا بعوض المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه.
إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل، وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود والتنكر لهذا الجميل والإحسان، فلا تبتـئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله، لأنك الفائز على كل حال، ثم لا يضر غمط من غمطه، ولا جحود من جحده، واحمد الله لأنك المحسن، وهو المسيء، واليد العليا خير من اليد السفلى ((إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً))
وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتوه وتمرده ((مر كأن لم يدعنا إلى ضرٍ مسه)) لا تفاجاً إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك، أو منحت جافياً عصاً يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، فشج بها رأسك، هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جل في علاه، فكيف بها معي ومعك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع: الإحسان إلى الغير انشراح للصدر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الجميل كاسمه، والمعروف كرسمه، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمراته عاجلاً في نفوسهم، وأخلاقهم، وضمائرهم، فيجدون الانشراح، والانبساط، والهدوء والسكينة.
فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفاً وأسدِ لهم جميلاً تجد الفرج والراحة. أعط محروماً، انصر مظلوماً، أنقذ مكروباً، أطعم جائعاً، عد مريضاً، أعن منكوباً، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركة تصرف في صيدلية الذين عمرت قلوبهم بالبر والإحسان.
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم "ولو أن تلقى أخاك بوجه طـلق" وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السماوات والأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل، يحب الجميل، غني حميد.
يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالخير، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعماً ولوناً وذوقاً ((وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى(19)إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى(20) ولسوف يرضى)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن: أطرد الفراغ بالعمل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة ((رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)).
إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال .
يوم تجد في حياتك فراغاً فتهيأ حينها للهم والغم والفزع؛ لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأدٌ خفي، وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة، والفارغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
إذاَ قم الآن صل أو اقرأ، أو سبح أو طالع، أو اكتب، أو رتب مكتبتك، أو اصلح بيتك، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبح الفراغ بسكين العمل، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارئ فحسب، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب كأنك ملدوغ.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع: لا تكن إمعة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم، وكثير هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم، وكلامهم، ومواهبهم، وظروفهم، لينصهروا في شخصيات الآخرين، فإذا التكلف والصلف، والاحتراق، والإعدام للكيان وللذات.
وآدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
أنت شيء آخر لم يسبق لك في التاريخ مثال ولن يأتي مثلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
انطلق على هيئتك وسجيتك ((قد علم كل أناسٍ مشربهم)) ((ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)) عش كما خلقت لا تغير صوتك، لا تبدل نبرتك، لا تخلف مشيتك، هذب نفسك بالوحي، ولكن لا تلغي وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا، لأنك خلفت هكذا وعرفناك هكذا "لا يكن أحدكم إمعة".
إن الناس في طبائعهم أشبه بعالم الأشجار. حلو وحامض، وطويل وقصير، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموز فلا تتحول إلى سفرجل؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً، إن اختلاف ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا آية من آيات الباري فلا تجحد آياته.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب العاشر: قضاء وقدر
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها)), جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة "من يرد الله به خيراً يصب منه "فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل والذنب كُفِّرَ.
هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت لاق، فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المكتوب ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)).
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم، إذاَ فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحيل، ثم وقع ما كنت تحذر، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقل "لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل".
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الحادي عشر: إن مع العسر يسراً
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام ((فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده)).
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة .
إذا رأيت الصحراء تمتد، فاعلم أن ورائها رياضاً خضراء وارفة الظلال.
إذا رأيت الحبل يشتد يشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
أحسن كلمة قالها العرب في الجاهلية :
الغمرات ثم ينـلجنّه
ثم يذهبن ولا يجنّه
مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمناً، ومع الفزع سكينة، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد؛ لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة برداً وسلاماً.
البحر لا يغرق كليم الرحمن؛ لأن الصوت القوي الصادق نطق بكلا إن معي ربي سيهدين.
المعصوم في الغار بَشَّرَ صاحبه بأنه وحده معنا فتنزل الأمن والفتح والسكينة.
إن عبيد ساعدتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.
إذاَ فلا تضق ذرعاَ فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قلب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإن مع العسر يسراَ.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني عشر: اصنع من الليمون شراباً حلواً
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.
طرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره.
سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام أهل السنة، وحبس ابن تيمية، فأخرج من حبسه علماً جماً، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة، فأخرج عشرين مجلداً في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب، فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر، وإذا أهدى لك ثعباناً فخذ جلده الثمين واترك باقيه، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة صد سم الحيات.
تكيف في ظرفك القاسي لتخرج لنا منه زهراً وورداً وياسميناً، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شَاعِرَيْن مجيدين: متفائلاً ومتشائماً, فأخرجا رؤوسهما من نافذة السجن.
فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك. وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى .
انظر إلى الوجه الآخر للمأساة؛ لأن الشر المحض ليس موجوداً بل هناك خير ومكسب وفتح وأجر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث عشر: أمن يجيب المضطر إذا دعاه
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات وتسأله المخلوقات وتلهج بذكره الألسن، وتألهه القلوب إنه الله لا إله إلا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات، ونتوسل إليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيـين، حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه، ويحل فتحه ((أمن يجيب المضطر إذا دعاه)) فينجي الغريق ويرد الغائب، ويعافي المبتلى، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب ((فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)).
ولن أسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب، ولكن أحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداَ يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق، كل الحبال تتصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، وهو قريب سميع مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه. يأمرك وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد، بأن تدعوه ((ادعوني أستجب لكم)).
إذا نزلت بك النوازل وألمت بك الخطوب، فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة. مد يديك، أرفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، الزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، أشد باسمه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعد وتفلح.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع عشر: وليسعك بيتك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
العزلة الشرعية السنية: بعدك عن الشر وأهله، والفارغين واللاهين والفوضويين، فيجتمع عليك شملك، يهدأ بالك، ويرتاح خاطرك، ويجود ذهنك بدرر الحكم ويسرح طرفك في بستان المعادن.
إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز, جربه أطباء القلوب فنجح أيما نجاح، وأنا أدلك عليه. في العزلة عن الشر واللغو وعن الدهماء تلقيح للفكر، وإقامة لناموس الخشية، واحتفال بمولد الإنابة والتذكر، وإنما كان الاجتماع المحمود والاختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير، أما مجالس البطالة والعطالة فحذار حذار، اهرب بجلدك، ابك على خطيئتك، وامسك عليك لسانك، وليسعك بيتك . الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس، وتهديد خطير لدنيا الأمن والاستقرار في نفسك؛ لأنك تجالس أساطين الشائعات وأبطال الأراجيف، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت ((لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وإذا ما خلا الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إذاً فرجائي الوحيد إقبالك على شأنك والانزواء في غرفتك إلا من قول خير أو فعل خير، حينها تجد قلبك عاد إليك، فسلم وقتك من الضياع، وعمرك من الإهدار، ولسانك من الغيبة، وقلبك من القلق، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن، ومن جرب عرف، ومن أركب نفسه مطايا الأوهام، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس عشر: العوض من الله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لا يسلبك الله شيئاً إلا عوضك خيراً منه، إذا صبرت واحتسبت "من أخذت حبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة" يعني عينيه, "من سلبت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب عوضته من الجنة" من فقد ابنه وصبر بني له بيت الحمد في الخلد، وقس على هذا المنوال فإن هذا مجرد مثال.
فلا تأسف على مصيبة فإن الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم.
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلفها الخير ((أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون)) هنيئاَ للمصابين ، وبشرى للمنكوبين.
إن عمر الدنيا قصير وكنزها حقير، والآخرة خير وأبقى فمن أصيب هنا كوفي هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك، أما المتعـلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيء وأنتم الرابحون، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة ((فضرب بينهم بسورٍ لهُ باب باطنهُ فيه الرحمة وظاهره من قبله العذابُ)) وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرأ وأجل وأعلى.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس عشر: الإيمان هو الحياة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان، ومن رصيد اليقين، فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)).
لا يسعد النفس ويزكيها ويهزها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين، لا طعم للحياة أصلاً إلا بالإيمان.
إذا الإيمان ضاع فلا حياة
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
إن الطريقة المثلى للملاحدة إن لم يؤمنوا أن ينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظـلمات والدواهي، يا لها من حياة تعيسة بلا إيمان، يالها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض ((ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرةٍ ونذرهم في ظغيانهم يعمهون)) وقد آن الآوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى أن الصنم خرافة والكفر لعنة، والإلحاد كذبة، وأن الرسل صادقون، وأن الله حق, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وبقدر إيمانك قوة وضعفاً، حرارة وبرودة، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك.
((من عمل صلحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)) وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعد ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضاع الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث، وسكينة قلوبهم عند وقع القضاء ورضاهم في مواطن القدر؛ لأنهم رضوا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع عشر: اجن العسل ولا تكسر الخلية
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، اللين في الخطاب, البسمة الرائقة على المحيا، الكلمة الطيبة عند اللقاء، هذه حلل منسوجة يرتديها السعداء، وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيباً وتصنع طيباً، وإذا وقعت على زهرة لا تكسرها لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف . إن من الناس من تشرأب لقدومهم الأعناق، وتشخص إلى طلعاتهم الأبصار، وتحييهم الأفئدة وتشيعهم الأرواح؛ لأنهم محبوبون في كلامهم , في أخذهم وعطائهم، في لقائهم ووداعهم.
إن اكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الأبرار، فهم محفوفون دائماً وأبداً بهالة من الناس, إن حضروا فالبشر والأنس، وإن غابوا فالسؤال والدعاء.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
سهرنا ونام الركب والليل مسرف
وكنت حديث الركب في كل منزل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميمٌ)) فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة، وحلمهم الدافيء، وصفحهم البريء، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان، تمر بهم الكلمات النابية فلا تلج آذانهم بل تذهب بعيداً هناك إلى غير رجعة. هم في راحة والناس منهم في أمن والمسلمون منهم في سلام "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دماءهم وأموالهم", "إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفو عمن ظلمني وأن أعطي من حرمني", ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)) بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والهدوء.
من سالم الناس يسلم من عواذلهم
ونام وهو قرير العين جذلان
وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن عشر: ألا بذكر الله تطمئن القلوب
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الصدق حبيب الله والصراحة صابون القلوب، والتجربة برهان، والرائد لا يكذب أهله، ولم يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر ((فاذكروني أذكركم)), وذكره سبحانه جنته في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة , وهو إنقاذ للنفس من أوصابها وأتعابها واضطرابها بل هو طريق ميسر مختصر إلى كل فوز وفلاح. طالع دواوين الوحي لتر فوائد الذكر، وجرب مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إذا مرضنا تداوينا بذكركم
ونترك الذكر أحياناً فننتكس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وبذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم والحزن. بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى.
ولا عجب أن يرتاح الذاكرون فهذا هو الأصل الأصيل، لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكره ((أموات غير أحياءٍ وما يشعرون أيان يبعثون)).
يا من شكى الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث، ورمته الخطوب، هيا اهتف باسمه المقدس، هل تعلم له سمياً.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
الله أكبر كل هم ينجلي
عن قلب كل مكبر ومهلل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك، يهدأ قلبك، تسعد نفسك، يرتاح ضميرك، لأن في ذكره جل في علاه معاني التوكل عليه والثقة به والاعتماد عليه والرجوع إليه، وحسن الظن فيه، وانتظار الفرج منه، فهو قريب إذا دعي، سميع إذا نودي، مجيب إذا سئل ، فاضرع واخضع واخشع، وردد اسمه الطيب المبارك على لسانك ثناء ومدحاً ودعاءً وسؤالاً واستغفاراً، وسوف تجد بحوله وقوته السعادة والأمن والسرور والنور والحبور ((فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع عشر: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخراً، إن الحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فسادا، وقد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم، وعدو في جلباب صديق. وقد قالوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
لله در الحسد ما أعدله
بدأ بصاحبه فقتله
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك، قبل أن نرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا، ونسقي الغم دماءنا ونوزع نوم جفوننا على الآخرين.
إن الحاسد يشعل فرناً ساخناً ثم يقتحم فيه. التنغيص والكدر والهم الحاضر أمراض يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة.
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء واتهم الباري في العدل وأساء الأدب مع الشرع وخالف صاحب المنهج.
يا للحسد من مرض لا يؤجر عليه صاحبه، ومن بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم . كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله وتتنازل عن مواهبك، وتلغي خصائصك، ومناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء.
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب العشرون:
اقبل الحياة كما هي
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هذا حال الدنيا منغصة اللذات، كثيرة التبعات، جاهمة المحيا، كثيرة التلون، مزجت بالكدر، وخلطت بالنكد، وأنت منها في كبد .
ولن تجد ولداً أو زوجة، أو صديقاً، أو نبيلاً، ولا مسكناً ولا وظيفة إلا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحياناً، فأطفيء حر شره ببرد خيره، لتنجو رأساً برأس والجروح قصاص.
أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعة لضدين والنوعين والفريقين والرأيين خير وشر، صلاح وفساد، سرور وحزن، ثم يصفو الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار.
وفي الحديث: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم " فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال وحلق في عالم المثاليات، اقبل دنياك كما هي، وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها، فسوف لا يصفو لك فيها صاحب ولا يكمل لك فيها أمر؛ لأن الصفو والكمال والتمام ليس من شأنها ولا من صفاتها.
لن تكمل لك زوجة وفي الحديث " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي آخر".
فينبغي أن نسدد ونقارب ونعفو ونصفح ونأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر ونغمض الطرف أحيانا ونسدد الخطى، ونتغافل عن أمور.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الحادي والعشرون: تعز بأهل البلاء
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تلفت يمنة ويسرة فهل ترى إلا مبتلى وهل تشاهد إلا منكوباً، في كل دار نائحة، وعلى كل خد دمع وفي كل وادٍ بنو سعد.
أيها الشامت المعير بالدهر
أأنت المبرؤ الموفور
كم من المصائب وكم من الصابرين، فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل، كم من مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم ويصيح من السقم.
كم من محبوس مر به سنوات ما رأى الشمس بعينه، وما عرف غير زنزانته.
وكم من رجل وامرأة فقدا فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر.
وكم من مكروب ومديون ومصاب ومنكوب.
آن لك أن تتعـزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجنٌ للمؤمن ودار للأحزان والنكبات، تصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها . بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافرة، والأولاد كثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض ((وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)) فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة، وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأنه لم يأتك إلا وخزات سهلة فاحمد الله على لطفه واشكره على ما أبقى، واحتسب ما أخذ، وتعز بمن حولك.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ولك قدوة في رسول صلى الله عليه وسلم وقد وضع السلا على رأسه وأدميت قدماه وشج وجهه وحوصر في الشعب حتى أكل ورق الشجر، وطرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورمي عرض زوجته الشريف، وقتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه، وأكثر بناته في حياته، وربط الحجر على بطنه من الجوع، واتهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كذاب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لا بد منه ومحيص لا أعظم منه، وقد قتل قبل زكريا وذبح يحيى ، وهاجر موسى، ووضع الخليل في النار، وصار الأئمة على هذا الطريق فضرج عمر بدمه، واغتيل عثمان، وطعن علي، وجلدت ظهور الأئمة وسجن الأخيار، ونكل بالأبرار ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثاني والعشرون: الصلاة ... الصلاة
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة))
إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب .
كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ قال: "أرحنا بالصلاة يا بلال" فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته.
وقد طالعت سير قوم أفذاذ كانت إذا ضاقت بهم الضوائق وكشرت في وجوههم الخطوب، فزعوا إلى صلاة خاشعة فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم.
إن صلاة الخوف فرضت لتؤدى في ساعة الرعب، يوم تتطاير الجماجم، وتسيل النفوس على شفرات السيوف، فإذا أعظم تثبيت وأجل سكينة صلاة خاشعة.
إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد، وأن يمرغ جبيـنه ليرضي ربه أولا ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن إلا الصلاة.
من أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا، رفع لدرجاتنا عند ربنا، ثم هي علاج عظيم لمآسينا ودواء ناجع لأمراضنا، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين وتملؤ جوانحنا بالرضا. أما أولئك الذي جانبوا المسجد وتركوا الصلاة، فمن نكد إلى نكد، ومن حزن إلى حزن ومن شقاء إلى شقاء ((فتعساً لهم وأضل أعمالهم)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثالث والعشرون: حسبنا الله ونعم الوكيل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
تفويض الأمر إلى الله ، والتوكل عليه، والثقة بوعده، والرضا بصنيعه، وحسن الظن به، وانتظار الفرج منه من أعظم ثمرات الإيمان، ومن أجل صفات المؤمنين، وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ويعتمد على ربه في كل شأنه يجد الرعاية والولاية والكفاية والتأييد والنصرة.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وإذا الرعاية لاحظتك عيونها
نم فالحوادث كلهن أمان
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فجعـلها الله عليه برداً وسلاماً، ورسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما هددوا بجيوش الكفار وكتائب الوثنية قالوا: ((حسبنا الله ونعم الوكيل(173) فانقـلبوا بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسهم سوّءٌ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيم)).
إن الإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث، ولا يقاوم الملمات، ولا ينازل الخطوب؛ لأنه خلق ضعيفاً عاجزاً، ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه، ويفوض الأمر إليه، وإلا فما حيلة هذا العبد الفقير الحقير إذا احتوشته المصائب وأحاطت به النكبات ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)).
فيا من أراد أن ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذي القوة المتين، لينقذك من الويلات، ويخرجك من الكربات، واجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل، فإن قل مالك، وكثر دَيْنك، وجفت مواردك وشحت مصادرك، فناد حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا داهمك المرض، وألمح عليك السقم، وتضاعف عليك البلاء، فقل حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا خفت من عدو، أو رعبت من ظالم، أو فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل. ((وكفى بربك هادياً ونصيراً)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الرابع والعشرون: قل سيروا في الأرض
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
مما يشرح الصدر ويزيح سحب الهم والغم؛ السفر في الديار، وقطع القفار، والتقلب في الأرض الواسعة، والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أقلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال، لترى حدائق ذات بهجة، ورياضاً أنيقة وجنات ألفافاً، أخرج من بيتك وتأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك، اصعد الجبال، اهبط الأودية، تسلق الأشجار، عب من الماء النمير، ضع أنفك على أغصان الياسمين، حينها تجد روحك حرة طليقة، كالطائر الغريد تسبح في فضاء السعادة، اخرج من بيتك، ألق الغطاء الأسود عن عينيك، ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكراً مسبحاً.
إن الانزواء في الغرفة الضيقة مع الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار، وليست غرفتك هي العالم ولست أنت كل الناس، فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان، ألا فاهتف ببصرك وسمعك وقلبك: انفروا خفافاً وثقالاً، تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل بين الطيور وهي تتلو خطب الحب، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
أيها ذا الشاكي وما بك داء
كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
أترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقه الندى إكليلا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن الترحال في مسارب الأرض متعة يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه، وأظلمت عليه غرفته الضيقة، فهيا بنا نسافر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبر ((ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلاً سبحانك)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الخامس والعشرون: فصبر جميل
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر وبقوة إرادة وبمناعة أبية. وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع؟
هل عندك حل لنا غير الصبر؟ هل تعلم لنا زاداً غيره؟
كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب وميداناً تتسابق فيه النكبات كلما خرج من كربة زارته كربة أخرى، وهو متترس بالصبر، متدرع بالثقة بالله، يقول عن حاله:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
تنكر لي دهري ولم يدر أنني
أعز وأحداث الزمان تهون
فبات يريني الدهر كيف عتوه
وبت أريه الصبر كيف يكون
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هكذا يفعل النبلاء، يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضاً.
دخلوا على أبي بكر وهو مريض، قالوا: ألا ندعو لك طبيباً ؟ قال: الطبيب قد رآني . قالوا: فماذا قال؟ قال: يقول: إني فعال لما أريد.
ومرض أحد الصالحين فقيل له: ماذا يؤلمك؟
فقال:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
تموت النفوس بأوصابها
ولم يدر عوادها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي
أذاها إلى غير أحبابها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
واصبر وما صبرك إلا بالله، اصبر صبر واثق بالفرج، عالم بحسن المصير، طالب للأجر، راغب في تكفير السيئات، اصبر مهما ادلهمت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً.
قرأت سير عظماء مروا في هذه الدنيا وذهلت لعظيم صبرهم وقوة احتمالهم، كانت المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء باردة، وهم في ثبات الجبال، وفي رسوخ الحق، فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج، وفرحة الفتح، وعصر النصر. وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده، بل نازل الكوارث وتحدى المصائب وصاح في وجهها منشداً:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
إن كان عندك يا زمان بقية
مما يهان به الكرام فهاتها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السادس والعشرون: لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
نفر من الناس تدور في نفوسهم حرب عالمية، وهم على فرش النوم، فإذا وضعت الحرب أوزارها غنموا قرحة المعدة، وضغط الدم والسكري. يحترقون مع الأحداث، يغضبون من غلاء الأسعار، يثورون لتأخر الأمطار، يضجون لانخفاض سعر العملة، فهم في انزعاج دائم، وقلق واصب ((يحسبون كل صيحةٍ عليهم)).
ونصيحتي لك أن لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك، دع الأحداث على الأرض ولا تضعها في أمعاءك. إن البعض عنده قلب كالإسفنجة يتشرب الشائعات والأراجيف, ينزعج للتوافه، يهتز للواردات، يضطرب لكل شيء، وهذا القلب كفيل أن يحطم صاحبه وأن يهدم كيان حامله .
أهل المبدأ الحق تزيدهم العبر والعظات إيماناً إلى إيمانهم، وأهل الخور تزيدهم الزلازل خوفاً إلى خوفهم، وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قلبٍ شجاع، فإن المقدام الباسل واسع البطان، ثابت الجأش، راسخ اليقين، بارد الأعصاب، منشرح الصدر، أما الجبان فهو يذبح نفسه كل يوم مرات بسيف التوقعات والأراجيف والأوهام والأحلام، فإن كنت تريد الحياة المستقرة فواجه الأمور بشجاعة وجلد ولا يستخفـنك الذين لا يوقنون، ولا تك في ضيق مما يمكرون، كن أصلب من الأحداث، وأعتى من رياح الأزمات، وأقوى من الأعاصير، وارحمتاه لأصحاب القلوب الضعيفة كم تهزهم الأيام هزاً ((لتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ)) وأما الأباة فهم من الله في مدد، وعلى الوعد في ثقة ((فأنزل السكينة عليهم)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب السابع والعشرين: لا تحطمك التوافه
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
كم من مهموم سبب همه أمرٌ حقير تافه لا يذكر.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
انظر إلى المنافقين، ما أسقط هممهم وما أبرد عزائمهم. هذه أقوالهم: لا تنفروا في الحر، إئذن لي ولا تفتني ، بيوتنا عورة، نخشى أن تصيبنا دائرة ، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. يا لخيبة هذه المعاطس, يا لتعاسة هذه النفوس.
همهم البطون والصحون والدور والقصور، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المثل، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل. هم أحدهم ومبلغ علمه: دابته وثوبه ونعمه ومأدبته، وانظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة أو الابن أو القريب أو سماع كلمة نابية أو موقف تافه. هذه مصائب هؤلاء البشر، ليس عندهم من المقاصد العليا من يشغلهم، ليس عندهم من الاهتمامات الجليلة ما يملأ وقتهم، وقد قالوا: إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء، إذاَ ففكر في الأمر الذي تهتم له وتغتم، هل يستحق هذا الجهد وهذا العناء، لأنك أعطيته من عقلك ولحمك ودمك وراحتك ووقتك، وهذا غبن في الصفقة وخسارة هائلة ثمنها بخس، وعلماء النفس يقولون أجعل لكل شيء حداً معقولاً، وأصدق من هذا قوله تعالى: ((قد جعل الله لكل شيءٍ قدراً)) فأعط القضية حجمها ووزنها وقدرها وإياك والظلم والغلو.
هؤلاء الصحابة الأبرار همهم تحت الشجرة الوفاء بالبيعة، فنالوا رضوان الله , ورجل معهم أهمه جمله حتى فاته البيع فكان جزاءه الحرمان والمقت.
فاطرح التوافه والاشتغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك وعدت فرحاً مسروراً.
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثامن والعشرون: ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
مر فيما سبق بعض معاني هذا السبب لكنني أبسطه هنا ليفهم أكثر وهو أن عليك أن تقنع بما قسم لك من جسم ومال وولد سكن وموهبة، وهذا منطق القرآن ((فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين)). إن غالب علماء السلف وأكثر الجيل الأول كانوا فقراء لم يكن لديهم أعطيات ولا مساكن بهية، ولا مراكب، ولا حشم، ومع ذلك أثروا الحياة وأسعدوا أنفسهم والإنسانية؛ لأنهم وجهوا ما آتاهم الله من خير في سبيله الصحيح , فبورك لهم في أعمارهم وأوقاتهم ومواهبهم، ويقابل هذا الصنف المبارك ملأٌ أعطوا من الأموال والأولاد والنعم، فكانت سبب شقائهم وتعاستهم؛ لأنهم انحرفوا عن الفطرة السوية والمنهج الحق وهذا برهان ساطع على أن هذه الأشياء ليست كل شيء، انظر إلى من حمل شهادات عالمية لكنه نكرة من النكرات في عطاءه وفهمه وأثره، بينما تجد آخرين عندهم علم محدود، وقد جعلوا منه نهراً دافقاً بالنفع والإصلاح والعمار.
إن كنت تريد السعادة فارض بصورتك التي ركبك الله فيها، وارض بوضعك الأسري وصوتك ومستوى فهمك، ودخلك، بل إن بعض المربين الزهاد يذهبون إلى أبعد من ذلك فيقولون لك: ارض بأقل مما أنت فيه وبدون ما أنت عليه وأنشدوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
سعادتك العظمى إذا كنت عاقلاً
مناك بحال دون حال تعيشها
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هاك قائمة رائعة مليئة باللامعين الذين بخسوا حظوظهم الدنيوية:
عطاء بن أبي رباح عالم الدنيا في عهده، مولى أسود أفطس أشل مفلفل الشعر.
الأحنف بن قيس، حليم العرب قاطبة، نحيف الجسم، أحدب الظهر، أحنى الساقين، ضعيف البنية.
الأعمش محدث الدنيا، من الموالي، ضعيف البصر، فقير ذات اليد، ممزق الثياب، رث الهيئة والمنزل.
بل الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، كل منهم رعى الغنم، وكان داود حداداً وزكريا نجاراً وإدريس خياطاً، وهم صفوة الناس وخير البشر.
إذاً فقيمتك مواهبك وعملك الصالح ونفعك وخلقك، فلا تأس على ما فات من جمال أو مال أو عيال، وارض بقسمة الله ((نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب التاسع والعشرون: ذكر نفسك بجنة عرضها السموات والأرض
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن جعت في هذه الدار أو افتقرت أو حزنت أو مرضت أو بخست حقاً أو ذقت ظلماً فذكر نفسك بالنعيم والراحة والسرور والحبور والأمن والخلد في جنات النعيم، إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعملت لهذا المصير تحولت خسائرك إلى أرباح، وبلاياك إلى عطايا. إن أعقل الناس هم الذين يعملون للآخرة لأنها خير وأبقى. وإن أحمق وأبله هذه الخـليقة هم الذين يرون أن هذه الدنيا هي قرارهم ودارهم ومنتهى أمانيهم، فتجدهم أجزع الناس عند المصائب، وأندمهم عند الحوادث؛ لأنهم لا يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة، لا ينظرون إلا إلى هذه الفانية، لا يتفكرون في غيرها ولا يعملون لسواها، فلا يريدون أن يعكر لهم سرورهم ولا يكدر عليهم فرحهم، ولو أنهم خلعوا حجاب الران عن قلوبهم، وغطاء الجهل عن عيونهم لحدثوا أنفسهم بدار الخلد ونعيمها ودورها وقصورها، ولسمعوا وأنصتوا لخطاب الوحي في وصفها، إنها والله الدار التي تستحق الاهتمام والكد والجهد.
هل تأملنا طويلاً وصف أهل الجنة بأنهم لا يمرضون ولا يحزنون ولا يموتون، ولا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم، في غرف يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يسير الراكب في ظل شجرة من أشجارها مائة عام لا يقـطعها، طول الخيمة فيها ستون ميلاً، أنهارها مطردة، قصورها منيفة، قطوفها دانية، عيونها جارية، سررها مرفوعة، أكوابها موضوعة، نمارقها مصفوفة، زرابيها مبثوثة، تم سرورها، عظم حبورها، فاح عرفها، عظم وصفها، منتهى الأماني فيها، فأين عقولنا لا تفكر، ما لنا لا نتدبر.
إذا كان المصير إلى هذه الدار فلتخف المصائب على المصابين ولتقر عيون المنكوبين ولتفرح قلوب المعدمين.
فيا أيها المسحوقون بالفقر ، المنهكون بالفاقة المبتلون بالمصائب، اعملوا صالحاً لتسكنوا جنة الله وتجاوروه تقدست أسماؤه ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=red face=
السبب الثلاثون: وكذلك جعلناكم أمة وسطا
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
العدل مطلب عقلي وشرعي، لا غلو ولا جفاء، لا إفراط ولا تفريط، ومن أراد السعادة فعليه أن يضبط عواطفه، واندفاعاته، وليكن عادلاً في رضاه وغضبه وسروره وحزنه؛ لأن الشطط والمبالغة في التعامل مع الأحداث ظلمٌ للنفس، وما أحسن الوسطية، فإن الشرع نزل بالميزان، والحياة قامت على القسط، ومن أتعب الناس من طاوع هواه واستسلم لعواطفه وميولاته حينها تتضخم عنده الحوادث وتظلـم لديه الزوايا وتقوم في قبله معارك ضارية من الأحقاد والدخائل والضغائن لأنه يعيش في أوهام وخيالات، حتى إن بعضهم يتصور أن الجميع ضده، وأن الآخرين يحبكون مؤامرة لإبادته، وتملي عليه وساوسه أن الدنيا له بالمرصاد، فلذلك يعيش في سحب سود من الخوف والهم والغم.
إن الإرجاف ممنوع شرعاً, رخيص طبعاً وما يمارسه إلا أناس مفـلسون من القيم الحية والمبادئ الربانية ((يحسبون كل صيحةٍ عليهم)).
أجلس قلبك على كرسيه، فأكثر ما يخاف لا يكون، ولك قبل وقوع ما تخاف وقوعه أن تقدر أسوأ الاحتمالات ثم توطن نفسك على تقبل هذا الأسوأ، حينها تنجو من التكهنات الجائرة التي تمزق القلب قبل أن يقع الحدث فيبقى كقول الأول:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
كأن قطاة علقت بجناحها
على كبدي من شدة الخفقان
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
فيا أيها العاقل النابه اعط كل شيء حجمه، ولا تضخم الأحداث والمواقف والقضايا بل اقـتصد واعـدل ولا تجور ولا تذهب مع الوهم الزائف والسراب الخادع, اسمع ميزان الحب والبغض في الحديث: "أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما" ((عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم)).
إن كثيراً من التخويفات والأراجيف لا حقيقة لها وقديماً قالوا:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
وقلت لقلبي إن نزا بك نزوة
من الهم افرح أكثر الروع باطـلهُ
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=green face=
هذا الكلام المكتوب لن تستفيد منه حتى تحاول تطبيقه في نفسك وبيتك وعملك وحياتك لتحصل على حياة أجمل بكثير من حياتك التي تعيشها, حياة سعيدة رغيدةً طيبة تصل منها إلى حياة دائمة مطمئنة في جنات النعيم ((ربنا آتتا في الدنيا حسنةً وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلاٌم على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي
مجدي خاشقجي
العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 37 زائراً