المحطة العتيقة........ من دفتر " سفري الطويل "

حوارات - مواضيع - شعرعامِّي

المشرف: مجدي

Albaik
همس جديد
مشاركات: 53
اشترك في: 12-23-2001 10:42 AM

مشاركةبواسطة Albaik » 01-08-2002 11:10 AM

[b][b]


كان في وداعي الأخير ليلاً في تلك المحطة القديمة التي تقع في وسط حلب التي وصلتها من بلاد الإغتراب ، أخي طالب الأدب العربي ومعه صديقي الذي لن أنساه ولن أنسى تلك الأيام الجميلة التي أمضيناها سويا في السكن الطلابي الجميل وكانت من أحلى أيام العمر.
جلسنا سويا على المقعد الخشبي نتجاذب أطراف الحديث ، وكان هواء الشمال التشريني يلفحنا بقوة ، لففت الشال لأدفئ أذني من ذلك البرد القارس ، ذلك الشال الذي صنعته لي أمي ودفأني كثيراً في أيام الدراسة الشال الذي فيه دفئ يدي أمي..

مابك يا عزيزي هل أصبحت غريباً عن هواءنا البارد أم أنك كبرت ولم تعد تحمتل الطقس والبرد القارس ؟ ، ضحكت من هذه المفارقة فصديقي الذي سألني هو نفسه كان يلعن ويسب البرد الذي طالما كنت أركض نحوه بلباسي الثقيل منتظراً المطر ، مستقبلا له في أول التشارين ومودعاً له في أواخر أيار .وكان هو يسرع إلى السكن ويسبقني هرباً من البرد.

أجبته لا لكنني فقط أفتقده وهذا أول اللقاء منذ أن تركتكم قبل سنوات.

كان الوقت يمر بطيئاً بينما نتجاذب أطراف الحديث منتظرين الإذاعة الداخلية كي تعلن إنطلاق الحافلة.
كانا يتحدثان عن المستقبل بينما كنت أرسم في مخيلتي الإطلالة الأولى على مدينتي الشمالية "قصب السكر" ، كم أعشق تلك اللحظات ، حانية حانية دافئة دافئة هي قصب السكر الآن ، وأدخنة المدافئ ترتفع عالية في السماء الملبدة بالغيوم الكثيفة.
لم يقطع احتفالاتي المسبقة بلقاء قصب السكر إلا سؤال أخي عن رأيي بالموضوع ، قلت له أي موضوع؟!
آه المستقبل .؟؟ّّ!!
ضحكت قليلاً وقلت لهما ما لكما تتكلمان عن شيء واحد؟ أخي المتطلع لمسقبل ناجح بعد التخرج وصديقي العزيز الذي يعمل موظفاً ويعيش هذا المستقبل الذي حلم به ولم يتحقق.
كانت التنهد قوياً من الاثنين ، لا ياعزيزي لا تيئسا ، هذه هي الحياة أنتما تتناقشان في موضوع واحد، والنجاح والتوفيق في ضمان المستقبل هو في أيدينا ، لا تلوموا الظروف كثيراً .فنصيبها من ذلك قليل.
كان حديثاً جميلا لو لم يقطعه إلا صوت حشرجة قادمة من تحت المقعد .
قفزنا فزعاً، فقد خفت أن يكون حيواناً شارداً يبحث عن دفئ ما ويريد أن يشاركني دفئي الذي أنعم به أو أن يشاركني الشال الذي صنعته لي أمي ..
كانت دهشة
كانت صدمة .
لم نتكلم ولم ننبس ببنت شفة ، لم نستطع إلا أن نحملق النظر في بعضنا ريثما تزول الدهشة
كان طفلاً نائما
إنه ماسح الأحذية الذي يعمل في المحطة ، كان ملتفاً على نفسه من شدة البرد لا يغطيه شيئاً ويسعل بشدة ، لم أدري ماذا أفعل ، آلاف الأسئلة مرت دون جواب ، من هو ؟ أين أهله ؟، أمه أبوه ؟، لماذا نائم في في هذا الكمان البارد ؟، هل هو مريض ؟، هو جائع ؟
، أقتربت منه بتوجس ، ثم ربت على كتفه. أنت يا صغيري ، هل أنت بخير ؟ هل أنت مريض ؟
لماذا أنت نائم هنا ؟؟!! ، أين أهلك .؟!!
لم يرد.
يا إلهي ماذا أفعل ؟؟
يا صغيري هل تحتاج شيئاً .... ؟؟ قال نعم وبغضب .
قلت له أطلب كيف أساعدك ؟ قال اتركني وشأني أريد أن أنام فأن تعب . لم أستطع إلا أن ألبي لهذا الطفل المسكين طلبه ، فعلى الأقل أكون قد لبيت أمنية واحدة من أمانيه الكثيرة
في هذه اللحظات أعلنت المذيعة الداخلية انطلاق الحافلة ، ودعت مودعيني ولم نتكلم .
صعدت وبقيت نظراتي معلقة في ذلك الكرسي الخشبي الطويل ، في ذلك الطفل الصغير .
كم من الأطفال نائمون الآن في الشوارع على قارعة الطريق في البرد القارس ، كم طفل الآن جائع يبحثون عن كسرة خبز ليسدون فيها جوعهم .
ظللت أفكر طوال الطريق بذلك الطفل.
فلنحافظ على الطفولة " أطفالنا هم مستقبلنا " ولنبحث عن الطفولة المعانية والمعذبة في كل مكان فقد يكون هناك الجائعون والمرضى المحتاجين الحنان الذي نمتلكه.
ولنمسح قليلاً الضباب عن زجاج نوافذنا فقد يكون هناك طفل نائم يحتاج للدفئ الذي نمتلكه.
آه ياأبن آدم ، كم تبخل بالحنان والدفئ عن أخوك أبن آدم؟

من دفتر "سفري الطويل "
أول الكلام ،،،،،، إبتسامة
المعاناه
همس جديد
مشاركات: 9
اشترك في: 01-02-2002 06:13 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة المعاناه » 01-14-2002 05:53 PM

و تتكرر الصوره مرات و مرات

طفل بدون اماني ولا احلام

همه الكبير الحصول على قرش

يسد له جوعه.


اسلوب رائع..... تصويراروع
رائد أنيس الجشي
رشف مميز
مشاركات: 2702
اشترك في: 05-06-2001 10:21 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة رائد أنيس الجشي » 01-16-2002 07:13 PM

<font face=Traditional Arabic font size=5 color= blue>

رائعة هذه الأقصوصة
الواقعية المسبوكة
أدبيا ببراعة

فعلا من العجيب
في بلاد (كالجسد الواحد)
يكثر الفقر

شكرا لحسك الراقي
دمت
ودام
الأخ(المعاناه)
صورة

عساااكم السعااادة
Albaik
همس جديد
مشاركات: 53
اشترك في: 12-23-2001 10:42 AM

أهلا مع دفتر سفري الطويل

مشاركةبواسطة Albaik » 01-18-2002 06:08 PM

أنت هنا أيضاً يا رائد ؟؟!!
أشكرك عزيزي
ومادمت هنا تعال معي أكمل لك الأقصوصة
لا تحزن فالنتيجة كانت أحزن
ففي بلاد الاغتراب تجد الكثير الكثير
أطفال على إشارات المرور
يبيعون الأشياء الصغيرة ، بصغر حجم أياديهم وتستمر المأساة
قد تسخر أحياناً من هذا التناقض العجيب .
المفارقة بين الطفل والسيارة التي تقف عند إشارات المرور
علنا في قراءة سريعة لهذه الصورة أن نفهم شيئاً هاماً
قد نتعرض له يوماً


أخي المعاناة
أشكر لك توقيعك هنا ، شرفتنا
أول الكلام ،،،،،، إبتسامة

العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد