الاخوة والاخوات الاحباء
هذا البحث يعبر عن وجهة نظري واحترم كل الآراء .
********************************************************
هل الحداثة تعني الانسلاح عن القبيلة ؟
جرت العادة عند متشاعري "عصر النكبة" وأقصد أرباب ما يسمونها ( قصيدة النثر ) أنهم يهمزون ويلمزون القبيلة بألفاظ ومدلولات لا تعني إلا التخلف والحجر الفكري والقيود والأصفاد .
والمتأمل بعين المتبصر ببواطن الأمور يدرك القصد والغاية التي يرنو لها هؤلاء المتشاعرين في إقحامهم لكلمة القبيلة ومن ثم التهكم عليها والسخرية من مدلولاتها .
ولكي نضع أيدينا على مكامن العلة يجب علينا توضيح معنى القبيلة وما تعنيه هذه اللفظة في المجتمع وما لها من إسقاطات على نواحي الحياة الفكرية والعقائدية والبنيوية .
وبادئا ببدئ – لعله يتبادر لذهن القارئ العربي – بأن كلمة القبيلة تقتصر بمعنى مفردتها على العرب دون غيرهم وهذا بالطبع منظور خاطئ وقصير النظر . فمفردة القبيلة جاءت في القرآن الكريم عامة وشاملة لكل الناس والشعوب ولم يقتصر معناها على العرب بالتحديد .( يا أيُّها النَّاسُ إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتَعارفوا إنَّ أكرمكم عند اللهِ أتقاكم إنَّ الله عليمٌ خبير ) صدق الله العظيم – سورة الحجرات آية 13- .
وغني عن الذكر التقسيمات والمسميات القبلية عند غير العرب خاصة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية فهناك آلاف القبائل والتي يتكون بعضها من الملايين من البشر مثل قبيلتي التوتسي والهوتو كذلك قبائل الهنود الحمر ومثلها الفايكنج الشمالية . وبالرغم من هذا ففي مقالي هذا ما يهمني هو القبيلة العربية ولا شئ غيره .
ما معني القبيلة ؟
القبيلة هي تجمع سكاني عادة ما تربطهم لُحمة الدَّم والنَّسب وعادة ما نراهم يعيشون في قطعة أرض واحدة أو في مضارب متاخمة الواحدة للأخرى وتتسع الرقعة الجغرافية وتتباعد كلما كثر تعداد أفراد القبيلة وزادت أرزاقها .
ما هو قانون القبيلة وما هي مصادره؟
عادة ما يؤمِّر أهل العقد والحل " شيخا " على القبيلة وهو يمثل من وجهة نظرهم الأداة التي ستطبق القانون المكتسب كإرث لديهم عبر الأجيال من عرف وعادات وتقاليد وعبادات وهو بلا شك الواجهة للقبيلة وكبيرها وأحيانا المتحدث الرسمي باسمها .
ماذا ترمز القبيلة للمجتمع القبلي وما هي مدلولات ما تعارفت عليه ؟
في الإجابة على هذه التساؤلات يكمن مربط الفرس . حيث ينطلق من هنا هجوم " المتشاعرين الصغار " بالهمز واللمز والتهكم على القبيلة وعرفها وتقاليدها بحيث وضعوا نصب أعينهم – لكي يتسنى لهم التحلل والانعتاق كما أراد لهم شياطين الغرب – من كل القيود ليتسنى لهم الانطلاق " للتحديث والإبداع " فكان لزاما عليهم نقض كل الثوابت من أساساتها بداية بالقبيلة والتي سبقت المعتقدات الدينية ومن ثم تسفيه المتعارف عليه بين أبناء القبيلة ويندرج تحت هذا الهدف الدين والعادات والتقاليد ومن ثم الدعوى لمواكبة التقدم والتمدين والإنفلات من كل هذه القيود التي ترمز – من وجهة نظرهم القاصرة – للتخلف والركود .
فهل حجبت أو قيدت القبيلة أو المعتقد إبداع شعراء الجاهلية وهل أخفق الشعراء الإسلاميون وتوقف إبداعهم عندما تغير دين قبائلهم ومعتقداتهم ؟ هذان التساؤلان يجيبان على فكر هؤلاء " المتشاعرين السقيم" وبدون الإتيان بالإجابات عليها .
إذا ما القصد من الهجوم على القبيلة وجعل مفردة القبيلة صنوا للتخلف وقيدا يحول دون الإبداع لدى هؤلاء المتشاعرين ؟
لعل الإجابة على هذا التساؤل فيه ما فيه مما لا يروق لهم ولكني أرى من الواجب علينا وضع النقاط على الحروف والإشارة بالإصبع على عين العلة ومن قبلها القصد والنية .
الجواب على هذه التساؤلات يكمن في خطط هؤلاء المتشاعرين للوصول لهدفهم الذي وضعوه نصب أعينهم متأثرين بما قرأوا عليهم من أساطين الكفر الغربيين أمثال بودلير ولامارتين وسارتر فقد نادى المفكرون الغربيون بالتمرد على الكنيسة والإنقضاض على جميع ثوابت الأمة والمجتمع لكي يتمكنوا من " تفجير " الطاقات اللغوية والإبداعية من شعر ومسرح وسينماء ونحت وفنون ..الخ . وقصدهم من وراء هذه الهجمة هو التخلص من أسس القداسة ومصادر التشريع .
ولما كانت القبيلة لا تلعب دورا هاما في مجتمعات الغرب – على عكس ما هو الحال عند العرب على وجه الحصر – لذلك نرى بأن " المتشاعرين" عمدوا للإنقضاض على أهم القواعد التي ترتكز عليها بُنية المجتمع ألا وهي القبيلة ووصمها بالتخلف ووشمها بالإنغلاق . فالإنقضاض على القبيلة وما تعنية من معان تصل لحد " القداسة " أحيانا عند بعض الشعوب يعتبر بمثابة الضربة الأولى لمعاول فؤوسهم الهدامة لكي يأتوا من بعدها على الدين والمعتقد كخطوة ثانية - تماما كما بدأوا بها كخطوة أولى - في المجتمع المسيحي .. فإن تساهلت القبيلة في الذود عن كينونتها سيتساهل أبناؤها في الذود عن معتقدهم وبالتالي ستسير الأمور جامحة بلا قيود ولا ضوابط تماما كما يخرج النهر الجارف عن مساره فلا أحد يتوقع ما الذي ستجرفه المياه وماذا سينجم عن هيجانها .
بعد هذين الهدفيين يأتي هدفهم الثالث والذي لا يقل أهمية – من وجهة نظر مخططيهم ومنظريهم – للإنقضاض على مفردة هامة في لغتنا وهي كلمة ( قدسية او قداسة أو مقدس ) وهذه الكلمة تنسحب على كثير من الثوابت المقدسة وعلى رأس السلم إسم الجلالة والانبياء والرسل والملائكة وثوابت المعتقد من قصص وحكم وأمور قاطعة ومثبتة . وليس من قبيل المصادفة ألا نراهم يستشهدون بقصص قرآنية أو احاديث شريفة في " قصائدهم " فلهذا الأمر سببان أولهما هو أنهم – جلهم أوالسواد الاعظم منهم – بعيدون عن الثقافة الإسلامية والعربية دينيا ولسانا . والسبب الثاني هو عدم توافق الأسباب والمسببات مع هدفهم المنشود الا وهو الانقضاض على الدين فكيف بهم لو استدلوا بما قاله القرآن وقالته السنة الشريفة ؟
ومن هنا نرى بعض هذه الملاحظات والتي لم تأت من فراغ :::
أولا : بعض الشعراء ممن ينتمون للإسلام يصفون بأشعارهم ( صلب السيد المسيح ) أو امتثال ( إسحق ) لابيه عندما رأى في المنام أنه يذبحه .. فهل هناك لُبس أو أي شبهه في القرآن الكريم بخصوص هذين الحدثين ؟ وهل اختلط اسمي إسحق أو إسماعيل على مشايخ الدين وفقهائنا وهل يقر المسلمون بصلب عيسى عليه السلام ؟ فما الغاية إذا من التعمد لقلب الحقائق من قبل متشاعرين مسلمين ؟
ثانيا : الإكثار من ذكر كلمة ( إله وآلهه ) في أشعارهم لكي يموهوا معنى هذه المفردة المقدسة وما تعنيه لدى المسلم الحق ونراهم يأتون باسماءآلهة والتي نعرف جيدا من أين أتت وما هي مصادرها أمثال عشتار وفينوس وكيوبيد وفينيق وغيرها ..
ثالثا : بدون عناء جهد لو تأملت في مصادر فكرهم وثقافاتهم تراها بعيدة بعدا بيِّنا عن القرآن أو الاشعار العربية الجاهلية والإسلامية بل نراهم يحاكون الفرنجة – بداعي التطور – متناسين لما للغة العربية من خصوصيات تتمثل في القواعد والصرف والبلاغة والتشبيه والبيان .. فنراهم يخاطبونا بتذكير المؤنث وبصرف ما لا يجوز صرفه وبضرب أعناق النحو بداية من كان وأخواتها إلى الزج بلكلمات دخيلة فرانكوعربية . هذا ناهيك عن ما يقولونه في حق الشيخ العلامة الفراهيدي ووصمه بالتخلف والتحجر بل نراهم يتجرأون – لسفاهتهم بلا شك – على شتم هذا العلم العلامة والتندر به وبعلمه !
رابعا :
جرأة بعض المتشاعرات في الولوج الى القضايا الجنسية واستعمالهن المفرط والممتهن لكلمات مثل الشبق والرعشة ..
وهذا الأمر له مدلول جد مهم فقد تعود المجتمع العربي على رؤية المرأة العربية والمسلمة تتدثر بصفات الحياء وهذه الصفات هي مرغوبة ومطلوبة في المراة العربية ولم يكن العربي أو المسلم ليقبل بسهولة من الشاعرة الأنثى الولوج لهذه الكلمات وخاصة عندما تتحدث عن نفسها ورغباتها . اما السبب وراء هذه الظاهرة فيندرج قطعا تحت مسمى التحرر والذي سيؤدي – كما خطط له شياطين الإنس والجن – إلى ترويض الذوق العربي للتعاطي مع هذه الالفاظ بحيث تتغير في نفسه المقاييس والمدلولات المتوارثة لديه قبليا ودينييا . ومن ثم تموت بداخله الغيرة والحمية بل وتتساوى في قاموسه معايير العفة والزَّفة .
واخيرا
لست أدري فلو كنت فنانا يرسم " كاريكاتورا " وقيل لي أن ارسم صورة لهذا المتشاعر أو المتشاعرة لما ترددت في رسم المتشاعر مرتديا الطاقية الأمريكية ممتطيا ناقته وتائها في الربع الخالي .
مع تحيات
جمال حمدان
الحداثيون وتهجمهم المقصود على مفردة ( القبيلة )
المشرف: مجدي
-
- بوح دائم
- مشاركات: 246
- اشترك في: 05-29-2002 11:08 PM
- اتصال:
الحداثيون وتهجمهم المقصود على مفردة ( القبيلة )
آخر تعديل بواسطة جمال حمدان في 08-04-2002 06:06 AM، تم التعديل مرة واحدة.
هذا أنا أبدو وحرفي مائلا
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
-
- همس جديد
- مشاركات: 81
- اشترك في: 06-21-2002 07:07 PM
- اتصال:
استاذي : جمال حمدان ...
الحداثيون ..هؤلاء الذين أبتلي بهم عالمنا العربي والاسلامي ..هم يا سيدي مجرد ببغاوات يرددون كلام أناس عرف عنهم بغضهم لكل دين أو عقيدة تدعو للفضيله ..تجدهم يقدسون الحضارات البائده ..الأشوريه والفينيقيه والرومانيه واليونانيه وغيرها ..تلك الحضارات التي قامت على استعباد الانسان ..ثم اندثرت وبقي منها أخبار عن اصنام كانوا يعبدونها ويقدسونها ..ووجد الحداثيون المنحرفون فيها فرصة لبث سمومهم حيث يحيطونها بهالة من الإجلال والاحترام ..وهم يرمون من وراء هذا طمس الشخصيه الاسلاميه ..لأن الاسلام هو عدوهم الأول وذلك لأنه الدين الوحيد الباقي على وجه الارض لم يحرف ومازال متمسكاً بمبادئه وقيمه ...اما تهجمهم على القبيله فله اهداف اجتماعيه ...القبيلة هي رمز لترابط اسري بين مجموعه كبيره من البشر وهم يحاولون جاهدين لتفكيك هذه المجموعه وهذا من أهداف المستعمر البغيضه ..ولكن المضحك يا سيدي أن بعضهم يتهجم على القبيله ويرميها بالتخلف ثم يكتب اسمه واسم قبيلته ...يا سيدي هم يمجدون كل منحرف ..لقد اقاموا الدنيا ولم يقعدوها لمجرد منع الازهر لرواية المنحرف حيدر حيدر ..تلك الرواية التي كُتبت بلغة المومسات واحتوت على الفاظ في غاية القذارة والانحطاط .....لا تبتئس يا سيدي فهناك في انتظارهم ...مزبلة التاريخ
الحداثيون ..هؤلاء الذين أبتلي بهم عالمنا العربي والاسلامي ..هم يا سيدي مجرد ببغاوات يرددون كلام أناس عرف عنهم بغضهم لكل دين أو عقيدة تدعو للفضيله ..تجدهم يقدسون الحضارات البائده ..الأشوريه والفينيقيه والرومانيه واليونانيه وغيرها ..تلك الحضارات التي قامت على استعباد الانسان ..ثم اندثرت وبقي منها أخبار عن اصنام كانوا يعبدونها ويقدسونها ..ووجد الحداثيون المنحرفون فيها فرصة لبث سمومهم حيث يحيطونها بهالة من الإجلال والاحترام ..وهم يرمون من وراء هذا طمس الشخصيه الاسلاميه ..لأن الاسلام هو عدوهم الأول وذلك لأنه الدين الوحيد الباقي على وجه الارض لم يحرف ومازال متمسكاً بمبادئه وقيمه ...اما تهجمهم على القبيله فله اهداف اجتماعيه ...القبيلة هي رمز لترابط اسري بين مجموعه كبيره من البشر وهم يحاولون جاهدين لتفكيك هذه المجموعه وهذا من أهداف المستعمر البغيضه ..ولكن المضحك يا سيدي أن بعضهم يتهجم على القبيله ويرميها بالتخلف ثم يكتب اسمه واسم قبيلته ...يا سيدي هم يمجدون كل منحرف ..لقد اقاموا الدنيا ولم يقعدوها لمجرد منع الازهر لرواية المنحرف حيدر حيدر ..تلك الرواية التي كُتبت بلغة المومسات واحتوت على الفاظ في غاية القذارة والانحطاط .....لا تبتئس يا سيدي فهناك في انتظارهم ...مزبلة التاريخ
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
أيَبلغُ الأمرُ كلَّ هذه الخطورة؟!
الشاعر القدير الأخ الفاضل جمال حمدان
شكراً لكم لما أنرتم به بصيرتنا تجاه ما يسمّى بالشعرِ الحداثيّ
كانَ بحثاً قيّماً للغاية..و قد أُفِدنا منه أيّما إفادة..جزاك الله خيراً شاعرنا القدير
و لي سؤالٌ أيّها الأستاذ الفاضل..أتوجّه بهِ للجميع من أعضاء و عضوات نادينا
هلاّ تفضّلتم بذكرِ شيءٍ من الأمثلةِ لنا على كلٍّ من النّقاطِ التي تفضّلَ الأستاذ جمال بذكرِها في هذا البحث:
ذكر الأنبياء..و الآلهة..اللحّن في اللغة..النصّ الأنثوي في الشّعر الحداثي..
مع أخلص الشكر
أيَبلغُ الأمرُ كلَّ هذه الخطورة؟!
الشاعر القدير الأخ الفاضل جمال حمدان
شكراً لكم لما أنرتم به بصيرتنا تجاه ما يسمّى بالشعرِ الحداثيّ
كانَ بحثاً قيّماً للغاية..و قد أُفِدنا منه أيّما إفادة..جزاك الله خيراً شاعرنا القدير
و لي سؤالٌ أيّها الأستاذ الفاضل..أتوجّه بهِ للجميع من أعضاء و عضوات نادينا
هلاّ تفضّلتم بذكرِ شيءٍ من الأمثلةِ لنا على كلٍّ من النّقاطِ التي تفضّلَ الأستاذ جمال بذكرِها في هذا البحث:
ذكر الأنبياء..و الآلهة..اللحّن في اللغة..النصّ الأنثوي في الشّعر الحداثي..
مع أخلص الشكر
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
الرعب القائم
<DIV align=justify><FONT size=5 color=black face=
الرعب القائم
بقلم د. محمد عباس
mohamadab@hotmail.com
mohamadabbas@gawab.com
<DIV align=justify><FONT size=4 color=Purple face=
أكتب إليك أيها القارئ فى قضية لا تهمك على الإطلاق.. يمكنك أن تعرض عنها على الفور.. وأن تنتقل لقراءة مقال آخر تجد فيه ما يهمك أو ما يلهيك أو ما يسليك..
قضية لا تهمك.. ومع ذلك فقد تموت غدا بدليل يستقى منها.. أو بقانون يعتمد عليها..
قد..
وقد هذه تعنى شكا..
أما اليقين الذى لا شك فيه فهو إذلالك و إهدار كرامتك وسحق مشاعرك وتشريد أهلك واحتلال أوطانك و وتسفيه دينك.. وكل ذلك بسبب هذه القضية التى لا تهمك على الإطلاق..
***
ولنبدأ طرح القضية التى نقلها إلينا الحداثيون والعلمانيون و أدعياء الثقافة والتنوير من عباد الغرب والشيطان..
والقضية قضية لغوية.. وهى تنحصر فى التساؤل عن العلاقة بين اللفظ ومعناه أو كما يقول الحداثيون: العلاقة بين الدال والمدلول، ثم يتطور السؤال إلى: هل سبق اللفظ المعنى أم سبق المعنى اللفظ؟!!..
ما هى العلاقة بين الصوت الذى ينطلق من الحنجرة واللسان والفم وبين ما يعبر عنه هذا الصوت.
هل وجدت الأشياء أولا ثم أطلقت عليها الأسماء؟ ولماذا إذن لا تتشابه الأسماء فى اللغات جميعا؟. أم أن اللغة وجدت أولا بحيث أن مدلول اللفظ يكون كامنا فيه؟..
***
ألم أقل لك منذ البداية أنها قضية لا تهمك.. لكننى سأستميح عذرك لأستبيح صبرك..
ودعنى أطرح عليك هذا السؤال الذى يطرحه جهابذة عباد الشيطان:
لو أن الناس جميعا اتفقوا على إطلاق اسم: " لكب" على الكلب، هل كانت صفات الكلب ستتغير؟ أو أنهم أطلقوا اسم: " رشجة" على الشجرة.. أو أى اسم آخر.. لو أنهم سموها: " ذئبا " أو "كلبا" أو "ماء" فهل كان الأمر سيختلف. ثم: هل تمثل كلمة "الشجرة" الشجرة نفسها ، أم أنها تعنى غيابها؟ تعنى أننا عجزنا عن الإتيان بالشجرة فأتينا بكلمة بدلا منها، وبهذا يتضافر الحضور والغياب. ويصل هؤلاء إلى أن الناس اتفقت اعتباطيا على معنى كل لفظ، و أنه لا توجد علاقة على الإطلاق بين اللفظ ومعناه. و أن المجتمعات البشرية هى التى أعطت المعنى لكل لفظ.
لن نسوق إليهم الآن حجتنا اليقينية أن الله سبحانه وتعالى علم آدم الأسماء كلها.. هم أقل و أضأل من أن نسوق إليهم دليلا من القرآن الكريم.. ثم أننا نريد أن نكشف منطقهم من خلال منطقهم ذاته.
الفصل بين اللفظ ومعناه، أو بين الدال والمدلول كان بدايات أفكار البنيوية والتفكيكية التى انتشرت فى بدايات القرن العشرين على يد فلاسفة الغرب مثل دريدا وسوسير ورولان بارت وجاك كوهين وياكوبسون وغيرهم. بدأت بفصم عرى لا يتصور أن تنفصم، لكن هذا الانفصام كان نتيجة حتمية للفلسفة الإلحادية، ذلك أن الإنسان لا يتبوأ مكانه السامى إلا بإيمانه بالله. فإذا فقد الإيمان بالله ضاع، وتحول إلى مجرد حيوان، ووجب علينا أن نناقش الأصوات المنطلقة منه- من الحيوان- ولكان منطقيا أن نشك فيما إذا كانت هذه الأصوات المختلفة تعبر عن أى معنى.
كان منطقيا أن يتلو الكفر بالله الكفر بالإنسان أيضا.. ليكون مجرد حيوان..
وكان منطقيا أن تسقط كل القيم.. فالقيم لا تستمد قيمتها إلا من الله ومن كتبه ومن رسله.. و إلا فماذا يجعل الصدق خيرا وهو قد يضر؟ وماذا يجعل الكذب شرا وهو قد يفيد.. وماذا يجعل القتل جريمة وانتهاك الأعراض عارا والظلم سبّة؟!..
أدى الكفر بالله، وجحود نعمته علينا بتعليمنا الأسماء إلى فصم العري بين اللفظ ومعناه.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.. لأن الحضارة المادية الملحدة التى عبدت المادة والعلم والعقل من دون الله ما لبثت أن اكتشفت قصورها جميعا وعجزها عن تلبية احتياجات الإنسان أو تقليل شقائه.
وهكذا أدت الفلسفات الإلحادية فى النهاية إلى سقوط الأرباب التى اتبعها أسلافهم فى القرن التاسع عشر لعبادتها من دون الله: المادة والعلم والعقل.
ولقد أدت العملية التفكيكية فى نهايتها إلى تجاوز الكفر بعالم الغيب إلى الكفر بعالم الشهادة! وسيطرت الفلسفة الألمانية وتكفلت ظاهرية هوسيرل وتأويلية هايدجر وجادامر برفض أى سلطات مرجعية، وكما يعبرون هم فقد انفرط عقد العالم بعد أن فقد كل شئ الإحالة إلى مرجع ثابت وموثوق به.
يرى ميشيل فوكوه أن كل عصر معرفى جديد يزيح العصر المعرفى السابق، وفى مرحلة معرفية سابقة تمت إزاحة المقدس من مركز الوجود ليحل محله العلم والعقلانية، أما فى المرحلة الأخيرة فقد أزيح العقل لتحل محله اللغة، ليصبح الشك وانعدام اليقين هو الحقيقة الوحيدة المطلقة، ويصبح لا ووجود حقيقيا لأى شئ خارج إطار اللغة.
لكن اللغة نفسها مراوغة والعلاقة بين اللفظ والمعنى فيها علاقة اعتباطية..
إذن: فقد انتهى كل شئ..!!..
***
أعرف يا قراء أن الكلام صعب وغامض، بل أعرف أكثر من ذلك أن صعوبته لا ترجع إلى عمقه، بل إلى أنه هراء، سفسطة مجانين ، قد تبدو منهم هنا وهناك لمحات مبهرة كما تبدو من أى مجنون، نعم هراء أحمق مجنون يريدون منا أن نستبدله وهو الأدنى بالذى هو خير، أناس طمس الله على قلوبهم و أعمى بصائرهم فلا يفقهون، لكن المهم هنا، أن هذه الفلسفات النظرية تنجم عنها تطبيقات عملية نتلظى بنارها ونكتوي بنيرها.
***
الخطير فى الأمر.. الخطير جدا.. أن هذه الفلسفات والأفكار لا تدور فى فراغ.. بل إنها أشبه بدائرة التوصيلات الكهربائية والإليكترونية التى تشتريها مع أى جهاز كهربى تشتريه مع الجهاز فى كتيب يشرح تحول النظريات إلى تطبيقات. وهو كتيب لا يفهمه إلا الخبراء، وبالنسبة للشخص العادى فإن كلماته ورسوماته أشبه بالشفرة، لذلك فما من أحد منا يراجع خرائط التوصيلات الكهربائية والإليكترونية تلك – لجهاز تليفزيونه على سبيل المثال!. إنك تقتنى الجهاز واثقا فى أن من وضع هذه الرسوم لم يخدعك من ناحية، ومن ناحية أخري فإنك غير محتاج بالضرورة لفهم تلك الرسوم والخرائط كى تستطيع تشغيل أو مشاهدة جهازك التليفزيونى.
العلاقة يا قراء بين الفلسفات النظرية والتطبيقات العملية لها تشبه تماما ذلك المثل الذى طرحته عليكم.. تشبهه وتكاد تتطابق معه إلا فى شئ واحد.. وهو أنك لم تقتن جهازا للتلفاز بل قنبلة موقوتة ستنفجر فيك وتقتلك وتدمر بيتك وتشرد أهلك.. ومن هنا وجب عليك الرجوع إلى الرسوم لاكتشاف الخطر.
***
فلنتناول على سبيل المثال أحد التطبيقات العملية للفلسفة السابقة وللقضية اللغوية التى بدأنا بطرحها. تلك القضية الغامضة المكتوبة برموز كالشفرة لا يفهمها إلا مختص.
قلنا أنه لا وجود لشىء خارج اللغة ( والعبارة تبدو فى الظاهر بريئة، ويبدو أن معناها يفوق قدرتنا على الفهم، أو أنها بلا معنى، والواقع أنها بعد فك رموز شفرتها تعنى إنكار الذات الإلهية والأنبياء جميعا، كما يتضمن معناها فى ذات الوقت الكفر بالعلم والعقل) . كما قلنا أن ارتباط المعنى باللفظ هو ارتباط اعتباطى لم يرسخه إلا اتفاق الناس عليه آمادا طويلة، و أنه لذلك يمكن أن يتغير، لكن بشرط أن نفرض قطيعة معرفية مع الماضى كله، وهذا لا يعنى إلا الكفر.
كان هذا هو رسم الدائرة الإليكترونية الغامض الصعب والآن لننتقل إلى التطبيق.
إذ يترتب على ذلك أن كلمة الشذوذ الجنسي مثلا تحمل معنى اعتباطيا لفعل كريه يحتقره الناس، لكن هذه الكراهية والاحتقار لا تنجم من الكلمة ولا من الفعل بل من اتفاق اعتباطى طال عليه الأمد حتى أصبح كالحقائق الراسخة وما هو بحقيقة وما هو راسخ، لقد اكتسبت الصفة معانيها السلبية المهيمنة المهينة عن طريق استخدامها المستمر والمتكرر لإهانة الشواذ والتنديد بهم حسب قيم دينية و أعراف اجتماعية ومنتجات ثقافية تفرض معايير معينة، وترى الكاتبة الأمريكية الشهيرة جوديت باتلر فى كتابها: "مشاكل الجنوسة" أن على الشواذ والسحاقيات أن يصفعوا المجتمع بالكلمة بصفة متكررة ومستمرة، لأنهم بذلك سينجحون فى تغيير الأعراف المتحجرة وتفكيكها وتحطيمها، وبذلك تفقد كلمة شاذ " GAY" أو سحاقية : " LESBIAN " قدرتها على الإهانة، وربما يصل الأمر، كما يقول الدكتور عبد العزيز حمودة إلى استعمال هذه الصفات فى سياق المدح..!!
***
هل رأيتم يا قراء العلاقة بين الرسم المشفر والتطبيق..
وهل جال بخاطرك أن هذه العبارة البريئة الموجزة: " لا وجود لشيء خارج اللغة" يمكن أن تسفر عن هذا التطبيق البشع.. إباحة الشذوذ وتمجيده..
***
لن نتكلم الآن عن علاقة ذلك بقيام الغرب بالضغط على الدول الإسلامية لتعيين وزير شاذ أو رئيسة تحرير سحاقية، لن نتكلم عن ذلك فالعلاقة واضحة، لكننا نتكلم عن أمر آخر، أمر يدخل فى صميم همومنا.
***
ذلك أنه إن كانت تلك القضية اللغوية والخلفيات الفلسفية قادرة على قلب المعنى بهذه الطريقة، وإن كانت حققت نجاحات هائلة فى بلادهم، كما حققت نجاحا لا ينكر على أيدى الحداثيين والعلمانيين والتنويريين والتغريبيين فى بلادنا، إذا كانت قد نجحت فى ذلك، فلماذا لا تنجح أيضا فى وصم العمليات الاستشهادية بالعار والإثم الشديد، وفى اعتبار الجهاد معصية نظامهم الشيطانى الكبرى التى تستحق كل وسائل السحق والمحق.
نعم .. إن كانت قد نجحت فى ذلك فلماذا لا تنجح فى تحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق..
نعم.. لم تكن تلك أفكارا هائمة فى الفراغ بل كانت رسم الدائرة الإليكترونية الجهنمية المشفرة..
نعم.. و ما قالته جوديت باتلر فى مجال يقوله بوش فى مجال آخر.. وما نادى به دريدا يطبقه شارون ممتطيا نفس الفكرة والمنهج.
***
كل ذلك منطقى – بمنطق الشيطان – بالنسبة لهم ولتاريخهم الدينى والسياسي والاجتماعى. لكنه بالنسبة لنا كارثة ومصيبة وداهية وخيانة للأمة وتفتيت لها، فلماذا ساقنا حداثيونا إلى هذا المنعطف الوعر.
يقولها فلاسفة الغرب بوضوح أنه لا سبيل للتقدم إلا بالقطيعة المطلقة مع التراث، أما كتابنا الجهابذة كأدونيس وجابر عصفور والغذامى وكمال أبو ديب ، وصبيانهم كصلاح عيسي والغيطانى والقعيد، وكل كتاب السلطة، فيرون أن مجتمعاتنا لم تنضج النضج الكافى بعد، لذلك فهم يراوغون – بل يكذبون - فى إيصال المعنى إلينا. وبدلا من تلك الجملة الصريحة الواضحة القاطعة الناطقة بالكفر فإن الحداثيين فى عالمنا الإسلامى يستعملون جملا أخرى من نوع: "تحطيم القوالب المتحجرة الثابتة لمنظومة القيم البالية". وما يقصدون إلا القرآن والسنة. إلا الإسلام.
***
يصرخ الدكتور عبد العزيز حمودة فى كتابه المرايا المقعرة : أن هذا هو الرعب القادم، بل الرعب القائم، رعب فقدان الهوية كلها.. رعب ينتقل بنا من تفكيك اللغة إلى تفكيك الوطن.. ومن سيولة الأفكار إلى انهيار الأمم..رعب التلاشى والفناء تحت وطأة ضربات ساحقة غادرة .. بالتآمر مع حداثيينا..
***
نعم..
هذا ما أريد أن أصل إليه..
كان الحداثيون عندنا منذ زمان طويل يمهدوننا لتقبل منهج غريب علينا ، منهج شاذ وخطر، نبت من فلسفات شاذة ومريضة، كافرة ملحدة، ليس بالله فقط، بل بالإنسان أيضا، فلسفات ليس لها مبادئ ولا قيم، فلسفات لا تعرف العقل ولا المنطق، ولم تسمع عن العدل والرحمة والإنصاف، فلسفات لم تقتصر على التعامل مع الإنسان كحيوان بل كشيطان مريد. فلسفات مجرمة أنبتت شخصيات مجرمة كشارون وبوش..
لم تكن وظيفة حداثيينا إلا تلك.. وما منحوا الشهرة والمجد والانتشار الذائع إلا من أجل أن يقوموا بهذا الدور.. وكانت المخابرات الأمريكية هى التى تمول كل ذلك – لكن هذا موضوع مقال قادم-.
كان الإسلام هو العقبة الكئود أمام الحداثة.. وكان عليهم أن يفرضوا القطيعة بيننا وبينه كى ينفردوا بنا..
تلك القطيعة كانت تهم الغرب للسيطرة علينا .. كما كانت تهم حكامنا أيما اهتمام.. ذلك أنها كانت تعفيهم من المسئولية التى وضعها الناموس الإلهى لضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
***
فى الكتاب الذى تعرضت له فى المقال الماضى: " حصوننا مهددة من داخلها" يكشف الدكتور محمد محمد حسين أمر الحداثيين والعلمانيين والمستغربين ودعاة التنوير والثقافة، يكشف دسائسهم التى يلقون عليها حجبا كثيفة من الرياء. والنفاق ، حين يندسون بين صفوف الأمة، يتظاهرون بالغيرة على إسلامنا وعلى عروبتنا ، حين تنطوي ضمائرهم على فساد العقيدة وحين يعملون لحساب العدو الذي يستعبدنا ولحساب الصهيونية الهدامة التي لا تريد أن تبقى على بناء قديم .
يصرخ الدكتور محمد حسين: هؤلاء هم أخطر الأعداء ، وهم أول ما ينبغى البدء به في تطهير الحصون وتنظيف الدار ، لأن الأعداء والمارقين ظاهر أمرهم لا يخفون، وهم خليقون أن ينفروا الناس ، فهم كالمريض الظاهر يتحاشاه الناس ولا يقتربون منه . أما هؤلاء فهم كالمريض الذي لا يظهر المرض على بدنه ، فالمخالطون لا يحتاطون لأنفسهم في مخالطته .
ويتهم الدكتور حسين أعداء الأمة هؤلاء من المنافقين والضالين والمضللين بأنهم يزينون للأمة الباطل زاعمين لها أنه هو سبيل النهضة ، ويوهمونها أن كثيرا من عاداتها الصحيحة الأصيلة هى من أسباب تخلفها وضعفها ، ويزجون بها فيما رسمته عصابتهم من قبل وما قدرته من طرق ومسالك " .
ويستطرد الدكتور حسين فى مرارة عاتية:
وأنبه إلى ما انكشف لي من أهدافهم وأساليبهم التى خدعت بها أنا نفسي حينا من الزمان مع المخدوعين ، أسأل الله أن يغفر لي فيه ما سبق به اللسان .والقلم . وإن مد الله في عمري رجوت أن أصلح بعض ما أفسدت مما أصبح الآن في أيدي القراء (…) وقد كان مصابى هذا في نفسى وفي تفكيري مما تجعلني أقوى الناس إحساسا بالكارثة التي يتردى فيها ضحايا هؤلاء المفسدين ، وأشدهم رغبة في إنقاذهم منها ، بالكشف عما خفى من أساليب الهدامين وشراكهم (…) ..
ويكشف الدكتور حسين أن هؤلاء المنافقين قد اشتراهم الغرب كى يكونوا حراسا على أوطاننا التى حولوها إلى سجون. فيقيموا فيها معبدا يسبح كهنته بحمد آلهتهم التى يعبدونها من دون الله . وينكل بالذين ينبهون النائمين والغافلين والمخدوعين ..
***
تحت رعاية الحداثيين – عبدة الشيطان - كنا ننتقل من الإيمان إلى الكفر تحدونا سياط حداثيينا قبل سياط جلادينا وقبل سياط شارون وبوش. كانوا يقيمون دعائم مملكة الكفر.. وكانوا قد تسلحوا بمقولة قاطعة خدعوا بها الأمة فاستجابت أو رضخت.. ذلك أنهم وهم يقيمون مملكة الكفر منعونا من استعمال السلاح الوحيد الذى كان يمكن أن يحمينا من مكرهم .. ألا وهو الحكم عليهم بالكفر.. و أصبح التكفير رجعية وتخلفا، وأصبح التخلف جمودا، و أصبح الجمود أصولية، و أصبحت الأصولية تطرفا وأصبح التطرف إرهابا.. و أصبح الاستشهاد انتحارا كما أصبح الطفل الذى يحمل حجرا يهدد الأمن والسلام العالميين أما استخدام الطائرات والدبابات فى سحق المدنيين فهو دفاع مشروع عن النفس.
لكن.. لماذا نرفض كل ذلك وقد اقتنعنا من قبل بالقطيعة مع التراث .. وباعتباطية العلاقة بين اللفظ والمعنى..؟!!
***
إننى أريد أن أعود هنا إلى نقطة هامة.. وهى أن القارئ العادى، وحتى المثقف، عندما يقرأ شيئا من تلك الأبحاث التى يروجها الحداثيون كقضايا لغوية أو فكرية أو فلسفية، فإنه فى أغلب الأحوال ينصرف عنها، تحت راية أنه علم لا ينفع وجهل لا يضر، فإذا حاول الفهم، فإنه فى أغلب الأحوال لن ينجح فى الفهم، ليس لقصور فى عقله، ولكن لأن الحداثيين فى بلادنا كما ذكرت يكذبون، يتحدثون بمنطق العصابات التى تتحدث بشفرة لا يفهمها إلا أفراد العصابة، فإذا حدث أن سمع حديثهم شخص من خارج العصابة فإنه لن يفهم أبدا ما يعنونه. هذه الآلية الخبيثة المجرمة تمكنهم من التسلل إلى قلب الأمة كما يتسلل الصدأ إلى الحديد. فى سرية، وفى خفاء، دون إعلان، ودون فهم، ويستمر الأمر على ذلك المنوال حتى ينهار البناء فجأة.
***
تعامل الحداثيون فى بلادنا مع القراء كما تعامل الباطل مع الحق فى القصة الشعبية المتوارثة المشهورة.. حين كان الحق والباطل على سفر وكانا لا يملكان إلا بعيرا واحدا فاختلفا على من يركبه.. واتفقا على الاحتكام إلى أول من يلتقيان به.. وظلا يسيران حتى لقيا رجلا سليم النية خالى الطوية – تماما كقرائنا – وهنا سارع الباطل إليه ليسأله:
- ما رأيكم يا شيخنا: من الذى يمشى.. الحق أم الباطل؟..
و أجاب الرجل على الفور:
- - طبعا الحق هو الذى يمشى..!!
وخسر الحق القضية..!!
خسر الحق القضية كما خسرتها الأمة حين حكم الحداثيون عليها بأن الغرب هو البذى يركب والإسلام هو الذى " يمشى:"!!..
نعم.. تعامل حداثيونا مع الأمة بهذه الطريقة.. و أخفوا عنها طول الوقت الخلفيات الفلسفية الإلحادية لفكرهم وللقضايا التى يطرحونها ، بل تعمدوا الكذب الصريح والتضليل الواضح فى أحيان كثيرة، تعمدوها مثلا عندما خلطوا ما بين الحداثة كفلسفة كافرة مجرمة علينا أن نحاربها جميعا، وبين التحديث كهدف علينا أن نسعى جميعا إليه.. وتعمدوها عند الخلط ما بين العلمانية والعلم.. وبين التشريع الإلهى والبشرى .. وبين التحرير والتعهير.. وبين التنوير والتزوير..
كانت السلطة تساعدهم وكان الغرب يسيدهم كما يسيد العدو كل خائن لأمته: قارنوا مثلا الفارق فى التعامل من السلطة ومن الغرب معا مع شخصيتين: مع الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله أسره والدكتور نصر حامد أبو زيد قبح الله وجهه.
***
كان الاستثناء الهائل الذى زلزل الحداثيين هو القضية التى عرفت بأزمة الوليمة.. كانت كالدخان الذى يخرج الثعالب من الجحور.. وربما تقبع القيمة الحقيقية لهذه القضية، فى أنها كشفت للناس الشفرة التى يستعملها الحداثيون، جعلتهم يتحدثون إلى الناس بنفس الألفاظ التى يتحدثون بها إلى بعضهم البعض.. إلى أفراد العصابة.. وهكذا تم كشفهم الاكتشاف الكامل والنهائى.. ووضحت للناس أن ما يحملونه فرحين ليس جهاز تلفاز أو لعبة إليكترونية سيسعدون بها بل لغما شديد الانفجار سيدمرهم.. أسقطت تلك القضية الأقنعة عن الوجوه الشائهة.. و أدرك الناس لأول مرة أن حرية الفكر لم تكن تعنى أبدا حرية الفكر.. ولا حتى حرية الكفر.. بل كانت تعنى التآمر على إيمان الناس وتحويلهم إلى الكفر.. ومن لم يتحول أبيح دمه..
وفهم الناس لأول مرة أن الإبداع يعنى أشد الألفاظ بذاءة وسوقية.. و أن الإبداع يزيد كلما وجهت هذه الألفاظ البذيئة والسوقية إلى مقدساتنا.. فإذا وصل الأمر إلى سب الذات الإلهية والسخرية من الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، و إلى إهانة القرآن الكريم فقد وصل إلى عالم الذرى ..
أدرك الناس المعنى وفهموا الشفرة واكتشفوا أنهم لا يتعاملون مع مبدعين ولا مفكرين ولا فلاسفة و إنما مع حثالة بشرية مرتدة خائنة وعميلة وسافلة ومنحطة..
***
بعد هذا الانفجار توالت الاكتشافات..
وكما سقط العقل والعلم والمادة فى عالم الحداثيين راحت رموزهم تسقط رمزا خلف رمز.. فى فلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير و.. و.. و..
سقط وهم الديمقراطية وتبدى وجهها دون قناع كمسخ مشوه مروع ومقزز ورهيب ..
سقطت فكرة العدالة البشرية عندما أسفرت عن ظلم وحشى مجنون ..
سقطت منظومة ادعاء حقوق الإنسان عندما سحقت حقوق الإنسان بمباركة فلاسفة العالم ومنظماته الدولية..
سقطت المنظومة الغربية كلها تحت حوافر الغبى المجنون جورج بوش، وهو يبيح لنفسه ما حرمه الله سبحانه وتعالى على نفسه، الظلم، نعم سقطت المنظومة والمجنون الغبى يعلن الحرب على الإسلام ويريد منا تعديل القرآن إن لم يمكن إلغاؤه، سقطت والغبى المجنون يعتبر الوحشية رقيا والقتل تحضرا، والاستهانة بأرواح مئات الآلف حضارة، سقطت والغبى المجنون يدعم السارق ضد المسروق منه، والجلاد ضد ضحيته، وأيقظ الغبى المجنون ما كانت آلات إعلامهم الجبارة قد نجحت فى إيهام العالم به من أن القيم البشرية المطلقة قد حلت محل المقدسات جميعا..
والغبى المجنون اعتبر العالم معرضا للخزف فراح يجوس فيه ويحطم أو أنه تصرف كقرد تسلل إلى متجر فراح يبدل أماكن لافتات الأسماء دون أن يبدل معها الأشياء فإذا الشجاعة جبن وإذا الجبن شجاعة وإذا الديموقراطية ذات أنياب.. و إذا الشجرة " رشجة" و إذا الكلب " لكب أو بكل" ..!!
لقد علم الله آدم الأسماء كلها وهذا الغبى المجنون على رأس صف طويل من الحداثيين يحسبون أنهم قادرون على تغيير تلك الأسماء التى علمناها الله..والغبى المجنون لا يفهم أنه ليس له إلى ذلك من سبيل إلا إذا استطاع أن يأتى من المغرب بالشمس التى يأتى بها الله من المشرق..
نعم فى خلال ثلاثة أعوام سقط ما ظل الغرب – وحداثيونا – يضللونا به ثلاثة قرون..
***
يعترينى الرعب و أنا أتأمل حكمة ربى سبحانه وتعالى..
هل كان يمكننا بمجهودنا ولو أنفقنا كل ما نملك أن نكشف زيف الغرب وخيانة عصابة الحداثيين كما حدث فى الأعوام الثلاثة الأخيرة.. والمعجز أن هذا الكشف والتعرية قد تمت بأفعال الغرب نفسه و وبيد الحداثيين أنفسهم..ابتداء بالوليمة ومرورا بأفغانستان وانتهاء بفلسطين.. حين جعل الله كشفهم فى فعلهم وهو القادر على أن يجعل تدميرهم فى تدبيرهم.
***
يا قراء: إن ما يفعله بوش وشارون ليست مجرد تصرفات مجنون فقد عقله و إنما هى النتيجة لفكر شاذ وفلسفات مريضة و أفكار مجرمة تعتمد كلها على الكفر بالله..
ونفس هذا الفكر الشاذ والفلسفات مريضة و الأفكار مجرمة هى تماما ما راح حداثيونا ينثرونها فى أمتنا كالوباء..
نعم يا قراء.. خدعنا الحداثيون وخانونا..
ولم يكونوا يناقشون قضايا: العلم فيها لا ينفع والجهل بها لا يضر..
لقد تآمروا علينا وخانونا.. وكان المنهج الذى حاولوا ترويجه طيلة الوقت هو نفس المنهج الذى اتبع لتبرير الاستعمار و الإبادة والظلم.. كما اتبع لنزع سلاح الأمة الوحيد فى المواجهة: ألا وهو عقيدتها وهويتها..
***
لا تندهشوا إذن يا قراء مما يقوله شارون وبوش فحداثيونا لم يكفوا عن استعمال نفس المنهج. والقاع الذى نهبط الآن إليه هو مكان المجزرة الذى يقودنا حداثيونا - بمنتهى الخيانة والخسة- منذ قرنين على الأقل إليها.
الرعب القائم
بقلم د. محمد عباس
mohamadab@hotmail.com
mohamadabbas@gawab.com
<DIV align=justify><FONT size=4 color=Purple face=
أكتب إليك أيها القارئ فى قضية لا تهمك على الإطلاق.. يمكنك أن تعرض عنها على الفور.. وأن تنتقل لقراءة مقال آخر تجد فيه ما يهمك أو ما يلهيك أو ما يسليك..
قضية لا تهمك.. ومع ذلك فقد تموت غدا بدليل يستقى منها.. أو بقانون يعتمد عليها..
قد..
وقد هذه تعنى شكا..
أما اليقين الذى لا شك فيه فهو إذلالك و إهدار كرامتك وسحق مشاعرك وتشريد أهلك واحتلال أوطانك و وتسفيه دينك.. وكل ذلك بسبب هذه القضية التى لا تهمك على الإطلاق..
***
ولنبدأ طرح القضية التى نقلها إلينا الحداثيون والعلمانيون و أدعياء الثقافة والتنوير من عباد الغرب والشيطان..
والقضية قضية لغوية.. وهى تنحصر فى التساؤل عن العلاقة بين اللفظ ومعناه أو كما يقول الحداثيون: العلاقة بين الدال والمدلول، ثم يتطور السؤال إلى: هل سبق اللفظ المعنى أم سبق المعنى اللفظ؟!!..
ما هى العلاقة بين الصوت الذى ينطلق من الحنجرة واللسان والفم وبين ما يعبر عنه هذا الصوت.
هل وجدت الأشياء أولا ثم أطلقت عليها الأسماء؟ ولماذا إذن لا تتشابه الأسماء فى اللغات جميعا؟. أم أن اللغة وجدت أولا بحيث أن مدلول اللفظ يكون كامنا فيه؟..
***
ألم أقل لك منذ البداية أنها قضية لا تهمك.. لكننى سأستميح عذرك لأستبيح صبرك..
ودعنى أطرح عليك هذا السؤال الذى يطرحه جهابذة عباد الشيطان:
لو أن الناس جميعا اتفقوا على إطلاق اسم: " لكب" على الكلب، هل كانت صفات الكلب ستتغير؟ أو أنهم أطلقوا اسم: " رشجة" على الشجرة.. أو أى اسم آخر.. لو أنهم سموها: " ذئبا " أو "كلبا" أو "ماء" فهل كان الأمر سيختلف. ثم: هل تمثل كلمة "الشجرة" الشجرة نفسها ، أم أنها تعنى غيابها؟ تعنى أننا عجزنا عن الإتيان بالشجرة فأتينا بكلمة بدلا منها، وبهذا يتضافر الحضور والغياب. ويصل هؤلاء إلى أن الناس اتفقت اعتباطيا على معنى كل لفظ، و أنه لا توجد علاقة على الإطلاق بين اللفظ ومعناه. و أن المجتمعات البشرية هى التى أعطت المعنى لكل لفظ.
لن نسوق إليهم الآن حجتنا اليقينية أن الله سبحانه وتعالى علم آدم الأسماء كلها.. هم أقل و أضأل من أن نسوق إليهم دليلا من القرآن الكريم.. ثم أننا نريد أن نكشف منطقهم من خلال منطقهم ذاته.
الفصل بين اللفظ ومعناه، أو بين الدال والمدلول كان بدايات أفكار البنيوية والتفكيكية التى انتشرت فى بدايات القرن العشرين على يد فلاسفة الغرب مثل دريدا وسوسير ورولان بارت وجاك كوهين وياكوبسون وغيرهم. بدأت بفصم عرى لا يتصور أن تنفصم، لكن هذا الانفصام كان نتيجة حتمية للفلسفة الإلحادية، ذلك أن الإنسان لا يتبوأ مكانه السامى إلا بإيمانه بالله. فإذا فقد الإيمان بالله ضاع، وتحول إلى مجرد حيوان، ووجب علينا أن نناقش الأصوات المنطلقة منه- من الحيوان- ولكان منطقيا أن نشك فيما إذا كانت هذه الأصوات المختلفة تعبر عن أى معنى.
كان منطقيا أن يتلو الكفر بالله الكفر بالإنسان أيضا.. ليكون مجرد حيوان..
وكان منطقيا أن تسقط كل القيم.. فالقيم لا تستمد قيمتها إلا من الله ومن كتبه ومن رسله.. و إلا فماذا يجعل الصدق خيرا وهو قد يضر؟ وماذا يجعل الكذب شرا وهو قد يفيد.. وماذا يجعل القتل جريمة وانتهاك الأعراض عارا والظلم سبّة؟!..
أدى الكفر بالله، وجحود نعمته علينا بتعليمنا الأسماء إلى فصم العري بين اللفظ ومعناه.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.. لأن الحضارة المادية الملحدة التى عبدت المادة والعلم والعقل من دون الله ما لبثت أن اكتشفت قصورها جميعا وعجزها عن تلبية احتياجات الإنسان أو تقليل شقائه.
وهكذا أدت الفلسفات الإلحادية فى النهاية إلى سقوط الأرباب التى اتبعها أسلافهم فى القرن التاسع عشر لعبادتها من دون الله: المادة والعلم والعقل.
ولقد أدت العملية التفكيكية فى نهايتها إلى تجاوز الكفر بعالم الغيب إلى الكفر بعالم الشهادة! وسيطرت الفلسفة الألمانية وتكفلت ظاهرية هوسيرل وتأويلية هايدجر وجادامر برفض أى سلطات مرجعية، وكما يعبرون هم فقد انفرط عقد العالم بعد أن فقد كل شئ الإحالة إلى مرجع ثابت وموثوق به.
يرى ميشيل فوكوه أن كل عصر معرفى جديد يزيح العصر المعرفى السابق، وفى مرحلة معرفية سابقة تمت إزاحة المقدس من مركز الوجود ليحل محله العلم والعقلانية، أما فى المرحلة الأخيرة فقد أزيح العقل لتحل محله اللغة، ليصبح الشك وانعدام اليقين هو الحقيقة الوحيدة المطلقة، ويصبح لا ووجود حقيقيا لأى شئ خارج إطار اللغة.
لكن اللغة نفسها مراوغة والعلاقة بين اللفظ والمعنى فيها علاقة اعتباطية..
إذن: فقد انتهى كل شئ..!!..
***
أعرف يا قراء أن الكلام صعب وغامض، بل أعرف أكثر من ذلك أن صعوبته لا ترجع إلى عمقه، بل إلى أنه هراء، سفسطة مجانين ، قد تبدو منهم هنا وهناك لمحات مبهرة كما تبدو من أى مجنون، نعم هراء أحمق مجنون يريدون منا أن نستبدله وهو الأدنى بالذى هو خير، أناس طمس الله على قلوبهم و أعمى بصائرهم فلا يفقهون، لكن المهم هنا، أن هذه الفلسفات النظرية تنجم عنها تطبيقات عملية نتلظى بنارها ونكتوي بنيرها.
***
الخطير فى الأمر.. الخطير جدا.. أن هذه الفلسفات والأفكار لا تدور فى فراغ.. بل إنها أشبه بدائرة التوصيلات الكهربائية والإليكترونية التى تشتريها مع أى جهاز كهربى تشتريه مع الجهاز فى كتيب يشرح تحول النظريات إلى تطبيقات. وهو كتيب لا يفهمه إلا الخبراء، وبالنسبة للشخص العادى فإن كلماته ورسوماته أشبه بالشفرة، لذلك فما من أحد منا يراجع خرائط التوصيلات الكهربائية والإليكترونية تلك – لجهاز تليفزيونه على سبيل المثال!. إنك تقتنى الجهاز واثقا فى أن من وضع هذه الرسوم لم يخدعك من ناحية، ومن ناحية أخري فإنك غير محتاج بالضرورة لفهم تلك الرسوم والخرائط كى تستطيع تشغيل أو مشاهدة جهازك التليفزيونى.
العلاقة يا قراء بين الفلسفات النظرية والتطبيقات العملية لها تشبه تماما ذلك المثل الذى طرحته عليكم.. تشبهه وتكاد تتطابق معه إلا فى شئ واحد.. وهو أنك لم تقتن جهازا للتلفاز بل قنبلة موقوتة ستنفجر فيك وتقتلك وتدمر بيتك وتشرد أهلك.. ومن هنا وجب عليك الرجوع إلى الرسوم لاكتشاف الخطر.
***
فلنتناول على سبيل المثال أحد التطبيقات العملية للفلسفة السابقة وللقضية اللغوية التى بدأنا بطرحها. تلك القضية الغامضة المكتوبة برموز كالشفرة لا يفهمها إلا مختص.
قلنا أنه لا وجود لشىء خارج اللغة ( والعبارة تبدو فى الظاهر بريئة، ويبدو أن معناها يفوق قدرتنا على الفهم، أو أنها بلا معنى، والواقع أنها بعد فك رموز شفرتها تعنى إنكار الذات الإلهية والأنبياء جميعا، كما يتضمن معناها فى ذات الوقت الكفر بالعلم والعقل) . كما قلنا أن ارتباط المعنى باللفظ هو ارتباط اعتباطى لم يرسخه إلا اتفاق الناس عليه آمادا طويلة، و أنه لذلك يمكن أن يتغير، لكن بشرط أن نفرض قطيعة معرفية مع الماضى كله، وهذا لا يعنى إلا الكفر.
كان هذا هو رسم الدائرة الإليكترونية الغامض الصعب والآن لننتقل إلى التطبيق.
إذ يترتب على ذلك أن كلمة الشذوذ الجنسي مثلا تحمل معنى اعتباطيا لفعل كريه يحتقره الناس، لكن هذه الكراهية والاحتقار لا تنجم من الكلمة ولا من الفعل بل من اتفاق اعتباطى طال عليه الأمد حتى أصبح كالحقائق الراسخة وما هو بحقيقة وما هو راسخ، لقد اكتسبت الصفة معانيها السلبية المهيمنة المهينة عن طريق استخدامها المستمر والمتكرر لإهانة الشواذ والتنديد بهم حسب قيم دينية و أعراف اجتماعية ومنتجات ثقافية تفرض معايير معينة، وترى الكاتبة الأمريكية الشهيرة جوديت باتلر فى كتابها: "مشاكل الجنوسة" أن على الشواذ والسحاقيات أن يصفعوا المجتمع بالكلمة بصفة متكررة ومستمرة، لأنهم بذلك سينجحون فى تغيير الأعراف المتحجرة وتفكيكها وتحطيمها، وبذلك تفقد كلمة شاذ " GAY" أو سحاقية : " LESBIAN " قدرتها على الإهانة، وربما يصل الأمر، كما يقول الدكتور عبد العزيز حمودة إلى استعمال هذه الصفات فى سياق المدح..!!
***
هل رأيتم يا قراء العلاقة بين الرسم المشفر والتطبيق..
وهل جال بخاطرك أن هذه العبارة البريئة الموجزة: " لا وجود لشيء خارج اللغة" يمكن أن تسفر عن هذا التطبيق البشع.. إباحة الشذوذ وتمجيده..
***
لن نتكلم الآن عن علاقة ذلك بقيام الغرب بالضغط على الدول الإسلامية لتعيين وزير شاذ أو رئيسة تحرير سحاقية، لن نتكلم عن ذلك فالعلاقة واضحة، لكننا نتكلم عن أمر آخر، أمر يدخل فى صميم همومنا.
***
ذلك أنه إن كانت تلك القضية اللغوية والخلفيات الفلسفية قادرة على قلب المعنى بهذه الطريقة، وإن كانت حققت نجاحات هائلة فى بلادهم، كما حققت نجاحا لا ينكر على أيدى الحداثيين والعلمانيين والتنويريين والتغريبيين فى بلادنا، إذا كانت قد نجحت فى ذلك، فلماذا لا تنجح أيضا فى وصم العمليات الاستشهادية بالعار والإثم الشديد، وفى اعتبار الجهاد معصية نظامهم الشيطانى الكبرى التى تستحق كل وسائل السحق والمحق.
نعم .. إن كانت قد نجحت فى ذلك فلماذا لا تنجح فى تحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق..
نعم.. لم تكن تلك أفكارا هائمة فى الفراغ بل كانت رسم الدائرة الإليكترونية الجهنمية المشفرة..
نعم.. و ما قالته جوديت باتلر فى مجال يقوله بوش فى مجال آخر.. وما نادى به دريدا يطبقه شارون ممتطيا نفس الفكرة والمنهج.
***
كل ذلك منطقى – بمنطق الشيطان – بالنسبة لهم ولتاريخهم الدينى والسياسي والاجتماعى. لكنه بالنسبة لنا كارثة ومصيبة وداهية وخيانة للأمة وتفتيت لها، فلماذا ساقنا حداثيونا إلى هذا المنعطف الوعر.
يقولها فلاسفة الغرب بوضوح أنه لا سبيل للتقدم إلا بالقطيعة المطلقة مع التراث، أما كتابنا الجهابذة كأدونيس وجابر عصفور والغذامى وكمال أبو ديب ، وصبيانهم كصلاح عيسي والغيطانى والقعيد، وكل كتاب السلطة، فيرون أن مجتمعاتنا لم تنضج النضج الكافى بعد، لذلك فهم يراوغون – بل يكذبون - فى إيصال المعنى إلينا. وبدلا من تلك الجملة الصريحة الواضحة القاطعة الناطقة بالكفر فإن الحداثيين فى عالمنا الإسلامى يستعملون جملا أخرى من نوع: "تحطيم القوالب المتحجرة الثابتة لمنظومة القيم البالية". وما يقصدون إلا القرآن والسنة. إلا الإسلام.
***
يصرخ الدكتور عبد العزيز حمودة فى كتابه المرايا المقعرة : أن هذا هو الرعب القادم، بل الرعب القائم، رعب فقدان الهوية كلها.. رعب ينتقل بنا من تفكيك اللغة إلى تفكيك الوطن.. ومن سيولة الأفكار إلى انهيار الأمم..رعب التلاشى والفناء تحت وطأة ضربات ساحقة غادرة .. بالتآمر مع حداثيينا..
***
نعم..
هذا ما أريد أن أصل إليه..
كان الحداثيون عندنا منذ زمان طويل يمهدوننا لتقبل منهج غريب علينا ، منهج شاذ وخطر، نبت من فلسفات شاذة ومريضة، كافرة ملحدة، ليس بالله فقط، بل بالإنسان أيضا، فلسفات ليس لها مبادئ ولا قيم، فلسفات لا تعرف العقل ولا المنطق، ولم تسمع عن العدل والرحمة والإنصاف، فلسفات لم تقتصر على التعامل مع الإنسان كحيوان بل كشيطان مريد. فلسفات مجرمة أنبتت شخصيات مجرمة كشارون وبوش..
لم تكن وظيفة حداثيينا إلا تلك.. وما منحوا الشهرة والمجد والانتشار الذائع إلا من أجل أن يقوموا بهذا الدور.. وكانت المخابرات الأمريكية هى التى تمول كل ذلك – لكن هذا موضوع مقال قادم-.
كان الإسلام هو العقبة الكئود أمام الحداثة.. وكان عليهم أن يفرضوا القطيعة بيننا وبينه كى ينفردوا بنا..
تلك القطيعة كانت تهم الغرب للسيطرة علينا .. كما كانت تهم حكامنا أيما اهتمام.. ذلك أنها كانت تعفيهم من المسئولية التى وضعها الناموس الإلهى لضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
***
فى الكتاب الذى تعرضت له فى المقال الماضى: " حصوننا مهددة من داخلها" يكشف الدكتور محمد محمد حسين أمر الحداثيين والعلمانيين والمستغربين ودعاة التنوير والثقافة، يكشف دسائسهم التى يلقون عليها حجبا كثيفة من الرياء. والنفاق ، حين يندسون بين صفوف الأمة، يتظاهرون بالغيرة على إسلامنا وعلى عروبتنا ، حين تنطوي ضمائرهم على فساد العقيدة وحين يعملون لحساب العدو الذي يستعبدنا ولحساب الصهيونية الهدامة التي لا تريد أن تبقى على بناء قديم .
يصرخ الدكتور محمد حسين: هؤلاء هم أخطر الأعداء ، وهم أول ما ينبغى البدء به في تطهير الحصون وتنظيف الدار ، لأن الأعداء والمارقين ظاهر أمرهم لا يخفون، وهم خليقون أن ينفروا الناس ، فهم كالمريض الظاهر يتحاشاه الناس ولا يقتربون منه . أما هؤلاء فهم كالمريض الذي لا يظهر المرض على بدنه ، فالمخالطون لا يحتاطون لأنفسهم في مخالطته .
ويتهم الدكتور حسين أعداء الأمة هؤلاء من المنافقين والضالين والمضللين بأنهم يزينون للأمة الباطل زاعمين لها أنه هو سبيل النهضة ، ويوهمونها أن كثيرا من عاداتها الصحيحة الأصيلة هى من أسباب تخلفها وضعفها ، ويزجون بها فيما رسمته عصابتهم من قبل وما قدرته من طرق ومسالك " .
ويستطرد الدكتور حسين فى مرارة عاتية:
وأنبه إلى ما انكشف لي من أهدافهم وأساليبهم التى خدعت بها أنا نفسي حينا من الزمان مع المخدوعين ، أسأل الله أن يغفر لي فيه ما سبق به اللسان .والقلم . وإن مد الله في عمري رجوت أن أصلح بعض ما أفسدت مما أصبح الآن في أيدي القراء (…) وقد كان مصابى هذا في نفسى وفي تفكيري مما تجعلني أقوى الناس إحساسا بالكارثة التي يتردى فيها ضحايا هؤلاء المفسدين ، وأشدهم رغبة في إنقاذهم منها ، بالكشف عما خفى من أساليب الهدامين وشراكهم (…) ..
ويكشف الدكتور حسين أن هؤلاء المنافقين قد اشتراهم الغرب كى يكونوا حراسا على أوطاننا التى حولوها إلى سجون. فيقيموا فيها معبدا يسبح كهنته بحمد آلهتهم التى يعبدونها من دون الله . وينكل بالذين ينبهون النائمين والغافلين والمخدوعين ..
***
تحت رعاية الحداثيين – عبدة الشيطان - كنا ننتقل من الإيمان إلى الكفر تحدونا سياط حداثيينا قبل سياط جلادينا وقبل سياط شارون وبوش. كانوا يقيمون دعائم مملكة الكفر.. وكانوا قد تسلحوا بمقولة قاطعة خدعوا بها الأمة فاستجابت أو رضخت.. ذلك أنهم وهم يقيمون مملكة الكفر منعونا من استعمال السلاح الوحيد الذى كان يمكن أن يحمينا من مكرهم .. ألا وهو الحكم عليهم بالكفر.. و أصبح التكفير رجعية وتخلفا، وأصبح التخلف جمودا، و أصبح الجمود أصولية، و أصبحت الأصولية تطرفا وأصبح التطرف إرهابا.. و أصبح الاستشهاد انتحارا كما أصبح الطفل الذى يحمل حجرا يهدد الأمن والسلام العالميين أما استخدام الطائرات والدبابات فى سحق المدنيين فهو دفاع مشروع عن النفس.
لكن.. لماذا نرفض كل ذلك وقد اقتنعنا من قبل بالقطيعة مع التراث .. وباعتباطية العلاقة بين اللفظ والمعنى..؟!!
***
إننى أريد أن أعود هنا إلى نقطة هامة.. وهى أن القارئ العادى، وحتى المثقف، عندما يقرأ شيئا من تلك الأبحاث التى يروجها الحداثيون كقضايا لغوية أو فكرية أو فلسفية، فإنه فى أغلب الأحوال ينصرف عنها، تحت راية أنه علم لا ينفع وجهل لا يضر، فإذا حاول الفهم، فإنه فى أغلب الأحوال لن ينجح فى الفهم، ليس لقصور فى عقله، ولكن لأن الحداثيين فى بلادنا كما ذكرت يكذبون، يتحدثون بمنطق العصابات التى تتحدث بشفرة لا يفهمها إلا أفراد العصابة، فإذا حدث أن سمع حديثهم شخص من خارج العصابة فإنه لن يفهم أبدا ما يعنونه. هذه الآلية الخبيثة المجرمة تمكنهم من التسلل إلى قلب الأمة كما يتسلل الصدأ إلى الحديد. فى سرية، وفى خفاء، دون إعلان، ودون فهم، ويستمر الأمر على ذلك المنوال حتى ينهار البناء فجأة.
***
تعامل الحداثيون فى بلادنا مع القراء كما تعامل الباطل مع الحق فى القصة الشعبية المتوارثة المشهورة.. حين كان الحق والباطل على سفر وكانا لا يملكان إلا بعيرا واحدا فاختلفا على من يركبه.. واتفقا على الاحتكام إلى أول من يلتقيان به.. وظلا يسيران حتى لقيا رجلا سليم النية خالى الطوية – تماما كقرائنا – وهنا سارع الباطل إليه ليسأله:
- ما رأيكم يا شيخنا: من الذى يمشى.. الحق أم الباطل؟..
و أجاب الرجل على الفور:
- - طبعا الحق هو الذى يمشى..!!
وخسر الحق القضية..!!
خسر الحق القضية كما خسرتها الأمة حين حكم الحداثيون عليها بأن الغرب هو البذى يركب والإسلام هو الذى " يمشى:"!!..
نعم.. تعامل حداثيونا مع الأمة بهذه الطريقة.. و أخفوا عنها طول الوقت الخلفيات الفلسفية الإلحادية لفكرهم وللقضايا التى يطرحونها ، بل تعمدوا الكذب الصريح والتضليل الواضح فى أحيان كثيرة، تعمدوها مثلا عندما خلطوا ما بين الحداثة كفلسفة كافرة مجرمة علينا أن نحاربها جميعا، وبين التحديث كهدف علينا أن نسعى جميعا إليه.. وتعمدوها عند الخلط ما بين العلمانية والعلم.. وبين التشريع الإلهى والبشرى .. وبين التحرير والتعهير.. وبين التنوير والتزوير..
كانت السلطة تساعدهم وكان الغرب يسيدهم كما يسيد العدو كل خائن لأمته: قارنوا مثلا الفارق فى التعامل من السلطة ومن الغرب معا مع شخصيتين: مع الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله أسره والدكتور نصر حامد أبو زيد قبح الله وجهه.
***
كان الاستثناء الهائل الذى زلزل الحداثيين هو القضية التى عرفت بأزمة الوليمة.. كانت كالدخان الذى يخرج الثعالب من الجحور.. وربما تقبع القيمة الحقيقية لهذه القضية، فى أنها كشفت للناس الشفرة التى يستعملها الحداثيون، جعلتهم يتحدثون إلى الناس بنفس الألفاظ التى يتحدثون بها إلى بعضهم البعض.. إلى أفراد العصابة.. وهكذا تم كشفهم الاكتشاف الكامل والنهائى.. ووضحت للناس أن ما يحملونه فرحين ليس جهاز تلفاز أو لعبة إليكترونية سيسعدون بها بل لغما شديد الانفجار سيدمرهم.. أسقطت تلك القضية الأقنعة عن الوجوه الشائهة.. و أدرك الناس لأول مرة أن حرية الفكر لم تكن تعنى أبدا حرية الفكر.. ولا حتى حرية الكفر.. بل كانت تعنى التآمر على إيمان الناس وتحويلهم إلى الكفر.. ومن لم يتحول أبيح دمه..
وفهم الناس لأول مرة أن الإبداع يعنى أشد الألفاظ بذاءة وسوقية.. و أن الإبداع يزيد كلما وجهت هذه الألفاظ البذيئة والسوقية إلى مقدساتنا.. فإذا وصل الأمر إلى سب الذات الإلهية والسخرية من الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، و إلى إهانة القرآن الكريم فقد وصل إلى عالم الذرى ..
أدرك الناس المعنى وفهموا الشفرة واكتشفوا أنهم لا يتعاملون مع مبدعين ولا مفكرين ولا فلاسفة و إنما مع حثالة بشرية مرتدة خائنة وعميلة وسافلة ومنحطة..
***
بعد هذا الانفجار توالت الاكتشافات..
وكما سقط العقل والعلم والمادة فى عالم الحداثيين راحت رموزهم تسقط رمزا خلف رمز.. فى فلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير و.. و.. و..
سقط وهم الديمقراطية وتبدى وجهها دون قناع كمسخ مشوه مروع ومقزز ورهيب ..
سقطت فكرة العدالة البشرية عندما أسفرت عن ظلم وحشى مجنون ..
سقطت منظومة ادعاء حقوق الإنسان عندما سحقت حقوق الإنسان بمباركة فلاسفة العالم ومنظماته الدولية..
سقطت المنظومة الغربية كلها تحت حوافر الغبى المجنون جورج بوش، وهو يبيح لنفسه ما حرمه الله سبحانه وتعالى على نفسه، الظلم، نعم سقطت المنظومة والمجنون الغبى يعلن الحرب على الإسلام ويريد منا تعديل القرآن إن لم يمكن إلغاؤه، سقطت والغبى المجنون يعتبر الوحشية رقيا والقتل تحضرا، والاستهانة بأرواح مئات الآلف حضارة، سقطت والغبى المجنون يدعم السارق ضد المسروق منه، والجلاد ضد ضحيته، وأيقظ الغبى المجنون ما كانت آلات إعلامهم الجبارة قد نجحت فى إيهام العالم به من أن القيم البشرية المطلقة قد حلت محل المقدسات جميعا..
والغبى المجنون اعتبر العالم معرضا للخزف فراح يجوس فيه ويحطم أو أنه تصرف كقرد تسلل إلى متجر فراح يبدل أماكن لافتات الأسماء دون أن يبدل معها الأشياء فإذا الشجاعة جبن وإذا الجبن شجاعة وإذا الديموقراطية ذات أنياب.. و إذا الشجرة " رشجة" و إذا الكلب " لكب أو بكل" ..!!
لقد علم الله آدم الأسماء كلها وهذا الغبى المجنون على رأس صف طويل من الحداثيين يحسبون أنهم قادرون على تغيير تلك الأسماء التى علمناها الله..والغبى المجنون لا يفهم أنه ليس له إلى ذلك من سبيل إلا إذا استطاع أن يأتى من المغرب بالشمس التى يأتى بها الله من المشرق..
نعم فى خلال ثلاثة أعوام سقط ما ظل الغرب – وحداثيونا – يضللونا به ثلاثة قرون..
***
يعترينى الرعب و أنا أتأمل حكمة ربى سبحانه وتعالى..
هل كان يمكننا بمجهودنا ولو أنفقنا كل ما نملك أن نكشف زيف الغرب وخيانة عصابة الحداثيين كما حدث فى الأعوام الثلاثة الأخيرة.. والمعجز أن هذا الكشف والتعرية قد تمت بأفعال الغرب نفسه و وبيد الحداثيين أنفسهم..ابتداء بالوليمة ومرورا بأفغانستان وانتهاء بفلسطين.. حين جعل الله كشفهم فى فعلهم وهو القادر على أن يجعل تدميرهم فى تدبيرهم.
***
يا قراء: إن ما يفعله بوش وشارون ليست مجرد تصرفات مجنون فقد عقله و إنما هى النتيجة لفكر شاذ وفلسفات مريضة و أفكار مجرمة تعتمد كلها على الكفر بالله..
ونفس هذا الفكر الشاذ والفلسفات مريضة و الأفكار مجرمة هى تماما ما راح حداثيونا ينثرونها فى أمتنا كالوباء..
نعم يا قراء.. خدعنا الحداثيون وخانونا..
ولم يكونوا يناقشون قضايا: العلم فيها لا ينفع والجهل بها لا يضر..
لقد تآمروا علينا وخانونا.. وكان المنهج الذى حاولوا ترويجه طيلة الوقت هو نفس المنهج الذى اتبع لتبرير الاستعمار و الإبادة والظلم.. كما اتبع لنزع سلاح الأمة الوحيد فى المواجهة: ألا وهو عقيدتها وهويتها..
***
لا تندهشوا إذن يا قراء مما يقوله شارون وبوش فحداثيونا لم يكفوا عن استعمال نفس المنهج. والقاع الذى نهبط الآن إليه هو مكان المجزرة الذى يقودنا حداثيونا - بمنتهى الخيانة والخسة- منذ قرنين على الأقل إليها.
هذا هو الرعب القادم، بل الرعب القائم، رعب فقدان الهوية كلها.. رعب ينتقل بنا من تفكيك اللغة إلى تفكيك الوطن.. ومن سيولة الأفكار إلى انهيار الأمم..رعب التلاشى والفناء تحت وطأة ضربات ساحقة غادرة .. بالتآمر مع حداثيينا..
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
أخي الكريم أستاذ مجدي..
وجدتُ في هذا المقال الرائع الذي تفضّلتَ بنقله إجابةً شافيَةً على تساؤلي:
(أيَبلغُ الأمرُ كلَّ هذه الخطورة؟!)
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
أخي الكريم أستاذ مجدي..
وجدتُ في هذا المقال الرائع الذي تفضّلتَ بنقله إجابةً شافيَةً على تساؤلي:
(أيَبلغُ الأمرُ كلَّ هذه الخطورة؟!)
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
-
- بوح دائم
- مشاركات: 246
- اشترك في: 05-29-2002 11:08 PM
- اتصال:
الاخت الدكتورة نون والاخوة الافاضل
بداية أسأل الله الا ينالي إثم ترويج الخنا فوالله ما هذه الجوقة إلا جوقة ماخور وأطهرهرهم لا يصل لطهارة خنزير ,,, وليت شعري كيف نرى من أبناء الجزيرة العربية من يسيرون في ركابهم ويروج لهم ويستشهد بكفرهم بدواعي الحداثة والتمدن ...
وإني والله أتابع سخافاتهم وأقوم بتحليل شخصياتهم من خلال ما يكتبونه وكم تكون دهشتي عندما أعلم بأن منهم من يصلي ويصوم أو من يدعي بأن أباه شيخ دين أو إمام مسجد أو مدرس للغة العربية .. فو أسفاه على هذا العمل الغير صالح كإبن نوح حين عم الطوفان ...
ويكفي اختي الفاضلة أن تقولي لي من هي صديقتك أن تكتبي شيئا ما لكي أحكم عليك وعلى تصرفاتك ..
فالكلمة هي مرآة النفس وميزان الأخلاق والأدب وانظري رحمك الله لما يقوله أستاذهم وقدوتهم عدنان الصائغ هنا واترك التعليق لكم
http://www.adnan.has.it/
* * *
ـ شكوى ـ
نظر الأعرجُ إلى السماء
وهتف بغضب:
أيها الرب
إذا لم يكن لديك طينٌ كافٍ
فعلام استعجلتَ في تكويني
*************************
تجلس في المكتبة
فاتحةً ساقيها
وأنا أقرأ .. ما بين السطور
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مع تحيات جمال حمدان
ملاحظة
ساتناول في بحثي القادم هجوم الحداثيين على الناقة والخيمة ..
بداية أسأل الله الا ينالي إثم ترويج الخنا فوالله ما هذه الجوقة إلا جوقة ماخور وأطهرهرهم لا يصل لطهارة خنزير ,,, وليت شعري كيف نرى من أبناء الجزيرة العربية من يسيرون في ركابهم ويروج لهم ويستشهد بكفرهم بدواعي الحداثة والتمدن ...
وإني والله أتابع سخافاتهم وأقوم بتحليل شخصياتهم من خلال ما يكتبونه وكم تكون دهشتي عندما أعلم بأن منهم من يصلي ويصوم أو من يدعي بأن أباه شيخ دين أو إمام مسجد أو مدرس للغة العربية .. فو أسفاه على هذا العمل الغير صالح كإبن نوح حين عم الطوفان ...
ويكفي اختي الفاضلة أن تقولي لي من هي صديقتك أن تكتبي شيئا ما لكي أحكم عليك وعلى تصرفاتك ..
فالكلمة هي مرآة النفس وميزان الأخلاق والأدب وانظري رحمك الله لما يقوله أستاذهم وقدوتهم عدنان الصائغ هنا واترك التعليق لكم
http://www.adnan.has.it/
* * *
ـ شكوى ـ
نظر الأعرجُ إلى السماء
وهتف بغضب:
أيها الرب
إذا لم يكن لديك طينٌ كافٍ
فعلام استعجلتَ في تكويني
*************************
تجلس في المكتبة
فاتحةً ساقيها
وأنا أقرأ .. ما بين السطور
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مع تحيات جمال حمدان
ملاحظة
ساتناول في بحثي القادم هجوم الحداثيين على الناقة والخيمة ..
هذا أنا أبدو وحرفي مائلا
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
<font face="Simplified Arabic" font size="4" color="#8800CC">
الأخ الفاضل شاعرنا القدير جمال حمدان
أشكركَ الشكر الجزيل على ما سُقته من نصوصٍ موضّحةٍ لما تمّتْ مناقشته على هذه الصفحة..
لكن لديَّ تساؤلٌ ما..و أرجو أن لا يٌفهَمَ خطأً.و أوضِح منَ الآن أنني أتّفق تماماً مع كلّ ما ذُكِرَ أعلاه من إيضاحٍ لخطورة ما يُسمّى بالحداثة الشعريّة
لكن لماذا هاجمْنا هذه الفئة من الشعراء بالذّات؟! هم ليسوا أوّلَ من تغنّى بالكفرِ و الفسقِ بأشعارهم.. ليس الغزل الفاحش- مثلاً- بجديدٍ على شعرِنا العربيّ..لماذا لم يجدْ من يتصدّى له من قبل؟ بل و من يتصدّى له الآن إذا جاءَ مُتّشِحاً بالوزنِ و القافية..هل يغفر له ذلك خطيئتَه في أعيننا ؟ أم لأنّه يبدو أبشع حين يجيء في صورة (القصيدة النثر)..و أطهرَ حينَ يواريه وقار القصيدة العموديّة؟
في "رشف المعاني" قبل أكثر من عام..عندما دارَ نقاشٌ حولَ أخلاقيّة شعر الشاعر المبدع (نزار قبّاني) رحمه الله و غفر له..لماذا انبرت فئةٌ من الأعضاءِ و العضوات مدافعةً عن شعرِه– و هو لا يخلو من مثل ما يشوب الشعر الحداثيّ من انتهاكاتٍ عقائديّةٍ و أخلاقيّة-؟! أحسبني تعلّمتُ من ذلك النّقاش أن لا أُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبِه..عدتُ لأقرأ أشعار نزار من جديد بنظرةٍ أخرى..استمرَّ عدائي و حنقي على بعضِ قصائده..أو بعض أبياتها فقط..و لم يمنعني ذلك أن أعقدَ صلحاً و ربّما صداقةً حميمةً معَ البعضِ الآخر
محمود درويش..شاعرٌ آخر تعرّفت على شعرِهِ عن قرب هنا في الرّشف من خلال المختارات التي كانَ يتفضّل بنقلها بعض الأعضاء له..نعم وجدتُ في بعضٍ من شعرِهِ شيئاً من الإلحاد..لكنّي وجدتُ في البعضِ الآخر شعراً نقيّاً رائعاً لم أمنعْ نفسي منه..
الشاعر الذي تفضّلتَ بإعطائنا الوصلة لموقعه يا أستاذ جمال ..كانَ له نصوصٌ بارعة – في رأيي- ..أعجبني قوله مثلاً:
في وطني
يجمعني الخوفُ ويقسمني:
رجلاً يكتبُ
والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،
يرقبني
و قوله:
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌ
تخيلتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..
ونصفٌ طغاة
و إن كانَ بالطّبعِ قد ساءني جدّاً جدّاً ما وجدتهُ من نصوصٍ تعتدي بشكلٍ صريح على العقيدة و الدّين و حتى العادات و التقاليد العربيّة
قبلَ أعوامٍ من اليوم..كنتُ أفكّر بطريقةٍ مختلفة:
في محاضرةٍ في الثقافة الإسلاميّة أُلقيَت علينا تمَّ نقاش بعض المنشورات التي تحدّثت عن شعر" نزار" قائلةً فيما قالت أنَّ (المرء يشعر بالذنب بمجرّد إمساكه بديوان ذلك الشاعر!).. و وجدَ هذا الرّأي موافقةَ الجميع له
بعدها بأيّام..سمعتُ إحدى زميلاتي تتغنّى بـ(قارئة الفنجان)..سألتها : (أما تعلمينَ أنّها لنزار؟!) – و كأنَّ المسكينةَ أتت بوزرٍ عظيم- أجابتني : (لكنَّ هذه القصيدة بالذات رائعة و لا يشوبها أيّ قولٍ أثيم! .. قد أكره نزار لكنّي أحبّ بعض أشعاره.. كرهي لأميركا لا يعني إطلاقاً أن أحرمَ نفسي من تناول الهامبرجر! )
تساءلت معَ نفسي ليلتَها : (ترى هل لو قيلَ لي أنَّ شاعراً مّا أساءَ لوالدتكِ في شعره.. فهل ستحبّينَ أيَّ شيءٍ من قصائدهِ مهما بلغت براعتها و روعتها و نقاؤها؟!..فما بالكِ و الشاعر يسيء لإلهكِ و دينكِ! )
بينَ هذا التساؤل..و بينَ تساؤلاتي الأخرى الواردة أعلاه فيما ذكرت (لماذا لا نتصدّى للانتهاكات العقيديّة و الأخلاقيّة في غيرالشعر الحداثيّ؟!) (هل يجوزُ لنا أن نُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبه؟!) .. هل ..و هل..و هل..
مجرّد أسئلةٍ حائرة تبحث عن جواب..لعلّي أجده عندكم في رشف المعاني..و يعلم الله مدى سعادتي البالغة و أنا أجد نفسي بينَ هذه النخبة من كتّابنا و شعرائنا الغيورين على دينهم و تراث أمّتهم
فالوضع أصبح – كما أشعر أنا على الأقل – مخيفاً..مخيفاً جدّاً..
و أسأل الله أن يثبّتنا على صراطه المستقيم
و يرينا الحقَّ حقّاً و يرزقنا اتّباعه و الباطلَ باطلاً و يرزقنا اجتنابه
شكراً لكم
و أعتذر عن الإطالة
الأخ الفاضل شاعرنا القدير جمال حمدان
أشكركَ الشكر الجزيل على ما سُقته من نصوصٍ موضّحةٍ لما تمّتْ مناقشته على هذه الصفحة..
لكن لديَّ تساؤلٌ ما..و أرجو أن لا يٌفهَمَ خطأً.و أوضِح منَ الآن أنني أتّفق تماماً مع كلّ ما ذُكِرَ أعلاه من إيضاحٍ لخطورة ما يُسمّى بالحداثة الشعريّة
لكن لماذا هاجمْنا هذه الفئة من الشعراء بالذّات؟! هم ليسوا أوّلَ من تغنّى بالكفرِ و الفسقِ بأشعارهم.. ليس الغزل الفاحش- مثلاً- بجديدٍ على شعرِنا العربيّ..لماذا لم يجدْ من يتصدّى له من قبل؟ بل و من يتصدّى له الآن إذا جاءَ مُتّشِحاً بالوزنِ و القافية..هل يغفر له ذلك خطيئتَه في أعيننا ؟ أم لأنّه يبدو أبشع حين يجيء في صورة (القصيدة النثر)..و أطهرَ حينَ يواريه وقار القصيدة العموديّة؟
في "رشف المعاني" قبل أكثر من عام..عندما دارَ نقاشٌ حولَ أخلاقيّة شعر الشاعر المبدع (نزار قبّاني) رحمه الله و غفر له..لماذا انبرت فئةٌ من الأعضاءِ و العضوات مدافعةً عن شعرِه– و هو لا يخلو من مثل ما يشوب الشعر الحداثيّ من انتهاكاتٍ عقائديّةٍ و أخلاقيّة-؟! أحسبني تعلّمتُ من ذلك النّقاش أن لا أُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبِه..عدتُ لأقرأ أشعار نزار من جديد بنظرةٍ أخرى..استمرَّ عدائي و حنقي على بعضِ قصائده..أو بعض أبياتها فقط..و لم يمنعني ذلك أن أعقدَ صلحاً و ربّما صداقةً حميمةً معَ البعضِ الآخر
محمود درويش..شاعرٌ آخر تعرّفت على شعرِهِ عن قرب هنا في الرّشف من خلال المختارات التي كانَ يتفضّل بنقلها بعض الأعضاء له..نعم وجدتُ في بعضٍ من شعرِهِ شيئاً من الإلحاد..لكنّي وجدتُ في البعضِ الآخر شعراً نقيّاً رائعاً لم أمنعْ نفسي منه..
الشاعر الذي تفضّلتَ بإعطائنا الوصلة لموقعه يا أستاذ جمال ..كانَ له نصوصٌ بارعة – في رأيي- ..أعجبني قوله مثلاً:
في وطني
يجمعني الخوفُ ويقسمني:
رجلاً يكتبُ
والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،
يرقبني
و قوله:
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌ
تخيلتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..
ونصفٌ طغاة
و إن كانَ بالطّبعِ قد ساءني جدّاً جدّاً ما وجدتهُ من نصوصٍ تعتدي بشكلٍ صريح على العقيدة و الدّين و حتى العادات و التقاليد العربيّة
قبلَ أعوامٍ من اليوم..كنتُ أفكّر بطريقةٍ مختلفة:
في محاضرةٍ في الثقافة الإسلاميّة أُلقيَت علينا تمَّ نقاش بعض المنشورات التي تحدّثت عن شعر" نزار" قائلةً فيما قالت أنَّ (المرء يشعر بالذنب بمجرّد إمساكه بديوان ذلك الشاعر!).. و وجدَ هذا الرّأي موافقةَ الجميع له
بعدها بأيّام..سمعتُ إحدى زميلاتي تتغنّى بـ(قارئة الفنجان)..سألتها : (أما تعلمينَ أنّها لنزار؟!) – و كأنَّ المسكينةَ أتت بوزرٍ عظيم- أجابتني : (لكنَّ هذه القصيدة بالذات رائعة و لا يشوبها أيّ قولٍ أثيم! .. قد أكره نزار لكنّي أحبّ بعض أشعاره.. كرهي لأميركا لا يعني إطلاقاً أن أحرمَ نفسي من تناول الهامبرجر! )
تساءلت معَ نفسي ليلتَها : (ترى هل لو قيلَ لي أنَّ شاعراً مّا أساءَ لوالدتكِ في شعره.. فهل ستحبّينَ أيَّ شيءٍ من قصائدهِ مهما بلغت براعتها و روعتها و نقاؤها؟!..فما بالكِ و الشاعر يسيء لإلهكِ و دينكِ! )
بينَ هذا التساؤل..و بينَ تساؤلاتي الأخرى الواردة أعلاه فيما ذكرت (لماذا لا نتصدّى للانتهاكات العقيديّة و الأخلاقيّة في غيرالشعر الحداثيّ؟!) (هل يجوزُ لنا أن نُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبه؟!) .. هل ..و هل..و هل..
مجرّد أسئلةٍ حائرة تبحث عن جواب..لعلّي أجده عندكم في رشف المعاني..و يعلم الله مدى سعادتي البالغة و أنا أجد نفسي بينَ هذه النخبة من كتّابنا و شعرائنا الغيورين على دينهم و تراث أمّتهم
فالوضع أصبح – كما أشعر أنا على الأقل – مخيفاً..مخيفاً جدّاً..
و أسأل الله أن يثبّتنا على صراطه المستقيم
و يرينا الحقَّ حقّاً و يرزقنا اتّباعه و الباطلَ باطلاً و يرزقنا اجتنابه
شكراً لكم
و أعتذر عن الإطالة
آخر تعديل بواسطة د//نون في 08-10-2002 08:19 AM، تم التعديل مرة واحدة.
((( سـتـبـقـى رُبـَا الـرشــفِ ..
عـيـنَ الـقـصـيـدِ و رَيَّ ظـمَـاهْ
و بـوّابـةَ الـبـَوحِ ..
بـُوصَـلـَة َالـشـعـرِ إذ مـا تـعـثــّرَ وهـْـنـاً و تـاهْ
و مُـتـّكـَأ الـحـزنِ .. حـارَ عـلى شــفـةٍ بـيـنَ حـرفٍ و آهْ
سـيـبـقـى لـنـا فـصـلَ درسِ الـقـريـضِ ، يـردّ لـذاكـرةِ الـيـأسِ هـمـسَ الـبـحـورِ ..
و عـزفَ الـقـوافـي ..
و رجـعَ صـدَاهْ ! )))
قـنـديـل الـذكـرى ..
صــمـت أمـّي ..
تـرنـيـمـة طـفـل عـراقـيّ ..
ركــنٌ .. لــي ..
جــديـلـة ..
-
- بوح دائم
- مشاركات: 246
- اشترك في: 05-29-2002 11:08 PM
- اتصال:
الاخت العزيزة نون
لقد جاء في معرض ردك عدة تساؤلات وسوف أرد عليها – ان شاء الله – تباعا ..
فقد تساءلتِ
( لكن لماذا هاجمْنا هذه الفئة من الشعراء بالذّات؟! )
والجواب على تساؤلك أختاه سأورده من أفواههم لأنهم هم الذين يتهجمون على شعراء القريض ويصفونهم بالرجعية والجمود بل وكما اسلفت في ردي السابق يعمدون للخليل الفراهيدي ويشتمونه ويشتمون عرضه متناسين – إن كانوا حقا يؤمنون بالله واليوم الآخر – بأنهم سيسألون أمام الله عما خاضوا فيه بأقلامهم وألسنتهم في ذمم المسلمين وأعراضهم .. فوالله لأول علامة من سفاهة خلق العبد هو شتمه لسيده .
فاقرئي يرحمك الله ما يلي من تخاطب إثنين من هؤلاء الذين يتنكرون لأصولهم وتراثهم ...
فهنا نرى أحد المتشاعرين مخاطبا صاحبه (س) الذي يجاوبه بتهكم أرذل مما ابتدأه صاحبه حيث يصف فحول القريض بالفئران مما يستلزم علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها حيث لا نجد لما يقوله من مسمى سوى ( تقيؤ كلب ) .. فانظري أختاه وتأملي .... حيث يقول ::
((( توقظهم من غفلتهم
توقد الليل كله بشمعه تنشق من صهيلك
يقرضون الشعر كالفئران
وتأتي لتعطيهم درسا حتى في الاخلاق
ما اروعك ( س) وانت ترفق بـــــــــــــيــــــــتـــــــمــــــهم
وتطبطب على قصائدهم
هناك (س) من لايزال مصرا على حلب الناقه
وعلى الرجوع بخفي حنين
هناك من لايزال يفوح اطلالا بليدا
ومن لايزال يشرب من سجائر المتدارك
والمديد والطويل ...
(س) لا ادري لماذا عدت هنا فجأه
شعرت هنا انني كالقادم من ساعه الدفء تلك
شعرت ان القووووم بحاجه الى شمعدانك
خصوصا ان القوووم استبد بهم الــــيتـــم (((
وهنا نرى رد (س ) على ذلك ( القئ)
((( وأن القبيلة البدوية التي اعتادت التنقّل
خلف قوافل المطر
شلت أطرافها وأكلت ( الأرضة ) عمودها ))))
انتهى
فهل لاحظتِ أختاه مستوى ثقافتهم وأدبهم ؟ وما هو الرد الأنسب على أمثالهم ؟ و هل رأيت نظرتهم لمن يقرضون الشعر وكيف الأول ينعتهم بالفئران وكيف صاحبه (س) تأخذه العزة بالإثم ولا يستعيب ما قاله صديقه ولا يتواصى وإياه بالحق ولكنه يجامله ويزيد على ذلك القئ بأرذل منه حين نجده يتهكم على القبيلة وموروثاتها ويقول بأن ( الأرضة ) أكلت عمودها ؟ أرأيت كيف ربط (س) بين الشعر القريض العمودي وبين عمود القبيلة وكيف يزعم أو كيف يبشرنا – كغرابٍ- بأن أسس القبيلة قد انهارت ؟
هنيئا لك يا بوش وهنيئا لكم يا كفار الجاهلية حينما أردتم نعت القرآن بالشعر فها هم من يتقيئون الترهات ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن ما أنزل على محمدا ليس شعرا - يتهجمون على اسيادهم ممن هم يتكلمون بلسان عربي فصيح ويقرضون الشعر كما عرفته وخبرته العرب ولا يحاكون الذين يعانون من انفصام في الشخصية وانفصام في العقل توطئة لانفصامهم عن اللغة المبينة الفصيحة التي نزل بها الذكر المبين ..
وقلتِ أختاه
(( هم ليسوا أوّلَ من تغنّى بالكفرِ و الفسقِ بأشعارهم.. ليس الغزل الفاحش- مثلاً- بجديدٍ على شعرِنا العربيّ..لماذا لم يجدْ من يتصدّى له من قبل؟ بل و من يتصدّى له الآن إذا جاءَ مُتّشِحاً بالوزنِ و القافية..هل يغفر له ذلك خطيئتَه في أعيننا ؟ أم لأنّه يبدو أبشع حين يجيء في صورة (القصيدة النثر)..و أطهرَ حينَ يواريه وقار القصيدة العموديّة؟((
والجواب على هذه التساؤلات هو ليس بين مفردتي ( ابشع ) أو ( أطهر ) ولا بين مسميِّي الشعر العمودي وما يسمى ب ( قصيدة النثر ) .. فالفحش فحش إن جاء منظوما أو منثورا وهذا لا يختلف عليه إثنان وكأن سؤالك يقول بأننا نتقبل الفحش إن كان موزونا ومقفى ونرفضه ونستعيبه إن كان نثرا ..فالمسالة اختي العزيزة لا يتظر لها بهذا المقياس ولكنها ابعد من ذلك بكثير حيث أننا نتهم هؤلاء النثريون الملصقون أنفسهم بالشعر زورا وبهتانا بأنهم لا يقولون شعرا ولا ينطبق مسمى شعر على ما يهرطقون به وهؤلاء الدعاة ( من كلمي دعيِّ) – أي الذي لا ينُسب لأهله – يعمدون إلى السخرية من كل مسمياتنا الموروثة وهدفهم هو إفراغ كل مفرداتنا من معانيها واول شئ عمدوا له ذلك البهتان الكبير الذي اقترفوه حين اصروا على تسمية ما يقولونه شعرا وكلنا نعلم بقصة كفار مكة حين اجتمعوا ليكيدوا لمحمد صلى الله عليه وسلم وبالذات عندما ارادوا إطلاق مسمى ( الشعر ) على الأسلوب القرآني ولكنهم لم يستطيعوا ذلك لأنهم – وبالرغم من كفرهم وحقدهم على المسلمين – لم يريدوا أن يجعلوا من انفسهم أضحوكة وأعجوبة أمام العارفين بالشعر وضروبه لذلك استقر رأيهم على اتهام محمدا عليه الصلاة والسلام بالسحر وبأنه يفرق بين المرئ واهله وبين الزوج وزوجته ..
إذن نقول بوضوح .. علينا الا نغفل هذه النقطة من حساباتنا .لنقول : لو أن من بين هؤلاء المتشاعرين رجلا مسلما حقا يغار على القرآن ويؤمن بالله الواحد الأحد لما تجرأ على تسمية ما يهرطق به بمسمى الشعر .. إذن والحالة كهذه ..فماذا تتوقعين أختاه من أخلاقهم وافعالهم وما يقولونه ؟
وقلتِ أختاه
( الشاعر الذي تفضّلتَ بإعطائنا الوصلة لموقعه يا أستاذ جمال ..كانَ له نصوصٌ بارعة – في رأيي- ..أعجبني قوله مثلاً:
في وطني
يجمعني الخوفُ ويقسمني:
رجلاً يكتبُ
والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،
يرقبني
و قوله:
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌ
تخيلتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..
ونصفٌ طغاة
و إن كانَ بالطّبعِ قد ساءني جدّاً جدّاً ما وجدتهُ من نصوصٍ تعتدي بشكلٍ صريح على العقيدة و الدّين و حتى العادات و التقاليد العربيّة
والجواب :
الا يكفي أختاه ما ساءك من تعديه على العقيدة والدين والعادات والتقاليد العربية ؟؟ هل نتعامل مع ( شاعر ) كهذا بحسب فتوى السلاطين التي مفادها ( خذ من الغرب ما يناسبك واترك ما لا يناسبك ) ؟ يا أختي العزيزة هل غاب عن بالك أننا ربما نقيم على شخص الحد أو القصاص – لاقترافه جرما شرعيا – مع أنه بارٌ بأولاده وبزوجته وربما بوالديه .. يكفي أن نقرا لفلان كي نحبه أو نزهد به فإن وصل الأمر للكفر والتهجم على الدين والمعتقد يجب علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها ...
وقلت أختاه :
ذكرت (لماذا لا نتصدّى للانتهاكات العقيديّة و الأخلاقيّة في غيرالشعر الحداثيّ؟!) (هل يجوزُ لنا أن نُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبه؟!) .. هل ..و هل..و هل..
والجواب
مرة أخرى أعود اختي لأكرر ما أجبت به سابقا وهو أننا لا نسامح من يجدف على الله ويتعدى على الحمى والمحارم مهما كان نوع نصه شعرا أو نثرا او رواية أو قصة أو أغنية أو رسما ..
فالحرام بين والحلال بيّن.
أما تساؤلك الأخير عن تحميل النص وزر صاحبه ..؟ فهل فكَّرتِ حقا أختي الفاضلة في سؤالك قبل وضعه ؟ ألا يتحمل المرئ وزر ما ينطق به أو ما يكتب به ؟ وهل يجوز لنا أن نقول عن الذين قالوا عن محمد عليه الصلاة والسلام بأنه مبتور الولد والعقب بأنهم سادة وأشراف وغير بذيئي القول والقصد ونتركهم لنقول بأن قولهم الذي قالوه كان ( سيئا ) بينما لهم كلام كثير يعجبنا وبالتالي هم غير مذنبين أو مجرمين ؟؟
الا يدخل المرئ بكلمة كفر لا يلقِ لها بالا سقر ؟ وهل يكب الناس على وجوههم الا حصاد السنتهم ؟
ساترك الإجابة لكِ وللقراء
وارجو ألا نتوه في خضم هذه الردود عن وجهتنا وهي تبيان وتوضيح مبتغى ومقصد (هؤلاء المتشاعرين) الحداثيين الا وهو التهجم على كل ما يقدسه المسلم وكل ما تعارفت عليه العرب من مسميات ومن ثم الانسلاخ من كل موروثاتنا وجعلها مفرداتٍ للتهكم والسخرية بدواعي التقدم ومواكبة العصر ... وأخشى ما أخشاه أن يثور هؤلاء المتحضرين على تحريم الله لزواج المحارم حيث صار عمر هذا التشريع خمسة عشر قرنا :(
وتقبلي تحياتي
أخوكم : جمال حمدان
لقد جاء في معرض ردك عدة تساؤلات وسوف أرد عليها – ان شاء الله – تباعا ..
فقد تساءلتِ
( لكن لماذا هاجمْنا هذه الفئة من الشعراء بالذّات؟! )
والجواب على تساؤلك أختاه سأورده من أفواههم لأنهم هم الذين يتهجمون على شعراء القريض ويصفونهم بالرجعية والجمود بل وكما اسلفت في ردي السابق يعمدون للخليل الفراهيدي ويشتمونه ويشتمون عرضه متناسين – إن كانوا حقا يؤمنون بالله واليوم الآخر – بأنهم سيسألون أمام الله عما خاضوا فيه بأقلامهم وألسنتهم في ذمم المسلمين وأعراضهم .. فوالله لأول علامة من سفاهة خلق العبد هو شتمه لسيده .
فاقرئي يرحمك الله ما يلي من تخاطب إثنين من هؤلاء الذين يتنكرون لأصولهم وتراثهم ...
فهنا نرى أحد المتشاعرين مخاطبا صاحبه (س) الذي يجاوبه بتهكم أرذل مما ابتدأه صاحبه حيث يصف فحول القريض بالفئران مما يستلزم علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها حيث لا نجد لما يقوله من مسمى سوى ( تقيؤ كلب ) .. فانظري أختاه وتأملي .... حيث يقول ::
((( توقظهم من غفلتهم
توقد الليل كله بشمعه تنشق من صهيلك
يقرضون الشعر كالفئران
وتأتي لتعطيهم درسا حتى في الاخلاق
ما اروعك ( س) وانت ترفق بـــــــــــــيــــــــتـــــــمــــــهم
وتطبطب على قصائدهم
هناك (س) من لايزال مصرا على حلب الناقه
وعلى الرجوع بخفي حنين
هناك من لايزال يفوح اطلالا بليدا
ومن لايزال يشرب من سجائر المتدارك
والمديد والطويل ...
(س) لا ادري لماذا عدت هنا فجأه
شعرت هنا انني كالقادم من ساعه الدفء تلك
شعرت ان القووووم بحاجه الى شمعدانك
خصوصا ان القوووم استبد بهم الــــيتـــم (((
وهنا نرى رد (س ) على ذلك ( القئ)
((( وأن القبيلة البدوية التي اعتادت التنقّل
خلف قوافل المطر
شلت أطرافها وأكلت ( الأرضة ) عمودها ))))
انتهى
فهل لاحظتِ أختاه مستوى ثقافتهم وأدبهم ؟ وما هو الرد الأنسب على أمثالهم ؟ و هل رأيت نظرتهم لمن يقرضون الشعر وكيف الأول ينعتهم بالفئران وكيف صاحبه (س) تأخذه العزة بالإثم ولا يستعيب ما قاله صديقه ولا يتواصى وإياه بالحق ولكنه يجامله ويزيد على ذلك القئ بأرذل منه حين نجده يتهكم على القبيلة وموروثاتها ويقول بأن ( الأرضة ) أكلت عمودها ؟ أرأيت كيف ربط (س) بين الشعر القريض العمودي وبين عمود القبيلة وكيف يزعم أو كيف يبشرنا – كغرابٍ- بأن أسس القبيلة قد انهارت ؟
هنيئا لك يا بوش وهنيئا لكم يا كفار الجاهلية حينما أردتم نعت القرآن بالشعر فها هم من يتقيئون الترهات ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن ما أنزل على محمدا ليس شعرا - يتهجمون على اسيادهم ممن هم يتكلمون بلسان عربي فصيح ويقرضون الشعر كما عرفته وخبرته العرب ولا يحاكون الذين يعانون من انفصام في الشخصية وانفصام في العقل توطئة لانفصامهم عن اللغة المبينة الفصيحة التي نزل بها الذكر المبين ..
وقلتِ أختاه
(( هم ليسوا أوّلَ من تغنّى بالكفرِ و الفسقِ بأشعارهم.. ليس الغزل الفاحش- مثلاً- بجديدٍ على شعرِنا العربيّ..لماذا لم يجدْ من يتصدّى له من قبل؟ بل و من يتصدّى له الآن إذا جاءَ مُتّشِحاً بالوزنِ و القافية..هل يغفر له ذلك خطيئتَه في أعيننا ؟ أم لأنّه يبدو أبشع حين يجيء في صورة (القصيدة النثر)..و أطهرَ حينَ يواريه وقار القصيدة العموديّة؟((
والجواب على هذه التساؤلات هو ليس بين مفردتي ( ابشع ) أو ( أطهر ) ولا بين مسميِّي الشعر العمودي وما يسمى ب ( قصيدة النثر ) .. فالفحش فحش إن جاء منظوما أو منثورا وهذا لا يختلف عليه إثنان وكأن سؤالك يقول بأننا نتقبل الفحش إن كان موزونا ومقفى ونرفضه ونستعيبه إن كان نثرا ..فالمسالة اختي العزيزة لا يتظر لها بهذا المقياس ولكنها ابعد من ذلك بكثير حيث أننا نتهم هؤلاء النثريون الملصقون أنفسهم بالشعر زورا وبهتانا بأنهم لا يقولون شعرا ولا ينطبق مسمى شعر على ما يهرطقون به وهؤلاء الدعاة ( من كلمي دعيِّ) – أي الذي لا ينُسب لأهله – يعمدون إلى السخرية من كل مسمياتنا الموروثة وهدفهم هو إفراغ كل مفرداتنا من معانيها واول شئ عمدوا له ذلك البهتان الكبير الذي اقترفوه حين اصروا على تسمية ما يقولونه شعرا وكلنا نعلم بقصة كفار مكة حين اجتمعوا ليكيدوا لمحمد صلى الله عليه وسلم وبالذات عندما ارادوا إطلاق مسمى ( الشعر ) على الأسلوب القرآني ولكنهم لم يستطيعوا ذلك لأنهم – وبالرغم من كفرهم وحقدهم على المسلمين – لم يريدوا أن يجعلوا من انفسهم أضحوكة وأعجوبة أمام العارفين بالشعر وضروبه لذلك استقر رأيهم على اتهام محمدا عليه الصلاة والسلام بالسحر وبأنه يفرق بين المرئ واهله وبين الزوج وزوجته ..
إذن نقول بوضوح .. علينا الا نغفل هذه النقطة من حساباتنا .لنقول : لو أن من بين هؤلاء المتشاعرين رجلا مسلما حقا يغار على القرآن ويؤمن بالله الواحد الأحد لما تجرأ على تسمية ما يهرطق به بمسمى الشعر .. إذن والحالة كهذه ..فماذا تتوقعين أختاه من أخلاقهم وافعالهم وما يقولونه ؟
وقلتِ أختاه
( الشاعر الذي تفضّلتَ بإعطائنا الوصلة لموقعه يا أستاذ جمال ..كانَ له نصوصٌ بارعة – في رأيي- ..أعجبني قوله مثلاً:
في وطني
يجمعني الخوفُ ويقسمني:
رجلاً يكتبُ
والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،
يرقبني
و قوله:
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌ
تخيلتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..
ونصفٌ طغاة
و إن كانَ بالطّبعِ قد ساءني جدّاً جدّاً ما وجدتهُ من نصوصٍ تعتدي بشكلٍ صريح على العقيدة و الدّين و حتى العادات و التقاليد العربيّة
والجواب :
الا يكفي أختاه ما ساءك من تعديه على العقيدة والدين والعادات والتقاليد العربية ؟؟ هل نتعامل مع ( شاعر ) كهذا بحسب فتوى السلاطين التي مفادها ( خذ من الغرب ما يناسبك واترك ما لا يناسبك ) ؟ يا أختي العزيزة هل غاب عن بالك أننا ربما نقيم على شخص الحد أو القصاص – لاقترافه جرما شرعيا – مع أنه بارٌ بأولاده وبزوجته وربما بوالديه .. يكفي أن نقرا لفلان كي نحبه أو نزهد به فإن وصل الأمر للكفر والتهجم على الدين والمعتقد يجب علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها ...
وقلت أختاه :
ذكرت (لماذا لا نتصدّى للانتهاكات العقيديّة و الأخلاقيّة في غيرالشعر الحداثيّ؟!) (هل يجوزُ لنا أن نُحَمّلَ النصَّ وزرَ كاتبه؟!) .. هل ..و هل..و هل..
والجواب
مرة أخرى أعود اختي لأكرر ما أجبت به سابقا وهو أننا لا نسامح من يجدف على الله ويتعدى على الحمى والمحارم مهما كان نوع نصه شعرا أو نثرا او رواية أو قصة أو أغنية أو رسما ..
فالحرام بين والحلال بيّن.
أما تساؤلك الأخير عن تحميل النص وزر صاحبه ..؟ فهل فكَّرتِ حقا أختي الفاضلة في سؤالك قبل وضعه ؟ ألا يتحمل المرئ وزر ما ينطق به أو ما يكتب به ؟ وهل يجوز لنا أن نقول عن الذين قالوا عن محمد عليه الصلاة والسلام بأنه مبتور الولد والعقب بأنهم سادة وأشراف وغير بذيئي القول والقصد ونتركهم لنقول بأن قولهم الذي قالوه كان ( سيئا ) بينما لهم كلام كثير يعجبنا وبالتالي هم غير مذنبين أو مجرمين ؟؟
الا يدخل المرئ بكلمة كفر لا يلقِ لها بالا سقر ؟ وهل يكب الناس على وجوههم الا حصاد السنتهم ؟
ساترك الإجابة لكِ وللقراء
وارجو ألا نتوه في خضم هذه الردود عن وجهتنا وهي تبيان وتوضيح مبتغى ومقصد (هؤلاء المتشاعرين) الحداثيين الا وهو التهجم على كل ما يقدسه المسلم وكل ما تعارفت عليه العرب من مسميات ومن ثم الانسلاخ من كل موروثاتنا وجعلها مفرداتٍ للتهكم والسخرية بدواعي التقدم ومواكبة العصر ... وأخشى ما أخشاه أن يثور هؤلاء المتحضرين على تحريم الله لزواج المحارم حيث صار عمر هذا التشريع خمسة عشر قرنا :(
وتقبلي تحياتي
أخوكم : جمال حمدان
آخر تعديل بواسطة جمال حمدان في 08-11-2002 04:59 AM، تم التعديل مرة واحدة.
هذا أنا أبدو وحرفي مائلا
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
أنا،وأعوذ بالله من كلمة أنا، أحيي من أعماق قلبي هذا الإبداع النظري غير المألوف عندي على الأقل للأستاذ جمال.
وعلمي به لا يكتب إلا الشعر بل أكثر من ذلك،علمي به لا يقرأ إلا الشعر:)
هل تغيرت نواحي حياتك البنيوية حتى تحولت إلى كتابة المقالات يا ابن حمدان :)
ودفاعك عن القبيلة يؤكد صحة اختياري الدائم لك كشيخ قبيلة أي مكان للأدب
وعلمي به لا يكتب إلا الشعر بل أكثر من ذلك،علمي به لا يقرأ إلا الشعر:)
هل تغيرت نواحي حياتك البنيوية حتى تحولت إلى كتابة المقالات يا ابن حمدان :)
ودفاعك عن القبيلة يؤكد صحة اختياري الدائم لك كشيخ قبيلة أي مكان للأدب
-
- بوح دائم
- مشاركات: 529
- اشترك في: 05-30-2002 09:37 PM
- اتصال:
أخي الفاضل / جمال حمدان
سلمك الله ورعاك , فقد استفدتُ من هذا المقال الكثير وغيّر عندي بعض المفاهيم الخاطئة ليس عن الحداثة فقط بل عن الشعر بصفة عامة .. فلا يخفى عليك أخي العزيز استفادة علماء المسلمين من الثقافات الأخرى فقد استفاد عبدالقاهر الجرجاني في كتابيه الدلائل والأسرار من كتاب الشعر لأرسطو .. وشيخ الإسلام ابن تيمية لا أقول أخذ من العوم الأخر بل تأصلت به بعض العلوم مثل علم المنطق من العلوم اليونانية , عبدالله ابن المقفع ترجم كليلة ودمنة من الفارسية انطبعتْ هذه الثقافة في كتابيه الأدب الكبير والأدب الصغير وخير علماء اللغة تأثروا بالثقافات اليونانية ومن لا يتقن معرفة العلوم اليونانية التي تأثر بها علماء المسلمين في القرن الخامس السادس والسابع من علم الكلام وعلم المنطق في يومنا هذا لا يستطيع أن يتعمق في العقيدة الإسلامية واللغة العربية ...
وهذه العلوم اليونانية ترجمة ووضعتْ في مصنفات وأكثر العلماء الذين صنفوها في كتب العلامة الأخضري والعلامة أحمد لدمنهوري .والأمثلة على الأخذ والاستفادة من العلوم و الثقافات الغير مسلمة والغير عربية عند علماء المسلمين كثيرة لا تحصى وهذه الثقافات تحمل في مصنفاتها الشرك والتشكيك والكفر ولكن العلماء الذين نقلوا هذه العلوم مقلوا ما هو حسن وتركوا كل ما هو سيئ .. وهذا تعقيب على قولك ( هل نتعامل مع شاعر كهذا بحسب فتوى السلاطين التي مفادها خذ من الغرب ما يناسبك واترك ما لا يناسبك ) هذا وأتمنى أني أحسنتُ الفهم ..
الفنيات والخصائص والنظريات التي يستخدمها الحداثيون اليوم هي مستنبطة من الثقافات الغربية لا شك في ذلك منها الجيد ومنها الرّديء ولكن المحزن أن كثير من هذه التقنيات والنظريات هي عربية في الأصل مثل نظرية الأسلوب هو الرجل تنسب إلى جون ميري من أروع النظريات في النقد الغربي هي في الأصل نظرية عبدالقاهر الجرجاني في بداية كتابه أسرار البلاغة ونظرية التلقي ونظرية الاتصال وخاصية امتزاج الشعر بالألوان ونظرية الحركة الإبداعية بين الشاعر ومن ينقش على الخزف .. والكثير الكثير ولا شك أن المستشرقون لم يتركوا شئ من نظريات وابتكارات علماء المسلمين إلا نسبوها إلى أنفسهم في عصور الانحطاط العربية ....
سؤالي هنا أخي جمال ماذا ترى في استخدام الأساليب و النظريات الحداثية لشعراء والأدباء العرب بصفة عامة وهذه الأساليب والنظريات عربية في الأصل ولكن انتقلت إلى الغرب وغيّروا صياغتها فقط ... ربما يسأل سائل لماذا لا نأخذ هذه النظريات الإبداعية من المنبع التراثي المسلم مباشرة والجواب هو لم تأتي حتى الآن عبقرية مسلمة في عصرنا هذا وتشرح لنا كتابي عبدالقاهر الجرجاني كثير من الكتب شرحتْ ولكن لم يتجرأ أحد على شرح الجرجاني أو السبكي في كتاب عروس الأفراح وأصبح الأخذ من غير المباشر أسهل ... أعتذر سيدي على الإطالة و أتمنى أني لم آتِ شيئا إدّا... تقبل تحياتي ودعواتي .
[img][img]http://www.taibaonline.com/up/show.php?img=11161[/img][/img]
-
- بوح دائم
- مشاركات: 246
- اشترك في: 05-29-2002 11:08 PM
- اتصال:
الاخ الحبيب مخلص النوايا
كلامك شيق وجميل وموضوعك الذي أثرته أرى بأنه يستحق أن يكون بابا منفردا للبحث وارى اخي بأن الإجابة على تساؤلاتكم هنا سيأخذ بالموضوع إلى منحى آخر غير الباب الذي افردناه له وليتك اخي وكما تمنيت عليك أن تضع موضوعك منفردا لانه يستحق بالفعل التبحر به مستقلا وبالتالي يدلي الجميع بآرائهم ..
أما بالنسبة لمثل مشايخ السلطان فلم أكن اقصد به ما تطرقتم له اخي فلا أحد ينكر أننا مطالبون أن نطلب العلم ولو في الصين ولكني (أشرت بطريقة خفية ) لبعض الفتاوي المطاطة من بعض مفتيينا ( المرنين ) تماما كالشيخ الذي أجاز للجندي الأمريكي المسلم أن يقتل أخاه الافغاني لأن الأول ( اقسم ) يمين الولاء لبلده وحجة الشيخ أن المسلمين لا ينقضون العهود بعد إبرامها....
لكَ تحياتي وتقديري وارجو أن اجد مندوحة فيما تمنيته عليكم كي لا نتوه ونتشعب عن موضوع ( القبيلة وانسلاخ المتشاعرين ( عن اصولهم وتراثهم .. حيث أنني سأضع قريبا الكثير مما يهرف به هؤلاء المتشرذمين ...فانتظروني يرحمكم الله
واسلم لأخيكم
جمال حمدان
كلامك شيق وجميل وموضوعك الذي أثرته أرى بأنه يستحق أن يكون بابا منفردا للبحث وارى اخي بأن الإجابة على تساؤلاتكم هنا سيأخذ بالموضوع إلى منحى آخر غير الباب الذي افردناه له وليتك اخي وكما تمنيت عليك أن تضع موضوعك منفردا لانه يستحق بالفعل التبحر به مستقلا وبالتالي يدلي الجميع بآرائهم ..
أما بالنسبة لمثل مشايخ السلطان فلم أكن اقصد به ما تطرقتم له اخي فلا أحد ينكر أننا مطالبون أن نطلب العلم ولو في الصين ولكني (أشرت بطريقة خفية ) لبعض الفتاوي المطاطة من بعض مفتيينا ( المرنين ) تماما كالشيخ الذي أجاز للجندي الأمريكي المسلم أن يقتل أخاه الافغاني لأن الأول ( اقسم ) يمين الولاء لبلده وحجة الشيخ أن المسلمين لا ينقضون العهود بعد إبرامها....
لكَ تحياتي وتقديري وارجو أن اجد مندوحة فيما تمنيته عليكم كي لا نتوه ونتشعب عن موضوع ( القبيلة وانسلاخ المتشاعرين ( عن اصولهم وتراثهم .. حيث أنني سأضع قريبا الكثير مما يهرف به هؤلاء المتشرذمين ...فانتظروني يرحمكم الله
واسلم لأخيكم
جمال حمدان
هذا أنا أبدو وحرفي مائلا
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
.......... كالدَّوحِ ممتشقا خطوطَ ظلالهِ
في رحلةٍ أبَــدًا يُقلبُ طرفَــهُ
............. معنى ومفردةٌ ونجمُ خيالهِ
متغـرِّبٌ ما أن يَحُطَّ رِحَـالَـهُ
........ إلاَّ وتَطلُبـُهُ خُطَـى تِـرحَالِـهِ
العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”
الموجودون الآن
المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: Bing [Bot] و 18 زائراً