لقاء مع عائلة خطاب

حوارات - مواضيع - شعرعامِّي

المشرف: مجدي

موودي
المشرف العام
مشاركات: 274
اشترك في: 04-30-2001 10:04 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة موودي » 05-02-2002 08:50 PM

<font size=4 color=Navy>
كشف الشقيق الاكبر لـ«سامر صالح عبد الله السويلم» المشهور بـ«خطاب» الذي قتل في الشيشان اخيراً بالسم، في حوار خص به «الشرق الأوسط» من منزل والده بحي الثقبة في مدينة الخبر السعودية، فصولاً من سيرة حياة شقيقه لم تنشر من قبل، وأبان ملامح عن مراحل طفولته وشبابه.
والقى منصور السويلم الضوء على سبب تخلي اخيه الاصغر عن احلامه في السفر الى اميركا مبتعثاً من قبل شركة ارامكو السعودية، وتوجهه بدلاً من ذلك الى افغانستان للانضمام الى صفوف المجاهدين ضد الاحتلال الروسي عام 1987.
وتحدث منصور ان والده اغرى شقيقه بالعودة وترك الجهاد مقابل ان يوفر له حياة كريمة، ولكنه رفض هذا العرض، مفضلاً الاستمرار في طريقه الذي بدأه، موضحا ان شقيقه اصيب في مقتل اربع مرات اخطرها حينما داس على لغم كاد يؤدي به الى الشلل، مشيراً الى انه كان دائم الاتصال بوالدته قبل كل عملية فدائية يقوم بها.
ويوضح الشقيق منصور ان فكر «خطاب» السياسي تمثل في رفض تدويل اي قضية، ومحاربة اي تدخل للأمم المتحدة، وعدم استعداء الدول الاسلامية، كاشفاً ان امرأة شيشانية عجوزا كانت وراء حماسه واندفاعه للقتال في الشيشان. وقال منصور ان شقيقه لم يزر السعودية خلال الاربعة عشر عاما الماضية سوى مرتين آخرها عام 1993.
وفيما يلي نص الحوار:
* من هو خطاب؟
ـ اسم خطاب هو كنية للمجاهد سامر بن صالح بن عبد الله السويلم، الذي ولد في عام 1969 بمدينة عرعر شمال السعودية.

* متى اختار هذه الكنية؟
ـ بعد ذهابه مباشرة للجهاد في افغانستان، حيث كانت في البداية ابن الخطاب، ولكن ذكر له انه لا يجوز ان ينسب الرجل لغير ابيه، فاستبدلها بـ(خطاب).

* وأيضا لماذا (خطاب) بالذات؟
ـ كانت له قناعة ان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب هو من احدث تحولا جذريا في مفهوم العمل العسكري الاسلامي، لذلك رغب ان يحمل كنيته، ويسير على نهجه.

* عودة الى عائلة السويلم.. ما هي جذورها؟
ـ تعود جذور العائلة الى نجد ولكن في عام 1825 هاجرت الى الاحساء بالمنطقة الشرقية من البلاد، حيث ولد والدنا فيها، ونظرا لانتقاله ـ رحمه الله ـ الى منطقة عرعر، فقد ولدنا جميعا هناك، ويعتبر خطاب الاخ الخامس بيننا نحن الاخوة الستة.

* أين وكيف تلقى خطاب تعليمه؟
ـ تلقى خطاب تعليمه الاولي في المنطقة الشرقية بمدينة الخبر، وتحديدا في منطقة الثقبة، وكان مميزا بين اقرانه سواء في صغره او شبابه، ويكفي انه حصل على الثانوية العامة من القسم العلمي بمعدل 94 في المائة.

* وكيف تصف البيئة التي تربى فيها؟
ـ يعتبر بيتنا كأي بيت في ذلك الوقت، حيث تربينا جميعا على حب الدين والاهتمام بالشعائر الظاهرة، الا انه يتفوق على باقي البيوت بالاهتمام بالشريط الاسلامي والمجلة الاسلامية، التي كانت شبه معدومة في ذلك الوقت، لذلك لا غرابة ان يخرج من هذه البيئة شخص مثل خطاب رحمه الله.

* ما هو حلمه اثناء مرحلة الشباب؟
ـ بعد توقف دام للحظات، بدأ منصور بالحديث بعبارة (آه.. لقد باع الدنيا بالآخرة)، كان سامر او (خطاب) في بداية شبابه يحلم كأي شاب بالوظيفة والرتبة العالية، وكان امله ان يدخل شركة ارامكو، وتحديدا في نظام (CBC)، وهو نظام يتيح للدارس الابتعاث الى اميركا، التي كانت امنية كل شاب في ذلك الوقت.

* وهل تحقق له ذلك؟
ـ بالفعل تحققت هذه الأمنية، ودخل في ذلك النظام التدريبي، حيث كان يتسلم راتباً شهرياً قدره 2500 ريال، وجلس على مقاعد الدراسة قرابة نصف عام.

* كيف كان تحصيله العلمي؟
ـ كان من أميز الطلاب في فصله، وقد نال اعجاب معلميه وزملائه، لكن بعد احداث افغانستان الاولى، ترك الدراسة وضحى بحلمه، وبدلاً من ان يذهب الى اميركا غادر الى ارض الجهاد.

* هل كانت لديه أحلام شخصية؟
ـ كان يحلم بأن يكون لديه قصر مساحته 3500 متر مربع، يحتوي على مظلة تتسع لخمس سيارات احداها سيارة سوبر بان للعائلة، واخرى جي إم سي لونها احمر خاصة به شخصيا، يمرح بها في الصحارى والبراري، وان تكون لديه عشرون قطعة ارض (بلوك كامل) يسكن فيها أبوه وأمه وإخوته، غداؤهم وعشاؤهم واحد، يمازحهم ويلاعبهم ويهنأ بهم، ونظرا لارتباطه بالعائلة كان يحلم ان تكون لديه حافلة كبيرة يجتمع فيها هو واخوته، وان يكون لديهم مجلس كبير يجلسون فيه جميعا، ويستقبلون فيه الضيوف والزوار.

* وفيما يتعلق بالعمل؟
ـ يضحك منصور.. هل تعلم ان امنياته عندما كان شاباً في الثانوية ان يكون من كبار شركة ارامكو السعودية، وان يشار اليه بالبنان، كما كان يحلم بذلك المكتب الواسع الفخم الذي تتمناه النفوس.

* هل كان متزوجاً او له اولاد؟
ـ اثناء وجوده في السعودية لم يسبق له الزواج، ولكن خلال السنوات الماضية اقترن بفتاة داغستانية من قرية كرماخي الجبلية، المشهورة بالمحافظة والتدين، ولديه ثلاثة ابناء، سارة وصالح وساجدة، وهم موجودون الآن مع والدتهم.

* هل لديكم النية في احضارهم الى السعودية؟
ـ نعم.. والعمل قائم على ذلك.

* كيف كانت علاقته بوالديه؟
ـ كان مرتبطا بوالديه كثيرا، لكن بعد ان ذهب الى ارض الجهاد، ظل الوالد ـ رحمه الله ـ ينتظر ان يطل عليه بوجهه الصبوح من الباب طوال 12 عاماً، ولكن كانت منيته قبل ان تقر عيناه برؤيته.
وكان الوالد يحاول دوما اغراءه ببيت جديد يشتريه له كي يستقر فيه، مقابل ان يعود ويكتفي بالوقت الذي قضاه في الجهاد خلال السنوات الماضية، ولكنه كان يرفض ذلك ويصر على ان يكمل المشوار الذي بدأه.
وأتذكر ان الوالد قبل ان تفيض روحه بلحظات، وخصوصا حينما علم ان الأمة لجأت الى ابنه بعد الله، قال: «اللهم بلغني ان التقي به في جنة الخلد، ومقعد الصدق، واحتسب احب ابنائي الى الله، ولا شيء لغير الله».
اما الوالدة أطال الله في عمرها، فكانت تربطها به علاقة حميمة من نوع خاص جدا، ومع هذا.. وكونها لم تره طوال 14 عاما، فهي اكثرنا سعادة بما حققه ابنها، وتقول هذا عطية من الله وقد عادت اليه.

* هل كان يتصل بكم؟
ـ كان يتصل بالوالدين كلما سنحت له الفرصة، ويخص الوالدة باتصال قبل كل عملية يقدم عليها، كما انه لا ينسى أقاربه بالاتصال سواء كانوا رجالا او نساء.

* متى تلقيتم آخر اتصال منه؟
ـ كان ذلك قبل 3 أشهر تقريبا.

* وما علاقته باخوانه وأصدقائه؟
ـ قد تستغرب اذا قلت لك انه كان محبا ومحبوبا من الجميع، لا يتذكر احد انه غضب منه، كان يحب النكتة، ويسعى الى مداعبة اخوانه واصدقائه، كان يبكي لأصغر الامور، وتجده اسداً في المواقف التي تتطلب الشجاعة، كان يحمل الصغار على ظهره كأنه دابة، ويقول لهم اضربوا على رأسي حتى اذهب يمنة او يسرة، وكان يمازحهم لساعات، وهم كانوا يحبون اللعب معه.

* هل روحه المرحة انتقلت معه الى افغانستان والشيشان؟
ـ نعم.. فبالرغم من تفرغه للجهاد طوال 14 عاما، الا انه لم يتخل عن روحه المرحة، حيث تظهر بعض الافلام الوثائقية التي يظهر فيها خطاب وجنوده، كيف يمازحهم بلسانه ويده وفي بعض الاحيان برجله، وترى فيه خفة الظل ورحابة النفس وحسن الخلق، ويحضرني موقف انه نادى احد اصحابه وقال له خذ هذا الشيء الواقع على الارض، فبمجرد ان أنزل رأسه صب عليه «الشامبو» وسط فرح وسرور اصحابه.

* وما ابرز مزاياه؟
ـ كان يتميز بالكرم والشجاعة والايثار.. واتذكر هنا مواقف عدة له منها انه انطلق يوماً بسيارته، وهو في طريق المطار فشاهد رجلا سودانياً يرفع يديه طالباً المساعدة، فتوقف عنده وتبين ان سيارته اصابها العطل، والرجل يريد السفر على الطائرة التي سوف تقلع بعد قليل، فقال للرجل دع سيارتك وسافر وانا سأسحبها، فوافق الرجل وهو خائف بالطبع على سيارته، حيث لم تكن بينهم صلة معرفة من قبل، وفعلاً سافر الأخ السوداني وقام خطاب بسحب السيارة، واقترض مبلغاً من المال اصلح به السيارة بدون ان يعلم احد، وعندما حضر السوداني كانت المفاجأة كبيرة عليه، حينما رأى ان سيارته اصلحت وخطاب يرفض ان يأخذ منه قيمة اصلاحها.
وهناك مواقف اخرى لا اتذكرها، ولكن اتذكر ان اخوته اتفقوا على ان لا يعطوه شيئاً ان طلب منهم مالاً، ليس بغضاً فيه، وانما خوفاً عليه من كثرة ما ينفق.

* ومن أين كان يحصل على المال؟
ـ عادة من اخوته، وهنا اتذكر ان اخي ماهر قال لي عاهدت نفسي ان لا اعطي خطاب شيئاً، لأننا لو اعطيناه فسينفقها على الناس كرماً، ولكن الله اعطاه اسلوباً غريباً في الاقناع، حيث يأتيني فيكلمني قليلاً حتى يأخذ ما لدي، واذا خرج صحت لقد سحرني واخذ مالي. ويستطرد منصور قائلاً ان ماهر اخبره مازحاً انه سيطالب خطاب يوم القيامة بما اخذ منه من مال.

* هل كان رجلاً شجاعاً؟
ـ اتذكر انه خرج مع احد زملائه من الدراسة في شركة ارامكو للنزهة، وعندما وصلا الى مواقف السيارات شاهدا خمسة من الشباب يحيطون بشاب واحد يريدون ضربه، فنزل لوحده لنصرة هذا الشخص بعد ان رفض زميله في السيارة النزول معه، وقد تستغرب اذا قلت لك انه استطاع ان يضربهم جميعا واستنصر الشخص الذي كان لوحده.

* دعنا نتعرف على بداية انضمامه للجهاد؟
ـ كما ذكرت في السابق، بعد ان قضى خطاب نصف عام على مقاعد الدراسة في ارامكو استعدادا للذهاب الى اميركا لاستكمال دراسته، صادف ان بدأت في ذلك الوقت الحرب الأفغانية ـ الروسية، فقرر ان يلتحق بالجهاد الأفغاني عام 1987 بعد رمضان مباشرة، وكان عمره آنذاك 17 عاماً، حيث حرص قبل ذهابه على توثيق علاقاته بالمجاهدين، ولهذا لما انطلق من السعودية اخذ معه وثيقتين للتعريف به، الاولى من مدير مكتب خدمة المجاهدين في الدمام، والثانية من احد الاشخاص الذين لهم مكانة خاصة لدى مسؤول الهلال الاحمر السعودي في باكستان.

* هل رجع للسعودية بعد توجهه الى افغانستان؟
ـ نعم.. كانت له عودتان الى ارض الوطن، الاولى بعد ان قضى في افغانستان قرابة الشهرين عاد لتأدية فريضة الحج، وما ان انتهى من المناسك حتى عاد مرة اخرى الى افغانستان، وبقي فيها الى نهاية الجهاد عام 1991، واتذكر انه عاد مرة اخرى لفترة بسيطة لتلقي العلاج المناسب لإصابة لحقت به في احدى المعارك.

* ما هي المحطة التي تلت افغانستان؟
ـ بعد ان انتهت الحرب الافغانية الاولى، ونشبت الخلافات العرقية الافغانية بينهم، فضل خطاب ترك ارض افغانستان والذهاب الى تاجيكستان حيث كانت الحرب هناك مستعرة مع الشيوعيين.

* وكم بقي فيها؟
ـ قرابة العام الواحد، وفيها اصيبت يده في احدى المعارك.

* هل تعرض لإصابات مختلفة؟
ـ نعم.. لقد تعرض اكثر من مرة للاصابة، الاولى كانت في افغانستان، حيث اصيب بطلق ناري في بطنه بواسطة مدفع رشاش ثقيل من عيار 12.7 مم (الطلقات عيار 12.7 مم تستخدم لاختراق الفولاذ والدروع، وكما يقول الخبراء انها لو اصابت انسانا فانها تحول اللحم البشري الى عجين من اللحم والدم). والثانية حينما قطعت ثلاثة اصابع من يده اليمنى بسبب قنبلة يدوية، وقد حاول المعالجة عبر مستوصف بدائي كان هناك، ثم ذهب الى لاهور واجريت له عملية، حيث اخذ من فخذه ويده، وتم تثبيت الثلاثة اصابع ببعض. والثالثة كانت اثناء سيره في حقل الغام، وجاءت الاصابة في المنطقة السفلى من الظهر، وهذه كادت تصيبه بالشلل، وقد عالج هذه الحالة في باكستان.

* اذن .. كيف ذهب للشيشان؟
ـ كان يتابع اخبار الشيشان على محطة تلفزيونية تبث عبر القمر الصناعي في افغانستان فقال عندما رأى المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوباً عليها لا اله الا الله محمد رسول الله، ويصيحون صيحة الله اكبر، والله ان هناك جهاداً في الشيشان، وقرر انه يجب عليه الذهاب اليهم. واذكر انه احضر خريطة وحاول البحث عن الشيشان، فلم يجدها، فعرف ان باكو عاصمة اذربيجان هي اقرب منطقة لها، واثناء وجوده في المطار التقى احد المجاهدين العرب الذين كانت تربطه به علاقة جيدة في افغانستان فاستبشر خيرا، وعندما وصلوا الى باكو التقوا بصلاح الدين التاجيكي، فبدأ يسأل عن كيفية الوصول الى الشيشان، في هذه الاثناء وصلته رسالة من الشيخ فتحي ابو سياف ـ رحمه الله ـ وهو (شيشاني من اصل اردني)، وذكر في نهاية الرسالة ان هذه الارض تختلف عن باقي الاراضي الاخرى التي جاهدت فيها، حيث يعتبر الداخل اليها مفقودا والخارج مولودا.

* وماذا فعل بعد تسلمه الرسالة؟
ـ جرت العادة لديه انه يرسم خريطة حول كل منطقة يريد العمل فيها سواء من جهة الاماكن او الطبائع او العادات او الاشخاص، ولما ذهب الى الشيشان لم يكن يعرف حقيقة هذه المنطقة، فجعل من نفسه مراسلا تلفزيونيا يمر بين الناس ـ ساعدته على ذلك اجادته التحدث بأربع لغات، العربية، الروسية، الانجليزية، والبوشتو ـ فأخذ يعمل لقاءات تلفزيونية مع الناس، ويلقي عليهم الاسئلة، ويتحسس المعاني المهمة في اجوبتهم، وقد قابل شامل باساييف بهذه الطريقة. وفي احد الايام التقى عجوزا كانت هي نقطة التحول التي جعلته يقرر خوض غمار هذه المعركة.

* وكيف ذلك؟
ـ اثناء لقائه بالشيشانيين التقى سيدة طاعنة في السن، فسألها ماذا تريدون من قتال الروس؟ فقالت له بلغة الواثقة، نريد ان نخرجهم من اراضينا حتى يرجع الينا الاسلام، فسألها هل عندك شيء تقدمينه للجهاد؟ فقالت وقد كُسر خاطرها: ليس عندي سوى هذا الجاكيت (المعطف) اجعله في سبيل الله، فأخذ خطاب يبكي بشدة وتبتل لحيته بدموعه.

* ما هو منهجه في القتال؟
ـ لم يكن خطاب ـ رحمه الله ـ يقاتل بأسلوب عشوائي، او يجاهد انطلاقا من عاطفة غير موزونة، بل كان ينطلق من ثوابت واضحة واكيدة استمدها من كتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وتعلمها من اخوانه المجاهدين الذين التقاهم عبر اربعة عشر عاما من الجهاد المتواصل.

* وما هي هذه الثوابت؟
ـ اولاً: الجهاد ليس مرتبطا بحياة القائد.
ثانياً: الجهاد هدفه الاول اقامة شرع الله عز وجل.
ثالثاً: لا سبيل للتفاوض مع اعداء الله.
رابعاً: لا انتهاء للحرب الا بأن يزال الضرر الواقع على المسلمين.
خامساً: القيادة ليست منصباً مريحاً، ولا تعني الأمان او الابتعاد عن اوجه الخطر.
سادساً: وحدة الصف هي دعامة اساسية في مواجهة عدو غاشم كالروس.
سابعاً: لا ينبغي للقائد ان يصاب باليأس او القنوط من رحمة الله تعالى.
ثامناً: الرفق بالمدنيين والحرص على سلامتهم.

* كيف كانت علاقته مع الشيشانيين؟
ـ بالرغم من حزمه وشدته مع جنوده، الا انه كان محبوباً لديهم، ودعني اعطيك مثالاً على ذلك: صدق ان انضمت له مجموعة مكونة من 90 رجلاً من طلاب الشيخ فتحي الشيشاني، فصرف اولاً منها 15 رجلاً ثم صرف ايضا 15 رجلاً، وبقي معي ستون، وقد حذره بعض الاخوة من قضية الطرد لأن الشيشانيين عندهم حمية، فلو ذهب بعضهم فاحتمال كبير ان يلحق بهم الآخرون.
وفي احد الايام نامت المجموعة الاساسية وبقيت اخرى للحراسة، ولما صحا خطاب وجد فرقة الحراسة نائمة ايضا، حيث كانت ليلة باردة، فطلب منهم ان يخلعوا اخفافهم، ثم طلب منهم السير الى النهر، وكان العشب من شدة البرد كأنه عيدان يابسة، ثم ساروا معه حتى كادوا يهلكوا من شدة البرد، فلما وصلوا للنهر طلب منهم ان يدخلوا اقدامهم فيه تأديباً لهم، وبعد فترة امرهم بالخروج من الماء، وقد تجمدت اقدامهم حتى ان بعضهم سقط على ركبتيه من الاعياء والألم، وارتفعت اصواتهم عليه حتى انهم هددوه بالخروج وتركه، فقال لهم لا مانع لدي، حتى لو لم يبق معي احد مع انه كان يخشى من ذهابهم، ولكن يسر الله وبقي الستون جميعا، وهم الآن قادة السرايا ومن خيرة الجنود.

* وماذا عن منهجه في افغانستان وتاجيكستان؟
ـ لا يختلف كليا عما كان عليه في الشيشان، حيث لم نسمع انه تقاتل مع احد الأفغان لخلاف عقدي بالرغم من انتشار التصوف فيها، وكذلك في تاجيكستان التي تنتشر فيها الصوفية بكثرة.

* ما المنهج السياسي الذي تبناه؟
ـ يعتبر خطاب من القادة المتشبعين بالفكر السياسي حيث استطاع ان يحفظ الجهاد الشيشاني، بل وان يقدم له الانتصارات العسكرية المهمة، وتظهر هذه الحنكة حينما اصر على عدة نقاط:
* كان يرفض فكرة تدويل القضية الشيشانية.

* محاربة اي تدخل للامم المتحدة في شؤون هذه الجمهورية.

* عدم استعداء الدول الاسلامية ضده.

* استطاع ضبط رفاقه بعدم التعدي على الدول الاسلامية وغير الاسلامية غير المعنية بالنزاع.

* جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين مع انه اكثر شخص مؤهل لها.

* توسيع محيط الرقعة الجهادية من خلال وضع مجلس واحد لداغستان والشيشان.

* احيا حب الجهاد والاستقلال في نفوس الشعوب المسلمة في اسيا الوسطى.

* كان يكره الالتحام مع المخالفين ممن ينتسبون الى الاسلام حتى لا ينشغل المسلمون عن عدوهم المشترك.

* ما الرؤية التي كونها عن الجهاد؟
ـ بعد مضي نحو خمسة عشر عاما تقريبا قضاها خطاب في جهاد متواصل، تكونت لديه رؤية واضحة للجهاد في سبيل الله، يمكن سردها في النقاط التالية: اولا: الجهاد ذروة سنام الاسلام، وله اهدافه التي لا ينبغي ان يحيد عنها المجاهدون.
ثانيا: يوقن تماما ان النصر في هذه المعركة الشرسة مع الروس ثاني اقوى دولة في العالم، انما يكون بتوفيق الله سبحانه وتعالى، وبقوة الايمان واليقين.
ثالثا: الحرب التي يخوضها العالم الغربي، وروسيا، انما هي في مجملها حرب ضد الاسلام، مهما اختلفت المسميات.
رابعا: يعلم خطاب جيدا في جهاده ضد الروس ان هزيمتهم لن تكون هزيمة عسكرية بالمعنى المفهوم، بل من خلال استغلال اهم نقطة ضعف عندهم.
خامسا: اهم عوامل التفوق وارباك العدو، هو عدم وجود اي منشآت حيوية، او مقرات ثابتة للمجاهدين في الشيشان.
سادسا: كان يؤمن بالجهاد من خلال الاعلام، لذلك فهو دائما يصر على تصوير كل عملياته.
سابعا: النصر في المعركة بين المجاهدين والروس، له علامات خاصة، وتحتاج الى صبر طويل.

* ما امنياته؟
ـ يمكنني ان اقول انه بحث طوال 14 عاما عن الشهادة، حيث لم يجدها في افغانستان رغم بحثه المضني ومحاولاته الدؤوبة لنيلها، فالتمسها في تاجيكستان ولم ينلها ايضا، فلم ييأس فغادر الى الشيشان وما زال يبحث عنها حتى بلغه الله مراده.

* وما ابرز محطاته؟
ـ حقيقة لم تكن رحلة الموت او البحث عن الشهادة مفروشة بالورود، وانما هي جراحات ومعاناة وبطولات ادهشت الابطال انفسهم قبل ان تدهش الروس الذين ربما سيبقون مدة طويلة غير مصدقين ان تغتال يد الغدر هذا البطل الذي اذاقهم الموت والذل سنوات طويلة.

* بدأ رحمه الله منذ اربعة عشر عاما في افغانستان وكان ذلك عام 1988، وحضر اغلب العمليات الكبرى في الجهاد الافغاني، ومن ضمنها فتح جلال اباد وخوست وفتح كابل عام 1993.

* بعد هزيمة السوفيات وانسحابهم من افغانستان، انتقل ومجموعة مكونة من 8 اشخاص الى تاجيكستان لاستئناف الجهاد هناك، ومكثوا هناك سنتين يقاتلون الروس في الجبال المغطاة بالثلوج ينقصهم الذخائر والسلاح.

* بعد سنتين من الجهاد في تاجيكستان عاد خطاب ومجموعته الصغيرة الى افغانستان في بداية عام 1995 وكان في هذا الوقت بداية الحرب في الشيشان.

* في ربيع 1995 رحل من افغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة الى الشيشان ومضى فيها اربع سنوات.

* في 16 ابريل 1996 قاد عملية كمين (شاتوي) مع مجموعة مكونة من 50 مجاهدا، وفيها هاجموا وقضوا على طابور روسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان، وقد قتل في هذه الغارة نحو 223 عسكريا من ضمهم 26 ضابطا كبيرا، ودمرت الخمسون سيارة بالكامل، ونتج عن هذه العملية اقالة ثلاثة جنرالات، وقد اعلن الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين بنفسه عن هذه العملية للبرلمان الروسي.

* بعدها بشهور نفذت نفس المجموعة عملية هجوم على معسكر روسي نتج عنه تدمير طائرة هليكوبتر بصاروخ AT-3 Sager المضاد للدبابات، ومرة اخرى تم تصوير العملية بالكامل على شروط للفيديو.

* شاركت مجموعة من مقاتليه في هجوم غروزني الشهير في اغسطس 1996 الذي قاده القائد الشيشاني شامل باساييف.

* ظهر اسمه مرة اخرى على الساحة في 22 ديسمبر 1997 عندما قاد مجموعة مكونة من مائة مجاهد شيشاني وغير شيشاني، وهاجموا داخل الاراضي الروسية، وعلى عمق 100 كيلومتر من القيادة العامة للواء 136 الالي ودمروا 300 سيارة، وقتلوا العديد من الجنود الروس.

* في خريف 1996 وتزامنا مع انسحاب القوات الروسية من الشيشان، اصبح خطاب بطلا في الشيشان، وقد منح هناك ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية، كما منح ايضا رتبة لواء في حفل حضره شامل باساييف وسلمان رودييف، وقبل مقتل جوهر دوداييف كان يحظى لديه باحترام كبير.

* بالرغم من نضاله طوال 14 عاما الا انه قتل مغدورا.. كيف ترون ذلك؟
ـ كان رحمه الله يؤمن ايمانا راسخا ان اجله سوف ينتهي في الوقت الذي كتبه الله له لا يتقدم لحظة ولا يتأخر لحظة، وقد نجا من محاولات عديدة لاغتياله اقربها عند قيادته لشاحنة روسية كبيرة انفجرت واصبحت حطاما ومات من كان بجانبه وهو لم يصب بخدش.

* ما هي ملابسات الاغتيال؟
ـ لقد اختلفت الروايات حول قضية اغتياله، وان كانت لا تخلو من ان قتله كان غدرا على يد واحد من اولئك الخونة المنافقين ممن وثق بهم خطاب رحمه الله وقربه منه، حيث سلمه رسالة مسمومة مات على اثرها رحمه الله، او انه تجرع السم في طعامه او مشربه.

* وكيف ذلك؟
ـ كان احد القادة الميدانيين العرب قبل اسبوعين قد ارسل رسولا الى القائد خطاب يحمل اليه رسالة خطية وفي وسط الطريق ارسل خطاب رسولا من عنده ليتسلم الرسالة، ولكن ذلك الرسول الذي من عند خطاب كان خائنا فوضع سما في الرسالة وفور تسلم القائد خطاب لها وملامسة السم ليده لم يلبث سوى خمس دقائق وفاضت روحه.

* ومتى كان ذلك؟
ـ منذ اكثر من اسبوعين.

* وما هي الرواية الثانية؟
ـ اجمالا كان قتله من خلال دس السم في طعامه غدرا، وقد ذكرت بعض الجهات الخاصة ان ذلك كان منذ نحو 32 يوما تقريبا وليس اسبوعين، حيث وضع السم له بينما كان يتناول طعام الغداء في دعوة خاصة.

* لماذا لم يعلن عن مقتله في وقته؟
ـ لقد رأى القادة ان يتكتموا خبر استشهاده لمصلحة الجهاد ولحين ترتيب الاوضاع.

* وكيف وصل الشريط الذي صور فيه وهو ميت للروس؟
ـ في البداية قام المجاهدون بتصوير خطاب وهو ميت، وتم ارسال التسجيل مع احد المجاهدين للقائد ابي الوليد، وفي الطريق تم اغتيال الرسول وبالتالي وقع الشريط في ايدي القوات الروسية، التي بادرت الى نشر الشريط.


موفق النويصر- الشرق الاوسط

اطيب الامنيات

موودي

العودة إلى “المقالات والشعر العامِّي”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 34 زائراً