منـــــازل الشعـــــر

الشعر العمودي - شعر التفعيلة

المشرفون: مجدي، موودي

ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-01-2002 12:08 AM

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=


(21) أساليب لغوية



<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
(1) أبَيْتَ اللَّعْنَ:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=

من الأساليب العربية القديمة جداً عند العرب، استعملوه كثيراً في جاهليتهم، في النثر والشعر، وكانوا يقولونه لملوكهم، أو لذوي الشأن والزعماء منهم. وقال النابغة الذبياني في بعض اعتذارياته للملك النعمان:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=

أتاني – أبَيْتَ اللعن – أنك لمتني
وتلك التي أهتم منها وأنصب

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وقال في اعتذارية أخرى:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=

أتاني – أبيت اللعن أنك لمتني
وتلك التي تَسْتًكُّ منها المسامع

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
معناه واستعماله: هذا الأسلوب تحية خاصة بالملوك عند قبائل العرب. ومعنى (أبَيْت اللعن): أي أبيت أيها الملك أن تأتي ما تُلْعَنُ عليه من الفعل والقول. قال الزمخشري: ومن المجاز (أبيت اللعن)، وهي تحية الملوك في الجاهلية، أي لا فعلت ما تستوجب به اللعن.


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
(2) أذكَرَتْ وأيْسَرَتْ:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هذا أسلوب من أساليب الدعاء للمرأة الحامل بأن تلد ذكراً، وأن تكون ولادتها يسيرة دون أن تلقى التعب فيها والعَنَت.


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
(3) استأصل الله شأفتهم:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هذا الأسلوب من أساليب العرب العريقة في الدعاء على الأعداء بالهلاك، لم يُسمع به قبل الإسلام، فهو من الأساليب المستحدثة بعد الإسلام. معناه: الدعاء على القوم بأن يستأصلهم الله ويُذهبهم ويهلكهم.

والشأفة عند أهل اللغة لها معانٍ كثيرة:
فالشأفة: القرحة تخرج في القدم، أو ورم يكون في اليد والقدم، وهذه القلاحة تكوى فتذهب، فيقال: أذهبهم الله كما أذهب الشأفة بالكيِّ، وهو دعاء عليهم بالهلاك.
وقيل: شأفة الرجل أهله وماله، ويكون الدعاء عليهم عندئذ بهلاك أهليهم وأموالهم.


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
(4) استفلحي بأمرك:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
من أساليب الطلاق عند العرب في الجاهلية قول الرجل لزوجته: (استفلحي بأمرك ) فتطلق، قال ذلك ابن منظور.
وجاء الإسلام فأقر هذا الأسلوب وأبقاه، لذا نجده عند الفقهاء يذكر بين الألفاظ التي يقع بها الطلاق.
صورةصورة صورة
صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-01-2002 12:23 AM

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=


(22) سيرة شعرية:
من مجلة مساء
للكاتب عبد الله بن خضر الغامدي (أبها)


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
من أنت؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
أنا العبد الذي كسب الذنوبا
وغرته الأماني أن يتوبا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
ما حقيقتك؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يظن الناس بي خيراً وإني
لشر الناس إن لم تعف عني


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
ما جنسيتك؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
أنا مسلم لا أعرف النسبا
وسواي يصرخ يبتغي العربا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
ما مهنتك؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم (للمعلم) وفه التبجيلا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
وأين تسكن؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
سل الجبال بأي أرض الله غدا
تجبك (أبها) ويروي السهل والجبلا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
وما هوايتك؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
و(الشعر) إن لم يكن ذكرى وموعظة
أو حكمة فهو تقطيع وأوزان


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
الحالة الإجتماعية؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
و(زوجة) منحتني كل ما ملكت
من خالص الحب تحنناً وإيثار


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
ماذا تعني لك هذه الكلمات؟


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
مكة:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
قد يهون العمر إلا ساعة وتهون الأرض إلا موضعا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
الأمة الإسلامية:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وفوق أرصفة الأحزان أرملة
لم تلق في حالك الأيام (معتصماً)


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
الصحابة:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الله يشهد ما قلبت سيرتهم
يوما وأخطأ دمع العين مجراه


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
الحب:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
إن تهتكي سر السراب وجدته
حلم الرمال الهاجعات على الظما


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
الدمع:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وليس الذي يجري من العين ماؤها
ولكنها روح تذوب فتقطر


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
المتكبر:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
نسي الطين ساعة أنه طين
حقير، فصال تيها، وعربد


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
المتشائم:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئاً جميلا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=purple face=
وفي الختام ما نصيحتك؟
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
خذ ما أردت من الدنيا وأهلها
لكن تعلم قليلاً.. كيف تعطيها
صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-01-2002 02:15 AM

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=


(23) أضواء على شعر نزار قباني:


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
يعتبر نزار قباني من أكثر الشعراء العرب شعبية وشهرة وانتشارا ومن أكثرهم تأثيرا في وجدان مواطنيه، ادهش العقل والقلب العربي وتأرجح بهما طويلا من المحيط إلى الخليج ، تميز شعره العاطفي والسياسي بالصدق والعنف والتوتر العالي، لا يقسم الكلمة ولا الحقيقة إلى نصفين، كسر جدار الخوف بين الشعر والناس من خلال اختراعه لغة خاصة به تقترب من لغة الحوار اليومي واتجه بشعره لجميع طبقات الشعب العربي، وهو أول من أمم الشعر وجعله شعبيا في متناول كل الناس وكافة الطبقات، كسر حجرية القاموس وتكلم بلغة الحديث اليومي، حتى صار ت القصيدة تصل إلى كل الناس كالجريدة اليومية، وكان من شعراء الوعي العام ،حول الشعر إلى قيمة عامة دون أن يقلل من مستواه، وبعث الحياة في ما هو مهمل من الكلمات، وضع في أول مجموعاته الشعرية (قالت لي السمراء) حجر الأساس لإمبراطورية الشعر، صورها نموذجا لجمال الشعر العربي المعاصر، صورا مبتكرة بعيدة عن طلاسم اللغة القديمة،كلماتها بسيطة يقرؤها الكبير والصغير، ويتذوقها المختص والرجل العادي، وتحفظها المراهقة والمرأة الناضجة، لا تستعصي على أحد، وتحقق بطريقتها الخاصة العلاقة الناجحة التي يطمح إليها كل الشعراء، بين الشعر والجماهير تصل للناس دون أن تتنازل شعريا، ودون أن تتعالى عليهم في الوقت نفسه، شعره من السهل الممتنع، الرقيق الغاضب، غير في شكل القصيدة واستحدث قاموسا جديدا في اللغة ومنحها جرأة في التعبير من خلال كسر المحرمات على مستوى المفردات والكلمات والتعبيرات، وكان يرى في الشعر حضارة ولكي تدخل عصر الحضارة ،عليك أن تملك تراث الانسانية ولابد أن تسبق عصرك إذا طمحت إلى إبداع آثار تستحق الثناء.


نفى نزار عن نفسه تهمة الانتماء ليريح مصنفيه،متعاليا فوق الوصف والتصنيف ومعلنا انه متحرر من قيود الالتزام وانه حر يلبس اللغة التي يشاء في الوقت الذي يشاء، يقول في قصيدته النثرية التي افتتح بها ديوانه(هل تسمعين صهيل أحزاني) وأطلق عليها تسمية- سيرة ذاتية قصيرة- لا تتعبوا أنفسكم في تصنيفي، إنني شاعر خارج التصنيف ... وخارج الوصف والمواصفات فلا أنا تقليدي، ولا انا حد اثوي، ولاانا كلاسيكي ولاانا نيو كلاسيكي، ولاانا مستقبلي، ولاانا انطباعي أو تكعيبي أو سريالي، إنني خلطة لا يستطيع أي مختبر أن يحللها، إنني خلطة حرية..


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
شعره السياسي و الوطني:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
احب نزار قباني العروبة، واصبح الشعر على يديه خبزا يوميا وقماشا شعبيا يرتديه /150/مليون عربي ،تناول في شعره السياسي قضايا الوطن الكبرى، فكان شاعر الوطن الذي حين أدمته خناجر الهزيمة وجد في حنجرته أول صوت يصرخ واول الناهضين من تحت الركام، وواحدا من الكبار الذين هزوا وجدان الأمة العربية بعد نكسة يونيو 1967، بقصيدة -هوامش على دفتر النكسة- التي اتسمت بنقد ذاتي جارح للتقصير العربي.


وفي انتفاضة ثورة الحجارة الأولى في الأرض المحتلة قال مقولته في ثلاثية أطفال الحجارة وهي تضم ثلاث قصائد أطفال الحجارة الغاضبون، دكتوراه شرف في كيمياء الحجارة، إن القصائد الثلاث كتبها أطفال الحجارة بأصابعهم الصغيرة ولم اكتبها أنا، هم الذين كتبوا، وهم الذين ألفوا، وهم الذين نزفوا، وهم الذين أمروني فأطعت، وحرضوني فصرخت، ولابد لنا من الاعتراف أن أسياد الأدب العربي في هذه المرحلة هم أطفال الحجارة، فهم الذين بعثروا أوراقنا، ودلقوا الحبر على ثيابنا وطردونا من وراء مكاتبنا المكيفة الهواء.


ولو كتبت الحياة له و شهد نزار قباني يوميات انتفاضة الأقصى الباسلة لكتب مرة ثانية وثالثة ما كتب عن تلك الانتفاضة التي ستظل تشتعل كلما حاول الصهاينة إخمادها، وما تزال فلسطين الجريحة تقدم مواكب الشهداء يوميا حتى يستعيد الفلسطينيون حقوقهم المشروعة، ولتعود القدس إلى الحضن العربي

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
يرمي حجرا أو حجرين
يقطع أفعى إسرائيل إلى نصفين
يمضغ لحم الدبابات
ويأتينا...
من غير يدين
يرمي حجرا
يبدأ وجه فلسطين
يتشكل مثل قصيدة شعر
يرمي الحجر الثاني
تطفو عكا فوق الماء..قصيدة شعر
يرمي الحجر الثالث
تطلع رام الله بنفسجة من ليل القهر
يرمي الحجر العاشر يظهر نور الفجر


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وعن المسيرة السلمية كان يقول: انه كشاعر مع سلام متكافئ يعيد اسرائيل إلى حجمها الطبيعي كما كانت في 4 يونيو 1967 ويجردها من مستعمراتها ومخزونها النووي.. ومخططاتها التوسعية... التي تريد استعمارنا من النيل إلى الفرات.


أما شعره الوطني فكان لدمشق مسقط رأس ومعشوقته الأولى، دمشق التي عاد إليها أخيرا ليسكن في جنتها إلى الأبد ولينام في حضنها قرير العين مسندا رأسه المتعب على صدر قاسيون الأشم، ولتحتضن الشام جسده كما تحتضن الأرض الياسمين، دمشق التي حزنت عليه كما تحزن الام على وحيدها، وهي التي احتلت المكانة المتميزة في شعره، وصفها قبل رحيله بأيام بأنها هي أمي وأم مكارم الأخلاق وأم العطاء والمروءات وسؤالها عني ليس غريبا لأنني نزلت من رحمها ورضعت من حليبها وظلت حاضرة في شعره حضورا منقطع النظير: حضور دمشق في شعري حضور خطير، حتى إن لغتي مشبعة بما اسميه الأبجدية المائية الدمشقية، إنها دمشق السبعة لا تسير بالأرض الدمشقية فقط،بل بمفاصل شعري أيضا.


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
المرأة في شعر نزار قباني:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
رست مراكب الحب في قلب نزار وتحول شطان الحبيبات إلى مرافئ لمراكب الشاعر المبحرة إلى كل قلب.. كتب في المرأة ما لم يكتب، ورأى فيها وجوده، ونده وخاطبها ببعدها الانساني ووجودها الحضاري... وتعامل مع كيانها الأنثوي بقدسية وخصوصية نابعة عن قناعة وإيمان، وهو الذي خبر الحياة وجاب بلدانا لا تحصى، والمرأة عند نزار هي الولادة على الدوام، وهي غير المرئية والمرئية، هي الام والحبيبة والعشيقة، يرى في الحب وجه وطن الغد، وفي الغزل أعطى نزار المرأة من حشاشة قلبه ونور عينيه وخفقات قلبه الشيء الكثير ورسم عشقه على الورق والصقه على كل الجدران، ومنحها حريتها المستلبة، وفتح وعيها على حقوقها الطبيعية في الحياة والحب والحرية، وشعرت المرأة بقصائده بأنها كائن حر بديع، وبأنها مصدر جمال الكون وسيدته المستبدة:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
أي انقلاب سوف يحدث في حياتي؟
لو اعشق امرأة تكون بمستواك
أي انقلاب سوف يحدث
- لو احبك -
في نظام الكائنات
أي ارتجاج في ضمير الكون
لو مرت على رأسي يداك
لو مثلك امرأة ...تكون حبيبتي
ماذا سيحدث في الطبيعة من عجائب
ماذا سيحدث للبحار وللمراكب ماذا سيحدث للكواكب


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
والحب عنده براءة وطهارة، والإنسان هو الذي شوهه وجعله على صورة حيوان مفترس، وكان يقول احب أن اخلص الحب من كل الأحكام العرفية


اتهمه النقاد بان المرأة في شعره ليست قضية وأنها مجرد هوية للعبور إلى الجماهير، والاستيلاء على انبهار الناس وكان يرد على التهم بان المرأة عنده ارض خصبة ووسيلة من وسائل التطوير والتحرير، ويربط قضيتها بقضية التحرير الاجتماعي للرجل وللحرية على السواء، كان يريد من المرأة الشرقية الخروج من قوقعتها لتكون امرأة تعطي وتمنح وتقف مع الرجل ولا تستتر خلفه ويريدها أن تكسر وتدمر عالم الجواري وتتوازن مع العصر وكان يكرر في مقابلاته انه:حول المرأة في شعره من ذبيحة، من منسف يؤكل بالأصابع، إلى زهرة فواحة في حديقة المجتمع.


وفي الثمانينات وصل إلى قناعة بان المرأة العربية تغيرت وغيرته معها حيث صارت اشد ذكاء وحبي لها صار اكثر حضارة وتغيرت مواقف الفتيات الجامعيات العربيات، ورؤيتهن للحياة..الدبلوم هو خطوة على طريق الحرية، وليس كل الحرية ،والثقافة التي تتلقاها الفتاة في الجامعة، لن تكون ذات جدوى مالم تقترن بالمواجهة، والتحدي.


نجح نزار قباني في توأمة الحب والمرأة فجمعهما في واحد كتب عنه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في كتابه (أوراق خاصة) محللا العلاقة الملتبسة بين المبدع والمرأة. الشاعر نزار قباني ينظم الشعر بعينيه لا بقلبه، فهو مصور، أشعاره لوحات جميلة بأسلوب جذاب بسيط ورشيق،انه عندما ينظم بلسان المرأة فانه يرى مشاكلها ويرقبها بدقة يصورها نظما، لانه يحس بإحساس المرأة بصدق.


يصف نزار المرأة المثقفة بأنها هي التي تستطيع أن تدخل في حوار شمولي ولمدة ساعات مع الرجل، دون أن تشهر في وجهه أسلحتها التقليدية من جفون ناعسة، واظافر حادة.. وتنانير فلكلورية وخواتم مشكوكة في أصابعها.


المرأة المثقفة هي التي لا تتصرف كجارية، أما الرجل المثقف برأيه هو الذي يحاول أن يربح ثقة المرأة التي يجلس معها بما يحمل في رأسه من أفكار جديدة ومشاهدات وقراءات متنوعة .. لابما يحمل في جيبه من عملات صعبة وشيكات سياحية، وهو الذي لا يتصرف كثري حرب.


المرأة الأولى التي تعلق بها نزار كانت أمه، ولم يخفف من هذا التعلق بها تقدمه في السن، أثرت في إبداعه الأدبي، اخذ منها مخزونها الفلكلوري الحافل بفيض من ذكرياتها عن عمها أبي خليل القباني، مبدع المسرح في مصر والشام الذي ابتكر صيغة فنية جديدة لم يسبقه إليها أحد، وبقيت صورة أمه في مخيلته بوجهها الطيب وابتسامتها الحانية ولمستها الدافئة، مصدر الهام له وقد كتب عند وفاتها عام 1976: بموت أمي يسقط أخر قميص صوف أغطي به جسدي أخر قميص حنان، آخر مظلة مطر، وفي الشتاء القادم ستجدونني أتجول في الشوارع عاريا.

أمي يا حبيبتي يا فائزة قولي للملائكة الذين كلفتهم بحراستي خمسين عاما أن لا يتركونني لأنني أخاف أن أنام وحدي.


المرأة كانت مرفأ من المرافئ التي رسا فيها نزار قباني،ولم تكن أبدا كل تلك المرافئ... والمرأة عنده هي السبب الذي من اجله تدور الأرض، واما المرأة التي تستهويه اكثر من سواها فتلك التي تحرضه على كتابة الشعر والتي يكتب لها... تلك التي تكسر كل ألواح الزجاج في قلبه وتمضي.. المرأة الحزينة هي افضل ارض لاستنبات الشعر، والمرأة المزهوة الضاحكة هي افضل ارض لاستنبات الأطفال، كما كانت نظراته للمرأة مبعثرة في اكثر من ثلاثة آلاف قصيدة.. ولو كان شعري عائدا لامرأة واحدة... لكتبت قصيدة واحدة واستقلت من مملكة الشعر..

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
كانت المرأة منذ خمسين عاما حبيبتي
ولاتزال حبيبتي
إلا أنني أضفت ضرة جديدة
اسمها الوطن


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
احب نزار قباني بلقيس التي لم تكن بالنسبة له مجرد امرأة وزوجة،بل امرأة استثنائية بكل المقاييس وكان رحيلها جزءا من تعب القلب الذي حمله صامتا، وفجرت بموتها أحاسيس الألم والحزن داخله بقصيدته ـ بلقيس :

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
عندما تموت امرأة جميلة
تفقد الأرض توازنها
ويعلن القمر الحداد لمائة عام
ويصبح الشعر عاطلا عن العمل
لم تكن تعترف بأوساط الحلول
حضورها كان استثنائيا
وحديثها كان استثنائيا
وشعرها الذي يسافر في كل الدنيا
كان حادثا استثنائيا
لذلك كان موتها استثنائيا مثلها
ما كان لهذه المرأة أن تعيش اكثر
ولا كانت تتمنى أن تعيش اكثر
فهي من فصيلة الشموع والقناديل
وهي كاللحظة الشعرية
لابد لها أن تنفجر...قبل آخر السطر
والوطن أو المرأة...هي فاطم وزينب وبيروت وقرطبة والشام...أسماء مدن واسماء نساء دخلن النضج والحزن معه.


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
المدن عند نزار قباني:
<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
للوطن والمدن هامش كبير في شعر نزار قباني، ،فدمشق هي المحبوبة الأولى والأخيرة، كتب لها اجمل اللوحات الشعرية العذبة، من قصيدة -موال دمشقي-نقتطف الأبيات العذبة التالية:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
يا شام يا شامة الدنيا،ووردتها
يامن بحسنك أوجعت الازميلا

وددت لو زرعوني فيك مئذنة
أو علقوني على الأبواب قنديلا

يا بلدة السبعة الأنهار ...يا بلدي
ويا قميصا بزهر الخوخ مشغولا

يا شام ان كنت اخفي ما أكابده
فاجمل الحب حب-بعد- ما قيلا


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
أما ارض الكنانة ... مصر فكان يحبها أيضا لدرجة العشق، أنا ومصر توأمان من توائم العشق والشعر والحرية وكل محاولة للفصل بيني وبينها محاولة مستحيلة، هكذا كانت مصر منذ خلقها الله جسدا معجونا بالورد والنار والياقوت والتوابل والأمطار الاستوائية كما كان رفيقا لمدينة بيروت الفاتنة.


تغنى المغنون والمطربون بقصائد نزار الرائعة،وكانوا أعلاما في عالم الطرب والغناء, وارسوا دعائم الأغنية العربية وموسيقاها العذبة وكلماتها الطنانة الرنانة، منها قصيدة -أيظن- التي لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب،وغنتها المطربة -نجاة الصغيرة-وقصيدتان غناهما العندليب الأسمر -عبد الحليم حافظ-هما:قارئة الفنجان-رسالة من تحت الماء، وعدة أغان غناها كاظم الساهر.


نزار قباني مدرسة شعرية فريدة من نوعها عربيا وعالميا، وما كان يوما ظاهرة شعرية أو شاعرا عابرا، احدث في لغة الشعر-ثورة نزارية-وكان شعره وسيبقى موجودا في عيون الناس وفي أصواتهم وفي عروقهم ودموعهم وضحكاتهم، وبرحيله تفقد القصيدة المعاصرة أحد أعمدتها الكبار، فقد كان شاعرا متجددا ومجددا، تغنى بالمرأة ونقل هموم الوطن، وترك عددا كبيرا من الدواوين الشعرية المتميزة والكتابات النثرية التي كان ينشرها في كبريات الصحف والمجلات العربية، وبرحيله تفقد دمشق باقة من الياسمين كانت تزين صدرها المتلالىء، ونحاتا من نوع نادر نحت قصائده بمشاعره الصادقة.
صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-01-2002 01:09 PM

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=


(24) ماهو الحب؟

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
الحب رحقيا تلذذ به الحياة .. الحب تاجا نتقلد به ..
الحب شموخا وعزة واحترام .. الحب همسا يتهادي مع الوجدان ... الحب دما يسري في الشريان ...
الحب نسمه تتداعب الاعماق .. الحب ريشة فنان يلون بها مساحات المشاعر والوجدان ..
الحب خاطره تكتب على ارض الشعور والاشواق ..
الحب اغنيه يشدوا بها العشاق
الحب عذاب ومن الحب ما قتل جملتان معروفتان وفي غاية الصحة ولا يبصم تحتهما إلا أولئك الذين بلغوا في الآفاق في الصدق الإخلاص والحب الذي لا ينتهي عند حدود الذات والنابع من القلب إلى القلب ليس أولئك الذين يدعون الحب لمجرد كلمات عاطفية بعيدة عن ارض الواقع أو أولئك الذين يدعون الحب عن طريق الفن أو الذين يدعون الحب عن طريق أشعارهم التي تملا صفحات المجلات والصحف وهنا أتكلم عن البعض وليس الكل واقصد الذين يعتبرون الحب نوعاً من التسلية والترفيه وأحيانا نوعاً من المعاناة البسيطة.

بل المحبون الحقيقيون هم الذين شقوا في هذه الحياة ومروا بمعاناة وعذاب مستمر لقد جرى على تاريخ الإنسانية أناس كثيرون ضحوا بحياتهم وأموالهم من اجل الحب والوصول إلى الحبيب.
وهاهو قيس بن الملوح دخل الحياة بحب ليلى وهو صغيراً وخرج منها بحب ليلى معذباً مقهورا وكانت ليلى هي الثانية أيضا معذبه بحب قيس وكانا يلتقيان وهما صغيران ويتبادلان المشاعر والعواطف والأحاسيس.

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=
تعلقت بليلى وهـي ذات ذوائبه
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى ألبهم يا ليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر ألبهم

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وأصبحت قصتهما أسطورة تتناقلها الألسن والأقلام إلى يومنا هذا والذي اصبح فيه الحب عملة نادرة.

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد ما كنا نطفا وفي المهد

فزاد كما زدنا فاصبح نامي
وليس إذا متنا بمنصرم العهد

ولكنه باقي على كل حادث
وزائرنا في ظلمة القبر واللحد

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وعاش الاثنان حياة بائسة سوداوية قاتمة مثل ظلام الليل الدامس وحرما الالتقاء وهو من اشد أنواع الحرمان حينما يحرم الإنسان من حبه وعاطفته التي لا يستطيع تفرغها إلا عند من يحب ويهوى.

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=
أرى كل معشوقين غيري وغيرها
يلذان في الدنيا ويغتبطان

وامشي وتمشي في البلاد كأننا
أسيران للأعـداء مـرتهنان

يعيشان في الدنيا غريبين أينما
أقاما وفي الأعوام يلتقيان

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ومن جراء ذلك الحرمان اصبح قيس يتخبط في العراء حتى أطلق عليه المجنون

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=
قد صرت مجنوناً من الحب هائماً
كأني عان في قيود وثيق

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
وزادت مأساته حينما أجبرت ليلى بالاقتران من غيره وعاش ذلك المسكين محروماً من فطرته وأمنيته حتى لفظ أنفاسه ألا خيره.

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=orange face=
فلا تعدلوا بل إن هلكت ترحموا
علي ففقد النفس ليس يعوق

وخطوا على قبري إذا مت اسطرا
قتيل لحاظا مات وهـو عشيق

إلى الله أشكو ما ألاقى من الهوى
بليلى ففي قلبي جوى وحريق

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
انه عذاب الحب الحقيقي والكبت العاطفي والنفسي, ولست مع الذين يعتقدون أن الحب ينتهي ويموت بعد مرحلة الشباب بل على العكس الحب الصادق يزداد رسوخاً وثباتاً وتمتد جذوره في الأعماق ويبقى ما بقيت هناك حياة شريطة أن يكون متبادلاً من الطرفين بصدق إخلاص.
صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-02-2002 12:21 PM

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=


(25) قراءة مجنونة لـ (قصائد ضاحكة!)


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
خلق الموقف الضاحك امتياز لفئة من الناس، إنه إبداع متميز ينفرد به ظرفاء قلائل، وأكيد نذكر (نعيمان) صاحب رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- الذي استطاع بروحه الخفيفة أن يزرع بسمة هاشمية على ثغر سيد العالمين -عليه الصلاة والسلام- فقال فيه: "إنه يدخل الجنة وهو يضحك".

ولعل القدر زج بنعيمان آخر بيننا، بيد أن (ناجي) فاق نعيمان بشاعرية متقدة لا يعروها العدم. (ناجي) في ديوانه (قصائد ضاحكة) لم يكتفِ بزرع ابتسامة كسحابة صيف، فقد خلق صدى يتمطى في جسد القارئ، يدعوه للضحك كلما همّ بالإقلاع عنه، وهذا ناتج عن عمق الفكرة في نصه الشعري، ونقده اللاذع الذي تستتر وراءه الفكرة، فلم يكن هدف (ناجي) من وراء القصيدة الضاحكة قهقهة خرساء تذوي بعيد القصيدة، بل كان الهدف بكاء في صورة الضحك!

باستعراض سريع، وبتأمل خاطف لديوان (قصائد ضاحكة) نقرأ البكاء الضاحك، فمن الظلم أن نتعامل مع قصيدته الضاحكة تعاملاً سطحياً، دونما تعمق في باطن الفكرة المتراقصة في صورة (ناجي) الشعرية بعدسة شاعر يصور لنا تلك (المتصابية):

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
الطيب فيها والخضاب
آثار مرحلـة الشباب!

آلـت بأن يبقى على
شلو كأعواد الثقاب!


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
أثناء استماعك لهذين البيتين ينتابك شعور ببكاء الضحك، فـ(ناجي) لم يصدمك بقصيدة حادة تعتصر ألماً على ما وصلت إليه هذه البلهاء! ولو فعل لانتهى مفعول القصيدة بانتهائها، لكنه يسرب في داخلك غاز الضحك، فيتنامى شعور خفي بالغضب من هذه المرأة التي أرادت أن تسرق زماناً آخر من قدود الصبايا.

في البيتين الأول والثاني تلاحظ الصعود الهرمي للقصيدة، وفي البيتين الثالث والرابع:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
ما تستحين من الـذي
أبقاك من أهل الكتاب؟

تتجملين؟ وشأن مثلك
في التهيء للحسـاب


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ينتقل من الوصف إلى الخطاب، ليصب ماء ناره على حلمها السخيف، إنه التفات رائع، وبهذين البيتين يحقق القمة الهرمية للقصيدة.

أعتقد أن نجاح (ناجي) في (متصابية) لم يكن على مستوى الفكرة فقط بل حقق نجاحاً في الصورة الشعرية، إذ شبه قوام العجوز الممشوق بعود ثقاب، وما أوهن أعواد الثقاب تحت سخرية الأنامل!

ويمارس (ناجي) هواية تحقيق النجاح عندما غرس خنجر غضبه، ويصل بالقصيدة إلى مرحلة الانحدار الهرمي، موظفاً التاريخ في خدمة فكرته:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
لو كان يعلم صاحب
الطوفان أمراً عنه غاب

قسماً لأغلق دونها
يوم السفينة كل باب


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
ونقرأ:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
وصريعة فوق التراب تناوشت
منها العروقَ مراوحُ (النيسانِ)


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
هكذا تدفع دجاجة ثمن التقنية التي يتمتع بها الإنسان، فليست هذه الحادثة التي راحت ضحيتها دجاجة مجرد ابتسامة نمارس ساديتنا عندها، فلم يُرِدْ (ناجي) ذلك، إنه يستعرض إنسان هذا العصر الرديء بكرامته المسحوقة، وهذه الدجاجة لم تكن سوى أداة يستخدمها:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
وتقدّمت زُمر الدجاج وأذّنتْ
في الطـير: أن الذل للمتواني


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
فها هي الحكمة تمرق في جسد القصيدة، لنشعر بوخزها المؤلم وسط ضحكات تصويرية:

<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=blue face=
وبأن فاتحة الخلاص رهينة
بالتضحيات على مدى الأزمان


<DIV =justify><FONT face= Tahoma fontsize=4 color=black face=
فمروق الحكمة بين أعضاء القصيدة الضاحكة صرخة مدوية لواقع مضحك، والحكمة في هذه القصيدة هي الحبل الذي يجرّ سفينة الضحكة إلى مرفأ الواقع.

عزيزي القارئ، قصيدة (ناجي) الضاحكة لا بد أن تُقرأ قراءتين، قراءة للضحك وقراءة للبكاء.. ولنجرب البكاء الضاحك مع (قصائد ضاحكة).
صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-17-2002 01:34 AM






(26) التعميم في شعر الرثاء: (البارودي والعشماوي) ً


لكل زمان مقاله ، ولكل عصر رجاله ، ولقد كان التعميم يوماً ما هو السائد والمرغوب فيه ، خاصّة في شعر الرثاء ، بحجّة أن القصيدة يجب أن تبقى للأبد ، لاتموت بموت قائلها أو المقولة له ،
فمرثيّة المعرّي مثلاً بقيت معلماً للرثاء رغم ذهاب الراثي والمرثي واستطاعت أن تجسّد لنا الحزن العميق الذي عاناه الشاعر بموت مرثيّه ، وكيف أظلمت عليه الدنيا ، واستوى عنده ما فوق الأرض بما تحتها ، حتى لم يعد يفرّق بين الحزن والسرور :

غير مــجد في ملتي واعتقادي
نوح باك ولا تــــرنّم شـــــادي

أبكت تلكم الحـــــمامة أم غنّت
علــــى فرع غصـــــنها الميّاد

صاح هذي قبورنا تملأ الأرض
فأين القــــبور مــــن عهد عاد

خفف الوطء ما أظن أديم الـ . .
أرض إلاّ مـــــن هذه الأجساد

رب لـحد قد صار لحداً مراراً
ضـــاحكاً من تزاحم الأضداد

غير أن الكثير من النقاد أصبح اليوم ينظر إلى التعميم على أنّه نوع مرض في القصيدة ، يفقدها رونقها وشاعريّتها ، ويجعلها أقرب إلى نواح النائحة المستأجرة منه إلى الثكلى .

ولعل المثال يغني عن كثير من المقال ؛ فهذا الشاعر الفذ المعروف محمود سامي البارودي يرثي صديقه عبد الله فكري بهذه الأبيات :

لا بأبــــــــي مــن كان نوراً مجسّدا
يفــيـــــــــض علينا بالنـــعيـم رواؤه

ثوى برهة في الأرض حتّى إذا قضى
لبانته منـــــــــــها دعتــــــه سمــاؤه

ومــــا كان إلا كوكبـــــا حل بالثرى
لوقـــــــت ، فلمــــــا تم شال ضياؤه

نضـــــا عنه أثواب الفناء ، ورفرفت
إلى الفلك الأعـــــــــلى به مضواؤه

فأصـــــــبح في لج من النور سابحاً
سواحــــــــــــله مجهولة وفضــاؤه

تجرّد من غـــــــمد الحوادث ناصعاً
وما الســـــــــيف إلاّ أثره ومضاؤه

فإن يك ولّى فـــــــــــــهو باق بأفقه
كنـــــــــــجم يشوق الناظرين بهاؤه

ولولا اعـــــــــتقادي أنّه في حظيرة
من القدس لا ستولى على الجفن ماؤه

عليــــك ســــــلام من فـــؤاد نزا به
إليـــــــــك نزاع أعجز الطب داؤه

فمرثيّة البارودي هذه قيل عنها : إنها لا تقدّم المرثي بوصفه ذاتاً متفرّدة لها خصوصيّتها وملامحها ، التي تميّزها عن آلاف الذوات الأخرى ، بل تقدّم مجموعة من الصفات العامّة التي يمكن أن تنطبق على أي كائن آخر في الوجود .
ولم يكن من قبيل المصادفة أن البارودي كان قد كتب هذه القصيدة أصلاً في رثاء جمال الدين الأفغاني ، ثم حولها إلى رثاء صديقه عبدالله فكري .
لهذا نجد أن الدكتور العشماوي يتجنّب هذا التعميم عندما يرثى أحمد الزهراني بالقصيدة التالية :

يا أنت . . ما مرّت علينا روضة
في دربنـــــا إلاّ وتذكر أحـــــمدا

نـظر السحاب إليك نظرة معجب
وســـــــقاك ماء المكرمات مبرّدا

ورأيت أبراج الـــمعالي صافحت
كف السماء فصار عزمك مصعدا

أصبـــحت في ثغر الجهاد قصيدة
طـــــــرب الزمان للحنها وتنهّدا

هذي ربا زهــــــران أثمر لوزها
شـــــــغفاً وأينـــع شوقها وتجددا

أحـــــــــييت بالتقوى سعادة قلبها
وغـــــــــدوت فيها بالشهادة سيّدا

والـــــــطائف الولهان شدّ إزاره
فرحــــــــــــاً وأحيا ليله وتهجّدا

يُهدي إليك ســـــــــــلام كل ثنيّة
طربت للحنك حين كنت المنشدا

ويصُــــبّ في كفّيك من أزهاره
عــطراً تجود به أزاهير الهدى

أرأيت أحـــــمد كيف جرّد نفسه
في نــــصرة الحق المبين مهنّدا

ومضى على درب الجهاد مبكّراً
لم تبلغ الــــعشرين منه المقصدا

جعـــــل الشبـــاب مطيّة لجهاده
فشدا بألحـــــــان الجهاد وغرّدا

أرأيت بامــــــير التي فرحت به
فغـــــدت تمد إليه من شوق يدا

وغــدت تقول لكل من في نفسه
كبرٌ ومن ضل الطريق وعربدا

موت الشهــــيد حياته ، وحياتنا
في لهــونا الفتّاك عنوان الردى

يا من قطعت إلى الجهاد مسافة
ما زال يحـــبو دونها من أخلدا

. . . . . . . . . . . . . .الخ


فهذه الصفات خاصّة بـ ( أحمد الزهراني ) : فهو من قبيلة زهران ومن أرضها ذات اللوز والشوق ، وأحمد قد قتل شهيداً وأصبح بهذه الشهادة سيّدا ، وبلده الطائف فرحت بشهادته وتحمّست بها للعمل والعبادة ، فقد كان أحمد منشدها وكانت ( الهدا ) – وهي جزء من الطائف – ذات الأزاهير تصب أزاهيرها في كفي أحمد ، لأنّه جرّد نفسه للجهاد كما يجرّد السيف المهنّد ، وهو لم يبلغ العشرين يوم ودّع شهيداً ، وكان يوم وداعه المشهود ذاك في أرض (بامير) التي فرحت به ومدّت إليه من شوق يدا .

واستطاع العشماوي عبر هذه المرثيّة الرائعة أن ينقلنا معه على متن طيران شعره إلى هناك ، حيث أرض الجهاد:

ناديتني فسمعت صوتك والصدى
ووعــدتني فقـــبلت منك الموعـدا

ودعـوتني أخـــرى فلبّى خاطري
وحـجزت في طيران شعري مقعدا

وعــــبرت أجواء الحنين فما رأت
عينـــــــــــــاي إلاّ لهفــة وتــوددا

وأتيــت تمــــــنحني المسافة نفسها
أمة، تســــــليني وتختصر المدى

وأتيــــت ترمقني الرياح بنـــــظرة
عجــلى ، وتحمل في يديها الموقدا

وأتيــــت ينــتحر الضياء على يدي
ويصير رمل الدرب حولي عسجدا

فمضينا معه وكلنا فخر بالجهاد ، وبالشهادة ، وشعرنا بالرياح ترمقنا بنظراتها، وشاهدنا الموقد الذي تحمله الرياح . . الخ .






ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-17-2002 11:43 PM






(27) شوقي والباردوي آضرا بالشعر العربي

هل التقليد ـ علي اطلاقه ـ يضر بالابداع؟ وهل كان بوابة فتحها شوقي والباردوي لسلبيات تأثر بهما من جا ء بعدهما من أجيال الشعراء؟ كما ألمح ـ أو صرح ـ بذلك الدكتور جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلي للثقافة في حوار أجرته معه صفحة الأدب يوم الجمعة الماضي‏.‏ وهل معني ذلك أن التقليد ضار بالشعر سواء كان تقليدا أعمي أو مبصرا؟

تساؤلات عديدة تطرحها الصفحة في هذا العدد ليجيب عنها المبدعون والنقاد‏,‏ فيقول الدكتور حامد طاهر عميد كلية دار العلوم الأسبق ونائب رئيس جامعة القاهرة‏.‏

ان اتهام شوقي والبارودي بفتح باب التقليد لمن بعدهما اتهام ظالم وغير موضوعي لأن تفوقهما لايلغي أن يكون مدعاة لتكاسل الأجيال التي جاءت بعدهما بل ينبغي أن يكون حافزا لمزيد من التفوق عليهما لو أمكن ذلك لكن ماحيلة هذه الأجيال الضعيفة والتي لم تتزود من التراث العربي أو الثقافة الأصيلة بمثل ماتزود بهما شوقي والبارودي‏.‏

ويضيف انني أعجب لمن يقول ان الشعر الغنائي العربي وصل الي حد الكمال علي يد شوقي مع أن شوقي نفسه فتح الكثير من المجالات أما الشعراء بعده ومنها شعر الأطفال والشعر المسرحي والوطني والديني وهي مجالات كان ينبغي البناء عليها والاضافة اليها‏:‏ واذا كان الشعر الحر قد جاء في وقت تطلب الهجوم علي القصيدة التقليدية ـ وكان شوقي يمثل قمتها ـ فان عددا من رواد الشعر الحر كانوا يجمعون بين الشكل التقليدي والشكل الحر دون أي تعارض أو قصور ومنهم صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وأمل دنقل لكن مع الأسف جاء من بعدهم جيل كانت مرجعيته الوحيدة هي الشعر الحر ثم مالبث أن ضعف عن محاكاة النماذ ج الجيدة منه وانتهي به الضعف الي كتابة قصيدة النثر التي نعاني منها‏..‏ الآن اذن لاينبغي أن نلقي بتهمة الضعف الشعري الذي أعقب جيل البارودي وشوقي وحافظ علي منجزاتهم وفتوحاتهم في تاريخ الشعر العربي‏,‏ وانما اللائمة تقع علي الأجيال اللاحقة والمعاصرة من الشعراء الضعاف أو أشباه الشعراء‏.‏

أما الشاعر محمد التهامي ـ وهو نحسبه فارس القصيدة التقليدية الذي يحمل عبق هذا الزمن الجميل فيقول ان من السلبيات المريرة التي تعانيها الثقافة العربية أن نهاجم القمم الثقافية أمثال أحمد شوقي ابتغاء الشهرة أو استجابة لبعض النوازع النفسية مع مافي هذا الهجوم من جناية علي الثقافة بوجه عام وتشويه لرموزها ومثلها الرفيعة التي تتطلع اليها الأجيال وهذا ماننزه عنه أستاذا كبيرا كالدكتور جابر عصفور فالرجل له كتاب كبير عن دراسات في شعر النهضة
ويضيف ـ حول تصريحات عصفور لصفحة الأدب حول حركة الاحياء ورؤيته أن الباردوي وشوقي أضرا بالشعر ان في ذلك تناقضات منطقية تستحق اعادة النظر من استاذ للمنطق عنده وزن فكيف يحمد للاحيائيين اعادتهم لازدهار الشعر ثم يأخذ عليهم عملهم علي اتصال الشعر بماضيه وهل يمكن أن نتصور نهرا جاريا تنقطع صلته بمنابعه ثم يظل؟‏..‏ وأظن أنه وصل بعلمه وادراكه أن الايقاع يمثل عنصرا مهما في الشعر العربي وأنه من الصعب جدا في الشعر العربي بالذات أن نفصل بين الشكل والمضمون للارتباط الوثيق بين الايقاع وركائزه والمعني‏..‏ ويتساءل التهامي‏:‏ هل يستلزم الولع بالتجديد هو التطوير للأحسن مع الالتزام بالثوابت التي تميز الذات المستقلة؟‏..‏
وهل يمكن أن نتهم شوقي بالتقليدية في شعره الدرامي في المسرح أو شعره للأطفال أو شعره في القضايا التاريخية والقومية والدينية؟ ثم يقول اننا نطالب الأستاذ الكبير بعلمه وحماسته وصدقه أن يشرح لنا أسباب تراجع الحركة الشعرية المعاصرة وفقدانها الاتصال الوثيق بوجدان الجماهير بشكل عام‏.‏

وفي تعقيبه علي ذات الحوار يقول الناقد الأدبي الدكتور عبد الفتاح الشطي استاذ الأدب العربي المساعد بجامعة القاهرة ان الذي يقرأ كتاب الرافعي المؤرخ الثورة العرابية وكتاب الدكتور شوقي ضيف البارودي رائد الشعر الحديث يكبر تضحيات العرابيين خاصة البارودي الذي حوكم علي وطنيته ونفي الي سرنديب لكن لم تلن قناته بل ظل يفني نفسه الكبيرة في قصائد عربية طويلة تفيض بالايمان والقوة والترفع عن المحنة

أنا ان عشت لست أعدم قوتا
واذا مت لست أعدم قبرا

همتي همة الملوك ونفسي
نفسي حر تري المذلة كفرا

كما حفظ البارودي مع رفاقه كرامة الوطن ومن بعده الجيل الذي أسماه د‏.‏شوقي ضيف جيل النهضة في كتابه الأدب المعاصر في مصر أعني جيل شوقي وحافظ ومن عاصرهما من كبار الشعراء في كل أقطار وطننا العربي فمن ذا الذي لايعرف قصائد شوقي الوطنية والوجدانية وروائعه في المديح النبوي وقليل ماهم الذين لايتذوقون من نونية أمير الشعراء في منفاه باسبانيا‏:‏

بنا فلم نخل من روح يراوحنا
من بر مصر وريحان يغادينا

كأم موسي علي اسم الله تكفلنا
وباسمه ذهبت في اليم تلقينا

كذلك رددت الجماهير العربية طويلا وراء سيدة الغناء العربي ـ ولاتزال ـ معزوفات شوقي وفيها‏:‏

اسري بك الله ليلا اذ ملائكه
والرسل في المسجد الأقصي علي قدم

وفي النهاية ـ كما يضيف الشطي ـ فان النقد الأدبي ليس محاكمة لأبطال التاريخ الوطني والأدبي ولاهجوما مجحفا لرموز الأدب والفن ولكنه بحث عن مكمن الجمال وعوامل التأثير الوجداني ولسوف يبقي شعر هؤلاء زادا روحيا متجددا بالحياة يجدد لغتنا التي حفظها القرآن الكريم‏.‏





ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-18-2002 10:52 PM





(28) الشريف الرضي.. شاعرًا

نظم الشريف الرضي الشعر في عهد الطفولة، وهو لم يبلغ عشر سنين؛ فأجاد ونظم في جميع فنون الشعر، وجاء محلقاً في سماء الشعر محرزاً قصب السبق. وأجاد في جميع أغراض الشعر العربي؛ وهذا ما يدلّ على غزارة مادته. كان ينظم قصائده بمنحةٍ نفسانية قلما تؤثر بها العوامل الخارجية.

وامتاز الرضي بأن شعره على كثرته يلبس ثوب الجودة والملاحة وهذا قلما يتفق لشاعر مكثر، بل لم يتفق لغيره.

وشعر الرضي صاف وجميل في كل الفنون. فهو عندما يهجو لا يستخدم الألفاظ النابية والكلمات المقذعة، وعندما يتغزل فليس كغيره، ولكن بأدب جم وبسمو أبعد عن كثير مما يتعاطاه الشعراء من الألفاظ الغرامية. ومن غزلياته قوله :

يـــا ليــلــة النــقـح هــلاّ عــــدت ثــانيةً
ســــقى زمـــانــك هــطّــــال مـن الديم

مــاضٍ مــن العيـــش لا يغدى بذلت له
كــــرائم المــــال مــن خيـــل ومن نعم

وظــبيةٌ مـــن ضـــباء الإنــس عـاطـلة
تــستوقف العين بين الخمص والهضم

لـــو أنــها بــفنــــاء البـــيـت ســـانحـةٌ
لصـــدتها وابــتدعت الصيد في الحرم

قعــــدت منـــها بـــلا رقــبى ولا حـــذر
عـــلى الــــذي نــام على ليلي ولم أنم

بــتنا ضــجيعين فـي ثوبي هوى وتقى
يـلفنـــا الشــــوق مـــن فـــرع إلى قدم


وفي الحماسة يعتبر الشريف الرضي شاعر الحماسة بلا منازع، ومن شعره الحماسي قوله:

نـــبـهتهم مــثـل عـوالي الـرمـاح
إلى الـوغـى قبل نجوم الصباح

فــــوارس نــالـوا المنـى بـالقـنا
وصـافحوا أغراضهم بالصـفاح

يــــا نــفــس مــن هــم إلـى همةٍ
فليـس من عبء الأذى مستراح

قـــــد آن لـــلـقــــلب الـــذي كـده
طـــول منـاجاة المنـى أن يراح

لابـــــد أن أركــبــهــا صـــــــعبة
وقــاحة تــحــــت غــــلام وقاح

وأشـــــعت المــفــرق ذي هـمــة
طـــوّحـه الســـهم بعيـداً فـطاح

لـمــــا رأى الـصــبـر مـضــراً به
راح ومــن لـم يـطـق الذل راح

دفــــعاً بصـدر الســيــف لما رأى
ألا يــرد الضــــيم دفــع بــراح

حتـى أرى الأرض وقــد زلـــزلت
بــعــارضٍ أغيــر دامي النواح


ومن شعره الفخري، قوله:

أنـا ابـن الأُلى أما دعوا إلى يوم معركِ
أمـــدوا أنـــابــيــب القـــنـا بالمعـاصم

إذا نـــزلوا بــالمـاحـل اسـتنبتوا الربى
وكــــانــوا نتـــاجاً لــلبـــطـــون العقائم

يـسيرون بالمسـعاة لا السـعي بالخطى
ويــــرقــــون بـــالعــليـاء لا بـالســلالم

ومـــا فــيـهم إلا أمـــرؤ شـــــب نـاشئاً
عـــلى نــمـــطي بيـضـاء من آل هاشم

فــتـى لـــم تــــوركه الإمـــاء ولـم تكن
أعــاريــبه مـــدخــــولةً بــــالأعــــاجـم

إذا همَّ أعطـى نفـــســـه كــــل مــنــــيةٍ
وقــعـقــع أبـــواب الأمــــور العـظــائم

وكــيــف أخـــاف الــليـــل أنـــي ركبته
وبــيـــني وبيـن الليـل بيـض الصوارم


وكانت وفاة الرضي يوم (6 من محرم 406= 1 يوليو 1015م) في بغداد حيث دفن






ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 05-24-2002 02:53 AM





(29) مفهوم الشعر الفلسفي

لا نعني بالشعر الفلسفي تلك الأواني اللفظية التي تحمل ثمالات فكرية فقدت قدرتها على الصفاء، ذلك لأن تلك المجموعات تفقد الميزة الأساسية للشعر وهي الأنفعال أنها واجهة لعرض أفكار جاهزة، ومعنى هذا ان العملية الفنية غير متوفرة فيها فهي اذن ليست شعرا.

أننا حين نقرأ قصيدة أبن سينا:

هبطت اليك من المحل الأرفع
ورقاء ذات تدلل وتمنع..

حتى اذا اتصلت بهاء هبوطها
في ميم مركزها بذات الأجرع

علقت بها تاء الثقيل فاصبحت
بين المعالم والطلول الخضع.

لا نقرأ شعرا، وأنما نقرأ نظرية منظومة، لا تهبنا شيئاً حتى من المعرفة فضلاً عن المتعة (الفنية)، لأن قراءتها في ثوبها الأول الذي البسها أفلاطون أياه عند ولادتها أكثر من ثوبها هذا الجديد العتيق.

وهنا اعلن ـ مطمئنا الى قدرتي على تحمل مسؤولية هذا الأعلان ـ أن الشعر الصوفي باجماعه ليس شعراً فلسفياً، ذلك لأن هذا الشعر يقع ضمن نوعين هما:

أ ـ الشعر الذي تملؤه الرموز والمفاهيم الصوفية المتواضع عليها فيبرز كما يقول ابن الفارض "من لغة تبدو بغير لسانها". وهذا الضرب يفقد سمات الشعر الأساسية الأنفعال والحس والحركة الفنية وهو بهذا يدخل في عداد المنظومات.

أن نظره سريعة في قول ابن القارض:

وها أنا أُبدي في اتحادي مبدأي
وانهي انتهائي في تواضع رفعتي

جلت في تجليها الوجود لناظري
ففي كل مرئىٍ اراها برؤية..

فقد رفعت تاء المخاطب بيننا
وفي رفعها عن فرفة الفرق رفعتي

واستعراضاً خاطفاً لقول الآخر:

انا من اهوى ومن اهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا

كافيان برهنة مرهفة على ان هذا اليس شعراً ـ وان لم يكن نثراً ـ لأنه مجرد عرض قاتم لأفكار لم يمتزج بها خيال الشاعر وقلبه ليحيلها شعراً. أنه يأخذ الأفكار كما هي والشاعر متى أخذ الأفكار كما هي مات الشعر في فمه.

ب ـ الشعر الذي يستغرق فيه الشاعر استغراقاً يجعلك ـ ولو حال قراءته فقط ـ من أعمق المؤمنين بنظرية فرويد في الفن والأبداع الفني، لأنك تلمس خطوات اللاشعور، وضغط عقد الأبداع، واضحة عليه، لتقرأ ـ مثلا ـ قول ابن القارض:

ما بين معترك الأحداق والمهج
أنا القتيل بلا إثم ولا حرج

لاكان وجد به الآماقُ جامدة
ولا غرام به الأشواق لم تهج

من لي باتلاف روحي في هوى رشأ
حلو الشمائل بالأرواح ممتزج

تراه ـ ان غاب عني ـ كل جارحة
في كل معنى لطيف رائق بهج

في نغمة العود والناي الرخيم اذا
تآلقا بين ألحان من الهزج

وفي مساقط انداء الغمام على
بساط نور من الأزهار منتسج

ثم لنتساءل بعد ذلك عن موضع الأفكار الصوفية هنا، أننا لن نعثر عليه ذلك لأن الحوافز اللاشعورية التي بددت ما في ذهن الشاعر من أفكار ثانوية ملأت كل الفراغ الذي فيه، أنه شعر يومي، بكل اصابعه: ان شاعري قد نطق والصور المشرقة لرغباته قد انطلقت من اللاشعور لتملأ شعره بالحرارة والأنفعال. وهنا نخرج الى النتيجة الناضجة ان الضرب الأول تصوف لا شعر، وهذا الشعر لا صوفية فيه، بل هو طاقة مكبوتة لم تملك متنفساً الا هذا الطريق المتعرج.

كما أحب الاعلان أيضاً عن ان مفهوم الشعر الفلسفي لا يشمل تلك الأفكار (المهروشة) بمعناها السيكولوجي، التي تأخذ من الاوزان الشعرية ثوباً تواري به هزالها وجدبها، أعني تلك الأفكار التي يلتقطها الشاعر باصابع من حب الظهور ثم يفضحه وينم عليه انطواؤها الفج على متناقضات تكشف عن ان شاعرنا لم ينبعث عن نظرة فاحصة وهادفة، وواثقة بصحة ما تقول.

وحين نشتاق الى قراءة مثل ذلك الشعر (بمفهومه النظمي) فلن نجد أقرب من قصيدة (الشيخ الزهاوي) (ثورة في الجحيم) تلك القصيدة التي حلا لرغبتها ان تقلد (رسالة الغفران). ولكن ماذا عملت؟! لقد حشرت وبغلظة جماهير ممن اثقلوا كاهل التاريخ بافكارهم، وجعتهم، على الرغم من أختلاف آرائهم وعقائدهم الفلسفية والإجتماعية في الجحيم، كل ذلك لأجل ان يحدث ثورة يحتل بها الجنة ولو جمع المتناقضات:

فافلاطون وارسطاليس الكبير وقد
أغرق منه المشاعر التفكير

ثم دروين وهو من قال أنا
نسل قرد قضت عليه الدهور

وهكذا بقية من يعرفهم، وسمع بهم من الفلاسفة ومشاهير التاريخ، يقوم أحدهم خطيباً:

قال ياقوم اننا قد ظلمنا
شر ظلم فما لنا لا نثور

اجسروا أيها الرفاق فما
نال بعيد الآمال إلا الجسور..

ما هو الهدف من هذا؟! ولنفرتض انه (نقد العدل الألهي ولنملأ اعيننا اغضاء عن أخذه الأفكار من عمالقة سبقوه، ولكن ما هو المبرر؟ وما الدافع؟ وما الهدف لجمع كل هؤلاء في الجحيم مع ان معظمهم من اشد المؤمنين بالله، ان هذه التناقضات تكشف عن ان الشاعر لا يملك حتى ملكة اخفاء التقليد فضلاً عن امتلاك نظرة فلسفية عامة، ولذا جاء شعره هزيلاً عليه حمولة من هشيم، فخرج بذلك عن الوهج الصادق والمعاناة الأيجابية تلك اللقطات العابرة التي لا يقصد الشاعر منها الا افهام مخاطبيه بانه قد احاط علماً بهذا الرأي او تلك النظرية فتجيء الفكرة اشبه (بالتضمين) بمعناه البلاغي. كما شاع ذلك في بعض اشعار القرن الرابع الهجري ان قرارة قول المتنبي:

تجلى لنا فأضأنا به
كأنا نجوم لقينا سعودا

لا يمكن ان يهبنا الأقتناع بأن وراءه فكرة الأيمان بالتناسخ أو الحلول، كما ان قراءته وهو يقول:

إذا كان ماتنويه فعلا مضارعا
مضى قبل ان تلقى عليه الجوازم

لا تنفعنا في الأعتقاد بانه في اعلى درجات العلم بقواعد النحو. إن كل هذه الألوان النظمية لا يشملها ـ في نظرنا ـ مفهوم الشعر الفلسفي، فهي إن كانت لها صلة بالفسلفة فليست لها صلة بالشعر لأن الفلسفة (الجاهزة) كما قال كروتشه قد اماتته.

إننا نقصد بالشعر الفلسفي ذلك الذي وصفه ارسطو من جانبه الشعري بانه "الذي يخرج التجربة من الخصوص الى العموم بان يجعلها تجربة كل فرد يعيش نفس ظروفها" وما وضعه النقد الحديث من جانبه الفلسفي بأنه"القيمة الشعورية الكبرى للعمل الأدبي هو أن يمد يدا تزيح ما يفصلنا عن الكون"

وبهذا المفهوم تنعقد الصلة بين الفلسفة والشعر فتكون في ذلك الشمول الذي تهبه (الأنفعالة) الشعرية لنا وذلك العطاء لأفكارنا من أسرار الكون.

وفي دراستنا هذه يكفينا استعراض أوضح الألوان التي تدخل ضمن هذا المفهوم الذي نعنى من الشعر الفلسفي وهي:

1 ـ الشعر الذي يحمل مضامين فلسفية مع الأحتفاظ بالميزات والخصائص الفنية للشعر ويكون ذلك بانعدام تلك التقريرية التي نلمسها في الشعر (التضميني) المتقدم، فحين نقرأ المتنبي:

وما الخوف الا ما تخوفه الفتى
ولا الامن الا مارآه الفتى أمنا

نقرأ شعراً انتقلت حقيقته الفلسفية من التقريرية المجردة الى الأنفعال الفني فتعانق فيه الفن والفلسفة. وكذلك حين نقرأ جبران:

وما السعادة في الدنيا سوى شبح
يرجى فان صار شخصاً مله البشر

لم يسعد الناس الا في تشوقهم
الى المنيع فان صاروا به فتروا

2 ـ الشعر الذي يلتزم نظرية فلسفية معينة علمية أو عملية، وينطلق منها ويدخل في هذا الضرب انتاج (المدارس الشعرية) الحديثة التي تلتزم الأنطلاق من قواعد فلسفية ثابتة. إن وراء كل مدرسة شعرية نظرية فلسفية.

3 ـ الشعر الذي نلمح الروح الفلسفية فيه ماثلة في استقصاء الصورة وجدليتها مع الأحتفاظ بالروح الشعرية كما نلمس ذلك في قول ابن الرومي:

لما تؤذن الدنيا به من صروفها
يكون بكاء الطفل ساعة يولد

وإلا فما يبكيه منها وإنها
لأرحب مما كان فيه وارغد




ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 06-19-2002 09:33 AM


(30) الرياض عاصمة الثقافة 2000
احمد سالم باعطب
رؤى
العدد السابع، رجب 1421


ليس بمستغرب على الرياض أن تمنح لقب عاصمة الثقافة لعام 2000 لأنها جديرة بذلك لما قدمته في حاضرها وماضيها ، ولو حاولنا استقصاء المنجزات الثقافية التي قدمتها هذه المدينة الميمونة خلال سيرتها الأدبية متضامنة مع أخواتِها من المدن السعودية لاحتاج الأمر إلى مجموعة من البحوث الزاخرة بالمعلومات الباهرة التي تقف العقول والألباب أمامها حيرى لا تطيق حراكاً، ولا تسمع لها ركزاً ، وقد يطول الوقوف دون أن نصل إلى نهاية ما حملته من مفاهيم نيِّرة، وأنماط متباينة من الصور الإبداعية التي لا يسع القارئ إلا أن يلقي في رياضها رحاله ، ويبسط أجنحته تحت ظلال أغصانها الوارفة ، ويسمح لخياله أن ينطلق في الفضاء الواسع الممتد وأن يقتطف من نوْره وأنواره ما شاء أن يقتطف .
وإذا حاولنا أن نبرز بعض المقومات الأساسية التي يرتكز عليها ترشيح الرياض عاصمة للثقافة عام 2000 فليس من الصعب أن نسرد أسباباً كثيرة تحقق لها الفوز بالترشيح الذي نالته بجدارة وانجازات عظيمة في ماضيها وحاضرها، أما في الماضي فإن اليمامة وهي الواحات التي تحتضن الدرعية والعيينة ووادي حنيفة والتي تضم تحت جناحيها سدوس، وحريملاء، وتادق، وقد اتخذ ولاة الأمر الرياض عاصمة للملكة العربية السعودية .

لقد تحدثت الكتب التاريخية واللغوية والأدبية أن كثيراً من عشاق اللغة والفصاحة والباحثين عن مصادر مفرداتها والتحقق من فصيحها من أفواه المتحدثين، فقطعوا في سبيل ذلك مئات الأميال بل آلافها وألوفها ، ولقد كانت نجد محط أنظار الجميع الذين يضعون نصب أعينهم الفوز بتحقيق رغباتهم ، ومن ذلك كانت خيمة "أبي بصير" "أعشى قيس" "ميمون بن قيس" في منفوحة وهي واحة من واحات الرياض أصبحت في العصر الحاضر حياً من أحيائها، وكان الأعشى في العصر الجاهلي من فحول الشعراء إن لم يكن المقدم فيهم يشهد له بذلك كل من قرأ شعره أو سمعه أو رواه ، ومن الذين يعترفون بفحولته النابغة الذبياني حكمُ الشعراء في عكاظ فقد حفظت الكتب الأدبية هذه القصة التي يستقي منها القارئ تفضيل الأعشى على غيره، تقول القصة :

دخل حسان بن ثابت في أحد مواسم عكاظ على النابغة الذبياني "أبي أمامة زياد بن معاوية " وهو في خيمته بعكاظ وألقى قصيدته، وكان الأعشى قد سبقه بإلقاء قصيدته ، ثم ألقت الخنساء قصيدتها والتي مطلعها:


قذىً بعينيك أم بالعين غوَّار
أم ذرَّفت مذ خلت من أهلها الدار


فقال لها النابغة : لولا أن أبا بصير أي "الأعشى" قد أنشد لي قبلك لقلت "إنك أشعر الناس"، أنت والله أشعر من كل أنثى فقالت : والله ومن كل رجل .
فقال حسَّان : موجهاً كلامه للنابغة : أنا والله اشعر منك ومنها، قال النابغة حيث تقول ماذا؟ فقال حسان : حيث أقول :


لنا الجفنات الغر يلمعن في الضُحى
وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دَمَا

ولدنا بني العنقاء وابنَي محرقٍ
فاكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابنما


فبين النابغة لحسان ثمانية أخطاء في هذين البيتين ليدلل بذلك على فحولة الأعشى.
ولو عرجنا على قصة الأعشى وابن المحلَّق وعمته لاستنتجنا مكانة شاعر منفوحة بين قبائل العرب.

قالت أخت المحلق لابن أخيها عندما علمت أن الأعشى قد نزل ضيفاً عند أهل الماء الذي سكن به المحلق: يابن أخي : هذا الأعشى قد نزل بمائنا وقد قراه أهل الماء والعرب تزعم أنه لم يمدح قوماً إلا رفعهم ، ولم يعج قوماً إلا وضعهم ، فما زالت تحثه على إكرام الأعشى وتقديم ما يرضيه حتى أنشأ قصيدته المشهورة والتي يقول فيها:


أرقتُ وما هذا السهاد المؤرق
وما بي من سقم وما بي معشقُ

نفى الذمَّ عن آل المخْلق جفنةٌ
كجابية الشيخ العراقي تفهقُ


إلى أن يقول:


ترى الجود يجري ظاهراً فوق وجهه
كما زان وجه الهندواني رونقُ

يداه يدا صدقٍ فكف مبيدةً
وكفٌّ إذا ما ضنَّ بالمالِ تنفقُ


وسار الشعر وشاع في العرب فما أتت على المحلق سنة حتى زوج أخواته الثلاث كل واحدة على مائة ناقة فأيسر بعد ما أعسر ، فكان للأعشى فضل إبداعه الشعري الذي جعل من الرياض معلماً ثقافياً يدوِّي صيته بين جوانح الحضر وحنايا الخيام.

وترك شعراء نجد بصماتهم جلية على جبين الزمن تعلن تفوقهم وحصولهم على قصب السبق في ميدان لا يخضع للتجربة والتدريب ، وإنما تقف الموهبة هي الوسيلة الوحيدة التي تنطق الشعراء ، وتفتق أفكارهم ، وتصعد بأخيلتهم إلى آفاق من التجلي الإبداعي قلَّ أن تصل إليه أحلام المتشاعرين.

وإذا تركنا الحديث عن نجد في ماضيها في العصر الجاهلي ، وفتحنا أبواب مشاركتها الحضارية لوضعنا أيدينا على قصائد جمة تتغنى بنجد وتشيد بها، وتعرب عن محاسنها وجمالها، ولا غرو في ذلك فهي روضة غناء للجميع ، فهذا الأصمعي والخليل بن أحمد والكسائي وأمثالهم قد يمموا نجداً وأعجبوا بها وحققوا أمنياتهم ، وعادوا إلى ديارهم ، يتغنون بنجد وطيب عوارها وقيصومها ، ولا ننسى أن منفوحة في العصر الجاهلي تعتبر مركزاً يتجه إليه الشعراء وعشاق الكلمة حيث يستضيف فيها الأعشى أضيافه يسمعهم أشعاره ويستمع إلى أشعارهم وهذا دليل على أن نجداً بقاعدتها "الرياض" كانت تمثل دور المنتدى الأدبي في عصرنا الحاضر استفاد منه رواده وزواره ، ولقد شحذت رقة سماحتها حدة عاطفتها فتألقت وتأرجت باقات اذهان أبنائها فهذا ابن الدمينة وهو "عبدالله بين عبيدالله وأمه الدمينة" يقول:


ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وحدا على وجد

أإن هتفت ورقاء في رونق الضحى
على فننٍ غضً النبات من الرندِ

بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن
جليدا وأبديت الذي لم تكن تبدي


وقال سحيم بن المخرم:


ألا أيها البرقُ الذي باتَ يرتقي
ويجلو دجى الظلماء ذكرتني نجدا

ألم تر أن الليل يقصر دونه
بنجد وتزداد الرياح به بردا


ويقول مجاهد بن سليمان الملقب بالخياط :


أعد يا برق ذكر أهيل نجد
فإنَّ لك اليدَ البيضاء عندي

أشيمك بارقاً فيضلُّ عقلي
فواعجبا تضل وأنت تهدي

وقال بعض الهائمين بحب نجد:

سمعت رحيل القافلين فشاقني
فقلت اقرؤوا مني السلامَ على نجد

أحِنُّ إلى نجد وإلى لايسٌ
طوال الليالي من قفولٍ إلى نجد


وروى أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي في الجزء الأول من أماليه صفحة 550 وأشار إلى أنه قرأ على أستاذه أبي بكر بن دريد المقطوعة التالية دون أن ينسبها إلى شاعر ما وهي:


أقول لصاحبي والعيش تهوي
بنا بين المنبفة فالضمار

تمتع من شميم عرار نجدٍ
فما بعد العثيَّة من عداد

ألا يا حبذا نفحات نجدٍ
ورياً روضه بعد الفطار

وأهلاً إذ يحل الحيُّ نجدا
وأنت على زمانك غير زار

شُهودٌ بنقضين وما علمنا
بأنصاف لهنَّ ولا سرار



الرياض في عصرها الذهبي:

يعتبر القرن العشرين الميلادي المتمم للألف الثانية من الميلاد هو القرن الذهبي بالنسبة للدولة السعودية الثالثة ففي غرة هذا القرن استعاد الملك عبدالعزيز آل سعود مدينة الرياض عاصمة آبائه وأجداده ، واحتفلت نجد بذلك الانتصار احتفالاً عظيماً دلَّ على الحب الكبير الذي ملأ قلوب أبنائه ، وأعلنوا تأييدهم التام للقائد المظفر الذي اذاقهم حلاوة النصر وظللهم في رياضه الوارفة الظلال، فاستعذبوا الوقوف بجواره ، حاملين لواءه مستميتين في الدفاع عن مبادئه متفائلين بما قاله راكان بن حثلين لوالده الإمام عبدالرحمن حيث قال أمام جمع من الحاضرين:

يا عبدالرحمن بن فيصل إن ابنك هذا سيكون له شأن عظيم ، قالها عنه وهو مازال في ريحان الصبا وتابع من سمع المقولة حركات عبدالعزيز وتطلعاته، وحسن تصرفه واختياره لرفقائه ، وأينعت بوادر نباهته وهو دون العشرين.
لم يكن راكان بن حثلين نبياً ولا يعلم الغيب ، ولكنها الفراسة التي يتفرد بها بعض الأشخاص فيقرؤون بها ملامح الآخرين أو آثارهم فيستنبطون منها معلومات لهم بها معرفة أو علم أو دراية سابقة.

ومن أوليات الملك عبدالعزيز الجليلة أن أقام الهجر لتوطين البادية وكفاهم مؤونة الترحال والتنقل وعيَّن لهم من يقوم بإرشادهم وتعليم أبنائهم القراءة والكتابة وهما مفتاحا باب العلم والثقافة ، وبعد أن تمكن الملك من نشر الأمن واستطاع القضاء على الخارجين عليه ابتعث عدداً من الطلاب في نجد إلى مراكز العلم في الحجاز ومن تلك المراكز دار التوحيد بالطائف وكلية الشريعة والمعهد العلمي بمكة ودار البعثات بمكة أيضاً ولما أتم المبتعثون دراساتهم عادوا مزودين بمؤهلاتهم العلمية والتربوية للقيام بمهام التعليم وإدارة المعاهد العلمية التي أخذت طريقها في الظهور في كثير من مناطق المملكة ، وساعدت على اتساع رقعة التعليم ، ولقد بذل ولاة الأمر جهود مشكورة في سبيل تحقيق المستوى المطلوب من حيث المناهج التعليمية التي تمكن الدارسين من بلوغ غاياتهم وطموحاتهم ، ولقد كان لخادم الحرمين الشريفين دورٌ بناء وفعال عندما أسندت إليه وزارة المعارف فرعاها رعاية أبوية ونشَّأها تنشئة تربوية فكان في سباق مع الزمن فسعى إلى التوسع في إنشاء المدارس بمختلف مراحلها، وفتح باب الابتعاث إلى الخارج في مختلف المجالات العلمية ، ودفع بعجلة التعليم دفعات قوية ساهمت مساهمة حضارية متقدمة جعلتها تختصر المسافات بينها وبين دول أُخر سبقتها بعشرات السنين أن تسير معها على مستقيم واحد من النمو الحضاري والعلمي والاقتصادي ، ولقد تفوقت على أخريات من عالمنا الثالث.

ولقد حظيت الرياض باهتمام بالغ ينافس اهتمام الدول المتقدمة بعواصمها، فأنشئت بها جامعتان وعدد من كليات التربية الخاصة بالبنات لتخريج معلمات يتولين التدريس في المدارس الثانوية وكلية للتربية خاصة بالبنين وهناك عدد من المعاهد العلمية المنتشرة بالإضافة إلى معهد الإدارة العامة الذي يقوم بعقد دورات منتظمة يتلقى فيها الدارسون ما يوسع أفق دائرتهم العلمية ويمكنهم من الحصول على مؤهل يخولهم الفوز بمرتب يفوق مرتبهم الذي يتقاضاه كل منهم .
ويجب أن لا ننسى أن للحرس الوطني دوراً كبيراً من حيث الاهتمام بالأدب والثقافة والعلوم، واستقطاب رجال الفكر والمعرفة لزيارة الرياض والإطلاع على منابرها العلمية ومنابعها الثقافية وكان لمهرجان الجنادرية أثر بالغ في نفوس الذين يفدون أفواجاً أفواجاً منهم القادة ومنهم الرؤساء ومنهم العلماء والأدباء والشعراء وكلهم يلهجون بالمنزلة الميمونة المباركة التي وصلت إليها رحلة الثقافة بالرياض ، ولقد يغيب زائر الرياض الوقوف والإطلاع على كل المعالم أو بالأصح المراكز التي تُعنى بشئون الثقافة والأدب والعلم ومن ذلك مكتبة دارة الملك عبدالعزيز ، ومكتبة الملك عبدالعزيز ومكتبة خادم الحرمين الشريفين، والمكتبة العامة.

واستطاع أن يقفز بالنهضة العلمية إلى منزلة تتساوى بها مع كثير من الدول التي سبقتها في هذا المجال بعشرات السنين ، وكان نتيجة ذلك أن توفر لدى المملكة الموظفون المؤهلون ، والعمال المهرة والصناع المدربون ، والأكاديميون ، واتسعت دائرة التعليم الجامعي بنين وبنات وتخرج منها ما غطى حاجة الوطن لبعض التخصصات ، ولقد كان لمدينة الرياض قصب السبق في أن تحرز أكبر عدد من المتخرجين المؤهلين والرياض بمراكزها العلمية العديدة أثرت مجالاتها بالطاقات المؤهلة والعناصر الواعدة التي تنضح بالإصرار والحيوية، وفيها أنشئت أول جامعة سميت جامعة الملك سعود ، كما أنشئت بها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتحتضن الرياض جداول دافقة بالعلم والثقافة تروي عطش المتلهفين ومن هذه الجداول كليات التربية بنين وبنات ومعهد الإدارة العامة الذي يقوم بتدريب الطلاب الحاصلين على مؤهلات جامعية لتأهيلهم للحصول على درجة دبلوم يساوي درجة الماجستير من حيث درجة الوظيفة ومنها النادي الأدبي الذي يقدم لرواده منذ خمس عشرة سنة موائد دسمة ثقافية وأدبية وعلمية زانتها شخصيات عظيمة سياسياً ، وثقافياً وعلمياً ، وفكرياً ، ولقد تحدث الكثير عن الرياض حتى أصبحت رمزاً من رموز الثقافة العربية إن لم نقل رمزاً من الرموز الثقافية العالمية ، وما اللقب الذي منح لها وهو "الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م" إلا دليل أحقيتها ، وبرهان يدل على عظم دورها وفاعليته في المزايا المتقدمة في ميادين: الثقافة والمعرفة.

لقد تحدث عن الرياض نثراً وشعراً عدد كبير ، والباحث أحد هؤلاء وله قصيدة عنوانها "الرياض بوابة التاريخ" تقول:


أنا الرياض على هام العلى عَلَمي
يقص تاريخ أمجادي على الأمم

حملتُ راية دين الله عاليةً
وصُنتها حرةً بالسيف والقلم

أنا كتاب قلوب الشعب أحرفه
أنا نشيد تهادى فوق كل فم

أنا الرياض يميني عفة وتقى
وفي يساري معين دافق النغم

طفولتي لم تكن لهواً وتسلية
ولم تكن مسرحاً للكيد والنقم

صحوت ذاتَ صباحً والرؤى صور
من البطولات يغزو شمسها شمسي

فقلت من زارني ليلاً فقباني؟
فصاح عبدالعزيز النصرُ فابتسمي

تيهي فخاراً وغني وارقصي طرباً
قد مزق الله وجه الظلم والظلمِ

وخط في جبهتي من حَذمِهِ مُثُلاً
مضيئة أصبحت بين الورى تُظُمي

وسار بي قدماً والعزُّ يهتف لي
في موكبٍ مخلصٍ باللهِ معتصمِ

ورحتُ أكتب بالإصرار ملحمتي
والشمس تستقرئ التاريخ في قدمي

أنا الرياض جبيني للخلود ضحىً
ويعبقُ الفجرُ بالأطيابِ من سَمي

عينايَ كلتاهما للحب بعتهما
وما ندمتُ على بيعي ولم أُضم

عين على الله تطوي الليل ساهرةً
ومقلةٌ في سبيل العلم لم تلم

أبيَّة أزرعُ الحسنى مجاهدةً
أسيرُ من حُلمٍ زاهٍ إلى حلم

تقفو خطايَ إلى العلياء أفئدةٌ
وتستقي الهديَ من حُكْمي ومن حِكَمِي

صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
jarir_el_saghir
همس جديد
مشاركات: 27
اشترك في: 06-11-2002 10:40 AM
اتصال:

مشاركةبواسطة jarir_el_saghir » 06-19-2002 10:29 AM

سيدتي أم الفرج الأصفهانية
الرجاء حبة حبة أنا في شوق لقراءة كل ما تختارين لجمهورك من مقتطفات أدبية رائعة ولكن
غزارة ما تكتبين تحرمنا من لذة التأمل والتفكر فكنا وأنت كوردة عطشى سقط عليها المطر دفعة واحدة فصاحت 0
شكرا" جزيلا" على الخزانة الأدبية التي أمتعتنا بها وأتمكنى لك دوام التقدم



جـــــــــــريــــــــــــــــر الصغيــــــــــــــــــــــــــــــــــر
jarir_el_saghir
همس جديد
مشاركات: 27
اشترك في: 06-11-2002 10:40 AM
اتصال:

مشاركةبواسطة jarir_el_saghir » 06-19-2002 01:16 PM

منازل الشعر يا ريــم الفلا كثر 0000 لا بالكتاب ولا الحاســوب تختصر

أعلى منازله ما بت أسكنــــه 0000 في سدرة المنتهى وتحتي القمر



جريـــــــــر الصغيــــــــــر
sun_of_ sa
بوح دائم
مشاركات: 173
اشترك في: 03-13-2002 01:28 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة sun_of_ sa » 06-19-2002 05:59 PM

شكرا لك سيدتي الاديبه
لقد أثريتى القلوب و العقول

رحم الله ابويكِ

دمت بالف خير
طلقينى فالليالي قيود


------------
~¤§‡ علي الموسوي السيهاتي‡§¤~
ريم الفلا
نحلــــــ النادي ـــــــة
مشاركات: 3773
اشترك في: 04-14-2001 12:17 PM
اتصال:

مشاركةبواسطة ريم الفلا » 06-27-2002 01:39 AM




اخي الكريم جرير الصغير:
اخي الكريم علي السيهاتي:
اشكر مروركما الكريم
وبصمتاكما
تحياتي للجميع

صورةصورة صورة

صورةصورةصورةصورةصورة
عذرا الى النادي العريق ابثه زفرات وجد قد ثوى بفؤادي
ياويح قلب وزعت أشواقه بين الحبيب وبين هذا النادي

مجدي خاشقجي
jarir_el_saghir
همس جديد
مشاركات: 27
اشترك في: 06-11-2002 10:40 AM
اتصال:

مشاركةبواسطة jarir_el_saghir » 06-27-2002 10:38 AM

منازل الشعـــــر يا ريــم الفلا كُثُـــرُ

لا بالكتابِ ولا الحاسُـــوبِ تُخْتَصَـــــرُ

أعلى منازله ما بـِـــتُّ أسكنُــــــه ُ

في ســدرة المنتهى وتحتــــــــيَ القَمَـــــرُ


مع تمنياتي بالتوفيق للأصفهانيـــــــــــــــة الجديدة صاحبة الاختيارات الشعرية الرائعة


أخوكم جريـــــر الصغيـــــــــــــــــــر

العودة إلى “الشعر (بالفصحى)”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 17 زائراً